بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
بحث هذه المدونة الإلكترونية
الاثنين، 30 يناير 2012
نشرية القدس العدد 4 .
نشرية القدس العدد 4 * الاثنان 30 جانفي / يناير 2012 . |
الافتتاحية
: بسم الله الرحمان الرحيم
دروس من الماضي ...
عشية
قيام ثورة يوليو 52 كانت طبقة كبار الملاك تسيطر على المشهد السياسي في مصر نظرا
لما يوجد بيدها من سلطة مادية ومعنوية ، لا تقتصر على ما تتسحوذ عليه من ارض وممتلاكات
فحسب ، بل وعلى ما تتلقاه ايضا من دعم ومؤازرة
وحماية وتبجيل من قبل سلطة الاحتلال ..
وفيهذا الصدد فقد كان يعتبر مالكا كبيرا كل من له اكثر
من 50 فدانا وهم كما يشير الكثير من
الباحثين حوالي 13000 فردا ، يمثلون تقريبا 0.4 % من الملاك الذين
يسيطرون على 34.2 % من الاراضي الزراعية ( محمد عادل زكي ـ الاقتصاد المصري ) !! وقد كانت هذه الطبقة - وفي ظل هذا
الوضع - تبسط نفوذها وهيمنتها المطلقة على البلاد والعباد ، فقد كان منهم القادة
و السّاسة والوجهاء والباشوات والباهوات والعمد .. كما كان لابنائهم التعليم والمراتب العليا في الامن والجيش ، ومنهم يتعين رؤساء
المخافر والملازمين ، ورؤساء المحاكم والوزراء .. وهم وحدهم يملكون الصحافة والاعلام .. وينشئون
الاحزاب ، ثم يترشحون للانتخابات ، بينما ابناء مصر يعيشون البؤس والحرمان والشقاء
، تفنى اعمارهم وهم يلهثون وراء لقمة العيش التي تبقيهم احياء لا غير .. اما
السياسة فلها رجالها القادرون عليها ، لان
المترشح لعضوية مجلس النواب مثلا يجب ان يكون من المالكين لـ 50 فدانا على الاقل ، ثم عليه ان يدفع ضريبة المشاركة وقدرها 150 جنيها عند تقديم ترشحه ( حوالي 3000 جنيها ـ عصمت سيف الدولة ـ هل كان عبد الناصر ديكتاتورا ) !!! أما المترشح لعضوية مجلس الشيوخ فلابد ان يكون مالكا لـ 150 فدانا على الاقل مع دفع
اضعاف ما يدفعه المترشح الاول ضريبة نقدية !! كما يلزم ان يقدّم الهبات والهدايا
حتى ينال رضى من يرغب في ارضائهم ... ولا يتوقف الامر عند هذا الحد ، بل ان الترشح
لادارة هيئة محلية كمجالس المديريات ، كان يتم
بشرط ان يدفع المترشح مبلغا لا يقل عن 30 جنيها سنويا !! أي باختصار فان كل
القوانين التي وضعت كانت لاقصاء البسطاء وابناء العمال والفلاحين من المشاركة
السياسية بما وضعته امامهم من عراقيل مادية يستحيل عليهم تجاوزها ... انها ديمقراطية
الاقطاعيين والراسماليين وهم تلك الاقلية
التي ظلت تمثل طابورا خامسا داخل المجتمع بعد قيام ثورة يوليو عندما تصدّت لهم
و حلّت احزابهم الفاسدة ، وجرّدتهم
تدريجيا من قوّتهم المادية حينما أعلنت قوانين الاصلاح الزراعي بعد شهر من قيام الثورة ( 9 سبتمبر )
وعندما بدأت في تطبيق تلك القوانين بعد شهر آخر
( 15 اكتوبر ) ، معلنة بذلك انتصارا لا رجعة فيه وانحيازا غير مشروط للطبقات
الكادحة التي هبّـت بدورها لحماية الثورة من كل اعدائها داخل مصر وخارجها .. وفي مثل هذه الاجواء من الصراع بين قوى الثورة
والثورة المضادة ، قد يبدو الامر غريبا
فعلا ، ان تستمر الثورة وهي تخوض
حربا على عدة جبهات وفي وقت واحد على الاقطاعيين والراسماليين بنفوذهم واموالهم وعلاقاتهم وعلى الاحتلال
البريطاني الجاثم على ارض مصر بقواعده وصواريخه
وطائراته ، وعلى امريكا والصهيونية وحلف بغداد ، وكل الانظمة العميلة في
المنطقة .. غير ان الاجابة تبدو على قدر كبير من الوضوح : وهي ان الثورة انتصرت بمن انتصرت لهم من عمال وفلاحين حين وجّهت اولى ضرباتها
للاقطاع ثم للراسمالية .. فأصدرت قوانين
تحديد الملكية ووزّعت الاراضي على الفلاحين ، وفرضت عديد المكاسب للعمال كتخفيض
ساعات العمل وتحسين الاجور ومنع الفصل التعسّفي من العمل ، وعمّمت التعليم وبنت
المستشفيات والمعامل والمصانع وامّمت الشركات والبنوك وبنت السدود ... ثم ارست الثقافة البديلة والتعليم البديل والفن البديل .. و قضت على المحسوبية واصلحت الادارة ، ومنحت حق التمثيل في
المجالس المحلية وفي
مجلس النّواب للعمال والفلاحين ..
باختصار ، لقد انتصرت ثورة يوليو على أغلب أعدائها
لانها احتمت بالقوة التي لا تقهر وهي قوة الشعب ، فالثورة لا يحميها الا اصحاب
المصلحة فيها عندما يشعرون فعلا ان الثورة ثورتهم ، بما تحققه لهم من مكاسب ملموسة لا غير .. ( القدس ) .
اقوال ماثورة و ابيات مشهورة
** لا يقدر على دفع ضريبة الدم غيرالذين
يقدّرون شرف الحياة .( جمال عبد الناصر) .
** أن تكون فردا في جماعة الاسود خير
لك من ان تكون قائدا للنعاج .
** لا تنظر إلى صغر الخطيئة .. ولكن
انظر إلى عظم من عصيت .
** أنا الذي نظـر الأعمى الى
أدبي *** وأسمـعت كلماتــي مــن بــهِ صمـم
الخيل والليل والبيـــداء تعرفني *** والسيف والرمح والقرطاس والقلم .
( المتنبي ) .
الخيل والليل والبيـــداء تعرفني *** والسيف والرمح والقرطاس والقلم .
( المتنبي ) .
ك ل م
ات *
م ت ق ا ط ع ة
1
|
2
|
3
|
4
|
5
|
6
|
7
|
8
|
9
|
10
|
|
1
|
||||||||||
2
|
||||||||||
3
|
||||||||||
4
|
||||||||||
5
|
||||||||||
6
|
||||||||||
7
|
عموديا :
1 ) حرفان متشابهان – حرفان متشابهان .
2 ) ثلثي دار – حرف – ثلثي سوف .
3 ) للنهي ( مقلوبة ) –حرف – ثلثي قوم .
4 ) صلى الله عليه و سلم – للنهي .
5 ) وسيلة ربط الدابة .
6 ) بطل المغامرات في البحر .
7) ثلاثة حروف متشابهة – حرفان متشابهان .
8) اسم علم - حرف .
9) حرف – حرف .
|
10) حرف – لتحقيق العدالة ( نكرة ) .
افقيا :
1 ) زعيم
عربي استشهد بعد محاكمته تحت الاحتلال .
2 ) اسم و لقب شهيد الحركة الوطنية وقع
اغتياله في 1961
3 ) جزر تقع في المحيط الهندي .
4 ) عكس حرّ - حرف – حرف .
5 ) حرف – حرف .
6 ) مكلف برسالة سماوية ( نكرة )- احد
الانبياء .
7 ) عاصمة ايطاليا – حرف – حرف .
|
بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً
وَأَمَّا مَا
يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْض)
صدق الله العظي .قصيدة العدد
الشاعر
العربي : فخري البارودي
بلاد العرب اوطاني
من الشام لبغدان
ومن نجد إلى يمن
إلى مصر فتطوان
فلا حدّ يباعدنا
ولا دين يفرقنا
لسان الضاد يجمعنا
بغسـّان وعدنان
لنا مدينة سلفت
سنحييها وإن دثرت
ولو في وجهها وقفت
دهاة الإنس والجان
فهبوا يا بني قومي
إلى العلياء بالعلم
وغنـّوا يا بني أمي
بلاد العرب أوطاني
و كل العرب اخواني
من الشام لبغدان
ومن نجد إلى يمن
إلى مصر فتطوان
مقال العدد
الامة في القرآن الكريم - الدكتور عصمت سيف الدولة
7 - وردت كلمة " أمة " في أربع وستين آية من آيات القرآن
الكريم وكانت كلها ذات دلالة واحدة إلا في أربع آيات . أولى هذه الآيات جاءت في
سورة النحل . قال الله تعالى : ( إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفا ولم يك من
المشركين ) { الآية : 120 } . فدلت الأمة على أن ابراهيم كان قدوة يؤتم به . وجاءت
كلمة الأمة بمعنى الأجل في قوله تعالى : ( ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة
) { هود : 8 } . وجاءت في آيتين بمعنى العقيدة أو الطريق . قال تعالى : ( إنا
وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ) { الزخرف : 23 } .
فيما عدا ذلك جاءت كلمة أمة في الآيات الباقيات للدلالة على مطلق الجماعة إذا
تميزت عن غيرها أياً كان مضمون المميز . دلَ على أن الأمة جماعة انها في كل موضع
جاءت في موقع الفاعل الغائب أشير اليها في الفعل بواو الجماعة . مثل في قوله تعالى
: ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ) { آل عمران : 104 } .
وقوله( ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق ) { الأعراف : 159 } . وقوله : ( وممن خلقنا
أمة يهدون بالحق) { الأعراف : 181 } . وقوله ( وماكان الناس إلا أمة واحدة
فاختلفوا ) { يونس : 19 } .
ودلَ على أن الأمة مطلق الجماعة أنها قد جاءت في القرآن داَلة على الجماعة من
الناس والجماعة من الجن والجماعة من الحيوان والجماعة من الطير . قال تعالى : (
قال أدخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والانس ) { الأعراف : 38 } . وقال : (
وما من دابة في الأرض ولاطائر يطير بجناحيه إلا أمم ) {الانعام:38 } . وبعد ان
أخبرنا عن أمر نوح عليه السلام وما اصطحبه في الفلك من أنواع المخلوقات في قوله
تعالى : ( حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك
إلا من سبق عليه القول ومن آمن ، وما آمن معه إلا قليل ) { هود :40 } ، قص علينا
ماأمر به نوحاً : ( قيل يانوح اهبط منها بسلام منَا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك
) { هود : 48 } . يعني الجماعات المتميزة نوعيا من المخلوقات التي اصطحبها نوح معه
.
8 - ولما كان التمايز يفترض التعدد لتكون الجماعة متميزة عن غيرها علـّمنا القرآن
أن الأمم متعددة في الزمان والمكان . أثبت التعدد أولا وأرجعه إلى مشيئة الله حتى
يكف الجدل في حكمته وأكده في أكثر من آية
قال : ( ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ) { النحل : 93 } . وقال : ( ولو شاء الله
لجعلهم أمة واحدة ) {الشورى:8 }. وتحدث عن الأمم بصيغة الجمع في ثلاث عشرة آية
أخرى .
أما عن التعدد في الزَمان ففي البدء كان الناس امة واحدة متميزين " أمة
" بأنهم من الناس . قال تعالى : (
كان الناس أمة واحدة ، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق
ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ، وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ماجاءتهم
البينات بغيا بينهم ، فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه، والله
يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) {البقرة : 213 } . وقال ( وما كان الناس إلا أمة
واحدة فاختلفوا ، ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون ) { يونس :
19 } . فالتعدد بدأ نفاذا لكلمة سبقت من الله بأن تكون الأمم متعددة وسيبقى قائما
. قال تعالى : ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ، ولايزالون مختلفين ) { هود :
118 } . فإذا جاءت الآخرة فإنهم أمم متعددة . قال تعالى ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد ) { النساء :
41 } . وقال :( ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا ) { النمل :83 } . وقال
: ( ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم ) { القصص : 75 } . وقال :( ولله ملك السماوات والأرض ، ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون . وترى كل أمة
جاثية ، كل أمة تدعى إلى كتابها ، اليوم تجزون ماكنتم تعملون ) { الجاثية : 27 ،
28 } .
ومابين البداية والنهاية تتابع الأمم المتعددة على آجال الزمان . لكل أمة أجل
معلوم . قال تعالى : ( تلك أمة قد خلت ، لها ماكسبت ولكم ماكسبتم ) { البقرة : 134
، 141 } . وقال : ( ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لايستأخرون ساعة ) {الأعراف : 34
} . وقال : ( لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ) { يونس : 49 } . وقال ( كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم ) { الرعد :30 } .
وقال : ( ماتسبق من أمة أجلها وما يستأخرون ) { الحجر : 5 } . وقال : ( ما تسبق من
أمة أجلها وما يستأخرون ) {المؤمنون : 43 } . وقال : ( ولقد أرسلنا إلى أمم من
قبلك فأخذناهم بالبأساء ) { الأنعام : 42 } . وتكرر قوله هذا أو معناه في{ النحل
:63 والعنكبوت :18 وفَصلت :25 والأحقاف : 18 } . وتمايزت الأمم بالرسل فتعددت
بتعدد الرسل ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً ان اعبدوا الله ) { النحل : 36 } .
وتعددت بتعدد الرسالات : كل امة تدعى إلى كتابها ) { الجاثية : 28} . وتعددت
بتعدد المناسك ( لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه ){ الحج : 67} .
ثم أن القرآن قد علمنا أنه كما تتعدد الأمم على مدى الزمان فإنها متعددة في الزمان
الواحد ، أو كما نقول في المكان ( قيل يانوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم
ممن معك ) { هود : 48 } . فهذه أمم متعددة تواجدت معاً في مكان واحد . وثمة أمم
متعددة توزعت في الأرض ، قال تعالى : ( وقطَعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون
ومنهم دون ذلك ، وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلَهم يرجعون ) { الأعراف : 168 } .
9 - هذه الآية الأخيرة - وفي القرآن غيرها كثير - تعلمنا أسباب التعدد في الزمان
والمكان كليهما . إذ هي تطلق كلمة الأمة على الجماعة التي تميزت بأنها صالحة كما
تطلقها على الجماعة التي تميزت بأنهاغير صالحة . فنعرف من الآية أن الجماعة تكون
أمة متى اشترك أفرادها فيما يميزهم عن غيرهم بصرف النظر عن مضمون هذا المميز . على
هذا الوجه كان الناس أمة بما تميزوا به من كونهم ناسا . تميزوا عن أمة من الجن .
وعن أمة من الحيوان . ولما كانت المميزات متعددة فإن الأمم متعددة بدون تشابه أو
تعارض أو تناقض وان اشتركت جميعا في انها جماعات متميزة . قال تعالى : ولكل أمة
رسول ) { يونس : 47 } . وقال : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله ) {
النحل : 36 } . فدل على أن تلك جماعات كانت متميزة بالكفر فاستحقت رسلا يدعونها الى
عبادة الله . أما بعد الرسل فكل المؤمنين برسولهم أمة بما تميزوا به من رسول وكتاب
ومناسك . أوضح مثال ماجاء متتابعا من الآيات في سورة المائدة ، قال تعالى : ( إنا
أنزلنا التوراة فيها هدى ونور ، يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا ) {
الآية 44 } وبعد أن فصل بعض آيات التوراة في الآية 45 قال في الآية 46 : ( وقفينا
على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الانجيل فيه هدى
ونور ) وبعد أن بيَن في الآية 47 حكم الخروج على أحكام الانجيل جاءت الآية 48
لتقول : (
وانزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم
بما أنزل الله ) . هكذا تحدث القرآن عن الأديان السماوية الثلاثة تباعا ثم قال :
لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ) { المائدة : 48 }
. فدَل على أنه في نطاق الأمة المتميزة بالايمان بالله يتوزع المؤمنون أمما تتميز
كل منها برسولها وشرعتها ومنهاجها . وتصدق دلالة الكلمة في الحالتين بدون تشابه أو
تعارض أو تناقض، إذ أن مناط التميز في كل حالة مختلف عنه في الحالة الأخرى.
10 - ولأنه لاعبرة في دلالة " الأمة " بمضمون الأمر الذي تميزت به
الجماعة فأصبحت أمة فأن الجماعة المتميزة بالكفر بالرسالة ومناهضة رسولهاهي أيضاً
أمة . ولقد ذكرنا من قبل قوله تعالى :( وقطعناهم في الأرض أمماً منهم الصالحون
ومنهم دون ذلك ) {الأعراف : 168 } . نضيف هنا آيات بينات أخر . قال تعالى : ( ما
يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد . كذبت قبلهم قوم
نوح والاحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به
الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب ) { غافر : 4،5 } . وقال : ( وأمم سنمتعهم ثم يمسهم
منا عذاب أليم ) { هود : 48 } . وقال ( وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم ) {
العنكبوت : 18 } . وقال : ( كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا ادَاركوا فيهاجميعا
قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذاباَ ضعفامن النار ، قال لكل ضعف
ولكن لاتعلمون ) { الأعراف : 38 } .
11 - وقد تكون جماعة من الناس لم تلتق زماناً أو مكاناً ولكنهم يشتركون في صفة
خاصة بهم مقصورة عليهم يتميزون بها عن غيرهم . إنهم حينئذ أمة . كذلك أسمى آيات
القرآن جميع الرسل والأنبياء أمة واحدة مع أنه - سبحانه - قد أسمى كل جماعة آمنت
برسول منهم أمة . فابتداء من الآية 48 من سورة الأنبياء يتحدث القرآن عن الرسل
والأنبياء ، فيذكر موسى وهارون وابراهيم ولوطاً ونوحاً وداوود وسليمان وأيوب
واسماعيل وادريس وذا الكفل وذا النون وزكريا ويحيى ثم يقول : ( إن هذه أمتكم أمة
واحدة وأنا ربكم فاعبدون ) { الأنبياء : 92 } . ولم يشتبه هذا أو يتعارض أو يتناقض
مع الحديث عن بني يعقوب وحدهم على أنهم أمة حين أخبر باشتراكهم في الايمان بإله
أبيهم . قال تعالى : ( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ماتعبدون من
بعدي ، قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم و إسماعيل وإسحق إلهاً واحداً ونحن له
مسلمون . تلك أمة قد خلت لها ماكسبت ولكم ماكسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ) {
البقرة : 133، 134 } .
وإذا كان المؤمنون بكل رسول أمة ، فإن منهم من يكونون أمة بما يتميزون به من
استراك في نشاط الدعوة أو منسك من مناسك العبادة . في المعنى الأول قال الله تعالى
: ( ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) { الأعراف : 159 } . وفي المعنى
الثاني قال تعالى : ( من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم
يسجدون ) { آل عمران : 113 } . ويلاحظ أنه عندما أراد أن يتحدث عن جماعة متميزة
بالهداية أو بالتلاوة بين جماعة هي أمة من حيث تميزها برسولها أو بكتابها اسمى
الجماعة الأولى " أمة " وأشار إلى الجماعة الثانية بما يميزها ، مكتفياً
به في التعريف بها دون أن يسميها أمة إظهاراً للمميزات المقصود أظهارها ، وتلك قمّة
من قمم البلاغة في القرآن .
على أي حال ، فإن القرآن قد أسمى الجماعة المتميزة أمة حتى حين كان مميَزها أمراً
لايتصل بالعقيدة ايماناً أو كفراً . فأسمى الجماعة المتميزة بعلاقة قربى أمة
فتعددت الأمم بتعدد الفروع ، بعد أن كان قد أسمى كل الأقرباء أمة حين اجتمعوا
فتميزوا بأصلهم الواحد . قال تعالى : ( ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون )
{ الأعراف : 160 } . وهو واضح الدلالة على أنه حيث تتميز الجماعة تكون أمة في لغة
القرآن ، ولايمنع هذا من أن تكون جزءاً من أمة على وجه آخر مما يميز الجماعات .
12 - بل إن كلمة أمة تدلَ على الجماعة ولو لم تتميز إلا بموقف واحد في حالة واحدة
. بهذا المعنى اسمى المقتصدين في الانفاق بدون اسراف أو تقتيرأمة . قال : ( منهم
أمة مقتصدة وكثيرمنهم ساء ما يعملون ) {المائدة : 66 } . وقال : ( ولما ورد ماء
مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ) { القصص : 23 } .
وكلمة الأمة في هذه الآية لاتعني مجرد الجماعة بل تعني الجماعة المتميزة بموقف
واحد أو حالة واحدة . جماعة تسقي وحدها دون الآخرين . وكانت تسميتهم أمة إبرازاً
لهذا المميز حتى تبرز الحالة الأخرى التي أخبر بها في الآية فقال : ( ووجد من
دونهم امرأتين تذودان ، قال ماخطبكما ،قالتا لانسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ
كبير) { القصص: 23 } .
13- هذه هي دلالة كلمة " الأمة " في لغة القرآن . وبهذه الدلالة كان
المسلمون ، كل المسلمين ، وما يزالون وسيبقون ، أمة واحدة من حيث تميزهم عن غيرهم
من الناس بانتمائهم الديني إلى الاسلام ، سواء أخذت كلمة الاسلام بمعناها الشامل
الدين كله في قوله تعالى : ( وإذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا
تقبل منا إنك أنت السميع العليم . ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك
) {البقرة
: 127 ، 128 } .
أو أخذت بمعناها الخاص بالذين يؤمنون برسالة محمد عليه الصلاة والسلام . ولقد خاطب
القرآن المسلمين بهذا التخصيص واسماهم أمة . قال تعالى : كنتم خير أمة أخرجت للناس
) { آل عمران : 110 } ، وقال :( وكذلك جعاناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء ) { البقرة : 143 } . وقال : ( واعتصموا
بحبل الله جميعا ولا تفَرقوا ، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين
قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ، كذلك
يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون . ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون
بالمعروف وينهون عن المنكر ، وأولئك هم المفلحون . ولاتكونوا كالذين تفَرقوا
واختلفوا من بعد ما جاءهم البيَنات ، وأولئك لهم عذاب عظيم ) { آل عمران : 103 :
104 ، 105 } .
14 - وبهذه الدلالة كانت الاغلبية الساحقة من الشعب العربي ، وما يزالون وسيـبقون
، جزءاً لايتجزأ من الأمة الاسلامية التي ينتمي اليها كل المسلمين في الأرض بصرف
النظر عن أجناسهم وألوانهم ولغاتهم وأممهم ودولهم وأوطانهم . لافضل لأحد منهم على
الآخر إلا بالتقوى . في رحاب هذا الانتماء إلى الأمة الاسلامية يلتقي مئات
الملايين من البشر . ولو أن مسلماً واحداً قد وجد في أي أرض ، في أي شعب ، في أية
أمة ، في أية دولة ، لكان واحداً من الأمة الاسلامية . وما تزال هذه الأمة
الاسلامية تنمو عدداً بمن يهتدي إلى الاسلام ديناً في أقطار الأرض جميعاً .
15 - وبهذه الدلالة أيضاً ، دلالة كلمة الأمة في لغة القرآن ، يكون كل العرب
منتمين إلى أمة عربية واحدة ،حيث يكون مميزهم عن شعوب وأمم أخرى ما يميز الأمم عن
الشعوب والقبائل ، أو مايميز الأمم بعضها عن بعض من وحدة اللغة كما قال فخته
الألماني ، أو وحدة الأرض والأصل والعادات واللغة والاشتراك في العادات والشعور
كما قال مانتشيني الايطالي ، أو وحدة الرغبة في الحياة المشتركة كما قال رينان
الفرنسي ، او وحدة التاريخ واللغة والحياة الاقتصادية والثقافية المشتركة كما قال
ستالين السوفياتي ، أو وحدة اللغة والاشتراك في التاريخ كما قال استاذنا أبو خلدون
ساطع الحصري ، أو كان مميز الأمة انها " مجتمع ذو حضارة متميزة ، من شعب معين
مستقر على أرض خاصة ومشتركة تكوَن نتيجة تطور تاريخي مشترك "... كما اجتهدنا
فقلنا ... لايهم هذا الخلاف في بيان عناصر التميّـز القومي للأمة . المهم أنه حيث
يوجد المميّـز القومي لجماعة من الناس يصح في لغة القرآن كتاب المسلمين ، أن تسمى
الجماعة أمة ، ولا ينكره عليها مسلم وهو مسلم ، مادام لاينكر المسلم وهو مسلم أن
كل جماعة متميزة حتى من الدواب هي " أمة " فكيف بالمسلم ينكر على جماعة
قومية الانتماء أنهم أمة . والأمة كما تتميز بوحدة العلاقة القومية ، لاتتشابه ولا
تتعارض ولا تتناقض مع الأمة كما تتميز بوحدة العلاقة الدينية . فلا تتشابه ولا
تتعارض ولا تتناقض " الأمة العربية " مع " الأمة الاسلامية "
؛ كما لاتتشابه ولا تتعارض ولاتتناقض الأمة الفرنسية والأمة الانكليزية والأمة
الالمانية والامة الايطالية ... مع كون كل هذه الأمم تنتمي عقيدة إلى الأمة
المسيحية . كل من الانتمائين قائم ، ولكن كل منهما ذو مضمون مختلف .
وقوله( ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق ) { الأعراف : 159 } . وقوله : ( وممن خلقنا أمة يهدون بالحق) { الأعراف : 181 } . وقوله ( وماكان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ) { يونس : 19 } .
ودلَ على أن الأمة مطلق الجماعة أنها قد جاءت في القرآن داَلة على الجماعة من الناس والجماعة من الجن والجماعة من الحيوان والجماعة من الطير . قال تعالى : ( قال أدخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والانس ) { الأعراف : 38 } . وقال : ( وما من دابة في الأرض ولاطائر يطير بجناحيه إلا أمم ) {الانعام:38 } . وبعد ان أخبرنا عن أمر نوح عليه السلام وما اصطحبه في الفلك من أنواع المخلوقات في قوله تعالى : ( حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن ، وما آمن معه إلا قليل ) { هود :40 } ، قص علينا ماأمر به نوحاً : ( قيل يانوح اهبط منها بسلام منَا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك ) { هود : 48 } . يعني الجماعات المتميزة نوعيا من المخلوقات التي اصطحبها نوح معه .
8 - ولما كان التمايز يفترض التعدد لتكون الجماعة متميزة عن غيرها علـّمنا القرآن أن الأمم متعددة في الزمان والمكان . أثبت التعدد أولا وأرجعه إلى مشيئة الله حتى يكف الجدل في حكمته وأكده في أكثر من آية
قال : ( ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ) { النحل : 93 } . وقال : ( ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ) {الشورى:8 }. وتحدث عن الأمم بصيغة الجمع في ثلاث عشرة آية أخرى .
ومابين البداية والنهاية تتابع الأمم المتعددة على آجال الزمان . لكل أمة أجل معلوم . قال تعالى : ( تلك أمة قد خلت ، لها ماكسبت ولكم ماكسبتم ) { البقرة : 134 ، 141 } . وقال : ( ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لايستأخرون ساعة ) {الأعراف : 34 } . وقال : ( لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ) { يونس : 49 } . وقال ( كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم ) { الرعد :30 } . وقال : ( ماتسبق من أمة أجلها وما يستأخرون ) { الحجر : 5 } . وقال : ( ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون ) {المؤمنون : 43 } . وقال : ( ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء ) { الأنعام : 42 } . وتكرر قوله هذا أو معناه في{ النحل :63 والعنكبوت :18 وفَصلت :25 والأحقاف : 18 } . وتمايزت الأمم بالرسل فتعددت بتعدد الرسل ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً ان اعبدوا الله ) { النحل : 36 } . وتعددت بتعدد الرسالات : كل امة تدعى إلى كتابها ) { الجاثية : 28} . وتعددت بتعدد المناسك ( لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه ){ الحج : 67} .
ثم أن القرآن قد علمنا أنه كما تتعدد الأمم على مدى الزمان فإنها متعددة في الزمان الواحد ، أو كما نقول في المكان ( قيل يانوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك ) { هود : 48 } . فهذه أمم متعددة تواجدت معاً في مكان واحد . وثمة أمم متعددة توزعت في الأرض ، قال تعالى : ( وقطَعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك ، وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلَهم يرجعون ) { الأعراف : 168 } .
9 - هذه الآية الأخيرة - وفي القرآن غيرها كثير - تعلمنا أسباب التعدد في الزمان والمكان كليهما . إذ هي تطلق كلمة الأمة على الجماعة التي تميزت بأنها صالحة كما تطلقها على الجماعة التي تميزت بأنهاغير صالحة . فنعرف من الآية أن الجماعة تكون أمة متى اشترك أفرادها فيما يميزهم عن غيرهم بصرف النظر عن مضمون هذا المميز . على هذا الوجه كان الناس أمة بما تميزوا به من كونهم ناسا . تميزوا عن أمة من الجن . وعن أمة من الحيوان . ولما كانت المميزات متعددة فإن الأمم متعددة بدون تشابه أو تعارض أو تناقض وان اشتركت جميعا في انها جماعات متميزة . قال تعالى : ولكل أمة رسول ) { يونس : 47 } . وقال : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله ) { النحل : 36 } . فدل على أن تلك جماعات كانت متميزة بالكفر فاستحقت رسلا يدعونها الى عبادة الله . أما بعد الرسل فكل المؤمنين برسولهم أمة بما تميزوا به من رسول وكتاب ومناسك . أوضح مثال ماجاء متتابعا من الآيات في سورة المائدة ، قال تعالى : ( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور ، يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا ) { الآية 44 } وبعد أن فصل بعض آيات التوراة في الآية 45 قال في الآية 46 : ( وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الانجيل فيه هدى ونور ) وبعد أن بيَن في الآية 47 حكم الخروج على أحكام الانجيل جاءت الآية 48 لتقول : ( وانزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ) . هكذا تحدث القرآن عن الأديان السماوية الثلاثة تباعا ثم قال : لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ) { المائدة : 48 } . فدَل على أنه في نطاق الأمة المتميزة بالايمان بالله يتوزع المؤمنون أمما تتميز كل منها برسولها وشرعتها ومنهاجها . وتصدق دلالة الكلمة في الحالتين بدون تشابه أو تعارض أو تناقض، إذ أن مناط التميز في كل حالة مختلف عنه في الحالة الأخرى.
10 - ولأنه لاعبرة في دلالة " الأمة " بمضمون الأمر الذي تميزت به الجماعة فأصبحت أمة فأن الجماعة المتميزة بالكفر بالرسالة ومناهضة رسولهاهي أيضاً أمة . ولقد ذكرنا من قبل قوله تعالى :( وقطعناهم في الأرض أمماً منهم الصالحون ومنهم دون ذلك ) {الأعراف : 168 } . نضيف هنا آيات بينات أخر . قال تعالى : ( ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد . كذبت قبلهم قوم نوح والاحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب ) { غافر : 4،5 } . وقال : ( وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم ) { هود : 48 } . وقال ( وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم ) { العنكبوت : 18 } . وقال : ( كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا ادَاركوا فيهاجميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذاباَ ضعفامن النار ، قال لكل ضعف ولكن لاتعلمون ) { الأعراف : 38 } .
11 - وقد تكون جماعة من الناس لم تلتق زماناً أو مكاناً ولكنهم يشتركون في صفة خاصة بهم مقصورة عليهم يتميزون بها عن غيرهم . إنهم حينئذ أمة . كذلك أسمى آيات القرآن جميع الرسل والأنبياء أمة واحدة مع أنه - سبحانه - قد أسمى كل جماعة آمنت برسول منهم أمة . فابتداء من الآية 48 من سورة الأنبياء يتحدث القرآن عن الرسل والأنبياء ، فيذكر موسى وهارون وابراهيم ولوطاً ونوحاً وداوود وسليمان وأيوب واسماعيل وادريس وذا الكفل وذا النون وزكريا ويحيى ثم يقول : ( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ) { الأنبياء : 92 } . ولم يشتبه هذا أو يتعارض أو يتناقض مع الحديث عن بني يعقوب وحدهم على أنهم أمة حين أخبر باشتراكهم في الايمان بإله أبيهم . قال تعالى : ( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ماتعبدون من بعدي ، قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم و إسماعيل وإسحق إلهاً واحداً ونحن له مسلمون . تلك أمة قد خلت لها ماكسبت ولكم ماكسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ) { البقرة : 133، 134 } .
وإذا كان المؤمنون بكل رسول أمة ، فإن منهم من يكونون أمة بما يتميزون به من استراك في نشاط الدعوة أو منسك من مناسك العبادة . في المعنى الأول قال الله تعالى : ( ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) { الأعراف : 159 } . وفي المعنى الثاني قال تعالى : ( من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ) { آل عمران : 113 } . ويلاحظ أنه عندما أراد أن يتحدث عن جماعة متميزة بالهداية أو بالتلاوة بين جماعة هي أمة من حيث تميزها برسولها أو بكتابها اسمى الجماعة الأولى " أمة " وأشار إلى الجماعة الثانية بما يميزها ، مكتفياً به في التعريف بها دون أن يسميها أمة إظهاراً للمميزات المقصود أظهارها ، وتلك قمّة من قمم البلاغة في القرآن .
على أي حال ، فإن القرآن قد أسمى الجماعة المتميزة أمة حتى حين كان مميَزها أمراً لايتصل بالعقيدة ايماناً أو كفراً . فأسمى الجماعة المتميزة بعلاقة قربى أمة فتعددت الأمم بتعدد الفروع ، بعد أن كان قد أسمى كل الأقرباء أمة حين اجتمعوا فتميزوا بأصلهم الواحد . قال تعالى : ( ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) { الأعراف : 160 } . وهو واضح الدلالة على أنه حيث تتميز الجماعة تكون أمة في لغة القرآن ، ولايمنع هذا من أن تكون جزءاً من أمة على وجه آخر مما يميز الجماعات .
12 - بل إن كلمة أمة تدلَ على الجماعة ولو لم تتميز إلا بموقف واحد في حالة واحدة . بهذا المعنى اسمى المقتصدين في الانفاق بدون اسراف أو تقتيرأمة . قال : ( منهم أمة مقتصدة وكثيرمنهم ساء ما يعملون ) {المائدة : 66 } . وقال : ( ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ) { القصص : 23 } .
وكلمة الأمة في هذه الآية لاتعني مجرد الجماعة بل تعني الجماعة المتميزة بموقف واحد أو حالة واحدة . جماعة تسقي وحدها دون الآخرين . وكانت تسميتهم أمة إبرازاً لهذا المميز حتى تبرز الحالة الأخرى التي أخبر بها في الآية فقال : ( ووجد من دونهم امرأتين تذودان ، قال ماخطبكما ،قالتا لانسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير) { القصص: 23 } .
أو أخذت بمعناها الخاص بالذين يؤمنون برسالة محمد عليه الصلاة والسلام . ولقد خاطب القرآن المسلمين بهذا التخصيص واسماهم أمة . قال تعالى : كنتم خير أمة أخرجت للناس ) { آل عمران : 110 } ، وقال :( وكذلك جعاناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء ) { البقرة : 143 } . وقال : ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفَرقوا ، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ، كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون . ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، وأولئك هم المفلحون . ولاتكونوا كالذين تفَرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيَنات ، وأولئك لهم عذاب عظيم ) { آل عمران : 103 : 104 ، 105 } .
14 - وبهذه الدلالة كانت الاغلبية الساحقة من الشعب العربي ، وما يزالون وسيـبقون ، جزءاً لايتجزأ من الأمة الاسلامية التي ينتمي اليها كل المسلمين في الأرض بصرف النظر عن أجناسهم وألوانهم ولغاتهم وأممهم ودولهم وأوطانهم . لافضل لأحد منهم على الآخر إلا بالتقوى . في رحاب هذا الانتماء إلى الأمة الاسلامية يلتقي مئات الملايين من البشر . ولو أن مسلماً واحداً قد وجد في أي أرض ، في أي شعب ، في أية أمة ، في أية دولة ، لكان واحداً من الأمة الاسلامية . وما تزال هذه الأمة الاسلامية تنمو عدداً بمن يهتدي إلى الاسلام ديناً في أقطار الأرض جميعاً .
15 - وبهذه الدلالة أيضاً ، دلالة كلمة الأمة في لغة القرآن ، يكون كل العرب منتمين إلى أمة عربية واحدة ،حيث يكون مميزهم عن شعوب وأمم أخرى ما يميز الأمم عن الشعوب والقبائل ، أو مايميز الأمم بعضها عن بعض من وحدة اللغة كما قال فخته الألماني ، أو وحدة الأرض والأصل والعادات واللغة والاشتراك في العادات والشعور كما قال مانتشيني الايطالي ، أو وحدة الرغبة في الحياة المشتركة كما قال رينان الفرنسي ، او وحدة التاريخ واللغة والحياة الاقتصادية والثقافية المشتركة كما قال ستالين السوفياتي ، أو وحدة اللغة والاشتراك في التاريخ كما قال استاذنا أبو خلدون ساطع الحصري ، أو كان مميز الأمة انها " مجتمع ذو حضارة متميزة ، من شعب معين مستقر على أرض خاصة ومشتركة تكوَن نتيجة تطور تاريخي مشترك "... كما اجتهدنا فقلنا ... لايهم هذا الخلاف في بيان عناصر التميّـز القومي للأمة . المهم أنه حيث يوجد المميّـز القومي لجماعة من الناس يصح في لغة القرآن كتاب المسلمين ، أن تسمى الجماعة أمة ، ولا ينكره عليها مسلم وهو مسلم ، مادام لاينكر المسلم وهو مسلم أن كل جماعة متميزة حتى من الدواب هي " أمة " فكيف بالمسلم ينكر على جماعة قومية الانتماء أنهم أمة . والأمة كما تتميز بوحدة العلاقة القومية ، لاتتشابه ولا تتعارض ولا تتناقض مع الأمة كما تتميز بوحدة العلاقة الدينية . فلا تتشابه ولا تتعارض ولا تتناقض " الأمة العربية " مع " الأمة الاسلامية " ؛ كما لاتتشابه ولا تتعارض ولاتتناقض الأمة الفرنسية والأمة الانكليزية والأمة الالمانية والامة الايطالية ... مع كون كل هذه الأمم تنتمي عقيدة إلى الأمة المسيحية . كل من الانتمائين قائم ، ولكن كل منهما ذو مضمون مختلف .
ألغاز
** من هو
ابن
أمك و ابن أبيك، و ليس بأختك و لا بأخيك ؟
** ما هو الشيئ الذي اصله من الماء و اذا دخله يفنى ؟
** اربعة اخوة براس واحدة . فمن يكونون ؟
كاريكاتير..
الصور
المتشابهة
حل
الكلمات المتقاطعة
1
|
2
|
3
|
4
|
5
|
6
|
7
|
8
|
9
|
10
|
|
1
|
ص
|
د
|
ا
|
م
|
ح
|
س
|
ي
|
ن
|
||
2
|
ص
|
ا
|
ل
|
ح
|
ب
|
ن
|
ي
|
و
|
س
|
ف
|
3
|
م
|
ل
|
د
|
ي
|
ف
|
|||||
4
|
ب
|
ر
|
د
|
ب
|
ل
|
|||||
5
|
ا
|
ع
|
||||||||
6
|
ر
|
س
|
و
|
ل
|
د
|
ا
|
و
|
و
|
د
|
|
7
|
ر
|
و
|
م
|
ا
|
ا
|
ل
|
حل
الالغاز
** انت ** الماء ** المائدة .
ربوع بلادي
بيروت
: عروس المتوسط ..
رغم
الحروب و المؤامرات و الاجتياح الصهيوني الذي حاول العديد من المرّات تركيعها و
تشويه وجهها ، لكنّها تظلّ مستعصية على أعدائها.. وهي دائما بصمودها تصنع كبرياءها ..
الحدائق
المعلـّقة في بيروت .
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)