بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 9 مارس 2015

نشرية القدس العدد 166 .

تحميل العدد 166 .

الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (3) .

 لقد قام أعداء المشروع الوحدوي بالواجب الذي ينتظره منهم أتباعهم ومناصريهم على أكمل وجه حتى نجحوا في تحقيق ما كانوا يخطّطون له في الداخل والخارج وصولا الى :
ـ المحافظة على كيانات الدول العربية وفي المقدمة منها تلك الدويلات النفطية الغنية في الخليج العربي ..
ـ المحافظة على استمرار الحكم فـيها تحت يد تلك العائلات الحاكمة العاجزة عن الاستمرار بدون حماية ..
ـ المحافظة على الوجود الاستعماري وحماية مصالحه بأي ثمن  ..
ـ المحافظة على وجود الكيان الصهيوني داخل الجسد العربي كأفضل حاجز بشري وجغرافي معيق للوحدة ..
ـ محاربة كل فكرة داعية للوحدة بكل الوسائل وفي المقدمة منها الدين ، وزرع الفتنة بين جميع المكوّنات الاجتماعية التي يستحيل أن تقوم بدونها فكرة العروبة  .. وهو ما حصل فعلا في نهاية المطاف ، داخل الوطن العربي الذي أصبح اليوم مهددا في وجوده بسبب تلك الصراعات القائمة في العديد من اقطاره ، بينما تبدو بعض الاقطار الأخرى في حالة الهدوء الذي يسبق العاصفة ..     
ومهما كانت خطورة الوضع في الوقت الراهن ، فنحن الآن أمام حقيقة تقول بفشل كل المشاريع الوحدوية .. وفي نفس الوقت تضع القوميين في موقف لا يحسدون عليه وهم يدافعون عن وحدة الدول القطرية التي كانوا لا يعترفون بشرعية وجودها ، حفاظا على وحدة المجتمع الذي اصبح مهددا بتفكك نسيجه الاجتماعي وزوال وحدته التي يقوم عليها وجوده ، بسبب تلك الصراعات الطائفية والعرقية والمذهبية التي يثيرها أعداء المشروع القومي ... وكأننا بالحركة القومية وقد أصبحت جسدا بلا روح وهي في الأصل صاحبة الدور الريادي والتارخي الذي اختفى منذ الستينات الى حد الآن وقد كان مفترضا ان تكون صانعة المستقبل ، وقائدة الصفوف بحكم طبيعـتها ووظيفتها ورصيدها النضالي الذي تركه لها زعيمها الراحل جمال عبد الناصر وهي تملك أعرض قاعدة جماهيرة بين المحيط والخليج ..

غير انه ورغم كل ما يقال عن ذلك الفشل فان مشروع الوحدة قد صار أكثر واقعية ، وأكثر ضرورة في واقعنا المتداعي  ، للابقاء على ما فيه من اختلاف وتنوّع ، يستحيل على أي مشروع آخر أن يستوعبه  .. وهو ما يؤكد أن العيب ليس في المشروع بل في الداعين اليه ..
( القدس ) . 

*  هذا الغصن من تلك الشجرة .. 

*  البقرة الأكثر خوارا ، ليست هي البقرة المدرار ..


تقدموا
    تقدموا ... 
لا خوذة الجندي
لا هراوة الشرطي
لا غازكم المسيل للدموع
غزة تبكينا
لانها فينا
ضراوةالغائب في حنينه الدامي للرجوع
تقدموا
من شارع لشارع
من منزل لمنزل
من جثة لجثة
تقدموا
يصيح كل حجرمغـتصب
تصرخ كل ساحة من غضب
يضج كل عصبٍ
الموت لا الرّكوع
موت ولا  ركوع ..
( سميح القاسم ) 
المعلم : من يذكر لنا 3 أمثلة من  الزواحف ؟

التلميذ : أبو بريص ، وأم بريص ، وابنهم  بريص .. !!
 

الخصخصة في تونس ليست وليدة الحقبة النوفمبرية بل هي مشروع متكامل بدأ منذ سنة 1970-1971 منذ شهد الاقتصاد توجها ليبراليا لتنخرط تونس في البرنامج العالمي لإعادة الهيكلة (P.A.S) الذي وقع ارساؤه سنة 1986، وتدعّم ذلك التوجه بالتوقيع على اتفاقية مراكش سنة 1994 تاريخ الانخراط نهائيا في منظمة التجارة العالمية ..  
وقد ساعد الاطار التشريعي سنة 1985 عبر إحداث صندوق إعادة هيكلة رأس مال المؤسسات العمومية لتطلق تونس موجة خصخصة مؤسساتها في نهاية عام 1987 فتطال العملية المؤسسات التجارية والسياحية ثم قطاعات الصناعة الكهربائية والميكانيكية والبناء (قطاع الاسمنت تمت خصخصة جبل الوسط« و»النفيضة« و»قابس« و»جبل الجلود ) ليتجاوز العدد 217مؤسسة عمومية وشبه عمومية في موفى سنة 2010 بين خصخصة كلية( 114) وجزئية( 29)، وبيع العمومي للأسهم ( 10) وتصفية (41) وإسناد (5 لزمات) وعمليات أخرى( 18) . 
والخصخصة نقل ملكية مؤسسة والتصرف فيها من القطاع العام إلى القطاع الخاص. وهي ايضا فتح قطاع أو نشاط تابع للقطاع العام أمام الخواص بذريعة عدم جدوى القطاع العام وضعف مردوديته التي تجعل منه عبئا ثقيلا على ميزانية الدولة يستوجب تغيير المعايير الاقتصادية والاجتماعية التي كانت تحكم القطاع العام بمعايير جديدة تعتمد على السوق وعلى منطق الربح ولتمرير مشروع النهب المقنن تسترت الدولة بادعاء تحقيق :
-  الرفع من أداء القطاع الخاص وتدعيم الاستثمار الخاص من خلال تحسين القدرة التنافسية للمؤسسات وتعبئة رؤوس الأموال وتسهيل نقل التكنولوجيا
-  جلب الاستثمارات المباشرة الأجنبية.
 - التخفيف من الأعباء المالية التي تتحمّلها الدولة وفي الآن نفسه توفير موارد مالية اضافية من شأنها أن تساعد الدولة على تمويل نفقاتها
 - تنشيط السوق الماليّة لتقوم بدورها المتمثّل في تعبئة المدخرات المالية لفائدة الاستثمار.
وقد عملت الدولة ضمن رؤية واضحة على تطبيق سايكس بيكو اقتصادي جديد وفق خارطة طريق واضحة على مراحل :
-  المرحلة الاولى (1987/1991) حيث كانت الخصخصة تشمل أجزاء من المؤسسة وبيع بالجملة للأسهم وفتح رأس المال للعموم. واقتصر التفويت على قطاعات التجارة والفلاحة والسياحة ونقل البضائع
- المرحلة الثانية فقد انطلقت بداية المخطّط الثامن (1992 1995) خوصصة نشاطات تعتبر عادة استراتيجية بواسطة اللزمة وكرّاس الشروط وطالت ميادين إنتاج الكهرباء والتطهير والإسمنت والبنوك والتأمين والسوق الحرّة في المطارات
- المرحلة الثالثة بدأت منذ 1996 الى 2011 وربما الى اليوم؟؟؟ وهي خصخصة بنسق سريع تشمل المؤسسات الرابحة . كل هذه الاجراءات تمت بعيدا عن الشعب ودون الرجوع اليه واستفتائه خاصة وان الخصخصة شملت القطاعات الحساسة والاستراتيجية في البلاد ولم تكن تصب في مصلحة المواطن بل كانت اعلانا صريحا من الدولة بالتملص من مسؤولياتها ..                           عمليات الخصخصة التي طالت المؤسسات التجارية والسياحية ثم قطاعات الصناعة الكهربائية والميكانيكية والبناء لم تتوقف بتهريب بن علي ففي سنة  2011 تم التفويت في
 % 35في المائة من رأسمال الشركة التونسية لتوزيع البترول ( سادس أهم مؤسسة تونسية من حيث حجم المعاملات )
 % 35  في المائة من شركة اتصالات تونس لخدمات الهاتف ( مؤسسة تحقق ارباحا وايرادات عالية وتشغل عددا كبيرا من العمال والفنيين )
- 10 المائة من مساهمة الدولة في الشركة الوطنية للاتصالات 
% 51  بالمائة من رأسمال الشركة التونسية للتنقيب
-  كتلة الأسهم بالبنك التونسي الفرنسي بقيمة 78 بالمائة
% 50  بالمائة من رأسمال شركة الفولاذ 
% 20  بالمائة من رأسمال الشركة الوطنية لتوزيع البترول
- الشركة التونسية للسكر .
كل هذا في اطار ضمان تعهدات الدولة والمحافظة على صورتها في العالم حتى وان أدى الأمر الى تدمير البنى الاقتصادية واستنزاف المقدرات والخيرات الوطنية وذبح التونسيين سواء العاملين في القطاعات المخصخصة ممن تم تسريحهم او من كان جزءا من دورة اقتصادية صغرى ترتبط بتلك المؤسسة بشكل مباشر او غير مباشر  .. ورغم ان الخصخصة فضحت ما يجري من استباحة للاقتصاد التونسي غير القادر على المنافسة وغير المتمتع بآليات حمائية من الاسواق الاجنبية ومن رأس المال الاجنبي وعرّت بعض العائلات المرتبطة بعلاقات مصلحية بالنافذين داخل النظام الذي متّعهم  بتسهيلات للحصول على شركات ذات مردودية ربحية عالية عبر صفقات “ تحت الطاولة ” ودون تبتيت ، فان الصمت عن هذه المؤسسات لازال مخيما ولا أحد طرح الحل الملائم لاستعادة المال المنهوب ، وانهاء اكبر سرقة مقـننة في تونس … و لعل الكشف لطريقة التفويت في ثلاث شركات كبيرة بعد اخضاعها لإعادة هيكلة بغرض بيعها إلى القطاع الخاص يقرّب الصورة ..
 / 1 الشركة العامة لصناعة النسيج SOCITEY : تمت تجزئتها إلى عدة وحدات متخصصة لها أنشطة متجانسة وتحولت إلى شركة أم هي SOGITEY، وشركة متخصصة في النسيج SITEX وانتاجها مخصص للسوق المحلية إلى SITER لإتمام المنسوجات للسوق المحلية تمت إعادة الهيكلة تسهيلا لعملية التفويت لتكون وحدات صغيرة في متناول امكانيات القطاع الخاص. ونالت الشركات الاجنبية نصيبها من المساهمة ( شركة SITEX مثلا مؤسسة التمويل الدولية IFC ولمستثمرين آخرين ) .  
2 / الشركة التونسية لمواد البناء SOTIMACO: التي أنشئت سنة 1960، وتم التفويت في عناصر أصولها بعد إعادة هيكلتها وتحويلها إلى شركة أم تباشر التسيير المركزي على وحدات المجموعة
3 / الشركة التونسية للنزل والسياحة : التي خضعت لعمليات متكررة من التصحيح الهيكلي وحضيت بدعم كبير ليتم في (1983) بيع الوحدات الفندقية للشركة التونسية للنزل والسياحة على ثلاثة مراحل ..  
نظريا الهدف المعلن دعم الاستثمارات الخاصة المحلية وجلب المستثمرين الأجانب والتفريط في المؤسسات العمومية لفائدة القطاع الخاص وفعليا كان المطلوب من الماليات العالمية :
أ ‌- انسحاب الدولة من النشاطات التنافسية . 
 ب ‌- افقاد الدولة الركائز التي يقوم عليها دورها التعديلي في النشاط الاقتصادي .. 
 ت‌ - تقليص هامش تحرك الدولة وإضعافها لفتح ابواب الاقتصاد التونسي على مصراعيه للمتاجرين بقوت الناس ..                                                
وكانت التكلفة الاقتصادية والاجتماعية فوق كل التوقعات ودفعت المجموعة الوطنية للحاكمين الفعليين الجدد بطالة ابنائها وتسريح الاف العمّال وافلاس شركات ولم يتوقف الامر عند ذلك بل تجاوزه الى امتيازات تقدمها الدولة بالالف الدينارات دعما ومساعدة واعادة هيكلة وهذا ليس غريبا اذ الحقيقة التي كانت عليها الخصخصة ليس نقلا للملكية من الدولة الى قطاع خاص بل تفويتا لبعض المقربين من النظام القائم الذين استفادوا مرتين مرة حين اقتنوا المؤسسة دون سعرها الحقيقي ومرة ثانية حين استحوذوا دون سواهم على جميع المنافع المتأتيّة من الخصخصة                                       
لقد كانت الخصخصة هجوما ممنهجا على القطاع العام لانهائه في اطار المنظومة الدولية الجديدة لتقسيم الاسواق وبتعلة غياب التصرف المجدي في القطاع العام والترهل الذي اصبح عليه وضعف الجدوى الاقتصادية للمؤسسات العمومية وهي تعلاّت تستند الى المردودية المالية للمؤسسات وتلغي دورها الاجتماعي كالمحافظة على الأجراء ومقاومة البطالة ودفع الأجور وسياسة أسعار منخفضة، وغيرها
 لقد استفاد من الخصخصة المقربون للسلطة الذين لم يستلموا مؤسسات حكومية عاجزة ماليا او خاسرة بل استلموا مؤسسات تدر ارباحا طائلة ولان همهم الأكبر تعظيم الربح قاموا بتسريح عدد كبير من العمال وساهموا في زيادة البطالة ، وزاد من تفاقم النهب فسح المجال للاجانب الشيء الذي ادى الى انتقال الأموال المستثمرة الى خارج البلاد عن طريق الدخول الأجنبية لأصحاب المؤسسات الخاصة .. 
ولم يميز بين المؤسسات ذات البعد الإستراتيجي للإقتصاد وبين غيرها في الوقت الذي كان قطاع الاسمنت مثلا مرشحا لمنافسة معامل الاسمنت الأوروبية التي أصبحت عجوزا واصبحت كلفة تعويضها أعلى بكثير من شراء معاملنا . وفي الوقت الذي كانت الشركات الاستراتيجية ( الشركة الوطنية لتوزيع النفط عجيل والشركة التونسية للتنقيب ) قادرة على حفظ التوازنات المالية للدولة بمزيد دعمها من طرف الدولة وترشيد التصرف فيها .. و وسط كل هذا الخراب وبعد تهريب بن علي لا يزال ضباب كثيف يلف هذه الشركات ومصيرها ولا زال صمت السياسيين عنها متواصلا ولازالت الدول تسعى الى مزيد تحميل المواطنين اخطاء سياسات نصف قرن واختيارات “ متخارجة تخدم مصالح الشركات العابرة للقارات ورأس المال العالمي وتدوس ارادة الشعب في ادارة شؤونه بنفسه ولا يزال الاقتصاد التونسي يقوم على ثنائية حسن الاداء الاقتصادي واستراتيجية الاستقرار في غياب أي مشروع اقتصادي جماعي للدولة اعادة النظر في الخصخصة وفي الشركات المخصخصة واستعادتها من طرف الدولة احد اهم الحلول التي تمكن تونس تخفيف العبء على التونسيين وايجاد موارد مالية قد تغير كثيرا في خارطة المشهد الاقتصادي   ..


ان المتأمل في الأرقام والاحصائيات المتعلقة بحوادث المرور في تونس  يجد ارقاما مفزعة تبين حجم الكارثة ومدى تأثيرها على حياة الناس والمجتمع .. و هو ما يبين فعلا أن الارقام المسجلة في حوادث الطرقات عندنا ، تفوق بكثير أرقام الضحايا المسجلة في الحروب والانتفاضات ..
وعلى سبيل المثال فان عدد الشهداء الذين سقطوا خلال الانتفاضة الأولى التي دامت 6 سنوات متواصلة من 1987 الى 1993 ،  بلغ 1162 شهـيدا ، وهو أقل من كل الأرقام المسجلة عندنا في حوادث الطرقات خلال سنة واحدة .. !!
ورغم ان الانتفاضة الفلسطينية الثانية كانت الاعنف والأكثر ضحايا حيث وصل عدد الشهداء فيها الى 4412 شهيدا وهي التي دامت خمس سنوات من سنة 2000  الى 2005 ، الا ان  أرقام  ضحايا حوادث الطرقات عندنا أكثر بكثير لو جمعناها خلال نفس الفترة .. !!
ففي 2008 مثلا بلغت الارقام حسب وزارة الداخلية 10073 حادثا نتج عنها 1530 قتيلا و14085 جريحا ..
أما في السنوات اللاحقة التي شهدت نقصا طفيفا في عدد الحوادث ، تقول مصادر الادارة العامة للحرس الوطني أن العدد قد بلغ 8924 حادثا مروريا سنة 2010  مخلفا 1208 من القتلى .. وأن عدد الحوادث سنة 2011 قد وصل الى 8509 من الحوادث  ، نتج عنها 1485 قتيلا و12653 جريحا وتحتل ولاية تونس المرتبة الأولى بمجموع 2052 حادثا .
كما تشير الإحصائيات الرسمية الصادرة عن  الحرس الوطني حول حوادث المرور لسنة  2012 إلى تسجيل 9351 حادثا نتج عنها عددا أكبر من القتلى يفوق كل السنوات السابقة بلغ 1623 شخصا .. !!
وفي نفس السياق فان عدد الحوادث لسنة 2013 قد وصل إلى 8809  حادثا متسببا في مقتل 1499 شخصا وإصابة 13458 آخرين بجروح متفاوتة .
أما في سنة 2014 فان الارقام لا تختلف كثيرا حيث صرّحت مصادر وزارة الداخلية بوقوع عدد 7971 حادث مرور خلفت 1565 قتيلا و12354 جريحا ..

وفي جانب آخر من الاحصائيات المرورية المتعلقة بالضحايا ، كشف مدير حركة المرور على الطرقات بوزارة النقل ، ان ما بين 4 و5 تونسيين يلقون حتفهم يوميا جراء حوادث الطرقات  ..

واكد مسؤول الوزارة فى تدخله خلال يوم دراسي حول تحسين السلامة المرورية ان حوادث الطرقات تكلف شركات التامين ما بين 60 و100 الف دينار عن كل حالة وفاة ، وحوالي 10 الاف دينار لكل جريح جراء هذه الحوادث . .

وعلى نطاق آخر فقد اكدت الجمعـية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات ،  أن تونس تحتل المرتبة الأولى عالميا في الحوادث المرورية بما فيها عدد الضحايا ..



 ونجد في هذا الصدد مقارنة وتأكيد في صحيقة الجمهورية ينص على نسبة الضحايا في تونس وفي سويسرا تقول : " اللافت للانتباه  هو أنّ تونس لا تزال تحتل المراتب الأولى في حوادث المرور في العالم فمقارنة ببعض الدول الأوربية مثلا نكتشف الفارق الشاسع ففي سويسرا نجد أنه على كل 100 ألف ساكن هناك  4.9 قتيل ، وفي فرنسا 7.5 قتيل عن كل 100 ألف ساكنا ، أما في تونس فعن كل 100 ألف ساكن يموت 34.5 مواطن أي اكثر خمس مرات مما هو في فرنسا . ومن أهم أسباب الحوادث في تونس نجد السرعة المفرطة والقيادة تحت تأثير المواد الكحولية .."
  محمد عامر .
تمهيد:  
قررت الشريعة الاسلاميه ضوابط وشروط محدّده للجهاد ، وقد أشار العلماء إلى هذه الضوابط والشروط الشرعية  .
شمول مفهوم الجهاد : 
 أن مفهوم الجهاد غير مقصور على القتال ، بل يشمل (من جهة الوصف) الجهاد بالقلب والنفس واللسان والأموال… عَنْ أَنَسٍ (رضي الله عنه) أَنَّ اَلنَّبِيَّ (صلى الله عليه وسلم )  قَالَ ( جَاهِدُوا اَلْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ ، وَأَنْفُسِكُمْ ، وَأَلْسِنَتِكُمْ ) (  رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَالنَّسَائِيُّ ، وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِم ) ، كما يشمل ( من جهه النوع ) جهاد النفس ، وجهاد الشيطان ، وجهاد الكفار، وجهاد المنافقين … عن فضالة بن عبيد (رضي الله عنه)  قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في حجة الوداع  ( ألا أخبركم بالمؤمن : من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم ، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله ، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب) ..
 من شروط وضوابط الجهاد :
النية : من شروط الجهاد النية ، فعنْ أَبِي مُوسَى قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : الرَّجُلُ يُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ رِيَاءً فَأَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ : مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ”  .
إذن الوالدين : ومن شروط الجهاد  الحصول على إذن الوالدين ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ) يَقُولُ ( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ فَقَالَ : أَحَيٌّ وَالِدَاكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ! قَالَ : فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ ) .  يقول الإمام الشوكاني ( يجب استئذان الأبوين في الجهاد وبذلك قال الجمهور ، وجزموا بتحريم الجهاد إذا منع منه الأبوان أو أحدهما ، لأن برّهما فرض عين والجهاد فرض كفاية ) .
الإعداد للقوه : ومن شروط الجهاد  الإعداد للقوة ، قال تعالى ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ )(لأنفال : 60   ) .
الجهاد مع جماعة المسلمين :   ومن شروط الجهاد انه يكون مع جماعه المسلمين ، وليس مع آحاد الناس أو جماعه من المسلمين ، قال تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا ) ( التوبة :  38 ) ، ويترتب على هذا أن الجهاد إنما يكون مع الإمام ، يقول الرسول ( صلى الله عليه وسلم )( إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ ، يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ ، وَيُتَّقَى بِهِ ، فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ – وَعَدَلَ ، كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ، وَإِنْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ ) ..

لا قتال لمن يقيم الصلاة ويؤذن لها : من ضوابط الجهاد انه لا قتال لمن يقيم الصلاة ويؤذن لها ،عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ النَّبِيَّ  ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا قَوْمًا لَمْ يَكُنْ يَغْزُو بِنَا حَتَّى يُصْبِحَ وَيَنْظُرَ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ عَنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ عَلَيْهِمْ  ..
حرمة قتل المعاهدين والمستأمنين : ومن ضوابط الجهاد عدم جواز قتل المعاهدين والمستأمنين ، قال الرسول ( صلى الله عليه وسلم )( مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا ) ( رواه البخاري في صحيحة )  .
عدم جواز نقض العهود والمواثيق : ومن ضوابط الجهاد عدم  نقض جواز العهود والمواثيق التي يعقدها المسلمون ، قال تعالى (وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ ) ، ولذا قرر الفقهاء أن الإمام إذا عاهد قومًا ، أو أَمَّنَهُم لزم من تحت يده أن يلتزموا بما صدر من الإمام من عهد وميثاق ، ويحرّم عليهم أن ينقضوا ذلك العهد ، يقول الإمام ابن قدامة ( وَيَصِحُّ أَمَانُ الامَامِ لِجَمِيعِ الْكُفَّارِ وَآحَادِهِمْ ، لأنَّ وِلايَتَهُ عَامَّةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ) ( المغني (9242) ، فإذا خِيفَ أن يقاتل  العدو المسلمين في وقت العهد والميثاق فإنه حينئذ يُبَلَّغُ بانتهائه ، كما قال تعالى ( واِمَّا تخافـنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذ إِلَيْهِمْ على سَوَاءٍ )( الأنفال : 58  )،  و لذا حرمت الشريعة الخيانة ، يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم )( يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِر لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فـَيُـقَالُ : هَـذِهِ  غـدْرَة  فــلانٍ  ) ..
 عدم جواز قـتـل المدنيين:  ومن ضوابط الجهاد عدم جواز قتل المدنيين كالنساء  والولدان والشيوخ والأجراء و الرهبان ، روى عن أنس بن مالك ( رضي الله عنه ) أن الرسول صلى الله عليه و سلم كان إذا بعث جيشاً قال  : ( انطلقوا باسم الله لا تقتلوا شيخاً فانياً و لا طفلاً صغيراً ولا امرأة ولا تغلوا وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ) ( رواه أبو داود في السنن ) ، ووجد النبي صلى الله عليه وسلم   في بعض مغازيه امرأة مقتولة ، فقال : « مَا كَانَتْ هَذِهِ تُقَاتِلُ فِيمَنْ يُقَاتِلُ ( أخرجه أحمد  )   ..  

وجاء في وصيه ابوبكر الصديق ( رضي الله عنه) للجيوش والسرايا ( لا يقتلوا وليدًا ، ولا شيخًا فانيًا ، ولا امرأة ، ولا معـتـزلا في صومعة ، وهم في هذا مقتدون بالنبي - صلى الله عليه وسلم فإنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ ، أَوْ سَرِيَّةٍ ، أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللهِ ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قَالَ : « اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ فِي سَبِيلِ اللهِ ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ ، اغْزُوا وَلا تـغـلُـوا، وَلا تَغْدِرُوا ، وَلا تَمْثـلُـوا، وَلا تقــلـوا وَلِيدًا  ).. وبناءا على هذه النصوص فان المذهب  القائل بجواز قتل المدنيين يتعارض مع الشريعة الاسلاميه تعارضا مطلقا ..  


تقديم الهدايا لقاتلة أطفال فلسطين والعراق ..  !!

فلسطين قطر عربي محتل ، وأرضها أرض عربية مغتصبة .. ونصف شعبها مشرّد خارج فلسطين منذ قيام الكيان الصهيوني الغاصب سنة 1948 .. والبقية الباقية تعاني من الحصار والحروب والدمار بصفة مستمرة  كل عام أو عامين ، منذ ذلك التاريخ  الى الآن  ..
ومن ناحية أخرى فان النظام الرسمي العربي  اعتبر أن قضية فلسطين هي شأن خاص بشعب فلسطين ، فرفعوا ايديهم عن القضية ، ودفعوا بجزء من أهلها الى الاعتراف بالعدو مكتفين بقطعتين مقتطعـتين من ارض فلسطين التاريخية ، معتبرين ذلك انجازا ونصرا كافيا لانهاء الصراع   ..
وفي المقابل ، قامت العديد من التنظيمات على خلفيات متعدّدة معلنة خيار المقاومة والتصدي للعدو ، رافضة الاستسلام للواقع ، متجاوزة حالة الانهيار العربي التي تردت فيهلا الأمة بعد رحيل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ، وخروج مصر من صف المقاومة الى صف المساومة والاستسلام .. فكان ذلك الخيار ، خيارا وحيدا لشعب فلسطين والأمة العربية لاسترجاع الحقوق والمقدّسات ، وهو ما يعني أن المقاومة خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه ،  طالما أنها تقوم بهذا الدور وتحرص على توجـيه سلاحها تجاه العدو ..
أجل المقاومة خط أحمر .. ومحاولات السعي الى تجريمها كما وقع في مصر ، هو خيانة وطعـنة في الظهـر ، وخدمة مجانية للعدو لم يكن هو ـ وحده ـ بقادرعلى انجازها  .. 
( القدس ) .

لو يذكر الزيتون غارسهُ
لصار الزيت دمعا!
يا حكمة الأجدادِ
لو من لحمنا نعطيك درعا
.. !
لكن سهل الريح،
لا يعطي عبيد الريح زرعا
.. !
إنا سنقلع بالرموشِ
الشوك والأحزان.. قلعا!
وإلام نحمل عارنا وصليبنا
.. !
والكون يسعى..
سنظل في الزيتون خضرته
،
وحول الأرض درعا
.. !!
***
إنا نحب الورد ،
لكنا نحب القمح أكثرْ
ونحب عطر الورد
،
لكن السنابل منه أطهرْ
بالصدر المسمر
هاتوا السياج من الصدور..
من الصدور ؛ فكيف يكسرْ
؟؟
اقبض على عنق السنابلِ
مثلما عانقت خنجرْ
.. !
الأرض ،
والفلاح ، 
والإصرار،
قال لي كيف تقهر
..
هذي الأقاليم الثلاثة
،
كيف تقهر
.. ؟

الزيتونة .. رمز للهوية                  : 
ما من شك في أهمية الأدوار، التي أدّاها جامع الزيتونة في تاريخ تونس وشمال إفريقيا، فقد كان قلعة للنضال ضد المستعمر، ورمزا لهوية البلاد. فعلى يدي أحد أبنائه وأهم رجالات الكفاح الوطني انطلق عمل الحزب الحر الدستوري التونسي ، وهو الشيخ المناضل عبد العزيز الثعالبي ، صاحب الكتاب الشهير " تونس الشهيدة "، مع زمرة من إخوانه     .
انخرط الشباب الزيتوني في كل أشكال النضال السياسية والفكرية والعسكرية ، عبر انخراط عدد منهم في حركة التحرير المعروفة في تونس بـ " الفلاقة " ، إلا أن هذا الجانب من تاريخ الجامع وقع طمسه بشكل كبير، حتى إنك لا تكاد تجد أي مرجع يتحدث عنه، رغم الحركية الكبيرة ، التي عرف بها طلاب الزيتونة ، وانخراطهم الكبير في حركة التحرير بكل أشكاله، وقيامهم بعدة تحركات، وسجن العديد منهم ، ونفي عدد آخر، في فترات مختلفة من رحلة الكفاح الوطني، كما حدث مثلا إثر حركة الاحتجاج ، التي قام بها الطلبة في 7 آذار  /مارس  عام  1936، حين قاموا بمظاهرات انطلقت من منطقة الملاسين . وعند وصولهم إلى ساحة الغنم اشتبكوا مع قوات الأمن الاستعمارية ، التي حاولت منع الطلبة من مواصلة مسيرتهم ، فصدتهم بشكل عنيف جداً ، واعتقل عشرات الطلبة، ووقع الزج بالعشرات في سجون الاحتلال، وقامت عدة محاكمات ، وأبعد العديد منهم خارج العاصمة أو خارج البلاد جملة .. وهناك بعض التفاصيل في موضع آخر من هذا المؤلف ، حول الحضور التونسي في معارك الأمة             .
إلى جانب هذا الدور النضالي كان لجامع الزيتونة دور أكبر وأهم ، عبر تاريخه الطويل ، فإليه وحده يعود الفضل الكبير في المحافظة على هوية البلاد العربية الإسلامية ، حتى قال فيه الأمير شكيب أرسلان : ".. وإنا نكون غفلنا عن الحق وأهملناه جانباً إذا كنا لا نقول إنه في القرون الأخيرة ، لولا بقاء الأزهر والأموي والزيتونة والقرويين ، لم يكن بقى أثر من آثار اللغة العربية ، فضلاً عن الشريعة الإسلامية " .
إذن ، لعبت الحركة الزيتونية التي عاشت واقع التهميش في عهد الحماية الفرنسية ، دوراً كبيراً في الدفاع عن الهوية العربية الإسلامية لتونس ، وبناءً على ذلك أصبح التعليم الزيتوني والزيتونيين أصلاً من أصول الروح الوطنية ، ومظهراً من مظاهر ثورة التونسيين قاطبة في وجه الاستعمار       .
هكذا استغلت الحركة الزيتونية الظروف الجديدة المنبثقة عن الحرب العالمية الثانية لتتجاوز بعدها الثقافي وتكتسب بعداً وطنياً وقومياً من خلال تمسكها بالعروبة والإسلام .  
ومن أبرز مظاهر هذا البعد الوطني مشاركة الشيخ محمد الفاضل بن عاشور - رمز هذه الحركة - في مؤتمر ليلة القدر يوم 23/8/1946، الذي أجمعت خلاله كل القوى الوطنية، لأول مرة ، على المطالبة بالاستقلال التام، ومشاركته قبل ذلك في المؤتمر التأسيسي للاتحاد العام التونسي للشغل في 20/1/1946، موظفاً التشريع الإسلامي لتبرير العمل النقابي.
ومن أبرز مظاهر البعد القومي لهذه الحركة الدور المتميز، الذي لعبته في "لجنة الدفاع عن فلسطين العربية" بقيادة الشاذلي بلقاضي ومحمد الفاضل بن عاشور عن طريق القيام بجمع التبرعات وإرسال المتطوعين للقتال في فلسطين ، وسنتحدث عن ذلك بالتفصيل ضمن فقرة الحضور التونسي في معارك الأمة، كما أنها حوّلت ذكرى تأسيس الجامعة العربية في 22/3/1945 عيداً قومياً سنوياً للعروبة .
والحقيقة أن فرصة الانخراط الفعلي للحركة الزيتونية في الحركة الوطنية التونسية غداة الحرب العالمية الثانية، قد جاءت من داخل الحزب الدستوري الجديد عن طريق رسالة بعث بها يوسف الرويسي من دمشق نشرتها صحيفة " صوت الطالب الزيتوني " يوم 22/11/ 1960، يعبّر فيها الرويسي عن معارضته للأسس التي قامت عليها مشاركة الحزب الدستوري الجديد في حكومة محمد شنيق التي تشكّلت في  17 / 8 / 1950  للتفاوض مع فرنسا من أجل الوصول، على مراحل إلى الحكم الذاتي.  ويعتبر يوسف الرويسي عضو الديوان السياسي للدستور الجديد أن ذلك يعدّ خيانة لمقررات مؤتمر الاستقلال ( 23/ 8/1946) و" قرارات لجنة تحرير المغرب العربي " اللتين لا تعترفا إلا بالاستقلال الكامل                .
وكانت الحركة الزيتونية تخشى من توصل الحزب الدستوري الجديد إلى تسوية الاستعمار الفرنسي ، تمكّن فرنسا من إرساء هيمنتها الثقافية والسياسية على تونس بالتعاون مع قسم من أبنائها ، بعد أن فشلت بمفردها لمدة سنوات طويلة في طمس مقومات الهوية العربية الإسلامية للشعب التونسي ، فكان التناقض صارخاً بين مشروع الدستور الجديد الذي يفهم التجديد على أنه تقليد للغـرب واعتناق للقيم الليبرالية والإنسانية سليلة الثورة الفرنسية ، وتصوّر التيار الزيتوني الذي يعتبر التجديد إنما هو تكييف للقيم العربية الإسلامية مع مقتضيات العصر         .
هذه الأدوار التي لعبها الجامع كانت من خلال رجالات أسهموا بحظ كبير في إثراء الحياة الفكرية والسياسية والاجتماعية، وصبغوا بلونهم مراحل طويلة من تاريخ هذا البلد، فالزيتونة لم يكن عظيماً بمؤسسيه ولا بتاريخه الطويل فحسب،إنما كان عظيماً أيضا برجالاته ، الذين ملؤوا الدنيا وشغلوا الناس، أمثال : ابن خلدون ، المفسر ابن عرفة ، الشيخ محمد النخلي، الشيخ إبراهيم الرياحي، الشيخ محمد الخضر حسين، الشيخ محمد الصادق النيفر، الشيخ عبد العزيز الثعالبي، العلامة الشيخ الطاهر بن عاشور الذي عمل على توطيد أركان الإسلام، في الوقت الذي كان الاستعمار يسعى إلى انتزاع الشخصية الدينية والوطنية والثقافية من المواطن التونسي .
عطالة حضارية .. بعد الاستقلال         :
لم تحظ مؤسسة جامع الزيتونة خلال الفترة التي تقع قبيل الاستقلال وبعيده، بأي دراسات خاصة، ولقد عمل الرئيس بورقيبة منذ اللحظة الأولى على وقف هذه المؤسسة التربوية، واعتبرها رمزاً من رموز التخلف الفكري للمجتمع التونسي، ولم يقبل على الإطلاق المحافظة حتى على التسمية عندما اقترح عليه السيد أحمد بن صالح انبعاث جامعة الزيتونة، احتراماً ووفاء لتاريخها ودورها الحضاري المتألق في الماضي(18)... الأمر الذي أدّى إلى دخول المساجد عامة والزيتونة بصورة خاصة ـ بعد إغلاقه ـ في عطالة حضارية، توقفت فيها عن أداء وظيفتها الاجتماعية ورسالتها التربوية، ليحل محلها رسالة بديلة عنوانها تمكين الفكر الغربي والإلحاق الحضاري.
يتحدث محمد الحبيب الهيلة عن دور الزيتونيين في المعركة من أجل الاستقلال: " هناك مثل يقول : " تعسا لمن غُلِب "، والزيتونيين غُلبوا، وهم أول من نادى بالإصلاح في مجال التعليم، فأول إضراب عن الطعام وقع في الزيتونة .. والزيتونيون مُنِعوا من كل شيء ، ثم يقال لهم : لماذا لم تتقدموا ؟. فالشيخ الفاضل بن عاشور كان في حكم المتنحّي ، وكان بورقيبة يقلقه  كثيراً ".. ويذهب الهيلة إلى حد القول بأن ما حدث للزيتونة كان محل اتفاق بين فرنسا والذين تلوها في حكم تونس، وعائلات نزحت إلى تونس من مناطق عديدة على ضفاف المتوسط ، وكلهم اتفقوا على أن يكون البلد بهذا النمط (19) .  
مثّلت الزيتونة مركز الضمير الجمعي ورمز الهوية الحضارية العربية الإسلامية للشعب التونسي ، ذلك أن "أعظم معالم المجد القومي في البلاد التونسية وأجمعها للمعاني التي تمثّل عظمة الماضي وضمان الحاضر والمستقبل هو جامع الزيتونة " لأنه : " يمثّل قدسية الدين وعراقة المجد "، و" عظمة الحضارة الإسلامية وسلطان الثقافة العربية " (20) .

هوامش : (18) جاء ذلك في تقديم أعده د.عبد الجليل التميمي للشهادة الشفوية التي قدمها د. محمد الحبيب الهيلة (أحد رجالات الزيتونة حيث دخلها طالباً في السنة الدراسية 1936/1937 وبقي ملتصقاً بها ودرّس في كلية الشريعة التي أعيد فتحها بعد إغلاق جامعة الزيتونة إلى حدود سنة 1986) على منبر مؤسسته يومي 31 كانون الثاني / جانفي و14 شباط / فيفري 2009 . وتعكس هذه الشهادة حقيقة الإهمال الذي تعرضت له جامعة عريقة في عالمنا الإسلامي مثل جامعة الزيتونة من قبل الدولة الوطنية الحديثة                     .
(19)
عادل الثابتي ، الزيتونة ودولة الاستقلال .. شهادة شفوية حول مصير الزيتونة بعد الاستقلال ـ أقلام أونلاين ـ العدد 23 ، السنة السابعة ، أيار/ ماي – حزيران / جوان  2009. 
(20)
 ابن عاشور ( محمد الفاضل ) ، الحركة الأدبية والفكرية في تونس ، الدار التونسية للنشر، الطبعة الثالثة ، تونس ، أفريل 1983، ص 214. 




مهما قيل في نقد التجارب الوحدوية العربية ، ومهما حاول أعداء الوحدة أن يروّجوا لفكرة موتها ، فإن أي موقف يتصف بالموضوعية لا يستطيع إنكار أن في الوحدة العربية خلاص الأمّة التي تعاني ما تعانيه من تجزئة واحتلال وتخلّف ، وتتعرّض اليوم لهجمة امبريالية صهيونية على يد الإرهاب التكفيري الذي ينفّذ بوحشية ما بعدها وحشية مخطط تدمير الدولة القطرية وتقسيمها .
لم تنجح التجارب الوحدوية، وكان الانفصال نهاية التجربة السورية المصرية ، هذه حقيقة . ولكن هل يعني ذلك ان السبب هو عقم الفكرة الوحدوية ذاتها كما يردّد أعداء الوحدة الذين يسعون إلى نسفها من الأساس. ليس السبب في الفكرة بل في التطبيق الذي ظهرت فيه أخطاء كثيرة، لكنه ليس السبب الوحيد فثمّة أيضاً عداء القوى الاستعمارية والرجعية العربية للوحدة والذي تجسّد في التآمر عليها، وكان له دوره في إجهاض تجاربها ولا سيما الوحدة بين سورية ومصر.
لكن أخطر ما أصاب الوحدة ليس فشلها ، فقد كان ممكنا استخلاص الدروس اللازمة منه، والعمل على إقامة التجربة الوحدوية على أسس سليمة تضمن لها النجاح. لكن ذلك لم يحدث بل حدث على العكس تماماً انصراف كلّي على الفكرة. وحذفت الوحدة من الأجندة السياسية العربية لتصبح شيئاً من الماضي  .
بمعنى آخر تعرضت فكرة الوحدة إلى اغتيال سياسي من قبل النظام الرسمي العربي، رافقه ـ وهذا أخطر بكثيرـ اغتيال فكري وثقافي وإعلامي . وصودرت التربية القومية التي خلقت أجيالاً من المؤمنين بهدف الوحدة النبيل، والذين ردّودها شعاراً، وحفظوها أغنية ونشيداً ، وحملوها في عقولهم وقلوبهم كأيقونة ، وفُرضت على الأجيال الجديدة ثقافة معادية للوحدة فكان هذا الانفلات الكارثي لنعرات التعصّب الديني والطائفي والمذهبي . وأخيراً هذا الإرهاب التكفيري الذي يضرب الدولة القطرية ذاتها  ...
في الذكرى السابعة والخمسين للوحدة السورية المصرية، يمكن القول ، دون تردّد ، ان الاغتيال الرجعي العربي لفكرة الوحدة العربية هو السبب الأوّل لهذا الانهيار المأساوي الذي تعيشه الأمّة والذي يُنذر بما هو أسوأ بكثير... وإن خلاصها الحقيقي لا يكون إلاّ بالوحدة .  
يا اخواني يجب أن يشعـر كل فـرد بأن عـزة المواطن الآخر تتمثل في عـزته ، وبأن كـرامته جزء من كـرامة اخيه ، لأن كـرامتكم جـزء من كـرامتي ، وعـزتكم جـزء من عـزتي ، وبهذا يا اخواني  اذا دافعـتم عن عـزة الآخرين وكـرامتهم و حريتهم فانما تدافعون عن عـزتكم و وكـرامتكم ..  /   جمال عبد الناصر .
 


الدفاع عن مصلحة التلاميذ معقول من  أي جهة كانت رسمية أو غير رسمية ، حينما يكون هناك تهديد فعلي لتلك المصلحة  ..
غير أن تشويه نضالات المربّين وهم يطالبون بحقوقهم المادية والمعـنوية ، ويدافعون عن التعليم العمومي المستهدف في هذه المرحلة  ، وتأليب الرأي العام ضدهم ، فهذا غير مقبول ، وغير معقول تحت أي عنوان ، وبأي شكل كان  ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق