متى
تتوحد امة التوحيد ؟
لقد بعث الله النبيين
موحدين ، داعين ، أن لا اله الا الله . قال تعالى : ( وَما أَرْسلنا مِنْ قَبْلِكِ مِنْ
رَسولٍ إلاّ نوحي إليهِ أَنَهُ لا إلهَ إلاّ أَناْ فاعبُدُون / الأنبياء 25 ) . في البداية قد
كـُـلـّـف كل نبي بتبليغ رسالة التوحيد الى قومه : قال تعالى : ( ولقد ارسلنا نوحا الى قومه اني
لكم نذير مبين / هود 25 ) . وقال : ( والى ثمود أخاهم صالحا ، قال يا قوم اعبدوا الله ما
لكم من اله غيره / هود 61 ) . وقالى تعالى : ( والى مدين اخاهم شعيب ، قال ياقوم
اعبدوا الله مالكم من اله غيره /هود 84 ).. ثم موسى ...
وعـيـسى ... اللذان اراد لهما سبحانه ان تتجاوز رسالتهما اطار الدعوة الضيقة
الخاصة بالقوم ، فبعث موسى الى فـرعون ، و جعل عيسى يتحدّث عن غيره من الانبياء و
يبشـّر برسالة محمد صلى الله عليه وسلم
... حتى جاءت رسالة خاتم الانبياء الى الناس كافة . قال تعالى : وما أرسلناك الا كافة للناس بشيرا
ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون / سبأ 28 .
وفي هذا السياق جاءت رسالة الاسلام ، وانتشر
الدين ، فاستوجبت ظروف الحياة الجديدة والدعوة القائمة ، تأسيس مجتمع
المدينة الذي انطلق منه الفاتحون الى اقصى الارض .. و قد كان ذلك كله
على يد الرسول صلى الله عليبه وسلم ، ثم استمرّ بعده قرونا ، والناس يعيشون
شعبا واحدا ، وأمة واحدة ، مسلمين وغير مسلمين .. لان تعاليم الاسلام كانت واضحة :
قال تعالى : ( فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولـّوا
فإنما عليك البلاغ والله بصيرٌ بالعباد / آل عمران: 20) ...
وهكذا يبقى الوطن للجميع .
أجل . هكذا كان الامر واضحا للرسول فنفـّذ تعاليم
ربه ، وجمع الناس تحت راية دستور واحد ،
فيما بات يعرف بالصحيفة التي وضعها صلى الله عليه وسلم بنفسه لتنظيم
الحياة في المدينة على قاعدة المواطنة ،
فذكر فيها كل فئات المجتمع ، فـئة فـئة ، دون تمييز او امتياز الاّ من خان العهد
والميثاق كما فعل بعض اليهود فعاقبهم الرسول بالنـّفي ..
لذلك لم يكن الاسلام مجرّد دين ، بل كان ثورة
حضارية عظيمة بدأت بتلك النواة التي نشأت في المدينة ، ومنها تكونت امة بأكملها
حين توحّد المشرق بالمغـرب في دولة واحدة
ترفع راية الاسلام ، و حين قدّم الفاتحون لغة جاهزة هي لغة القرآن لتلك الشعوب
التي لم تنصهر بعد امة من الامم ، الاّ
عندما تمكنوا جميعا من الاستقـرار والتفاعل الحر طوال قرون في ظل دولة الخلافة ...
حتى صاروا كما نحن اليوم امة بين المحيط و الخليج ..
ولذلك أيضا لم يرتبط الاسلام بعلاقة مع
الامم الاخـرى كالتي ارتبط بها مع الامة العـربية ... حيث اوجدها ولم تكن موجودة
من قـبل ... و قد ظلت موحّدة تدافع عن كيانها ضد الغـزو الصليبي والمغولي وكل
انواع العدوان حتى مـزّقها أعداؤها الحاليين ، وزرعوا فـيها كيانا غـريبا
جمعوا له الغـزاة من كل أمم الارض ، في فلسطين تحديدا ..
لكن المستعمرين رحلوا جميعا حين انهكتهم المقاومة
الشعبية في كل مكان ، و نصّبوا مكانهم حكاما عملاء يحرصون مصالحهم في ظل التجزئة
.. فمتى تتوحد امة التوحيد من جديد ؟؟؟
النّصر آت ....
( نشرية القدس العدد 5 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق