بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 17 يناير 2016

وكانت ثورة .. ( 2 ) .

وكانت ثورة .. ( 2 ) .                            

من المعروف أن الثورات التي تحدث فجأة ودون تخطيط مسبق أو تنظيم ، يتم عادة اختراقها بسهولة من طرف القوى الرجعية المنظمة ، والمهيكلة ، وصاحبة القدرة المادية الفائقة على صنع الراي العام وقيادته الى حيث تريد ، سواء بأموالها المغرية أو باعلامعها الفاسد ، وهذا باختصار ما حدث للثورات العربية عموما ، والثورة في تونس على وجه الخصوص ..    
 فها نحن ـ نرى فعلا ـ بعد خمس سنوات من قيام ثورة الكرامة في تونس ، ذلك المصير الذي تردّدت اليه ، وهو الابتعاد التدريجي عن المناخ الثوري ، والروح الثورية التي عرفتها منذ 17 ديسمبر ، وصولا الى زوال أي رائحة تشتم من الثورة في المرحلة الحالية ، حيث افرزت الانتكاسة في مسارها  نظاما لا يختلف في خياراته وسياساته ومواقفه ومواقعه أيضا عن أي نظام من النظم الرجعية العميلة الفاسدة في كثير من الأقطار العربية منذ سايكس بيكو الى اليوم  ..
لا يختلف النظام في تونس حاليا عن الأنظمة الخليجية الرجعية ، وعلى راسها النظام السعودي المتآمر على الامة منذ الخمسينات ، بعد أن اصبحت تونس عضوا في حلفه المشبوه لمقاومة الارهاب وهي الدولة المارقة التي تدعم الارهابيين في كل مكان ، وتشيع الفوضى في كل الأقطار من المشرق الى المغرب ومنها تونس المتحالفة معها رسميا .. ولا يختلف النظام الحالي في تونس عن اي نظام من الانظمة العربية العميلة وقد أصبح الوزراء في حكومات الثورة من بقايا النظام السابق المطبعين مع العدو الصهيوني والذين لا يتردّدون في التعامل مع الصهاينة مثل وزيرة السياحة السابقة ، ووزير الخارجية الحالي الذي شغل خطة رئيس مكتب العلاقات في دولة الكيان الصهيوني منذ سنة 1996 الى سنة 2000 .. !! فأين نحن من الثورة وأهدافها وشعاراتها البراقة جميعا ، دون استثناء ..؟؟
 كانت ثورة فعلا ترفع شعارات مدوّية سمعها العالم بأكمله وتردّد بعظها في ساحات  مختلفة ، ومنها شعار " الشعب يريد .. " بكل فروعه : اسقاط النظام ، تجريم التطبيع ، تحرير فلسطين .. وبكل ما تعنيه تلك الشعارات من ارادة ورغبة حقيقية في التغيير الجذري للسياسات والعلاقالت ، والقطع التام مع المنظومة السابقة .. كما تردّد شعار " التشغيل استحقاق يا عصابة السراق " بكل ما فيه من معاني تعبر عن المشاكل الحقيقية للناس ورغبتهم في تغيير الواقع بالقضاء على الفساد ، والاهتمام بمشاكل التنمية والفقر والتهميش أولا وقبل كل شئ .. وسمع العالم ايضا شعار : " يسقط نظام السابع ، رجعي عميل و تابع " ، و " يسقط حزب الدستور ، يسقط جلاد الشعب " ، و " يا شعب ثور ثور على بقايا الديكتاتور " ، وتونس تونس حرة حرة ، والتجمع على برة  .. الى جانب شعارات أخرى مثل : " شعب تونس شعب حر ، لا امريكا ولا قطر " ، وغيرها الكثير الكثير الذي يعبر تقريبا عن نفس المطالب والتوجهات الشعبية ، حتى اصبحت تقريبا تلخص عموم المطالب المعلنة أمام العالم ، والمحدّدة لاهداف الثورة في الحرية والكرامة والقضاء على الفساد والاستبداد والتبعية الخ .. فأين نحن من الثورة ، وأهدافها ، وتطلعات شعبها الذي قدّم التضحيات الجسيمة خلال مسيرة لا تقل عن خمسين عام في ظل الحكومات الرجعية التي تعاقبت عليه الى الآن ..؟ وأين نحن من ثورة الشباب وقد اصبح  يحتفل بها الشيوخ المتناسلون من الماضي داخل القصور المغلقة بمعزل عن الشعب ..؟؟


 ( نشرية القدس عدد 211 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق