بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 13 يوليو 2015

الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (16) .

               الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (16) .


 يبدو أننا أسهبنا في الحديث عن مصادر التمويل للحركات الدينية التي باتت في موقع العداء الصارخ  للمشروع القومي ، وهي تنخرط عمليا في تفتيت الأمة وتتحالف مع أعدائها الخارجيين والمحليين ، ثم تستهدف الحركة القومية في رموزها مثلما حصل للشهيد البراهمي في تونس .. وقد كان هذا الاسهاب بغرض التأكيد على ما وراء  التغول لحركات الاسلام السياسي من وسائل غير شريفة وهي تتحدث عن الدين ، والبنوك الاسلامية ، ومقاومة الربا .. بينما نجد الممارسة في الواقع عكس ذلك تماما ، حيث يبيحون لانفسهم ممارسة كل المحرّمات بحجة خدمة المشروع الاسلامي .. وهي وصاية صريحة على الدين هدفها الحقيقي السيطرة الكاملة على المجتمع  .. في حين ان الدين نهى عن ممارسة الوصاية في آيات صريح كثيرة موجهة للرسول صلى الله عليه وسلم ..  فلو شاء الله لبعث في كل أمة  وعلى راس كل قرن رسولا ، فليس هناك من هم افضل من الرسل والانبياء ليعلـّـموا الناس دينهم ، ولكنهم كذبوا على الله ورسوله حينما كلفوا انفسهم بما لم يكلف به الله أحدا بعد رسوله الكريم عندما قال : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " ...
ولعله قد حان الوقت لكي نتحدث عن الحركة القومية بما لها وما عليها .. حتى يكون الحديث أكثر فائدة بالنسبة للمستقبل ونحن نرى الازمة الحادة التي يمر بها المشروع القومي في مثل هذا الظرف التاريخي الدقيق .. في ظل الهجمة الشرسة على الوجود القومي ، وفي ظل حالة الضعف والتشتت التي اصابت كل الفصائل القومية بسبب تقوقعها ، وانغماسها  داخل الوحل الاقليمي الذي جعلها تتحوّل تدريجيا وفي كثير من المواقع ، من حركات قومية المنطلقات  والغايات ، اقليمية الاسلوب ، الى حركات قومية المنطلقات ، اقليمة الغايات والاسلوب .. وهذه ناحية اولى مهمة ، تفسر الى حد ما حالة الرضا عن النفس  التي أدت تدريجيا ببعض الفصائل القومية الى الاستسلام للواقع ، والاكتفاء بتحقيق المكاسب الاقليمية الهزيلة .. وهكذا شيئا فشئا يطغى منطق التبرير ، حتى يتغير الخطاب تماما وتختفي الهوية القومية لهذا الفصيل أو ذاك ، حتى لا يبقى له في النهاية سوى الاسم ، وبعض الجمل الحماسية حول العـروبة ، وقضية فلسطين الخ .. 
ومن ناحية ثانية فانها تتعلق بشريحة واسعة من القوميين الذين يعلنون ولاءهم للمشروع القومي بمنطلقاته وغاياته واسلوبه القومي ، سواء كانوا داخل التنظيمات الموجودة أو خارجها ، وهم  لا يكفون جميعا عن انتقاد آدءها من حين الى آخر ، دون ان يتحوّلوا الى حالة تنظيمية واضحة المعالم تسعى لايجاد البديل عن حالة التشظي ، والتشتت السائدة في كل قطر عربي تقريبا ، وما صاحبها من سلبيات مثيرة للقلق والاستياء في بعض الأحيان ، عندما تتجاوز ظاهرة الاختلاف في الآراء والمواقف ، وتتعدّاها الى توجيه التهم ، والتخوين ، والقطيعة  .. الخ  ،  وهو ما يثير الكثير من الحرج ، والرفض ، والشعور بعدم الرضا لدى الكثيرين من أبناء الحركة القومية حينما يتوجه اليهم خصومهم بالنقد اللاذع من خلال السؤال : كيف يسعى القوميون الى تحقيق الوحدة العربية في المجتمع ، وهم عاجزون عن تحقيق الوحدة التنظيمية داخلهم ، فتكون مواقفهم متضاربة احيانا ولا تعبر فعلا عن مرجعيتهم الواحدة ..  !!


 للحديث بقية ..

 ( القدس عدد 184 ) . 



  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق