بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 19 يناير 2015

القدس العدد 159


تحميل العدد 159 .

 بعد اربع سنوات من الثورة ، يحق لكل مواطن آمن بالتغـيـيـر أن يسأل سؤالا جوهـريا : أين الثورة ... ؟          
أين الثورة وقد بقي الواقع  على حاله ، أو ازداد  سوءا في حين كان مأمولا منها أن تـُـحدث تغـييـرا جذريا في واقع الناس حتى يشعـر كل مواطن أن ظروفه صارت أفضل ، وأن الثورة عمل ايجابي يستحق تلك الدماء والأرواح والتضحيات  الجسام .. ؟ 
أين الثورة وقد تفاقمت أزمة البطالة وتضاعفت أرقامها ، واتسعت رقعة الفقـر في كل الجهات ، وازدادت المعاناة بين كل فئات الشعب ، في حين كان منتظرا أن يتحقق تأمين الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية من خلال المراجعات العميقة لدور الدولة  ووظيفـتها في المجتمع ، لإيجاد الحلول السريعة للمشاكل المستعجلة   .. ؟
 أين الثورة وقد انتشر الفساد أضعافا ، فعمّ الاحتكار والتهريب  تحت أنظار الدولة ، متسببا في ارتفاع الأسعار وإثقال كاهل العائلة ، في حين كان مفترضا أن تتم محاربة الفساد بكـل الوسائل الممكـنة وعلى رأسها وضع كل التشريعات  الرّادعة  لمثل هذه الجرائم .. ؟ 
 أين الثورة وقد ضاعت حقوق الشهداء والجرحى ، وبلغت المعاناة بذويهم إلى أقصاها ، وأُفرغت ملفاتهم من محتواها،  فلم يجنوا سوى التسويف والمماطلة والمتاجرة بقضاياهم ..؟ أين الثورة وقد اختفت ملفات الفساد ، وتواصلت السياسات القديمة بخياراتها الاقتصادية والسياسية في حين كان منتظرا أن تتم القطيعة الكاملة مع المنظومة السابقة بكل ما فيها ، والالتفات الى الفئات الضعيفة والجهات المحرومة التي كانت وقود الثورة وشرارتها  .. ؟ 
أين الثورة وقد تراجع معظم الثوار الى الخلف ، وخفتت أصواتهم ، ثم بدأ البعض يتساقط  على مسافات متفاوتة ، تاركين المجال مفتوحا لعودة الحرس القديم .. ؟               
كأنني بالحكماء الجدد يتكلمون : احمدوا الله حتى على نعمة الاستقرار والأمن .. فالفريق الجديد لم  يباشر مهامه بعد ، ورغم ذلك فقد كانوا على درجة كبيرة من المسؤولية وتقديرا للواجب .. فوقفوا على الذكرى .. واحتفلوا بالثورة .. وأكـرموا الشهداء .. !!     
( القدس ) .   

* أن تاتي متأخـرا خيـرا  لك من ان لا تأتي مطلقا  ..

* شابت لحاهم ، والعقـل ما جاهم ..   
 
لا تصالحْ ، ولو حذَّرتْك النجوم
ورمى لك كهَّانُها بالنبأ ..
كنت أغفر لو أنني متُّ ..
ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ .
لم أكن غازيًا ،
لم أكن أتسلل قرب مضاربهم
أو أحوم وراء التخوم
لم أمد يدًا لثمار الكروم
أرض بستانِهم لم أطأ
لم يصح قاتلي بي : " انتبه " !
كان يمشي معي ..
ثم صافحني  ..
ثم سار قليلاً
ولكنه في الغصون اختبأ !
فجأة ً:
ثقبتني قشعريرة بين ضعلين ..
واهتـزَّ قلبي –  كفقاعة  وانفثأ  !
وتحاملتُ ، حتى احتملت على ساعديَّ
فرأيتُ : ابن عمي الزنيم
واقفًا يتشفَّى بوجه لئيم
لم يكن في يدي حربةٌ
أو سلاح قديم ،
لم يكن غير غيظي الذي يتشكَّى الظمأ  ..
                                                                   ( أمل دنقل ) .


دخل الطبيب الى غرفة المجانين فوجدهم جميعا يتظاهرون   بالسياقة ، الا واحدا جالس .. فاقترب منه الطبيب وساله : لماذا لا تقوم بالسياقة مثلهم .
فأجابه : معقول أسوق في الغـرفة .. !!
فرح الطبيب وطلب منه ان يذهب معه الى مكتبه ..
لكن المجنون مشى معه خطوتين ووقف قائلا : موش تركب جنبي أفضل .. !!  

شارك الدكتور كمال الهلباوى القيادى المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين ، فى الذكرى الـ97 لميلاد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بضريحه بكوبرى القبة ، وتعد هذه المشاركة الأولى للهلباوى فى أى ذكرى خاصة  بالزعيم عبد الناصر.  وقال الهلباوى ، فى تصريحات لاعلاميين ، إن زيارته لقبر الزعيم جمال عبد الناصر فى ذكرى ميلاده  هي لرد شيئا من جميل الـزعـيم الراحل ، مشيرا إلى أن الرئيس عبد الناصر زار قبر حسن البنا مرتين وكان يجب على جميع الإسلاميين المشاركة فى ذكرى ميلاد الزعيم الراحل ، مضيفا أنه لأول مرة يزور الضريح  فى ذكرى كهذه  ، موضحا أنه زاره أكثر من مرة  بلا مناسبات ..         
وأضاف الهلباوى أن عبد الناصر قدّم الكثير من الخدمات ليس للمصريين فقط ، وإنما للأمة العربية بوجه عام ، وأنه صاحب مشروعات قومية عديدة ..  
منذ أيام وصلتني رسالة من صديق عزيز على قلبي يطلب من خلالها أن أكتب مقالا بمناسبة ذكرى ميلاد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر. فتملكني شعور بالحيرة بين واجب الاستجابة لأول طلب يأتيني من صديقي العروبي وبين استقراري على عادة استذكار الزعيم الراحل كملحة فكرية ونضالية بعيدا عن الطقوس اللطمية التي تحولت الى أحد الملامح الرئيسية للتيار الناصري في علاقته بذكرى جمال عبد الناصر. حتى أنني بدأت أتحول الى ارهابي يستهدف تقويض حالة الغيبوبة والجمود والتكرار النمطي داخل التيار الناصري بتفجير بعض المسلمات وبعض الاركان الجامدة من هنا وهناك لعل ضوء الانفجار يبعث دفيء الحياة في المفاصل المتصلبة لتتحرك من جديد فتسترد الثقة لتنتقد وتبادر وتبدع خلقا فكريا ونضاليا جديدا وفيا لأصوله التي ولد منها بقدر التحامه بالبيئة الجديدة التي نشأ فيها...
فحملت نفسي على استثناء الكتابة بدون رغبة . تلبية للطلب . لأنني لم أجد حجة تسعفني راحة الامتناع عن المشاركة في هذه الطقوس التي تتكرر بدون اضافة جديد يوحي بمسار تقدمي مثل أو أسوة بذلك المسار التصاعدي فكرا وعملا الذي مثل السمة الرئيسية لثورة يوليو قائدا وتجربة.
ولكنني ومع قبول الاستثناء لن أحرم نفسي متعة التفجير داخل هذه البنية المتصلبة لعل شيئا من الحياة أو الحياء يدب فيها استجابة لحلمي وحلم ألاف الشباب القومي الناصري على امتداد الوطن العربي بأن تدب حركة واحدة منسجمة متسقة في أركان ومفاصل هذا
الجسد الذي أبلاه ما ابتلي به من زعاماتية وتكلس فكري واغتراب حد التكفير والهجرة عن وجع الامة العربية. ولقد تعلمت في مسيرتي الارهابية التفجيرية التي استهدف فيها التيار الناصري أن أكثر الالغام تدميرا وزعزعة لهذا التيار هو الحديث عن البعد القومي العربي.
نعم . من المفارقات العجيبة التي لن ينتبه اليها سوى من سار على هذا الدرب الارهابي التفجيري أن الحديث عن الالتزام بالبعد القومي العربي داخل أروقة التيار الناصري هو محاولة تفجير . بل انها تؤخذ على محمل الجد والاستنفار من قبل مراكز النفوذ "العتيقة" على انها ارهاب لابد من التصدي اليه...
طبعا لا أقصد بالحديث عن البعد القومي العربي أن تقول أننا أمة عربية واحدة مكتملة التكوين تعاني من مشكلة التخلف بمعنى عجز الشعب العربي عن توظيف امكانياته القومية المتاحة من أجل تقدمه الذي لا يعني سوى اشباع ومزيد اشباع حاجياته المادية والحضارية المتجددة كما يجب ان يكون. وأن الاسباب الرئيسية لهذا العجز هو التجزئة والاستعمار والاستغلال . ثم ننتهي بالقول أن الحل العلمي والنهائي هو بناء دولة الوحدة الديمقراطية الاشتراكية ... 
فهذا من المسموح به من القول لأن البعض أو الكثير من الناصريين لا يعرف الناصرية الا اكتفاءا بترديد هذه الكلمات بمناسبة او غير مناسبة دون حتى مجرد التفكير جديا في كيفية الانتقال من حالة التخلف الى دولة العرب الواحدة وكأن الناصرية مذهب من مذاهب الصوفية السياسية تتلخص في التعبير عن الالم والتبشير بالنجاة
.
ان التفجير يكمن - بالضبط يكمن - في الجديث عن تجسيد البعد القومي في النضال الناصري. فالقومية هنا تعني -فقط تعني- التحام الناصريين في الوطن العربي في نسق فكري وتنظيمي مشترك يفرز ويجمع ويحشد ويضبط ايقاع الامكانيات النضالية المبعثرة في ارجاء الوطن العربي والمهجر باتجاه انصهارها في رافعة تنظيمية وسياسية قومية ندرك جيدا أنها الصيغة العلمية الوحيدة القادرة على تغيير الواقع تناسبا مع قومية المعركة وقومية الاهداف وهو السبب الذي جعلها الوصية الاستراتيجية الاخيرة والحاسمة التي تركها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بعد أن تعلمها من مرارة التجربة.
هل هذا تفجير؟ نعم انه كذلك . ولكن الصادقين المتطهرين من الاقليمية والنرجسية ورفاهة القيادة والزعامة والرمزية هم وحدهم الذين لا يحسون بأي أثر لهذا الانفجار الذي قد يكون زلزل أو استنفر غيظ حتى بعض الذين يقرؤون هذا الكلام بجانبهم من الذين يستمتعون بالزعامة والقيادة والرمزية والنرجسية الاقليمية فيحسون بالخشية على هذه المكاسب من طوفان التفاعل الذي يمكن ان يدب بين مفاصل الحياة والابداع والتطور داخل التيارالقومي الناصري في الوطن العربي والذي ـ بحكم قانون البقاء للأحياء على حساب الاموات
 ـ سيجرف كل ملامح ومراكز الجمود والتصلب وكل الاعشاب الطفيلية التي تحيطها لتستظل بظلها خشية النور الكاشف الحارق الذي يتناقض وجودها مع وجوده  .  
لن أذكر أسماءا ولا أحداثا للاستدلال على حقيقة الانفجار لأنه من نعم الله علينا أنه بامكان كل الشباب القومي الناصري في الوطن العربي اختبار هذه الحقيقة في اي وقت وفي اي مكان . فيكفي أن يفكر ويعمل من أجل تجسيد البعد القومي العربي مستهدفا بناء الحركة العربية الواحدة وسيتعرض بعد فترة قصيرة -هذا ان لم يكن في حينه - الى استنفار والتقاء مراكز النفوذ العتيقة في التيار الناصري صفا واحدا - سبحان الله في هذه اللحضة صفا واحدا - ضد هذا التفكير والعمل المصنف ارهابي وتفجيري ضد التيار الناصري .
ستتعدد الاسباب المعلنة للتحامل والتصدي والاستهزاء ولكن السبب المخفي واحد. انه ببساطة تفجير لن يتعايش مع نرجسيتهم ونفوذهم واقليميتهم ورفاهيتهم  . فهو ارهابي
... 


 
 
ذات يوم قيل لنا ان دفعتنا من كلية أركان الحرب سوف تتخرج قبل الوقت المحدد ، فإن احتمالات فلسطين قد تقضي بهذا . وصدرت إليّ الأوامر بأن التحق بالكتيبة  .. وصدرت إلى عبد الحكيم عامر لكي يلتحق بالكتيبة التاسع .. وصدرت إلى زكريا محي الدين لكي يلتحق بالكتيبة الأولى .. وكانت الكتائب الثلاث يومها على الحدود ، ولم يكن هناك من يعرف على وجه اليقين ما الذي ستأتي به الأيام المقبلة                           .
غادرت بيتي صباح 16 مايو أحمل حقيبة الميدان بعد ان تركت على إحدى الموائد صحيفة الصباح، وكانت صفحتها الأولى مليئة بالبلاغ الرسمي الأول الذي صدر عن وزارة الدفاع في ذلك الوقت، يروي للناس بداية العمليات الحربية في فلسطين                     .
وتملكني شعور غريب وأنا أقفز درجات السلم                             .
»
واذن فأنا في الطريق إلى ميدان القتال «                                                .
كان الجيش المصري يومها مكوناً من تسع كتائب، ولكن ثلاثاً منها فقط كانت قرب الحدود حينما صدر الأمر بدخول فلسطين، وكانت هناك رابعة في الطريق                            .
ولم نكن ندري أين مواقع وحداتنا بالضبط حتى نستطيع ان نلحق بها ولم نجد أحداً يستطيع أن يرشدنا إلى هذه المواقع. . وذهبنا إلى رئاسة المنطقة ونحن نتصورها خلية نحل تئز بالحركة الدائبة، ولكن رئاسة المنطقة لم يكن بها أحد كأنما هي بيت مهجور، في بقعة من الأرض، لا يسكنها بشر. . وجاءتنا الأخبار بعد العشاء بمواقع كتائبنا على وجه التخمين.  الكتيبة السادسة التي كنت سأعمل أركان حرب لها كانت لا تزال في رفح ، وإن كانت قد تحركت منها إلى عملية ضد مستعمرة الدنجور ثم عادت إليها مرة أخرى .. وكان هناك دليل عربي واحد أنيطت به مهمة قيادة الكتيبة إلى موقع مستعمرة الدنجور، ولم يكن هذا الدليل يعلم شيئاً عن تحصيناتها ودفاعها، وكل الذي قام به هو انه ظل يرشد الكتيبة إلى الطريق ويدلي لها بمعلومات غير واضحة ولا دقـيقة ، حتى ظهرت أمامها فجأة تحصيـنات الدنجور .. ولم يكن هناك من يعرف ما الذي يجب عمله على وجه التحديد ..  ولكن المدافعين عن الدنجور كانوا يعرفون، وأصيبت الكتيبة بخسائر لم تكن متوقعة، وعند الظهر أصدر القائد أمره بالابتعاد عنها، وعادت الكتيبة إلى رفح لتجد بلاغاً رسمياً أذيع في القاهرة يقول: انها أتمت عملية تطهير الدنجور بنجاح                 .
جاءت الأوامر إلى الكتيبة بأن تهد معسكرها الذي تقيم فيه وتنتقل إلى مكان آخر يبعد عنه بثلاثة كيلومترات                                     .  
ولم أستطع ان أتصور الغرض من هذا التحرك، ولكن الكارثة الكبرى ان الذين أصدروا أمرهم به لم يكونوا يعرفون له غرضاً هم الآخر ..وكان الدليل انه بعد ثلاث ساعات من هذا الأمر، وبينما نحن نقيم المعسكر الجديد، جاءتنا أوامر جديدة بالتحرك إلى المحطة وركوب القطار المتجه إلى غزة         .
وبدأنا نهد الخيام التي لم نكد نفرغ من إقامتها          . 
وركبنا القطار إلى غزة وفي قلبي هموم .. وكان قـلبي المجرح يهـتـف بي في كل دقة من دقاتـه:  « ليست هذه حرباً »                                                            .    
وكانت ليلة 20 مايو من أتعس ليالي حياتي. قضيتها في مستشفى غزة العسكري، والأسرة حولي كلها مليئة بجرحى معركة دير سنيد التي لا تزال مستمرة                                         .   
كل هذا وراديو القاهرة يذيع بلاغاً أصدرته القيادة العامة تقول فيه : «ان قواتنا احتلت مستعمرة دير سنيد واقتحمتها اقتحاماً رائعاً بالمشاة» وكانت هذه كذبة مؤلمة                         .
لم نكن نحارب كجيش، وإنما تحولنا بعد دخول فلسطين إلى جماعات متفرقة على مراكز واسعة الانتشار، وكانت النتيجة ان العدو نجح في تثبيتنا فيها، واحتكر لنفسه حق الحركة وحشد القوات والهجوم علينا من حيث يريد                               .
وكنت أسال نفسي وألح في سؤالها                                    :
ـ لماذا فعل قائدنا ذلك ... لماذا شتت قواته وبعثرها بهذه الطريقة                 .
ـ لماذا سمح لنفسه ان يندفع في خط طويل مكشوف من كل ناحية أمام العدو..                   
  
أنا قلت أني لا أستطيع بأي حال أن أعمل الحركة العربية الواحدة … إذا أنا حاولت أعمل الحركة العربية الواحدة ، معنى هذا أن هذه الحركة ستولد ميتة … لازم تكون الحركة العربية الواحدة نتيجة العمل النضالي والكفاح في كل بلد عربي ، بعد كده بنلتقي ، بنلتقي على أهداف ومبادئ ، واحنا قلنا أن الوحدة السياسية أو وحدة العمل السياسي بتقرب الخطوات من أجل الوحدة ، ولكن ليست مسؤوليتنا ،
مش مسؤوليتي أبداً أن أروح في كل بلد أو أحاول في كل بلد أن أنظم الحركة العربية الواحدة اللي تجمع كل العناصر القومية الثورية النظيفة ، الاستعمار يحاول دائماً أن يخلق التفرقة ويقسم أصحاب المبادئ في حركات قد تتصارع على الزعامات وقد تتصارع على القيادات وتنسى المبادئ والأهداف والمثل ، ويرتكـز التفكير في التنظيم السياسي أو الحزبي إلى آخر الأمور اللي أحنا عارفينها كلنا ، إذن الحركة العربية الواحدة مش مسؤوليتي أنا ، ولكن مسؤولية القوميين الثوريين اللي فعلاً ينكروا ذاتهم ، وينكـروا أشخاصهم ..

ارجع بأه
وفك حبل المشنقة
وامسح همومنا باللقا
ياقدرنا تحت التراب
يا حلمنا فوق السحاب
يا عمرنا طال العذاب
فى الإنتظار
رجعوا التتار
لكننا أشواك  بتتحدى العطش
وجنود بتتحدى الفرار
نسقط ساعات
لكننا نفضل كبار
نفتح عيون للانبهار
متشوقة
فارجع بأه
وفك حبل المشنقة
وارفع راياتك يا أبى
قريش بتسأل عن نبى
يهديها من بعد العمى
خالد قتل مسيلمة
لكن جنوده الكدابين
عينهم فى طابا
يتحدوا فـرسان الخطابة
ويلجموهم بالسكوت
فى عصر بيروت الحزين
خالد قتل مسيلمة
لكن جنوده الكدابين
بيفتتوا دلتاك بصبر
وبيحفـرولى فى سينا  قـبـر
وبيـركـبـوا نيلى العـنيـد
وبيخنقونى فى الصعـيد
بكلام نكت وبتريقه
فارجع بأه ...
دا الهزل زاد
والباشا إيده على الزناد
وصدقي بيصلي لفؤاد
وبيحلفوا نرجع عبيد
نتباع فى أسواق الكساد
الهزل زاد
والباشا إيده على الزناد
والسد جوه الفوهة
لو ينسفه تغرق بلادك كلها
وتعود سنين الأوبئة
تسكن ضلوعنا الضيقة
فأرجع بأه  ...
الشمس سكنت كل غرب
حلفت ما ترجع للشروق
من أي شرق
إن لم تكن فى الأنتظار
إنت وسيفك - والتتار تحت القدم
فأقضى بصوتك على العدم
إعدل موازين الزمان
رتب نجومنا فى الفضا
وأكسى وجوهنا بالرضا
بعد الشقى
دى الأمة لسه محتاجاك
والأرض لسه مهـيـأة
فأرجع بأه ..

مـدخـــــل  :
تونس موطن دول عربية إسلامية ذات شأن في تاريخنا الحضاري . كدولة الأغالبة والموحدين . وفيها لمعت (النجوم الزاهرة) في ثقافتنا التليدة ، وخاصة من حول جامع وجامعة القيروان ، وجامع وجامعة الزيتونة، جنباً إلى جنب مع جامع وجامعة القرويين في مدينة (فاس) بالمغرب ، وجامع وجامعة الأزهر بالقاهرة في مصر، ومثل ذلك من جوامع وجامعات الأندلس في قرطبة واشبيلية وغرناطة ، والجامع الأموي في دمشق ، وجوامع العراق من الكوفة إلى النجف الأشرف          .
ولا شك أن عروبة تونس بديهية واضحة لا تقتضي حجّة، ولا تتطلب برهاناً، بعد أن ظلّت لفترة طويلة مستهدفة للطمس والتشويه من قبل المستعمرين ، وموضع تشكيك وتزييف من طرف رموز ومؤدلجي المرحلة البورقيبية بعد الاستقلال . لكنّ التذكير بالجذور يستوجبه تأكيد تلك الهويّة وليس التدليل على وجودها ، وهو كذلك إطلالة على المستقبل أكثر منه عودة لقراءة التاريخ             .
وربّما كان من المناسب هُنا التفريق بين العروبة من حيث هي رابطة حضارية بين أبناء الأمة على امتداد ساحات الوطن الكبير، مع التشديد على مضمونها الحضاري والثقافي، الذي يستبعد كليا وجذريا أي مفهوم عرقي للعروبة ، ويتّسع لكل أبناء هذه الأخيرة بمن فيهم الأقليات الاثنية، وبين العروبة كمفهوم سياسي وايديولوجي يعني حركة القومية العربية                     .
وفي الحالتين يمكن القول أن تونس عربية بامتياز . وأنّها من الأقطار العربيّة التي كان لها دور تاريخي بارز في تكوّن العروبة الثقافية الأصلية كهوية للوطن العربي ككل كما أن تاريخها لا يخلو من دور مهمّ في تشكيل ملامح العروبة السياسية بمضامينها التحررية المناهضة للاستعمار والامبريالية والصهيونية، والوحدوية الطامحة لتحقيق الوحدة القومية                   .
على ذلك كانت تونس مركز العروبة في منطقة المغرب ، وكان إسهامها أساساً في تعريب تلك المنطقة . كما كان إشعاعها الثقافي من أهم ما ازدانت به الثقافة العربية الإسلامية في مغرب الوطن ومشرقه معا ً. أمّا إرهاصات الريادة التونسية في المجال القومي العربي ، فتعود إلى مرحلة الاستعمار التركي ، حيث حملت العروبة التحركات الثورية ضدّه . ثم إلى مرحلة الاستعمار الغربي التي كانت العروبة، بمختلف أبعادها التاريخية والاجتماعية والثقافية  ، محرّك النضال الوطني ومفجّر الثورات التحررية التي أنهت تلك المرحلة وحققت الاستقلال           .
والعودة إلى التاريخ تؤكد لنا ان انتشار الإسلام كان شاملا وأسرع في بلدان المغرب العربي ، وقد سبق التعريب زمنيا وخاصة في نطاق شموله . ولذلك فأهل تونس تأسلموا ثم تعربوا.
فالإسلام الذي انطلق من مدينة القيراون لفتح بقية المناطق المغاربية وأسبانيا ، أعطى لأهل المغرب رسالة ، نشروها بين البدو في المناطق الصحراوية وعلى الطرق التجارية عبر الصحراء.
ولما كانت لغة الإسلام هي العربية، وهي لم تكن لغة رسمية فقط في الإدارة والدولة ،  بل كانت لغة مقدسة، فكما يقول علماء الدين : ما لا يتم الفرض إلاّ به يصبح فرضا .    
ومن هذا المنطلق ، وبسبب انتشار اللغة العربية كأداة للتخاطب أصبح التعريب شاملاً، أي أنه تحوّل إلى رابطة لغوية وثقافية .
وهكذا فالتعريب ارتبط بصورة وثيقة بالإسلام في تونس وباقي البلدان المغاربية . ولم تقع البتة حركة ثقافية أو اجتماعية مناهضة للتعريب أو للإسلام بعد انتشاره .
ومن الواضح ، بعد هذا، ان التعريب كانت قاعدته الأساسية انتشار اللغة العربية، والثقافة العربية الإسلامية. من هُنا أهمية الدور الذي لعبته تونس في عملية التعريب، وفي الحفاظ على الهوية العربيّة الإسلامية لكل منطقة المغرب العربي.
مع انتشار اللغة العربية بين القبائل البربرية، توسعت دائرة القبائل المستعربة، فاخترقت بذلك الفكرة الإسلامية التي تربط العروبة باللغة إطار النظرة القبلية.
لقد أنزلت العروبة ضربة قاصمة بالمفاهيم القبلية ، ومع توسع المدنية ، وتغلغل الإسلام بقوّة، وانتشار اللغة العربية، تضاءل التمييز بين العرب والمستعربين.
حاولت بعض الدراسات التاريخية التي عالجت مسألة فتح بلدان المغرب افتعال التعارض بين العروبة والإسلام في هذه المنطقة خدمة لأغراض سياسية أو تأثراً بمدرسة الاستشراق الغربي . وقد أغفل أصحاب تلك الدراسات أنّ  " الفاتحين الأولين في فترة الخلفاء الراشدين هم من العرب، وهذا ربط الرسالة الإسلامية ابتداء بالعرب ، وعزّز الاقتران بين الإسلام والعروبة " ، كما جعل الإسلام العربيّة أساس النسبة للعرب. وعبْر الإسلام أدّت اللغة العربية دوراً هامّاً في صياغة الهويّة العربية ومضامينها الثقافية والحضارية.  

 والحقيقة أنّه بالإضافة إلى عروبة الإسلام المتأكدة بعروبة الداعي ولغة الدعوة، وعناية القرآن البارزة بمشكلات الإنسان العربي وقت نزوله ، فإنّ الوافدين من الجزيرة العربيّة، ومنذ بداية الفتح المنظّم، اجتهدوا في تعريب الشمال الإفريقي وبخاصة المغرب الأدنى، أي تونس التي اتّخذوها مركزاً لتثبيت سلطانهم ومواصلة فتوحاتهم.
وإذا كان عدم تلازم التعريب والأسلمة في جميع مناطق المغرب هو الذي أملى بعض الآراء التي اتّسمت بايلاء أهميّة للعامل الإسلامي على حساب العامل القومي ، فإ
ن تونس ، مجال بحثنا، تقدم نموذجاً فريداً في أقطار الوطن
العربي عن تطابق العروبة والإسلام. وتعدّ الهجرات العربيّة أحد العوامل في انجاز عمليّة تعريب المغرب وإعطائه هويّته العربيّة بعد مرحلة      (( الرّوْمنة )) التي استمرّت عدّة قرون. ولئن كان أغلب المهاجرين في مطلع الفتوحات من الجند ، فإنّ انتهاء الأعمال العسكرية وتثبيت الأمن حفّز الكثير من العلماء والتجار والصنّاع على الهجرة والاستقرار.
واستقر أغلب المهاجرين، لأسباب جغرافية وعسكرية، في تونس وبعض مناطق الحدود الشرقية من الجزائر، ومن أجل تدعيم وجودهم السياسي وتثبيت حالة الأمن، وبالنظر إلى كونهم أقليّة يستعصي بقاؤها عن طريق القوة العسكرية، فقد باشروا العمل على استيعاب البربر ثقافياً وحضارياً عن طريق الاختلاط والتزاوج ونشر اللغة العربيّة وتعاليم الإسلام .  
أما أثر الهلاليين في تعريب بلاد المغرب وتعميق عروبة أهله فأمر يتّفق عليه الجميع.
ففي حين انحصرت حلقات التعريب والتعرّب في السهول والمدن، خلال الهجرات الأولى، تجاوزت ، في المرحلة الثانية، المناطق التقليدية لاستقرار العرب المهاجرين لتنتشر في جميع المناطق حتى الجبليّة .
إنّ التغـيّـر الكبير الذي حدث في ت
ـركـيبة البنية السكانـية لتونس ، بسبب الزحف الهلالي "يعتبر الأرضية الأساسية التي قامت عليها عملية تعميق عروبة البادية "  وما بقي من جزر كانت معزولة عما يجري من تحوّلات تاريخيّة حدّدت مجرى التطوّر اللاحق لتونس ، ذلك أن "زحفة بني هلال، بلا منازع، أهم حدث عرفته بلاد المغرب أثناء القرون الوسطى ، فهي التي أثرت أكثر من الفتح الإسلامي تأثيراً طبع المغرب بطابع لم تمحه القرون " ، فقد اختلط العرب بالبربر وبثوا فيهم حيويّة عربيّة شملت جميع مناحي الحياة، ممّا ساعد على انصهار المجموعتين في بوتقة ثقافية وحضارية واحدة، حتى "صارت قبيلة هوارة البربرية في عداد الناجعة من عرب بني سليم في اللغة والزي، وسكنى الخيام ، وركوب الخيل ، وكسب الإبل ، وممارسة الحروب ، وإيلاف الرحلتين في الشتاء والصيف في تلولهم ، وقد نسوا رطانة البربر . واستبدلوا منها بفصاحة العرب ، فلا يكاد يفرق بينهم " .. 
أما الموجة الثالثة من الهجرات العربية والمتمثلة في قدوم عرب الأندلس ، فيما بين القرنين الرابع عشر والسابع عشر، والذين انتقلوا بعلومهم وفنونهم وأذواقهم الرفيعة ، إلى تونس وبلاد المغرب عامّة .  
فقد ساهموا في تأكيد هويّتها العربيّة ، وقاموا بدور كبير في إبراز الطابع العربي للذوق العام . وما أن دعّم العرب سلطتهم وشاع الأمن في مطلع القرن الثامن الميلادي، حتى أصبحت المدن التي شيدوها لأغراض عسكرية في البداية تلك المدن موطناً للعلماء والصنّاع المهرة، ومزاراً لقوافل التجار وطلاب المعرفة، ومراكز للإشعاع الحضاري والثقافي والديني .
فالقيروان التي أسسها عقبة بن نافع سنة /670/ م، ورأى، يوم تأسيسها، أن يتّخذها العرب مدينة يجعلونها معسكراً. وتكون عزّاً للإسلام إلى آخر الدهر، سرعان ما تجاوزت وظيفتها العسكرية، وتسارعت فيها حركة بناء الدور والمساكن والمساجد، و" شدّ الناس إليها المطايا من كل أفق وعظم قدرها"(6). فإضافة إلى مراكز الحكم والإدارة بنى الولاة العديد من المنشآت الاجتماعية والتربويّة. كما ازدهرت بها الصناعات والحرف وعرفت الحياة الثقافية من التطوّر والازدهار ما جعل القيروان تضاهي المراكز القديمة للثقافة العربيّة الإسلامية في المشرق، و "تعدى إشعاعها الثقافي افريقيّة ليصل إلى المغرب الأقصى والأندلس وصقليّة، مما جعل الوفود ترحل إليها من هذه الأماكن النائية طلباً للمعرفة " ( 7 ) 
                     .
وفي سنة /710/ م، أصبحت مدينة تونس قاعدة بحرية عزّزها حسان بن النعمان بدار لصناعة السفن جلب إليها الصناع والعمال من مصر، وتوسّع في تعمير المدينة فشيّد المنازل والمسجد الجامع ودار الإمارة وثكنات الجيش..
وعرفت بقيّة مدن تونس كصفاقس وسوسة وغيرهما نفس التطوّر الديموغرافي والتوسّع العمراني.
إنّ الحياة الحضريّة، داخل هذه المدن، تتطلب بالضرورة لغة موحدة. ومن الصعب أن يتفاهم متساكنوها من عرب وبربر وغيرهم بغير اللغة العربيّة الفصحى(8) ، كما أن المشاركة في الحياة العامّة والنشاط الاجتماعي اليومي يستوجبان في الحدّ الأدنى الإلمام بالعربيّة .
وإذا كانت الهجرات قد أحدثت فعلها في مدارات واسعة من السكان، وحققت الانتشار السريع للتعريب اللغوي، فإنّ تأثير المدن اتّسم بغوصه في الأعماق، أي عالم المشاعر والإدراك والمعرفة. إذ شكلت تلك المدن فعلاً " قوى فاعلة في عملية التعريب البشري عن طريق التزاوج وظهور جيل جديد من المولدين، والتعريب الاجتماعي ـ الحضاري عن طريق ظاهرة الولاء والاختلاط، وكذلك التعريب اللغوي بواسطة نشر اللغة العربيّة والكتابة"(9). ومع الزمن تضاءلت الفروقات بين مراكز الثقافة العربية الإسلامية في تونس ومثيلاتها في المشرق فالأصل واحد، والتواصل الدائم جعلها تعيش حالة ثقافية متشابهة إن لم تكن واحدة.
الهوامش:
1.
عبد العزيز الدوري، الوحدة العربية منذ ظهور الإسلام، مجلّة الفكر التقدمي، ع 10/1989
2.
انظر محمد أحمد خلف الله، عروبة الإسلام، مجلّة المستقبل العربي، ع 2/1978
3.
محمد حسن، الأصول التاريخية للتعريب في المغرب العربي، مجلّة المستقبل العربي، ع 72/1985
4.
شارل اندري جوليان، تاريخ إفريقيا الشمالية، تعريب مزالي بن سلامة، الدار التونسية
للنشر1983، ج 2، ص 97
5.
ابن خلدون، كتاب العبر، دار الكتاب اللبناني 1983، ج 11، ص288
6.
ابن عذاري المراكشي، البيان المغرب، بيروت 1948، ج 1، ص21
7.
محمد حسن، مرجع سابق، ص 69
8. W. MARCAIS , Comment L΄Afrique du Norol a été arabisée?
(
مجلّة معهد الدراسات الشرقية، الجزائر 1938، R.E.O )
9.
محمد حسن، مرجع سابق، ص71

تمهـيـد :

يتصل حديث الآحاد بتقسيم السنة من حيث إفراد الراوي ومشاركة غيره (عدد الرواه ) حيث تقسم إلى  :  
أولا : الأحاديث المتواترة : وهى التي رواها جماعة عن جماعة مثلهم يستحيل في كل طبقة تواطئهم على الكذب على الرسول " صلى الله عليه وسلم ".  
ثانيا : أحاديث الآحـــاد : وهى ما رواه عن الرسول "صلى الله عليه وسلم " عدد لا يبلغ حد التواتر .
حجية أحاديث الآحاد عند علماء أهل السنة     :
أولا : إجماع  أهل السنة على إثبات حجية أحاديث الآحاد : اجمع علماء أهل السنة  على أثبات حجية أحاديث الآحاد ، والمراد بحجيتها كونها ملزمه ، يقول ابن بطال ( انعقد الإجماع على القول بالعمل بأخبار الآحاد )( فتح الباري: 13/321)، ويقول الخطيب البغدادي ( وعلى العمل بخبر الواحد كافة التابعـين ومن بعدهم من الفقهاء في سائر أمصار المسلمين إلى وقتنا هذا، ولم يبلغـنا عن أحد منهم إنكار لذلك ولا اعتراض عليه ، فثبت أن من دين جميعهم وجوبه ، إذ لو كان فيهم من كان لا يرى العمل به لنقل إلينا الخبر عنه بمذهبه فيه ) (الكفاية :  ص 72.) ، ويقول الحافظ ابن حجر ( المراد بالإجازة : جواز العمل به والقول بأنه حجة ، وقصد بالترجمة الرد على من
يقول : إن خبر الواحد لا يحتج  به إلاَّ إذا رواه أكثر من شخص واحد يصير كالشهادة ويلزم منه الرد على من شرط أربعة أو أكثر) ( فتح الباري 13/233  .. )  :
ثانيا : مذهبي أهل السنة في  مدى إيجاب الآحاد العلم والعمل : غير أن علماء أهل السنة بعد إجماعهم على إثبات حجية أحاديث الآحاد ، افترقوا حول مدى إيجابها  العلم و العمل إلى مذهبين                 :
المذهب الأول :  إيجاب العلم والعمل : المذهب الأول  لعلماء أهل السنة يرى أن أحاديث الآحاد توجب  العلم والعمل معا ، اى أنها ملزمه في العقائد والأحكام : يقول ابن حزم ( قال أبو سليمان ، والحسين بن علي الكرابيسي ، والحارث بن أسد المحاسبي وغيرهم : إن خبر الواحد العدل عن مثله إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يوجب العلم والعمل معاً وبهذا نقول ) ، ويقول ابن عبد البر ( وكلهم يرون خبر الواحد العدل في الاعتقادات ، ويعادي ويوالي عليها ، ويجعلها شرعاً وحكماً وديناً في معتقده ، على ذلك جماعة أهل السنة ولهم في الأحكام ما ذكرناه ) ( التمهيد : 1 / 34 ) ، ويقول ابن دحية ( وعلى قبول خبر الواحد الصحابة والتابعون وفقهاء المسلمين وجماعة أهل السنة ، يؤمنون بخبر الواحد ويدينون به في الاعتقاد ) ( الابتهاج في أحاديث المنهاج :  ص 78.. ) .
 المذهب الثاني : إيجاب العمل دون العلم :  أما المذهب الثاني لعلماء أهل السنة فيرى أن أحاديث الآحاد أنها توجب العمل دون العلم ، اى أنها ملزمه في الإحكام دون العقائد : يقول أبو منصور عبد القادر البغدادي (وأخبار الآحاد متى صح إسنادها وكانت متونها غير مستحيلة في العقل ، كانت موجبة العمل بها دون العلم ) (أصول الدين : ص12 ) ، ويقول ابن عبد البر  ( اختلف أصحابنا وغيرهم في خبر الواحد هل يوجب العلم والعمل جميعا أم يوجب العمل دون العلم ؟ والذي عليه أكثر أهل العلم منهم أنه يوجب العمل دون العلم ، وهو قول الشافعي وجمهور أهل الفقه والنظر ، ولا يوجب العلم عندهم إلا ما شهد به على الله وقطع العذر بمجيئه قطعا ولا خلاف فيه ، وقال قوم كثير من أهل الأثر وبعض أهل النظر : إنه يوجب العلم الظاهر والعمل جميعا ، منهم الحسين الكرابيسي وغيره ، وذكر ابن خويز منداد أن هذا القول يخرج على مذهب مالك . قال أبو عمر : الذي نقول به إنه يوجب العمل دون العلم كشهادة الشاهدين والأربعة سواء ، وعلى ذلك أكثر أهل الفقه والأثر  )   ( التمهـيـد : 1 / 7) ، ويقول البيهقي ( ولهذا الوجه من الاحتمال ترك أهل النظر من أصحابنا الاحتجاج بأخبار الآحاد في صفات الله تعالى إذا لم يكن لما انفرد منها أصل في الكتاب أو الإجماع ، واشتغلوا بتأويله ) ( الأسماء والصفات : ص357 ) ، ويقول الإمام النووي ويقول الباجي ( وأما خبر الآحاد فما قصر عن التواتر وذلك لا يقع به العلم وإنما يغلب على ظن السامع له صحته لثقة المخبر به لأن المخبر وإن كان ثقة يجوز عليه الغلط والسهو كالشاهد وقال محمد بن خويز منداد : يقع العلم بخبر الواحد والأول عليه جميع الفقهاء  ( ( الإشارة : 234 )  ، ويقول إمام الحرمين ( والآحاد وهو مقابل المتواتر ، وهو الذي يوجب العمل ولا  يوجب العلم ، لاحتمال الخطأ فيه ) ( الورقات:184 )             .
نفى إيجاب العلم ليس مطلق ( الآحاد يفيد العلم بالقرائن) :  لكن هذا المذهب لا ينفى إيجاب أحاديث الآحاد للعلم مطلقا ، بل ينفى أنها توجب العلم بدون قرائن، ويرى أنها تفيد العلم لكن بقرائن ، ممثلة في ما وافقها من القران والأحاديث المتواترة ، يقول ابن فورك في شرح النخبة ( .. وقد يقع في أخبار الآحاد العلم النظري ولكن بالقرائن ) ، ويقول المناوى  ( ذهب الإمامان والغـزالي والآمدى وابن الحاجب والبيضاوى إلى أن خبر الواحد لا يفيد العلم إلا بقرينة خلافاً لمن أبى ذلك وهم الجمهور ؛ فقالوا: لا يفيد( العلم  مطلقًا) . وقال التاج السبكى في شرح المختصر: وهو الحق )    ( اليواقيت للمناوى شرح شرح النخبة :  " 1 / 176 ـ  179  "  ) .
ثالثا : مذهبي أهل السنة في قطعية أو ظنيه ورود الآحاد : كما افترق علماء أهل السنة حول قطعيه أو ظنيه ورود أحاديث الآحاد إلى مذهبين :
 الآحاد قطعيه الورود :  المذهب الأول يرى أن أحاديث الآحاد قطعيه الورود، يقول المناوى (… فإن الناس اختلفوا أن الأمة إذا عملت بحديث وأجمعوا على العمل به ، هل يفيد القطع أو الظن ؟ ومذهب أهل السنة أنه يفيد الظن ما لم يتواتر ) ( اليواقيت والدرر: 1 / 187 ـ 188 )                             .
الآحاد ظنيه الورود : أما المذهب الثاني فيرى أن أحاديث الآحاد ظنيه الورود : يقول الإمام النووي( وأما خبر الواحد فهو ما لم يوجد فيه شروط المتواتر سواء كان الراوي له واحدا أو أكثر واختلف في حكمه ، والذي عليه جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول ، أن خبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع يلزم العمل بها ويفيد الظن ولا يفيد العلم … ) (شرح صحيح مسلم : ج1ص131 ) ، ويقول الإمام الكراماستى ( وخبر الواحد لا يوجب علم اليقين ولا الطمأنينة بل يوجب الظن ) ( الوجيز في أصول الفقه : 52 ـ المرصد السادس في السنة ) ، ويقول الإمام الرازى ( إن خبر الواحد إما أن يكون مشتملاً على مسائل الأصول وهذا باطل ، لأن تلك المطالب يجب أن تكون يقينية وخبر الواحد لا يفيد إلا الظن )( المعالم في أصول الفقه : 47 ـ الباب الثامن في الأخبار: المسألة الرابعة ) ، ويقول الذهبي  ( وفى ذلك حض على تكثير طرق الحديث لكي يرتقى عن درجة الظن إلى درجة العلم ، إذ الواحد يجوز عليه النسيان والوهم )( تذكرة الحفاظ : 1 / 6 ـ ت : 2 عمر بن الخطاب ) ، ويقول النووى (… وخالفه المحققون والأكثرون فقالوا : يفيد الظن ما لم يتواتر   ) ( التقريب : (11 ـ 18) ، ويقول الشوكانى ( إن الإجماع إذا حصل له من الصفات ما ليس للآحاد، فلم يجز أن يجعل حكم الآحاد كحكم الاجتماع، فإن كل واحد من المخبرين يجوز عليه الغلط والكذب فإذا انتهى المخبرون إلى حد التواتر امتنع عليهم الكذب والغلط )  ( منهاج الاعتدال : 4 / 237 قديم ـ  8 /357 حديث ) .غير أن هذا المذهب لا يرتب على القول بان أحاديث الآحاد ظنيه الورود نفى حجيتها بل اعتبار أنها ادني في درجه الحجية من الأحاديث المتواترة لأنها قطعيه الورود.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق