أمة
واقفة ..
نحن أمة
لو جهنم صُبـّـت على رأسها واقفة ..
عبارات
ردّدها الشاعـرالعربي مظفرالنواب تختـزل قصة صمودها وكبرياءها ... فمنذ ان قدم
التتار والصليبيون الى بلادنا يتواصل الصراع بين الامة العربية واعدائها الذين
تبدّلوا وتبدّلت وسائلهم على مر العصور ولم تتبدّل اهدافهم ، وهي السعي دائما من أجل السيطـرة على مقدّراتها واخضاعها بالكامل ..
وقد كان
رجالها الشرفاء يردّون الصاع صاعين ، فكانت هزيمة التتار في عين جالوت على يد السلطان
سيف الدين قطـز حاكم مصـر وقائد جيشه الظاهـر بيبرس سنة 658 هـ / 1260 م ، وهي
هزيمة لم تــُـنهي وجود التتار نهائيا بل كسرت شوكتهم ليقع انهاء تواجدهم بعد
معارك كـرّ وفـرّ تواصلت حتى سنة 1300 م .. ثم هزيمة الصليبيين وانهاء حملاتهم
التي بلغت حملتها التاسعة ، واستمرّت الى القرن الخامس عشر الميلادي ، وهي تلقى
الفشل تـلو الآخـر منذ هزيمتهم في معركة حطين خلال الحملة الثانية على يد صلاح
الدين الايوبي سنة 1187 م ..
ولعل ركود
العـرب والمسلمين عموما خلال العصر الوسيط وما تلاه الى اليوم من فرقة وصراعات ونزوع
نحو الانفصال ، هو ما شجّع الاوروبيين على اعادة التفكير في غـزو الوطن العربي
خلال هذا العصر .. فكانت حملات نابليون بونابارت على مصر 1798 م ، ثم على بلاد
الشام سنة 1799م .. عبارة عن موجة جديدة من أجل السيطرة ونهب الثروات ، تعزّزت بعد
ذلك بالاحتلال المباشر على امتداد القرن التاسع عشر والقرن العشرين حيث وقع اقتسام
الوطن العربي بين الدول الاستعمارية وتقسيمه الى دويلات ، زرعوا بينها كيانا
استيطانيا غاصبا في فلسطين سنة 1948 يمنع وحدتها ويعيق تقدمها ..
ان هذه
الاحداث التاريخية تعـني أن ما يتعرّض له الوطن العربي من مؤامرات ليس هيـّـنا ..
و هو ما يبيّن حجم التضحيات التي قدّمها اسلافنا من العرب المسلمين وغير المسلمين
دفاعا عن ارضهم وعرضهم ، وازاحة جحافل الغـزاة الاوائل والمستعمرين من بعدهم ، غير
ان من مفارقات هذا العصر ان يقع ترويض الحركات التي ترتدي عباءة الدين لتكون ادوات
طيّعة في ايديهم ، يهدّون ما بناه السابقون ، ويروّجون للفرقة والفتن ، وينفذون
مخططات الاعداء ..
ولعل ما
جرى في ليبيا وما يجري اليوم في سوريا ، والعراق ، واليمن ، ومصر ، وتونس .. واصطفافهم
الدائم وراء القوى الكبرى خير شاهد و خير دليل ...
( نشرية القدس العدد 53 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق