دروس من الهزيمة ( 3 ) .
لم يتعرّض حاكم عربي
الى حملات التشويه المنظمة و الممنهجة كما تعرّض لها جمال عبد الناصر طوال فترة
السبعـينات و الثمانيات ، ثم لم تنقطع الى الآن .. و رغم ذلك فهو القائد العربي الوحيد الذي
ترفع صوره في كل العواصم العربية ، وهو الزعيم الوحيد على امتداد الوطن العربي
الذي تــُـنسب اليه تنظيمات واحزاب و تسمي نفسها باسمه .. و هو نفسه ذلك الرجل
الذي تعرّض للهزيمة يوم 5 جوان 67 حين قامت العاصفة و لم تهدا ، فتعالى صخب
المنافقين الذين لا يهمهم نصر و لا هـزيمة سوى ما يمكـّـنهم من استرداد مواقعهم و مراكـزهم
في مجالي السلطة والمال .. اولائك الذين هـزمتهم الثورة وكشفت عوراتهم
انظمة وحكاما واحزابا فاسدين حينما فضحـتهم وعـزلتهم عن الشعب و حينما صادرت
ممتلكاتهم بقوانين الاصلاح الزراعي ، و امّمت مشاريعهم الضخمة التي يمتصون بها
دماء الشعب .. ثم حلــّـت احزابهم التي كان اغلبها يتقاسم الادوار سواء مع الاسرة
الملكية الحاكمة او مع الاحتلال .. اما عبد الناصر فيكفـيه انصافا تلك الامواج
البشرية الهادرة التي خرجت يومي 9 و 10 جوان 67 اثر قرار التنحّي عن السلطة الذي اعلنه ،
حيث كان رد الجماهير بمثابة استفتاء مباشر ليس في مصر وحدها بل في اغلب العواصم
العربية منها العراق و سوريا ولبنان واليمن وتونس .. لتقول للعالم ان جمال عبد
الناصر قائدها ، و ان الشعوب عندما تخسر حربا لم تخسر المعـركة .. وان ما حصل يوم
5 جوان حتى و ان كان ثقيلا على الامة فهو ليس الاول في تاريخها او في تاريخ الشعوب
، وقد انهزم المسلمون من قبل في معركة أحد التي كان الرسول الكريم قائدها والصحابة
الابرار جـنودها .. وقد انهـزم خالد بن الوليد في حـروب الردة حتى كادت أن تكون
بعض هزائمه وخيمة على المسلمين في تلك الايام العصيبة .. و قد انهزم صلاح الدين في
معارك كـرّ و فـرّ مع الصليبيين حتى جهّـز للنصر النهائي ...الخ
ليس هذا من باب جمع المبررات ، بقدر ما هو رد على التضليل الذي يروّجه اعداء المشروع النهضوي ماضيا وحاضرا .. اذ هم يتحدثون عن هزيمة 67 ولا يذكـرون نصر 73 الذي بدأ التحضيـر له منذ ان تمّـت اولى التعـيينات في قيادات الجيش الذين خططوا لذلك النصر ، و منذ ان أُبرمت اول صفقة اسلحة لتجديد ما خسرته القوات المسلحة ، و منذ ان بدأ التدريب على اول خطة حرب على غرار الخطة غرانيت التي نـُـفــّــذت في حرب 73 ..
وهم يكذبون لانهم لا يذكـرون تواصل الاشتباك مع العدو منذ معـركة رأس العش التي وقعت يوم 1 جويلية 67 اي بعد اسابيع فقط تكـبد فـيها العدو خسائر فادحة ، و قد كانت فاتحة لتواصل العمليات الحربية في ما بات يعـرف بحرب الاستنزاف .. ثم تلتها مباشرة تلك العملية البطولية التي ادّت الى اغـراق المدمّرة ايلات في 21 اكتوبر 1967 و التي قال فيها محمد عبد الغـني الجمسي رئيس هيئة اركان حرب 1973 " لقد كان إغـراق المدمرة إيلات بواسطة صاروخـيـن بحريين سطح / سطح لأول مرة ، بداية مرحلة جديدة من مراحل تطوير الأسلحة البحرية والقتال البحرى فى العالم واصبح هذا اليوم ـ بجدارة ـ هو يوم البحرية المصرية " ..
وهم يكذبون ايضا لانهم لا يذكـرون ما عانته ثورة يوليو التي كانت تخوض معارك قومية على امتداد الامة باكملها ، قدّمت فيها مصر اضعاف التضحيات التي قدمتها سنة 67 ، و قد كان بامكان قيادتها ان تعـيش في احسن الظروف ، بعـيدا عن تلك الهـزّأت لو أرادت ذلك كما فعلت بقـية الأنظمة المستسلمة ، لكنها ربطت مصيرها بمصير امتها فاختارت الطريق الصعـب ، و التزمت بتحقيق تلك الأهداف النبيلة التي عملت على تحقـيـقها دون تردّد أو حسابات .. وبما أن تلك الأهداف تتناقض مع مصالح العديد من القوى المعادية في الداخل و الخارج ، فليس غريبا أن يعملوا على إفشالها بكل الوسائل الممكـنة ..
ففي الوقت الذي كانت فيه مصر تخوض حربا بجـيوشها في اليمن ضد نظام الامامة المتخلــّــف وبريطانيا التي تدعمه ، كان نظام آل سعود و النظام الاردني يحـيكون المآمرات و يشـنون حملات التشهـيـر في الاعلام لاجهاض ثورتي مصر واليمن .. و في الوقت الذي كانت فيه مصر تساند ثورة الجـزائر بالمعدات و الاسلحة و الغذاء كان الاخوان المسلمون في الداخل يدبّـرون المآمرات و يتـلقـّون الدعم المالي و يجمعون السلاح ويخططون لقلب نظام الحكم بالقوة .. و في الوقت الذي كانت فيه ثورة يوليو تدعم خيار المقاومة العـربية ، كانت القوى العميلة في لبنان والاردن تــُجهّـز للقضاء على الفدائـيـيـن ويتعاملون سرا مع العدو الصهيوني .. وفي الوقت الذي كانت فيه مصر تتصدّى للاستسلام والاعتراف بالعدو وتحشد التاييد العالمي للقضية القومية كان النظام العميل في تونس يروّج لسياسة الامر الواقع والحلول الانهزامية التي ختمها بإلقاء خطابه الهزيل في اريحة سنة 1965 مؤكدا اعترافه بالكيان الغاصب ..
تلك جوانب مهمّة من أوجه الصراع لا يذكرها المنافقون عندما يتحدثون عن هزيمة جوان 1967 .. وبقطع النظر عما يقوله الاقليميون .. فان ابلغ الدروس المستفادة من الهزيمة هي انها كانت هزيمة الدولة الاقـليمية بامتياز حتى و ان كان يحكمها القوميون .. و ان 5 يونيو 67 هو تأكـيد على صدق المنطق القومي الذي كان يحذر منذ البداية من هـزيمة الاقـليمـية البغـيضة ..
وتلك اذن خطوة لازمة من اجل النصر مفادها أن الإقليمية تساوي الفـشـل..
( القدس ) .
ليس هذا من باب جمع المبررات ، بقدر ما هو رد على التضليل الذي يروّجه اعداء المشروع النهضوي ماضيا وحاضرا .. اذ هم يتحدثون عن هزيمة 67 ولا يذكـرون نصر 73 الذي بدأ التحضيـر له منذ ان تمّـت اولى التعـيينات في قيادات الجيش الذين خططوا لذلك النصر ، و منذ ان أُبرمت اول صفقة اسلحة لتجديد ما خسرته القوات المسلحة ، و منذ ان بدأ التدريب على اول خطة حرب على غرار الخطة غرانيت التي نـُـفــّــذت في حرب 73 ..
وهم يكذبون لانهم لا يذكـرون تواصل الاشتباك مع العدو منذ معـركة رأس العش التي وقعت يوم 1 جويلية 67 اي بعد اسابيع فقط تكـبد فـيها العدو خسائر فادحة ، و قد كانت فاتحة لتواصل العمليات الحربية في ما بات يعـرف بحرب الاستنزاف .. ثم تلتها مباشرة تلك العملية البطولية التي ادّت الى اغـراق المدمّرة ايلات في 21 اكتوبر 1967 و التي قال فيها محمد عبد الغـني الجمسي رئيس هيئة اركان حرب 1973 " لقد كان إغـراق المدمرة إيلات بواسطة صاروخـيـن بحريين سطح / سطح لأول مرة ، بداية مرحلة جديدة من مراحل تطوير الأسلحة البحرية والقتال البحرى فى العالم واصبح هذا اليوم ـ بجدارة ـ هو يوم البحرية المصرية " ..
وهم يكذبون ايضا لانهم لا يذكـرون ما عانته ثورة يوليو التي كانت تخوض معارك قومية على امتداد الامة باكملها ، قدّمت فيها مصر اضعاف التضحيات التي قدمتها سنة 67 ، و قد كان بامكان قيادتها ان تعـيش في احسن الظروف ، بعـيدا عن تلك الهـزّأت لو أرادت ذلك كما فعلت بقـية الأنظمة المستسلمة ، لكنها ربطت مصيرها بمصير امتها فاختارت الطريق الصعـب ، و التزمت بتحقيق تلك الأهداف النبيلة التي عملت على تحقـيـقها دون تردّد أو حسابات .. وبما أن تلك الأهداف تتناقض مع مصالح العديد من القوى المعادية في الداخل و الخارج ، فليس غريبا أن يعملوا على إفشالها بكل الوسائل الممكـنة ..
ففي الوقت الذي كانت فيه مصر تخوض حربا بجـيوشها في اليمن ضد نظام الامامة المتخلــّــف وبريطانيا التي تدعمه ، كان نظام آل سعود و النظام الاردني يحـيكون المآمرات و يشـنون حملات التشهـيـر في الاعلام لاجهاض ثورتي مصر واليمن .. و في الوقت الذي كانت فيه مصر تساند ثورة الجـزائر بالمعدات و الاسلحة و الغذاء كان الاخوان المسلمون في الداخل يدبّـرون المآمرات و يتـلقـّون الدعم المالي و يجمعون السلاح ويخططون لقلب نظام الحكم بالقوة .. و في الوقت الذي كانت فيه ثورة يوليو تدعم خيار المقاومة العـربية ، كانت القوى العميلة في لبنان والاردن تــُجهّـز للقضاء على الفدائـيـيـن ويتعاملون سرا مع العدو الصهيوني .. وفي الوقت الذي كانت فيه مصر تتصدّى للاستسلام والاعتراف بالعدو وتحشد التاييد العالمي للقضية القومية كان النظام العميل في تونس يروّج لسياسة الامر الواقع والحلول الانهزامية التي ختمها بإلقاء خطابه الهزيل في اريحة سنة 1965 مؤكدا اعترافه بالكيان الغاصب ..
تلك جوانب مهمّة من أوجه الصراع لا يذكرها المنافقون عندما يتحدثون عن هزيمة جوان 1967 .. وبقطع النظر عما يقوله الاقليميون .. فان ابلغ الدروس المستفادة من الهزيمة هي انها كانت هزيمة الدولة الاقـليمية بامتياز حتى و ان كان يحكمها القوميون .. و ان 5 يونيو 67 هو تأكـيد على صدق المنطق القومي الذي كان يحذر منذ البداية من هـزيمة الاقـليمـية البغـيضة ..
وتلك اذن خطوة لازمة من اجل النصر مفادها أن الإقليمية تساوي الفـشـل..
( القدس ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق