بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 25 فبراير 2012

انّ في التاريخ لعـبرة .



انّ في التاريخ لعـبرة .  

 تمر علينا في نهاية شهر فيفري ذكرى مهمة  في التاريخ العربي الحديث وهي قيام اول تجربة وحدوية بين مصر وسوريا في  22 فيفري 1958  ، تاريخ  قيام الجمهورية العربية المتحدة .
هذه الوحدة الاندماجية  التي كانت حدثا مزلزلا ليس في الوطن العربي فحسب بل و في جميع انحاء العالم ، حيث كانت تتويجا فعليا لذلك المد الثوري الوحدوي الذي شهدته الامة العربية من المحيط الى الخليج تحت قيادة جمال عبد الناصر ’ فكان  تعبيرا صادقا عن واقعية  المشروع القومي من ناحية  ، لان تحقيق اول وحدة عربية بين قطرين غير متجاورين ، يعدّ ايذانا بتحويل ذلك المشروع الى واقع ملموس ’ و بدا ية الانتصار على المشاريع المعادية للمستقبل العربي ، و هو من ناحية اخرى ترجمة  فعلية  لتحوّل العرب الى قوة حقيقية على الصعيد العالمي نظرا لما تضيفه الوحدة من امكانيات قومية لا تقدرالدول الاقليمية منفردة  على توفيرها مهما كانت قوتها و امكانباتها و اخلاص نواياها في مواجهة التحديات  للنهوض بالانسان العربي ...
كما كانت تلك الوحدة عودة  للامر الطبيعي لامة مزّقها أعداؤها  ، و تجسيدا لوحدة مصير  ابنائها ، وانتصارا على  كل  الذين خططوا ، او ساندوا ، او حتى الذين بقوا صامتين على التجزئة ...
 وقد كانت ثورة يوليو المحرك الفعلي لهذا المد الجماهيري الجارف الذي فرض مشروع الوحدة فرضا على القوى المعادية و المتردّدة  معا  ، غير ان تحقيق ذلك  الحلم في زمن قياسي بعد قيام الثورة  ’ احدث ارباكا كبيرا في صفوف القوى المناهضة ، ورفع من وتيرة تحرّكاتها المضادة  .
 اما القوى الوحدوية التي كانت تسعى للمزيد من النصر ، فانـّها لم تقدر على مواجهة المؤامرات التي كان يحيكها اعداء الوحدة داخل الجمهورية العربية المتحدة  و خارجها ، فكان الانفصال بعد ثلاث سنوات فقط  بمثابة الانتكاسة للمشروع الذي راهنت علية الجماهير و قدّمت في سبيله العديد من التضحيات ...
 لكن الانفصال في 28 سبتمبر 1961  كان - رغم مرارته -  الحدث الاكبر الذي كشف مدى تورط العديد من القوى العربية  التي تختفي وراء الشعارات القومية حينا ، او الاسلامية حينا آخر ، في التآمر على الوحدة ..
كما اثبتت سهولة الانفصال و سرعته ، مدى قصور الآليات التي قامت على اساسها الوحدة تحت ضغط الزخم الجماهيري الذي دفع لقيامها دفعا دون  بناء الآدوات الفاعلة و القادرة على  حماية المشروع الوحدوي سواء في مؤسسات الدولة او في التنظيمات الجماهيرية داخل المجتمع  ..
اما الدرس المستفاد من جميع التجارب الوحدوية ، فهو ذلك النداء الذي اطلقه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر سنة 1963 بضرورة قيام الحركة العربية الواحدة ، تنظيما جماهيريا تبنيه القوى القومية ،  ليكون آداتها  الصلبة لتحقيق الوحدة وحمايتها في نفس الوقت ،  وانّ في التاريخ لعبرة ...


 ( نشرية القدس العدد 8 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق