بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 3 مارس 2025

مقوّمات الدولة الفلسطينية المقبلة ؟

 ملف القبس : المحور الثالث

مقوّمات الدولة الفلسطينية المقبلة ؟

الدكتور عصمت سيف الدولة :

- اذا كان المعروض دولة مستقلة دون اعتراف اقبلوها دون تردد .

- القومية العربية هي النقيض الحقيقي للحركة الصهيونية .

- لن يُحل التناقض نهائيا الا بانتهاء الصراع بنصر حاسم .

القبس عدد 5919 بتاريخ : 3 – 11 - 1988

هناك رأيان مختلفان حول مقومات الدولة الفلسطينية القادمة (التي لم تقم بعد) ، أحدهما يرى أن هذه الدولة ستكون ضعيفة ومحاصرة وانها لا تملك المقومات الاقتصادية للتطور ولن تكون قادرة على حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ولا تستطيع استيعابهم وستخضع للتهديد الإسرائيلي على الدوام وستدفع ثمنا كبيرا لقيامها . هذا رأي مبتسر ، اذ لو أخذ على ما هو عليه يعني أن الأفضل بقاء الاحتلال . ولكن لا أعتقد أن أصحابه يذهبون الى هذا المذهب الخائن بل يخفون حلا يضيف الى فلسطين الضعيفة ما يعتقدون أنه مصدر للقوّة وفك للحصار قد يكون الحاقها بإحدى الدول العربية . على أي حال ضعف الدولة المستقلة ليس حجة مقبولة ضد اقامتها على أرض متحررة من الاحتلال . ولو كانت حجة مقبولة لفقدت أغلب دول العالم الثالث بما فيها جميع الدول العربية مبرر استقلالها ولعرضت أرضها وشعوبها للبيع الى بعض الدول المتقدمة القادرة على حل مشكلات الحياة فيها . وهو كلام صغير . الاستقلال الوطني هو بداية تحقيق الممكن من التطور الاقتصادي والاجتماعي وهو بذاته يشبع في الانسان حاجة ذات أولوية مطلقة على كافة الاحتياجات الاقتصادية هي الحاجة الى الحرية وتحقيق الذات واحترام النفس والاعتزاز بالانتماء الى مجتمع من الأحرار ثم التقدم بما هو ممكن على طريق التطور الممتد الى ما لا نهاية .

ثم ان فلسطين المستقلة لن تبقى طويلا مستقلة .. فبدءا من الاستقلال تأخذ دورها مع باقي الدول العربية ، الضعيفة مثلها ، الى المصير المشترك في دولة الوحدة العربية ان لم يكن بالوعي القومي فبضرورات الحياة في عصر الدول الكبرى والإنتاج الكبير . وفي دولة الوحدة تجد دولة فلسطين وكافة الدول العربية المقومات الاقتصادية وغير الاقتصادية التي تعوض ضعفها وعجزها عن حل مشكلات الحياة فيها .

الرأي الثاني هو أن في الدولة الفلسطينية بداية العد العكسي للصهيونية وبداية التراجع التاريخي لوجودها لأنها النقيض للحلم الصهيوني .

لا . الدولة الفلسطينية ان قامت فهي الجارة الشرقية للدولة الصهيونية حيث تؤكد كل منها وجود الأخرى وتشتركان في الحفاظ على الحدود المشتركة . التناقض لا يقوم بين الأهداف المرحلية القابلة للتغيير مع استمرار الصراع . من هنا نقول أن نقيض الصهيونية في نظري هي القومية العربية نظرية . ونقيض الصهيونية كحركة هي وحدة القوى العربية التقدمية . ونقيض الصهيونية غاية (دولة من النيل الى الفرات) هي الوحدة العربية (من المحيط الى الخليج) ولا يحل التناقض نهائيا الا بانتهاء الصراع بنصر حاسم لأحد النقيضين على المستويات النظري والحركي والاستراتيجي . تحرير ارض فلسطين ينهي وجود الدولة الصهيونية ، ولكن الصراع لن ينتهي ، فليس ثمة ما يحول دون محاولة المنظمة الصهيونية العالمية العودة الى محاولة اغتصاب الأرض العربية الا بقيام دولة الوحدة العربية القادرة على احتضان الأرض العربية كلها وحمايتها ضد الصهيونية وكل قوى العدوان كبيرة أو صغيرة .

ثم يقولون حقا يراد به باطل : ان الأجيال القادمة ستكون قادرة على تحرير مهامها المستقبلية بعد أن وجدت لها قاعدة امنة في دولة مستقلة .. ويزيدون تفضلا ، فيقولون أن الأمر نفسه ينطبق على الأجيال العربية القادمة وإمكانات النهوض القومي .

هذا حق بشرط الّا تفرضوا على الأجيال القادمة أعباء من عندكم . الّا تقيّدوا ارادتهم بقيود من صنعكم . ان كنتم غير قادرين على التقدم فاثبتوا ولكن لا تستسلموا لأعدائكم . افعلوا ما أنتم قادرون عليه ، ناوروا مناورة المنتصرين أو المنهزمين ولا احد يلومكم ، وكل الناس يعرفون الظروف الصعبة المعقدة التي تحيط بحركتكم ولكن لا تعترفوا تحت أي ظرف ومقابل أي ثمن بدولة الصهاينة . لأن اعترافكم سيكون حجة ثقيلة ضد الأجيال القادمة . ستعوق أولا إعادة تعبئة قوى التحرير ، وستحمّلهم ثانيا عبء مواجهة العالم كله الذي لن يقبل بسهولة التراجع عن الاستسلام ، وستحرمهم ثالثا من شرعية القتال من أجل استرداد الأرض التي اعترفتم بان لا حق لكم فيها ، وستمكن الصهيونية رابعا من التخطيط للمرحلة التالية لتحقيق حلمها الكبير ، وستجبرهم إسرائيل – بتأييد العالم كله – على التعامل معها و"تطبيع" العلاقات المتبادلة كما يحدث بين الدول التي تتبادل الاعتراف .. لا تأخذوا دولة على طريقة كمب دايفيد .

أما ان كان المعروض عليكم دولة فلسطينية مستقلة على أي جزء من أرض فلسطين لا يتضمن قبولها اعترافا صريحا أو ضمنيا مباشرا أو غير مباشر بدولة الصهاينة فاقبلوها بدون تردد على أية مساحة من الأرض وسيبقى التأييد العالمي مساندا للأجيال القادمة ، والا فحذار من أن تقبلوا دولة فلسطينية يكون قبولها تأييدا وتأكيدا وشهادة منكم أنتم أصحاب الأرض بان للصهاينة حقا من الأرض .

بالمناسبة ، هل هناك دولة فلسطينية مستقلة معروضة عليكم بدون شروط صهيونية ؟

كفى أحلاما اذن .

الملف كامل




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق