بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 27 ديسمبر 2015

الوطنية الزائفة .. (2) .

الوطنية الزائفة .. (2) .



 الساكت عن الحق شيطان أخرس ، هكذا تقول الحكمة  ، وحينما نرى السّاسة يسكتون عن النهب والسرقات والتهريب والفساد المتفشي في المجتمع ولا يحرّكون ساكنا ، نشك في ولائهم وفي وطنيتهم  .. فالوطنيون حينما يكونون في السلطة لا تنام لهم جفونا ما دام هناك مفسدون يسرحون ويمرحون بلا حسيب ولا رقيب ، ويعبثون بمصير الناس فيضيّقون عليهم رزقهم ومعيشتهم ، وهم يزدادون كل يوم نهما ووحشية بما توفره لهم الدولة من غطاء قانوني حينما لا يتردد ممثلوها في مجلس النواب ووزرائها في التضليل والتحايل على الدستور من خلال  المطالبة باعفائهم من المحاسبة عن الجرائم والسرقات التي اقترفوها بدعوى المصالحة من اجل المصلحة الوطنية .. !!
واننا لو تأملنا مجالات التهريب والتجارة الموازية وحدها لعرفنا حجم الفساد والجرم الذي يرتكبه الكثير من رجال المال والأعمال والسياسيين المنخرطين في هذه اللعبة حين يعمدون الى تبييض الاموال الفاسدة عن طريق الصفقات التجارية التي تمكنهم من استرجاع تلك الاموال في الداخل من خلال البضاعة التي يجلبونها .. اضافة الى ما تكدّسه في جيوبهم من ارباح طائلة دون خضوع للضرائب ودون ان تنتفع منهم خزينة الدولة بمليم واحد سوى ما يقدمونه عمولات ورشاوي تزيد في نهم المرتشين وتحوّل رجال الدولة الى رجال فاسدين ، ومؤسساتها الى مؤسسات فاشلة .. ولكن الاخطر من هذا كله ، هو ما ينعكس على الوضع الاقتصادي من ركود وتفاقم للبطالة ، وفوضى اقتصادية عارمة لا تؤدي في النهاية الا الى وضع يسود فيه قانون الغاب الذي تتحكم فيه العصابات ، مقابل تفشي الانحراف والجريمة ، وانخراط الشباب اليائس في الارهاب ، وافلاس المؤسسات الانتاجية في الداخل بسبب خسائرها وعجزها عن منافسة البضائع القادمة من اليابان وتايوان وسنغفورة وغيرها ، نتيجة لارتفاع التكلفة الصناعية المحلية .. وهكذا تبقى عديد الاسئلة مطروحة دائما : اين المسؤولين والاقتصاديين من رجال الدولة ، واين القانون ، واين الوعود الانتخابية واين الوطنية ..؟؟ وكيف تغفل الدولة على مثل هذا الوضع أو تقبل به لو لم يكن فيها  منتفعون ..؟؟
فهل هم عاجزون أم جاهلون أم لا يفهمون ما يحدث ؟؟
ما يحدث فعلا منذ البداية هو تهريب العملة التي يحتاجها المهربون لابرام الصفقات ، وهو ما ينعكس سلبا على خزينة الدولة حين تفقد السيولة التي  تحتاجها في ميزانها التجاري ومعاملاتها الدولية ، فيضاف لها ـ بذلك ـ عجزا اقتصاديا واعباء جديدة على اعبائها .. اليس هذا جرما حقيقيا في حق الوطن ؟؟  ولكن ماذا يحدث بعد ذلك ..؟؟
  ما يحدث لاحقا هو أن كل مهرب وكل منخرط في ميدان التجارة الموازية ، يضخ الأموال الطائلة التي تقدّر بالمليارات على مدار السنة ، في جيوب الآلاف من المنتجين والحرفيين التايوانيين واليبانيين الذين تزدهر صناعتهم ، وتجارتهم من خلال تلك الصفقات التي تأتيهم من وراء البحار ، ثم ينخرط من وراء ذلك كل ابناء الشعب في تنشيط اقتصاديات تلك الدول من خلال الاستهلاك المحلي المفروض عليهم  بأيادي رؤوس الاموال المحليين  ، في حين تكسد الصناعات الوطنية وتفلس المؤسسات ، ولا يجد المنتجون والحرفيون المحليون مجالا للمنافسة فيصيبهم الشلل التام والخسائر الفادحة والعجز ..
فهل هناك من يقدر ـ الآن ـ أن يحدثنا عن الوطنية .. !!  



( نشرية القدس عدد 208 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق