حديث في الهوية والانتماء (2) ..
لم يكن هناك بشر على الاطلاق في اي عصر من
العصور، القديمة منها والحديثة ، قد عاش
دون ان يكون حاملا في ذاته لعـناصر هويته حتى لو كان يقيم خارج حدود تلك الهوية ،
او حتى وهو يتنكّر لها لاي سبب من الاسباب .
لان عناصرها ومكوّناتها بالنسبة لاي شخص ، تنصهر مع مكوّنات وعناصر
شخصيته قبل ان يعي مسالة الهوية ذاتها ، فلا حول له ولا قوّة على التخلّص منها حتى وان كان ينكرها .
والهوية بهذا المعنى تتجلى في كل ما يعبر عنه الفرد تلقائيا ، من انماط ثقافية وعادات وتقاليد مستقرة في اعماقه وسلوكه اليومي ، دون ان يكون أي منها خاصا به وحده ، وهو ما يؤكد تلك الشراكة الواسعة فيما هو مستقرا ايضا لدى الجماعة التي ينتمي اليها ، ليتحول كل ذلك في شكله الجماعي الى شخصية اجتماعية هي لم تتكون اعتباطا ، بل هي حصيلة تفاعل تاريخي نشأ عبر الزمن بين جميع مكوّنات المجتمع ( البشر والارض والظروف ) ، واثمر تلك العناصرالمميزة له ، الشاملة للغة والثقافة والعادات والتقاليد ... كأفضل تعبير عن التطور الذي يصنع ملامح شخصيته الحضارية التي يتميز بها ...
والهوية بهذا المعنى تتجلى في كل ما يعبر عنه الفرد تلقائيا ، من انماط ثقافية وعادات وتقاليد مستقرة في اعماقه وسلوكه اليومي ، دون ان يكون أي منها خاصا به وحده ، وهو ما يؤكد تلك الشراكة الواسعة فيما هو مستقرا ايضا لدى الجماعة التي ينتمي اليها ، ليتحول كل ذلك في شكله الجماعي الى شخصية اجتماعية هي لم تتكون اعتباطا ، بل هي حصيلة تفاعل تاريخي نشأ عبر الزمن بين جميع مكوّنات المجتمع ( البشر والارض والظروف ) ، واثمر تلك العناصرالمميزة له ، الشاملة للغة والثقافة والعادات والتقاليد ... كأفضل تعبير عن التطور الذي يصنع ملامح شخصيته الحضارية التي يتميز بها ...
والهوية بهذا
المعنى ، لا يمكن ان تعبر عن نفسها وعن وجودها الا اذا كانت عناصرها حية ، متداولة
في المجتمع ، في حين تكون العناصر المعبرة عن الحضارات القديمة جامدة لا تعبّر الا عن الماضي ... وهكذا يـفترض
ان تكون الهوية ضامنا لوحدة المجتمع فلا
يختلف المنتمون اليه حول مضامينها ، ولا تؤدي
الى الفرقة والصراع على تلك المضامين المشتركة بينهم جميعا ، بل لعلها تكون عامل استقطاب
واستقرارا للمجتمع الذي لا يمكن ان يتطوّر على الاطلاق الا على اسس ثابتة تتعلّق بسلامة الوجود قبل كل شئ ...
هذه ناحية
اولى لازمة ومفيدة حيث تكون اي خطوة في المجتمع يبذ لها ابناؤه نحو الحفاظ على سلامته هي تهيئة الارضية
الملائمة لتطوّره . فلا يمكن مثلا الحديث عن التقدم في ظلّ اثارة النّعرات
المذهبية والعرقية والفتن التي تصنّف الناس على اسس تعدّد الهوية ، فيؤدّي ذلك الى الفرقة والتناحر
والصراع الذي يعصف بوحدة المجتمع او بوجوده ذاته ..
لذلك فان
وَعَى الناس بهذه الحيثيات ، يجعلهم يستجيبون لما تقتضيه المصلحة العامة ، التي لا
يمكن تحقيقها دون مراعاة لتلك القواسم المشتركة
بينهم ، في ظل هامش الاختلاف بين مختلف مكوّنات
المجتمع .. أما عن هذه القواسم في مجتمعنا
، فهي تتمثل تحديدا في اللغة العربية التي بها يتخاطب الجميع ، والدين الاسلامي
الحنيف الذي صنع لنا كيانا واحدا لم يكن موجودا الا بانتشاره من خلال الفتح ، حتى
صرنا كما نحن امة عربية مسلمة ، عمرها اليوم أكثر من اربعة عشر قرنا كاملة ..
الناحية
الثانية المهمّة في الموضوع هي ان لا يقتصر الشعور بالانتماء على مجرّد التعبير السلبي عن الولاء ، بل يجب ان يكون في مخططات الدولة حيّزا هاما لخدمة
الهوية العربية الاسلامية من خلال سياسة واضحة المعالم على المدى القريب والبعيد مثل :
ايلاء الدين
المكانة التي يستحقها ، واحياء شعائره ةتحقيق مقاصده في المجتمع.
- اعطاء اللغة العربية المكانة التي تستحقّها من خلال تعريب جميع مراحل التعليم والوثائق المتداولة في مؤسسات الدولة.
- جعل اللغة اكثر مسايرة للتطوّر العلمي والمعرفي في شتى المجالات من خلال النهوض بالترجمة والبحث العلمي .
- اعطاء اللغة العربية المكانة التي تستحقّها من خلال تعريب جميع مراحل التعليم والوثائق المتداولة في مؤسسات الدولة.
- جعل اللغة اكثر مسايرة للتطوّر العلمي والمعرفي في شتى المجالات من خلال النهوض بالترجمة والبحث العلمي .
- اخضاع المنظومة التربوية كاملة لخدمة الهوية الحضارية والدينية للمجتمع دون
انغلاق على الحضارات الاخرى .
- ربط مؤسسات
الدولة والمجتمع بالمحيط العربي الاسلامي في جميع المجالات للتواصل
على اسس وحدة المصير .
- تفعيل مسألة الانتماء من خلال الانتصار
للقضايا القومية التي تربط كل مواطن بامته .
- تفعيل
الهوية القومية في المجالات الثقافية والابداعية والرياضية والاقتصادية من خلال خلق مجالات وآليات حقيقية لدعم الوحدة كوحدة السوق ودعم التبادل التجاري وإلغاء
تأشيرة الدّخول والوحدة الـنـّقدية وغيرها ...
هكذا يكون التعبير عن الانتماء ايجابيا وفعّالا ،
يساهم في استقرار المجتمع ، وحل مشاكله ، وتطوره ، اما الحديث عن الهوية دون مراعات لما يترتّب عنها
من استحقاقات ، فهو لا ينفع ولا يمكث في الارض ..
(
نشرية القدس العدد 10 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق