بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 1 يونيو 2015

5 يونيو بين الرجعية والارادة الثورية ..



5 يونيو بين الرجعية  والارادة الثورية   ..      

بعد مرور اكثر من اربعين عام على النكسة الحاصلة في 5 يونيو 67 ، لا يزال الجدل متواصلا حول حيثياتها ونتائجها وتداعياتها ، ليس على مصر وحدها ، بل وعلى الامة العربية جمعاء .. وهو ما يؤكد أن المعارك لم تكن بين الجيوش وحدها في ساحات القتال ، بل هناك محطات اخرى ومواقع بعيدة عن خطوط النار،  يتواصل فيها الصراع على امتداد الوطن العربي ، بوسائل مختلفة ، لكنها  لا تقل خطورة عن وسائل الحرب ، حينما تتحول فيها الوسائل المعتمدة من القراءة الموضوعية للأحداث الى  حملات التشهير والتزييف ، وترويج  الاكاذيب ، لتعكس في النهاية جملة من المواقف المعروفة  تتراوح اغلبها بين مشكك ، و شامت ، و مخوّن ، ومكفر  .. الى ما لا نهاية من تلك الانفعالات والحالات التي لا تدل على مجرد الاختلاف في التقييم والرؤى ووجهات النظر فحسب ، بل وعلى الاختيارات ، والمصالح ، والعلاقات التي لا يبقى فيها مجال للمشاعر والمبادئ أو حتى البقاء على الحياد .. !!
ولعل المشكل في تلك الفترة وبعدها ، ليس معارضة بعض الاطراف للثورة ، والاختلاف معها حول مشاريع وخيارات كانت الثورة تحقق فيها نجاحات لم ينكرها سوى الجاحدون من الجماعات والأنظمة التي لا تريد للثورة ان تأخذ الجماهير الملتفة حولها ، بعيدا عن مواقعها و مواقفها  ، فلم تجد وهي تفشل في استرجاعها اليها سوى التضحية بمصلحة الوطن انتقاما من الثورة .. !! وقد تمثل هذا الانتقام أولا في اظهار الجماعات الاسلامية للشماتة البالغة بهزيمة  5 يونيو 67 ، وثانيا في مباركة تلك الجماعات  للانقلاب الذي قاده السادات في مصر دون اعتبار لما اقدم عليه وهو يقوم بتصفية المنجزات والمكاسب التي حققتها الثورة ، وعلى راسها التفويت في القطاع العام الذي تقدّر قيمته في تلك الفترة بمليارات الدولارات ..  
أن الهزائم العسكرية ليست في النهاية سوى انتكاسة يمكن أن تحصل لاي جيش في العالم مثلما حصل لعدة جيوش منها الجيش الروسي خلال الحروب الاوربية ، والجيش الفرنسي أمام المانيا حين اسر قائده نابليون ونفي مرتين ، والجيش البريطاني في المحيط الهندي ، والجيش الامريكي في حروب التحرير أمام الجيش الانقليزي ، والقائمة تطول في سرد الأمثلة .. وقد تداركت تلك الدول  لحظات ضعفها واستجمعت قواها وعادت من جديد لتذوق طعم  النصر ، وتحقق أهدافها القومية  في التحرّر والوحدة ، وكل هذا معروف بشواهده وتفاصيله خلال المسيرة الطويلة التي عرفتها الشعوب ودفعت خلالها اثمانا باهضة لتحقق حريتها وتقدمها .. وبعد كل هذه المدة التي سال فيها حبر كثير ، ودار حولها جدل واسع  ، وجندت لها القوى المناهضة للثورة طوابير وجيوش جرارة من الصحفيين والكتاب والادباء والفنانين والسياسين ، ليبحثوا ، ويجتهدوا ، ويتعسفوا على الاحداث والوقائع التاريخية لجمع المؤيدات ، التي تساعدهم فقط على تشويه منجزات ثورة يوليو ..
هكذا كان 5 يونيو على الدوام محطة تترصدها الرجعية العربية أحزابا وحكومات ، ليبراليين واقطاعيين ، للتشهير بالثورة وقائدها .. غير ان الذي لا يمكن أن يخفى على الجميع ، وبعد اكثر من أربعين عام ، أن الارادة الثورية  في مصر قد استطاعة فعلا ان تحوّل  تلك الهزيمة  العسكرية  ليوم 5 يونيو 67 ـ في وقت قياسي ـ الى نصر عظيم في 6 اكتوبر 1973 تاريخ العبور ، في حين ان الارادة الرجعية حولت ذلك النصر الى هزيمة شاملة وعامة ، تجاوزت حدود مصر وتسببت في الانهيار والسقوط المدوّي الذي لا تزال الأمة  العربية تعاني من  تداعياته الخطيرة الى الآن ..

 ( نشرية القدس العدد 178 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق