لقد كان يوم 6 أكتوبر 1973 يوما تاريخيا بكل المقاييس المعتمدة في السجلات التاريخية ، حيث تمكن الجيش العربي في مصر فجر ذلك اليوم من تحقيق معجـزة العبور التي أعادت الاعتبار للقوات المسلحة المصرية والجماهير العـربية من المحيط الى الخليج التي اصيبت بالذهول وخيبة الأمل خلال الهزيمة التي منيت بها ثلاث جيوش عربية دفعة واحدة في 5 يونيو 1967 قيل أن تخوض الحرب ..
وقد لعبت الخطط والمعدّات التي شرعت القيادة في اعدادها منذ وقت مبكر بعد الهزيمة في تركيز أسس ذلك النصر الذي تحقق بعد ست سنوات من وقوعها .. وقد كان للسياسة الحربية التي اعتمدها عبد الناصر قبل رحيله متمثلة في خوضه لحرب الاستنزاف التي أعادت التوازن النفسي والثقة المطلقة لدى المقاتلين .. ثم في اعادة بناء القوات المسلحة ، بتوفير المعدّات االقتالية المتطوّرة ، وتنصيبه لحائط الصواريخ الذي حمى ظهر القوات أثناء العـبور ، الى جانب صفقات الطائرات التي قامت بالضربة الجوية الاولى المباغتة على القوات الاسرائيلية تماما مثلما فعلت تلك القوات الباغية في عدوان 67 .. وهو ما أحدث ارباكا هائلا في صفوفها ، وألحق بها خسائـر كبيـرة وهي منهمكة في احتفـالاتها بيوم الغفـران اليهودي ..
ورغـم هذا
الانجـاز العظـيـم الذي كان يسمـح لمصر بأن تكون
في موقع الاقوى لفرض شروطها باسترجاع اراضيها كاملة دون تنازلات كما تفعل كل الدول
المنتصرة ، الا أن الخائن السادات قام بالتفويت في مكاسب ذلك النصر ، جاعلا من مصر دولة خاضعة تقدم للعدو وهي منتصرة ، ما
لم تقبل بتقديمه له وهي منهزمة محوّلا ذلك النصر العظيم الى نكسة حقيقية ، وهزيمة
سياسية ومعنوية لا تزال مصر والامة العربية تعاني من تبعاتها الى اليوم ، بسبب
تخليها طواعية عن دورها الريادي والقومي في الدفاع عن أمنها وأمن الامة العربية
وهو ما أدى في النهاية الى حالة الانكسار والهزائم والتمزق الذي ادى الى جميع
الكوارث التي عاشتها الامة منذ ذلك التاريخ الى الآن ..
غير ان السادات الذي تسبب في اضعاف مصر واذلالها
طوال فترة السبعينات من خلال اعتماده لسياسة التفقـيـر والتهميش والخوصصة والتبعـية
والاستسلام ، نال جزاءه في تلك الحادثة
المشهورة بحادثة المنصة في ذكرى 6 أكتوبر التي قام بافراغها من كل مضامينها عندما
أقدم بابرام الصلح مع العدو ..
( نشرية القدس العدد 144 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق