بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 7 يونيو 2015

وينوا البترول ..؟

وينوا البترول  ..؟

موضوع الثروات الوطنية يعتبر من المواضيع القديمة المطروحة  منذ الستينات ، حينما بدأت حملات التأميم في مصر وفي عدة دول أخرى في أمريكا اللاتنية وفي اوروبا الشرقية للقضاء على احتكار الثروة ، ونهبها من طرف القوى الخارجية وعملائها في الداخل .. ، فجاء الرد في تونس مشبوها ومبتورا  للتشويش على المطالب  من خلال بعث مشروع التعاضد الذي اثار سخطا شعبيا باعتباره مشروعا للسطو على الأملاك الخاصة ، دون تحقيق لأي مكاسب شعبية ، في الوقت الذي كان يجري فيه  افتكاك الاراضي من كبار الملاك واعطائها للفلاحين في دول أخرى مثل مصر في نطاق ما سمي هناك بالاصلاح الزراعي ، فكان الفشل هو المصير الحتمي للتعاضد في تونس بسبب ما لحق به من شبهات ، قيل وقتها انه مشروع " شيوعي " ، باعتباره قد طرح أسبابا وتبريرات واهية ، من أهمها القول بتشتت الملكية الزراعية بسبب الميراث ، رغم أن الواقع كان غير ذلك كما يقول المسؤول عن الاتحاد المركزي للتعاضديات الفلاحية في ذلك الوقت ، السيد محمد بالحاج عمر في شهادته لمعهد التميمي حول تجربة التعاضد  حين صرح بـ" أنه لم يكن متفقا مع أحمد بن صالح حول طبيعة التعاضديات " لأنها حسب رأيه " كانت رأسمالية ولم تكن إشتراكية .." ولعل مساندة مشروع التعاضد من طرف الولايات المتحدة ، وتمويله من الصندوق الدولي أكبر دليل على توجهاته وطبيعته .. !!
وقد ظل ملف الثروات الوطنية حاضرا ومفتوحا ، خلال كل التحركات والأزمات التي عرفتها البلاد باعتبار الرصيد المادي الذي يمثله من الثروة الوطنية من ناحية ، وباعتبار الغموض والتلاعب بالصفقات والعقود وما رافقها من فساد منذ فترة الاستعمار الى اليوم ، من ناحية ثانية ..
وحتى بعد صدور قوانين مجلة المحروقات في 17 اوت 1999 فان الصفقات المبرمة مع شركات التنقيب عن البترول ظلت من صلاحيات كبار المسؤولين في الدولة ووزير الاقتصاد و الطاقة ، والعائلة الحاكمة ، بعيدا عن الشفافية والرقابة اللازمتين لتحقيق المصلحة الوطنية ..
وهكذا ظل  موضوع الثروات الوطنية بصفة عامة ، موضوعا محرّما حتى جاءت الثورة ، وجاء الدستور الذي نص في الفصل 13 منه على أن " "  الثروات الطبيعية ملك للشعب التونسي تمارس الدولة السيادة عليها باسمه.  تعرض عقود الاستثمار المتعلقة بها على اللجنة المتخصصة بمجلس نواب الشعب.  وتعرض الاتفاقيات التي تبرم في شأنها على المجلس للموافقة " الا ان هذا المبدأ لم يطبق بحذافره الى حد الآن باعتبار تواصل الشبهات والغموض حول الصفقات ..
والواقع فان حملة وينوا البترول ، وبالرغم مما فيها من مضامين ثورية ، واصلاحات وحقوق ، الا ان اختيار الظرف الاحتجاجي المتميز بهشاشة الوضع الامني ، وبتصدر قوى مشبوهة ، تستغل بعض المطالب المشروعة لتحريك الوضع ، وكسب مواقع سياسية على حساب تأزيم الوضع الأمني ، ودون الذهاب في المطالب الى المدى المطلوب هو ما يبعث على الشك في مصداقية الحملة التي استطاعت فعلا ان تستقطب قوى شبابية واعدة ، مدافعة  بجدية عن الثروات ، انظمت الى الحملة بنوايا صادقة ، وعزيمة وطنية .. لذلك ردّدت عدّدة شعارات لا تتوقف عند البترول ، بل تتعداه الى جميع مظاهر الفساد والاستغلال والنهب بجميع صوره ، مطالبة بالمحاسبة لجميع المسؤولين القدماء منهم والحاليين .. 

 ( نشرية القدس العدد 179 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق