الانتخابات والناس (4) ..
أيام فقط تفصل الناس على
موعد الانتخابات لاختيار نوابهم الذين سيساهمون
بدورهم في المصادقة والاختيار لأول حكومة شرعية بالمعـنى الواسع والصحيح للكلمة
بعد الثورة ، أو هكذا يفترض
ان يكون ..
غير أن تخوّفات
عديدة لا تزال مهيمنة على الناس في ظل
تقديم الانتخابات التشريعـية على الرئاسية بحدوث خرق صريح للدستور قد يكون سببا
في اهتزاز تلك الشرعية ، باعتبار عدم صلاحية رئيس الدولة الحالي ـ وهوالمترشح بدوره للانتخابات الرئاسية ـ للقيام بتنفيذ الفصل عدد 89 من الدستور الذي ينصّ على أن يتم ـ في أجل
أسبوع من الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعـية ـ تكليف رئيس الدولة لمرشح الحزب أو الائتلاف
الفائز في تلك الانتخابات بتكوين
الحكومة .. !!
والواقع فان هذه
الثغـرات التي أسالت الكثير من الحبر ، ونالت القدر الكبير من الاهتمام والتعليق
لم تكن الوحيدة في الدستور ، وفي القوانين الانتخابية الحالية .. وقد ظهرت هشاشة
تلك التشريعات في أول محك لها على ارض الواقع ، بداية بقوانين التزكيات التي
حوّلت الساحة السياسية الى مسرح للنكت والنوادر الطريفة بين الناس حول بيع
الاصوات وشرائها تحت قبة البرلمان ، وفي كل القرى والمدن بتزوير امضاءات المواطنين .. !!
وهو ما جعل المرء يتسائل في مثل هذه الظروف : هل العيب في المواطن الانتهازي
الذي لا يخلوا منه مجتمع ، ولا يغيب عن اي مرحلة انتقالية ، وهو الذي تعوّد طوال
فترات الاستبداد على التلاعب بالقوانين لتحقيق مصالح شخصية او فئوية على حساب
المصلحة العليا للوطن ، أم أن العـيب في التشريعات والمشرّعين انفسهم الذين
مهّدوا الطريق لهؤلاء لكي يزيفوا ارادة الناس ويعبثوا بمصيرهم ومستقبلهم .. !!
ايام قليلة
لكنها مصيرية في تحديد مسار الثورة في ظل الطغـيـان المخيف لعمالقة المال
السياسي العائدون خصيصا لتزعّم القوائم الانتخابية والترشح للرئاسة او لدعم
الأحزاب التي أنشئت خصيصا لحماية
مصالحهم ..
انها أيام حاسمة
لا تزال ترهق الناس وتشتت اعصابهم في ظل
الحيرة والخوف من المستقبل الذي سيختارونه بانفسهم وهم لا يعـرفون ما سيؤول اليه
اختيارهم خاصة في ظل الخيبة التي عاشوها في المرة السابقة ..
هي ايام عسيرة
لكنها لا تخلو من نكهة جميلة ينتظرها أغلب الناس للاحساس بالمواطنة والتعبير عن
المشاركة في صنع المصير المشترك عن طريق الاختيار الحر ..
لا شك ان تونس
ستعـيش يوما تاريخـيا سيتعلم الناس من خلاله كيف تكون الديمقراطية اسلوبهم
الوحيد لتحقيق التقدم والرخاء والأمن والحياة الكريمة ..
( نشرية القدس العدد 146 ).
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق