بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 13 يناير 2013

شرعـية .. بلا ثورية ..

شرعـية .. بلا ثورية ...

عندما تقوم الثورة – اي ثورة –  في اي مجتمع ، معناه ان الظلم والحيف الاجتماعي قد بلغ مداه .. وان العلاقات الاجتماعية لم يعـد يحكمها اي قدر من التكافئ بين الناس في جميع مجالات الحياة ..  ومعناه ان الاستبداد قد الغى كرامة الانسان و داسها بالاقدام ...الخ ، و تلك جميعا مبررات الثورة التي تصبح وقتها حلا حتميا وحيدا لاسترداد تلك الحقوق .. و هذا فعلا ما حدث في تونس قبل الثورة وهو الذي ادّى في النهاية الى قيامها ..
وقد كان ما عاشته تونس ومحيطها العربي  - الذي بلغت ارتدادات ثورتها المزلزلة الى اقصاه - يبعث على التفاؤل ، فظن الناس انه يمكن ان يحدث التغيير المطلوب بمجـرد ان يمارس الشعب لعبة الديمقراطية ، غير ان الواقع لم يكن كذلك بل انه قد اصبح اكثر تعقيدا عندما عادت الشرعية الى الحكم اثرالانتخابات .. وتبين بكل وضوح ان الشرعية يمكن ان تكون خدعة ، و مطـية للنفوذ والاقصاء ، فتصبح عائقا امام تقدم المجتمع ، اذا كانت الاحزاب التي صعدت الى السلطة تتـمسّـك بالشرعـية وهي لا تملك أي قدر من الثورية .. اي انها ستكون فاشلة مهمى كانت نواياها حسنة  ، ومهما كان المسؤولون مخلصين .. ولعـل مردّ هذا الفشل يعود الى سببين رئيسيين :
- أولا ان اسلوب التعامل مع الواقع لم يعـتمد نهجا ثوريا يقطع نهائيا مع الماضي و يعجـّـل بمعالجة الوضع ، لان الواقع الذي بلغ فيه التفاوت بين الجهات وبين فئات المجتمع الى اقصاه ، اصبح لا يحتمل الانتظار ، ولا يحتمل حياد الدولة و جبنها المفرط و تردّدها ومساوماتها للفاسدين واطلاقها العنان لهم ليعيثوا في الارض فسادا اضاعف ما كانوا يفعلون .. مما حوّل الحياة زمن الشرعية الى جحيم .. و قد كان على الدولة ان تتدخل تدخلا ناجعا على جميع المستويات تعلن من خلاله انحيازها الكامل والصريح الى الشعب الذي سيـهب وقـتها هـبّة واحدة لحمايتها من الذين تخافهم ، فيتحقق وقتها الامن المطلوب والاستقرار ..  
 - ثانيا تصرّف الحكومة مع الشرعية الانتخابية كما لو كانت الانتخابات في امريكا او فرنسا ، ظنا منها انها باستعمال مؤسسات الدولة التي ستصبح تحت تصرّفها ،   وببعض الوعود الزائفة من قطر ودول خليجية اخرى ، تستطيع ان تنفـّـذ ما تريد ، و قد كان ذلك أكبر خطأ تسبّب في الاحتقان واتساع الهوة بين فئات المجتمع ، وهو عكس ما كانت تتطلبه المرحلة الانتقالية من تعاون من خلال  التوافق بين جميع القوى الوطنية لمواجهة الثورة المضادة التي لا تستطيع اي حكومة ان تواجهها منفردة دون التفاف شعـبي واسع على اساس هذه القاعدة ...

 ( نشرية القدس العدد 54 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق