بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 27 أبريل 2015

الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (10) .


              الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (10) . 

حينما اصطدمت القوى الاستعمارية بالمقاومة في الوطن العربي ، اتجهت إلى أسلوب الاحتواء ، وهو ما أدّى في النهاية إلى قيام الأنظمة الرجعية الحالية التي سارت بدورها على ذلك النهج ، متبعة نفس الأسلوب مع القوى والأحزاب الموجودة في كل قطر .. ولما كانت حركة الإخوان المسلمين من بين الحركات التي ظهرت مبكرا على الساحة ( سنة 1928 في مصر ، و 1945 في سوريا والاردن ، و1949 في السودان .. ) ، وبتلك الطبيعة الإصلاحية التي عرفت بها ، فإنها كانت الأقرب للاحتواء والتحالف مع الأنظمة الرجعـية ذات الطبيعة المناقضة تماما للمشروع القومي الذي يهدّد وجودها ومصالحها .. غير أن أول محاولة لاحتواء الاخوان على الساحة جاءت على يد الانقليز في تلك الحادثة التي ذكرها مأسس الجماعة نفسه في مذكرات الدعوة والداعية حينما تبرّعت لهم شركة قناة السويس  بملغ 500 جنيه لبناء مسجد ومدرسة دعوية ومقر للاخوان في الاسماعلية .. وهي أول بذرة نفعية ظهرت في تفكير الجماعات الاسلامية الذين ساروا من بعد قائدهم على هذا النهج لبناء امبراطورية مالية لا يُعرف لها حدود ، سرعان ما تحوّلت الى استثمارات ضخمة ومبادلات تجارية وصفقات ومؤسّسات مصرفية وبنكية في شتى أنحاء العالم .. من الوطن العربي الى اوروبا  ووسط افريقيا وأمريكا اللاتنية ..

في البداية كان موسم الهجرة الى السعودية ـ كما يقول الكاتب حسام تمام في كتابه " تسلف الاخوان " ـ سببا في تعزيز مواقعهم داخل المملكة في مرحلة أولى ، ثم داخل مصر بعد العودة في مرحلة ثانية ، حيث تمدّد وجودهم في معظم الجامعات السعودية ، وامتدّت مشاركتهم " الى الانشطة الاقتصادية التي استوعبت عددا منهم .. أبرزهم عبد العظيم لقمة ومصطفى مؤمن وغيرهم من الاخوان الذين أسسوا عددا من الشركات العامة في قطاع البناء والتشييد ، بحكم التوسّع العمراني الذي ساعدت عليه الطفرة البيترولية والارتفاع الهائل في أسعار النفط بعد حرب اكتوبر .. كذلك استوعبت أنشطة المصارف والبنوك الاسلامية قطاعا كبيرا من كوادر الاخوان في مجال المحاسبة والتجارة  .. "
ويذكر الكاتب بعض الشخصيات الأخرى التي التحقت بالمملكة مشيرا الى أن السعودية " فتحت أبوابها لاعضاء الجماعة الهاربين ومنحت جنسيتها لعدد كبير من رموزها وقادتها .."  مؤكدا أن المذكورعبد العظيم لقمة " بدأ نشاطا اقتصاديا كبيرا في المملكة حتى صار واحدا من كبار أثرياء الاخوان في العالم .."
كما نجد اشارة لهذا الرجل في تقرير بموسوعة المعرفة ، كواحد من رجال الاخوان المتنفذين في الدولة وفي مجال المال والاعمال ، فهو " صاحب مطعم جروبي بالقاهرة . ورئيس مجلس إدارة شركة المستقبل لصناعة الأنابيب وصاحب شركة مصر لمواسير الصرف الصحي صديق جمال مبارك وعمر طنطاوي " ...
ثم تشير الموسوعة الى ان " أحمد عبد العظيم لقمة المالك والممثل القانونى لـ"الشركة العربية لمنتجات الفايبر"، أحد الشركات المتعاملة مع وزارة الإسكان ، كانت لديه عدد من المشروعات المشتركة مع الجهاز التابع للوزارة في الفترة الماضية ، إلا أن الأخيرة اكتشفت  أن المواسير الخاصة بشركته ، بها عيوب فنية وتنفجر بعد مرور 10 سنوات فقط من استخدامها بالمخالفة لبنود التعاقد والمواسير الخرسانية الأخرى، مما أدى إلى إلغاء التعاقد معه .. " وهو الملف الذي تحدثت عنه روزا اليوسف بتاريخ 29 اوت 2015 تقول بان " الدولة  لم تحاسب حتى هذه اللحظة محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان الأسبق فى عصر مبارك وشريكه الإخوانى أحمد عبد العظيم لقمة عن إهدارهما أكثر من 5 مليارات  جنيه  على الدولة فى خط مياه الشرب الواصل ما بين ( طرة ) و( القاهرة الجديدة ) والذى تقوم القوات المسلحة حالياً بإحلاله وتجديده  خصماً من خزانة الدولة للمرة الثانية  .. " .
والواقع ان  قوة الجماعة  ـ كما يقول تقرير موقع الموجز الالكتروني ـ تتمثل في كونها " ليست مجرد مجموعة أفراد وإنما هي تنظيم كامل تتفرع عنه تنظيمات وقيادات مهمتها توفير الأموال لتحقيق أهدافها مهما كان الثمن " ..
وفي هذا الصدد يعرض التقرير فكرة وافية عن مصادر التمويل سواء داخل مصر أو خارجها وتأتي في المقدمة  منها التبرعات التي يقدمها رجال الأعمال بنسب متفاوتة تصل الى 10%  من ارباح الشركات التابعة لرجال الأعمال المنتمين للاخوان مثل : ابراهيم كامل صاحب بنك دار المال الاسلامي وصفوان ثابت عن مجموعة شركات جهينة ، والراحل عبد المنعم سعودي صاحب توكيل السيارات ، ومدحت الحداد رئيس مجلس إدارة الشركة العربية للتعمير ومدير عام الشركة العربية للاستيراد والتصدير، وممدوح الحسيني صاحب شركات الاستثمار العقاري، وأحمد شوشة الشريك المتضامن في شركة المدائن للإنشاءات والتصميمات وعضو مجلس إدارة شركة الملتقي والتي من خلالها تم تنفيذ العديد من المشروعات الصناعية والمستشفيات والأبنية التعليمية والإدارية والخيرية والمساجد والأبراج السكنية وهو عضو مؤسس وعضو مجلس إدارة شركة الملتقي العربي وعضو مؤسس في شركة الطباعة والنشر ... كما يذكر التقرير حسن مالك وخيرة الشاطر باعتبارهما أهم رجال الاعمال نظرا لاتساع معاملتهما سواء داخل مصر أو في العديد من دول العالم .. " فهناك شركة فيرجيينا للسياحة التي أسسها حسن مالك ، وشاركه فيها مصطفي ندا شقيق الاخواني المعروف يوسف ندا صاحب بنك التقوى ، ثم تنازل له عنها .. وتملك هذه الشركة قرية سياحية تسمّي « الياسمين » في طريق مرسي مطروح، وهناك الشركة المصرية للتجارة والتوريد « رواج » التي تملك توكيل مفروشات وأثاث " الاستقبال" التركي ، ويملكها حسن مالك أيضا ، إضافة إلي توكيل "سرار" للملابس التركية الجاهزة ، وتوكيل ماركة الملابس الكاجوال الشهيرة باسم "داليدرس"، إضافة إلي شركة «حياة» للأدوية ويشترك في ملكيتها خيرت الشاطر وشركاء آخرين .. ويشترك  الشاطر أيضاً في شركة «إم سي آر» للمقاولات وهي تعمل في قطر وجيبوتي .. كما يمتلك أيضاً أسهما في شركة "المدائن " للإنشاءات .. الخ .. وكل هذه الشركات في الواقع لا تمثل ـ كما تقول التقارير ـ الا جزءا يسيرا جدا من امبراطورية الاخوان المالية التي تضخ نسبا عالية من ارباحها  في خزينة التنظيم ، والتي وقع ضبط قائمة طويلة منها ومن ممتلكات الاخوان بشكل عام  بعد ثورة 30 يونيو ليطبق عليها أمر الرقابة والحضر بعد تصنيف الاخوان تنظيما ارهابيا بسبب الأحداث الدامية التي شهدتها مصر، والعمليات الارهابية التي استهدفت الأمن والجيش ...
 ففي تقرير اليوم السابع ليوم 19  / ماي  / 2015 المتعلق بالحكم الصادر عن محكمة القاهرة للأمور المستعجلة والخاص بحضر أنشطة الجماعة والتحفظ على أموال قياداتها نجد أن " لجنة التحفظ على ممتلكات الإخوان برئاسة المستشار عزت خميس ، مساعد أول وزير العدل ، نجحت فى حصر ما يقرب من 95 % من إجمالى أموال قيادات الجماعة الإرهابية ، سواء العقارية أو السائلة أو المنقولة ، وكذلك الأسهم والسندات والحسابات السرية بالبنوك والشركات ، التى تقدّر بنحو 30 مليار جنيه يملكها 1200 قيادة إخوانية بعد رفع أسماء 7 منهم بعد تقدمهم بتظلمات على القرار، كما قامت اللجنة بالتحفظ على أموال 1174 جمعية ، تم رفع 41 جمعية منها ، ليصبح عددها بعد ذلك 1133 جمعية . ومن الممتلكات الإخوانية التى قرّرت اللجنة التحفظ عليها المستشفيات والمستوصفات الطبية التى تبين قيامها بتسريب أموال منها لتمويل العمليات الإرهابية التى تقع داخل مصر، حيث بلغ عدد المستشفيات المتحفظ عليها 42 مستشفى ومستوصفا طبيا ، وبالنسبة للمدارس فقد تحفظت اللجنة على 92 مدرسة تم رفع التحفظ على 7 منها ، ليصبح العدد 89 مدرسة ، والتى فيها تم عزل نحو 70 % من مجالس الإدارات القديمة التابعة للإخوان ، وتعيين بدلا منها ، إلا أن باقى المدارس مازالت الإدارات القديمة تعمل بها ، والتى تبين بعد ذلك قيامها بتسريب الأموال للعمليات الإرهابية . ورصدت التحريات الأمنية والرقابية امتلاك الجماعة 460 سيارة تم التحفظ عليها وتسليمها للدولة ، فضلًا عن التحفظ على 415 فدانا ، بينما تم التحفظ على 520 مقرا لحزب الحرية والعدالة و54 من الجماعة على رأسها مكتب الإرشاد بالمقطم "..  وهي أرقام لا تزال تخضع لمطالب التظلم والاعتراض والتحريات والبحث عن اساليب التخفي والتخارج من الشركات وغيرها من الطرق ..
كما نجد تفاصيل هامة جاءت في التقرير المنشور على المواقع الالكترونية لـ " مركز المساعدة والدراسات الإستراتيجية الأمريكية " للكاتب " دوجلاس فرح " والذي يشرح فيه بالتفصيل علاقة التنظيم العالمي للإخوان بالشركات الكبرى ونسبة مساهمته فيها ومصادر تمويل هذا التنظيم ،  يقول : " من المعروف أن تنظيم الإخوان المسلمين الدولي قد أنشأ هيكلاً موازيا في الخارج بعيدا عن الدول الأصلية التي نشأ وتوغل فيها هذا التنظيم ، مثل مصر والأردن وغيرهما ، كأساس لعمليات مصرفية وشركات ومشاريع عملاقة تقدر بمليارات الدولارات ، والتي أصبحت جزءا لا يتجزأ من قدرتها على إخفاء ونقل الأموال من وإلى جميع أنحاء العالم .." كما يضيف هذا التقرير  أن " السجلات العامة الأمريكية تظهر امتلاك شبكة الإخوان المالية للشركات القابضة والشركات التابعة ، والمصارف والمؤسسات المالية التي تمتد إلى بنما ، وليبيريا ، وجزر فرجن البريطانية ، وجزر كايمان ، وسويسرا، وقبرص ، ونيجيريا ، والبرازيل ، والأرجنتين ، وباراغواي ، ودول أخرى كثيرة .. وفي هذا الصدد يذكر دوجلاس أسماء معروفة في التنظيم العالمي للاخوان ودورها في التمويل عن طريق المشاريع الكبرى التي تديرها بكفاءة عالية في العديد من الدول بعيدا عن أنظار المراقبين  فيقول :  " وتلمع أسماء من أعضاء التنظيم الدولي للإخوان كمديري اقتصاد ، مثل " إبراهيم كامل"، وهو مؤسس بنك " دار المال الإسلامي " ، ومقره الرئيسي في ناساو بجزر البهاما ، كما أنشأ كل من يوسف ندى ، وهمت غالب " بنك التقوى" ومقره أيضا في ناساو بجزر البهاما ، وبالمثل أسس نصر الدين إدريس " بنك العقيدة الدولي" في ناساو بجزر البهاما " ..
وفيما يخص بنك التقوى مثلا نجد شرحا وافيا من الدكتور يوسف القرضاوي ورد في موقعه على الانترنات يذكر فيه عددة جوانب بعضها يتعلق بالتسمية ، وأخرى تتعلق بظروف التاسيس ، وبعضها الآخر يتعلق بفروعه وأنشطته والمكتتبين فيه .. فنجده  يعارض طريقة الاعلان عن المسؤولين والمشتركين خوفا من التضييق عليهم مخاطبا المسؤول الأول يوسف ندى قائلا له :
" كنت أود ألا تعلنوا على الناس هذه القائمة من الإسلاميين من أقطار شتى، فكأننا نزفهم إلى رجال المباحث وأمن الدولة " .. فيجيبه محدثه : "  أردنا أن نعطي جماهير الملتزمين بالإسلام : أن هذا البنك مؤيد ومشجع من كل شخص غيور على الإسلام ، عامل لخدمته " .
فيجيبه الدكتور القرضاوي : " لا شك أن هدفكم نبيل ، وأن نيتكم كانت صالحة ، ولكنها قدمت خدمة للمتربصين بالدعوة الإسلامية ، والحركة الإسلامية . ولعل الله تعالى يجزيكم بحسن نيتكم ، ويعمي أعين الكائدين للإسلام وأمته عنكم " .. 
ولعل السؤال الذي يمكن أن يخطر ببال اي انسان : لماذا يخاف القرضاوي على هؤلا الناس لو كان البنك بعيدا عن الشبهات .. الا يعني هذا أن البنك مشبوه عند اصحابه قبل غيرهم من الناس  ..؟؟
وبعد نقاش طويل حول موضوع الانظمام الى هيئة الاشراف على البنك ، واقتناع القرضاوي بالانضمام فعلا ، يعرض لنا الدكتور خسارته الكبيرة في البنك هو وافراد عائلته بعد الاعلان عن افلاسه .. !!  حيث يقول : " لقد كانت خسارتي أنا وأبنائي وبناتي كبيرة بخسارة بنك التقوى، فقد وضعنا فيه في النهاية جل مدخراتنا ، وهي مبالغ كبيرة بالنسبة لنا ، ولم يقدر لنا أن نصرف بعض الأرباح ، كما فعل بعض المودعين ، بل ما تحقق لنا من أرباح وضعناه في مضاربات البنك . ولا يسعنا إلا أن نحتسب ما أصابنا عند الله سبحانه ، وندعوه جل شأنه أن يعوّضنا عن خسارتنا ، في الدنيا والآخرة " .
هل هذا ما حصل فعلا ؟؟
قد يكون ..
غير أن هذا الأمر ليس هو المهم .. لان الشبكة العنكبوتية للمشاريع والدعم والتمويل والاستثمارات لا تنحصر في بنك أو مصرف أو مشروع هنا أوهناك .. بل تنخرط فيها دول ومنظومات استراتيجية معدة للمنطقة كاملة تدعمها جهات رسمية إقليمية و دولية على المدى القريب والبعيد ...

 وللحديث بقية .

 ( القدس عدد 173 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق