بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 29 مارس 2015

الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (6) .

الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (6) .

لا شك أن ما وصلت اليه الامة العربية اليوم من فرقة وتشتت وصراعات لا تقع المسؤولية فيه كاملة على القوى المعادية والمعتدية وحدها .. بل لعل جزءا كبيرا من تلك المسؤولية تتحمله بالدرجة الاولى العديد من القوى الوحدوية التي وصلت الى السلطة في بعض الاقطار مثل سوريا والعراق وليبيا .. وهي التي سايرت الواقع في كثير من الاحيان ، ودخلت لعبة الصراعات العربية ـ العربية بين الدول الاقليمية وداخلها ، طلبا للزعامة على المستوى القومي ، والانفراد بالحكم والبقاء فيه أكثر ما يمكن من الوقت على المستوى القطري .. وقد كان ذلك الخيار سببا في وقوع تلك الصراعات العنيفة بين رفاق الدرب الذين حوّلتهم المصالح الى أعداء يتبادلون الاتهامات ، ويتوعّد البعض منهم بعضهم الآخر، ويلاحقه في الداخل والخارج  .. وهو ما أدّى  الى الانقسامات  التنظيمية ، ثم الى القطيعة ، مثلما حصل داخل حزب البعث الذي انقسم الى شطرين : شطر في سوريا وشطر في العراق   وفي بقية الاقطار احزاب بعثية تابعة لهذا القطر أو ذاك  .. وهكذا فرّطت تلك القوى في الكثير من الفرص التي كان بالامكان استغلالها في تحقيق الوحدة الحقيقية  لولا تغليب المصالح القطرية والحزبية بعدما وصلت الى السلطة في كلا القطرين .. ثم سرعان ما تحوّلت الى قوى اقليمية مضادة للوحدة لا تتردّد في التنكيل بالوحدويين حينما لا يعبّرون عن الولاء لهم ، أو حينما ينتقدون سياساتهم المناقضة لشعاراتهم المرفوعة الخ .. ورغم أن الأنظمة القومية التي تولت السلطة في ليبيا والعراق وسوريا قد سعت الى بناء دول قطرية قوية تقوم على نهضة علمية مثلما فعل الشهيد الراحل صدام حسين .. ورغم أن تلك الأنظمة قد تعرّضت بالفعل للمؤامرات والدسائس من جميع القوى المناهضة للوحدة وللمشروع القومي مثلما حصل لليبيا منذ الثمانينات الى الآن ، والعراق منذ بداية التسعيانت ، ومثلما يحصل الآن لسوريا منذ اربع سنوات الخ .. غير ان الذي  لم تكن تقدر أن تمنعه كل قوى الشر في العالم هو توفر إرادة سياسية حقيقية تحقق الوحدة بين قطرين متجاورين هما سوريا والعراق اللذان يحكمهما حزب واحد هو حزب البعث منذ أواخر الستينات ، وقبل أن تجرؤ الولايات المتحدة على استهدافهما خلال العقدين الأخيرين .. 
وهكذا فعلا ، قد أهدرت القوى الوحدوية تلك الفرص التي اتيحت لها بداية من وحدة مصر وسوريا سنة 1958 ، مرورا بالوحدة الثلاثية بين مصر وسوريا والعراق التي انتهت فيها المفاوضات الى الفشل بسبب تغلب الولاءات الحزبية على الولاء القومي .. وصولا الى التفريط في امكانية توحيد قطرين كبيرين على الاقل يحملان نفس العقيدة ونفس الايديولوجيا ونفس الافكار الوحدوية ... فكان ذلك التفريط وبالا عليهما قبل أن يكون على الاقليميين ..

 ( نشرية القدس العدد 169 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق