بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 15 مارس 2015

الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (4) .


 الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها  .. (4) .

حينما غيّب الموت الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في أيلول سبتمبر سنة 1970 ، كان قد مرّ سبع سنوات على تلك الصيحة الشهيرة التي أطلقها ـ رحمه الله ـ سنة 1963 بعد فشل المباحثات الثلاثية بين مصر وسوريا والعراق ، معلنا إخلاء مسؤوليته عن تحقيق ذلك المشروع من موقعه في السلطة ، مناديا الجماهير العربية والقوى الوحدوية في الوطن العربي بعدم الانتظار وعدم التعويل على الدول الاقليمية  في بناء أي مشروع وحدوي ، والتحرّك مباشرة لتنظيم صفوفها ، وأخذ المبادرة الشعبية لبناء الحركة العربية الواحدة القادرة وحدها على تحقيق ذلك الحلم من خارج أسوار الحكم في الدول الاقليمية التي تمنعها ـ موضوعيا ـ مصالحها ، ودساتيرها وأطرها المغلقة ، من تحقيق تلك الغاية حتى وان كان يقودها القوميون .. فضلا عن المعوّقات التي تلاقيها من المجتمع الدولي وقوانينه التي تعتبر كيان تلك الدول الاعضاء مقدّسا لا يمكن المساس به .. مؤكدا في نفس الوقت على الاسلوب الثوري الذي يقدر وحده على تحقيقها حينما تتوفر الارادة والآداة الجماهيرية القادرة على فرضها .. وقد مات الزعيم الراحل رحمه الله وهو على ذلك المبدأ ، يعمل ـ من جهة ـ  بامكانيات الدولة الاقليمية لتحقيق ما يمكن تحقيقه لمواجهة التحديات التي كان يفرضها الواقع الدولي والاقليمي على مصر .. ومن جهة ثانية من خلال إعطائه الضوء الأخضر للشروع في بناء التنظيم القومي أواخر الستينات ، متخطيا كل العقبات الدستورية التي تمنع قيام ذلك التنظيم باعتبار تناقض غايته مع الوجود القانوني للدولة مثلما ينص عليه الدستور ، وهو ما لا تستطيع اي قيادة أن تقبله أو تقدم عليه ، بدون تلك الروح القومية والارادة السياسية  التي تملكها  مصر في ذلك الوقت ..  
وفي مثل هذه الظروف التي عاشتها الامة العربية أواخر الستينات كانت الجماهير العربية تعيش حالة من الاحباط  بسبب الهزيمة العسكرية التي منيت بها الدول الاقليمية ، لعل اصدق مثال على تلك الحالة ، هو ما عرفته حركة القوميين العرب ، كواحدة من ابرز الحركات القومية في الوطن العربي في تلك الفترة ، من مراجعات وتحوّلات وانقسامات تحت وطاة الهزيمة وفشل المشاريع الوحدوية على المستوى الرسمي بين الدول الاقليمية ، أدت في النهاية الى تحوّل أغلب قياداتها من الفكر القومي الى الفكر الماركسي ، أو الى المزج بين هذا وذاك .. وفي تلك الاثناء استطاع حزب البعث الموجود في أقطار المشرق العربي ، من الوصول الى السلطة في كل من سوريا والعراق ، وهو الذي كان قادته البارزين ينادون بالوحدة ويروّجون لافكارهم الوحدوية داخل اقطارهم وخارجها ، حتى وصل صداها الى كل الأقطار  .. وقد كان يفترض أن يقوم  حزب  البعث بملئ الفراغ الذي تركه ذلك الغياب المفاجئ للزعيم الراحل جمال عبد الناصر على المستوى القومي ليقود الجماهير العربية نحو غايتها المعلنة .. 
غير ان شيئا من ذلك لم يتحقق .. واتجهت الأمور الى الاسوء بانقلاب مصر على المشروع القومي ، وخروجها نهائيا من الصف العربي الى صف الأعداء ، الذين أغراهم انتصارهم في تحييد مصر ، وأصبحوا يخططون لهدم أي مشروع نهضوي حتى على المستوى الإقليمي .. 


 ( نشرية القدس العدد 167 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق