بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 12 يناير 2015

الوجود القومي بين الوحدة والتفتيت ..


الوجود القومي بين الوحدة والتفتيت ..


ان المتتبع لمسيرة الشعوب في جميع انحاء المعمورة ، يلاحظ  نشأة الأمم وبروز هويتها القومية منذ قرون ، بعد فترات طويلة من الصراع الدموي والمعاناة التي وقع تتويجها بالاستقرار والتعايش ، والتعاون بين تلك الجماعات المختلفة في اطار المجتمع القومي الواحد ..

والواقع فان الوصول إلى تلك المرحلة المتقدمة من حياة الشعوب  لم يكن ليحدث عبثا أو صدفة ، ولم يكن ليتكرر بنفس الطريقة في جميع أنحاء العالم ، لولا تأثير السنن  والقوانين الحتمية التي جعـلت تلك المسيـرة تـرتـقي من البنى الاجتماعية البسيـطة ، والغير مستقـرة ، متمثلة في الأسر والعشائر والقبائل ، الى البنى الأكثر تعقيدا ، وهي الأمم المتميّـزة عن سابقاتها بعاملي الاستقرار والاختصاص بالأرض ..
وبمثل هذا تكوّن الوجود القومي العربي واكتمل ، فصار حقيقة ماثلة وملموسة ، لا ينكره الا جاهل أو جاحد .. وبذلك كانت التجزئة الناتجة عن معاهدة سايكس ـ بيكو تمثل عدوانا صارخا على الوجود العربي بأكمله لا بد ان يردّ ، فكان مطلب الوحدة والسعي لتحقيقها عملا ثوريا يهدف الى إعادة  الوضع الطبيعي لأمة جزأها أعداؤها ، وزرعوا فيها كيانا غاصبا يفصل شرقها عن غربها ... كما نصّبوا على أجزائها حكاما عملاء يحرسون التجزئة ، ويستأثرون بخيراتها وثرواتها تاركين الأغلبية العظمى من شعوبها تحت الحد الأدنى  من متطلبات العيش الكريم ..
ولما نهضت الشعوب للاسترداد حقوقها ، وثارت على تلك الحكومات المستبدة  ، تقدمت القوى الرجعـية لخلط الأوراق والانحراف بتلك الثورات عن مضامينها التحرّرية ، جاعلة منها  فوضى عارمة في كل مكان ، تنذر بالمزيد من الانقسام والتفتيت .. وهو ما يجعل كل محاولة  للرجوع من جديد بالوجود القومي الى الوراء ، من خلال محاولات التفتيت بأي طريقة كانت ، ولأي غرض ، هو عدوان على الوجود القومي لا بد ان يرد أيضا ، بمواجهة النزعات الطائفية والعـرقية والقبلية على غرار ما يحدث اليوم في العديد من الاقطار العربية ، تارة باسم الثورة ، وتارة أخرى باسم الاسلام ، بينما الحقيقة غير ذلك في واقع الأمر ..

 ( نشرية القدس العدد  158 ) .  




 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق