بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 18 مارس 2012

يوم الارض : تسمية تلامس جوهر المشكلة ( 1 ) .



يوم الارض : تسمية تلامس جوهر المشكلة ( 1 )

 ان يوم الارض هو مناسبة احتفالية في ظاهرها ، لكنه تقليد نضالي انطلق بعد سنة 1976 ، و هو التاريخ الذي اقترن فيه الاحتفال هذا اليوم  بحادثة الاستيلاء على جزء من الارض العربية من الفلاحين الفلسطينيين ، ليس بمعنى انها اول ارض يقع احتلالها ، و قد بدأ الصهاينة في الاستيلاء على ارض فلسطين منذ بداية القرن العشرين بوسائل مختلفة ثم اغتصبوها عنوة و بالعدوان حتى اسّـسـوا دولة عنصرية غريبة عن الجسم العربي سنة 1948 .. و لكن بمعنى رمزية  الاحتفال لتبقى الارض حية في الذاكرة العربية ، وقضية هي بالاساس قضية ارض مغتصبة ، فلا تتنازل عنها الاجيال المتعاقبة . كما كان دائما يوما تظهر فيه كل اشكال المقاومة ورفض التنازلات ، الى جانب طرح الحلول والتصوّرات التي تساهم في حل المشكلة ..  

تعدد الحلول والمشكل واحد :                                                                                                                                                                          
في تاريخ الصراع العربي الصهيوني كانت قضية فلسطين في مقدمة الاهتمامات على النطاق العربي  الاسلامي والانساني بشكل عام ، سواء من الافراد او من الاحزاب والدول ، كل من موقعه ، وحسب مصالحه . وقد كانت المواقف متباينة ومتناقضة في كثير من الاحيان الى حد نشوب الصراعات العنيفة والمسلحة حتى بين القوى الفلسطينية ذاتها . وفي اطار هذا الاهتمام بالقضية  قـُـدّمت العديد من القراءات والحلول نذكر منها اهم التصوّرات  :
1- الصراع في فلسطين يسبب مشكلة خاصة  تهم  شعب فلسطين بالدرجة الأولى ، ولذلك فانها يمكن أن تحل بما يرضي أهلها ، حتى  وان اعترفوا بالعدو وقبلوا بوجوده مقابل الحصول على  دولة تقام على أي جزء من فلسطين التاريخية .. وهو الطرح الاقليمي الذي تتبناه القوى الاقليمية العربية .. . وقد جعلوا لهذا الحل شعارا مخادعا يقول بأن " منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد لشعب فلسطين " ، تهرّبا من المسؤولية ، وانهاء للصراع مع العدو بأي ثمن  تقبله المنظمة التي اصبحت تنوب عن الشعب بأكمله .. مما افضى  الى طريق مسدود منذ الثمانينات الى الآن ..
2- الصراع في فلسطين يسبب مشكلة دولية تهدد السلم العالمي والمصالح الدولية ’ وتأتي على راسها مصالح الدول الكبرى .. و قد كان هذا التوجه يسير عمليا جنبا الى جنب مع الطرح الاقليمي العربي الذي سلم منذ السبعينات بان كل اوراق اللعبة بيد امريكا ، والحال ان هذه الدولة بالذات هي الشريك في العدوان ..
3- مشكلة فلسطين مشكلة صراع طبقي يدور حول من يملك وسائل الانتاج ، هل هم العمال والفلاحون والقوى العاملة عموما ام البورجوازية المستغلة ؟ .. و هو طرح  يدعو منذ البداية الى تجاهل مشكلة التهجـيـر والاحتلال والمجازر الوحشية والانتهاكات ويحول الصراع  من المضامين التحررية التي تعمل على انهاء الاحتلال ، الى المضامين الاقـتـصادية التي تقود الى القبول به  .. و قد كان هذا الطرح و لا يزال اكثر الاطروحات غرابة في فلسطين بالذات اذ ان اكثر من نصف  الشعب  قد اطرد من دياره فلسطين ، او مات ، والباقون يتعرضون الى ابشع الممارسات العنصرية  التي لا تسمح حتى بزيارة الاماكن المقدسة . فعـن أيّ وسائل انتاج يتكلم هؤلاء الاغبياء .. ؟؟ وهو طرح في الحقيقة سرعان ما تخلى عنه كل من تبنـّـاه من الماركسيين ..
 4- مشكلة فلسطين مشكلة صراع ديني بين اليهود والمسلمين . اذ ان ارض فلسطين هي ارض الرسالات السماوية   و ارض الإسراء و المعراج ، وان المسجد الأقصى هو المسجد الذي" باركنا  حوله " كما ورد في القرآن الكريم ، إضافة إلى أن اليهود فئة ضّالة قد غدروا بالمسلمين فطردهم الرسول ( ص ع ) من المدينة الخ .. و يتجلى موقف الصراع الديني عند اصحاب هذا الطرح  في شعاراتهم التي يرفعونها ضد اليهود دون تمييز .. و هو الطرح الذي تتبناه كل الحركات الإسلامية منذ نشأتها إلى الآن .. 
 5- مشكلة فلسطين مشكلة صراع حول الأرض ، تدور بين أصحابها الحقيقيين والمحتلّين ، بقطع النظر ودون اعتبار لألوانهم أو جنسياتهم او ديانتهم او مواقعهم من وسائل الانتاج حتى وان كانوا من الذين لا يملكون شيئا . وان فلسطين قد دخلت تاريخيا في طور الانتماء القومي  منذ الفتح العربي الإسلامي فأصبحت ملكية مشتركة لكافة الاجيال المتعاقبة .. وبذلك اصبحت ارضا عربية خالصة لا تصحّ ملكيتها إلا للعرب بأجيالهم الحاضرة واللاحقة .. وعليه فلا يتوقف الالتزام  بالحل الصحيح  المتمثل في استرجاع الأرض ، على الاختلال المرحلي في موازين القوى ، كما لا يتغيّـر الحق تأثيرا أو تأثرا بمواقف المهتمين بالصراع  او المتدخلين فيه علنا او خفية  ، حتى و إن ادّى ذلك الى القبول بحلول التسوية لجيل كامل من الفلسطينيين أو من العرب أجمعـين ، لأنهم بهذا لا يملكون إلا أن يلزموا أنفسهم بمواقف غير مُـلزمة لمن يأتي بعدهم من الأجيال اذا قررّت ان لا تقبل بحلولهم ، فـتهُبّ لتحرير فلسطين بما تراه مناسبا  عندما تتهـيّأ لها الظروف .. وليست هذه دعوة للانتظار، اذ ان الجماهير العربية لم تبق منتظرة منذ نشأة الصراع ، وإنما هو رد على من يقدم ذرائع الاستسلام من الاقليمين الخ ... وهو جزء من الطرح القومي حاليا ..
تلك اذن الحلول المتعدّدة  .. رغم ان مشكلة فلسطين واحدة في الواقع  . لكنّ المهم الآن ليس ما ورد من تصوّرات معلّقة ، بل التنبّه لما بدأ تنفيذه في الواقع من مشاريع  تكاد اليوم اكثر من اي وقت مضى ان تعصف بالأمة العربية في زمن غضبها و ثوراتها بسبب تحالف الرجعية مع الأعداء  ؟

 ( نشرية القدس العدد 11   ) .  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق