بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 6 يناير 2013

كتاب عن العـروبة والاسلام : دراسة عميقة ، للعلاقة الوثيقة ، بين العـروبة والاسلام ..

كتاب عن العـروبة والاسلام :

دراسة عميقة ، للعلاقة  الوثيقة ، بين العـروبة والاسلام ..


في الوقت الذي كانت فيه القوى الاستعمارية تتكالب على الامة العـربية و تحاصر ثوراتها الصاعدة وقواها الثورية التي تمثلت خلال النصف الثاني من القرن العشرين في ثورة يوليو 1952 كمركـز متقدّم للنضال القومي يقود نضالات الجماهير العربية في كل الاقطار ، كانت القوى الرجعـية العربية المتمثلة في الانظمة الحاكمة التي وجدت نفسها مستهدفة من قبل الثورات الصاعدة فحدّدت مصلحتها بالتحالف مع الاستعمار الخارجي ، ثم عملت على تقديم كل الدعم و التمويل للحركات الرجعـية في الداخل كما كان الشان مع الاخوان المسلمين ..الخ
ولما كان توجه ثورة 23 يوليو توجها قوميا ، نجح في تاجيج المشاعـر القومية و استقطاب قاعدة جماهيرية على المستوى العربي منقطعة النظير ترفع  شعار الوحدة و التصدي للاستعمار و تنادي بالعدالة الاجتماعية .. و هي جميعا اهداف جوهرية  ومبادئ اساسية من مبادئ الاسلام ، ومناهضة للقوىالرجعية والاستعمار ، فان تلك القوى لم تجد غير التخفـّي وراء شعار الدين لاستهداف الفكر القومي ، و افتعال تناقض وهمي بينهما  ، او بين الدعوة الى الوحدة العربية كمشروع خاص بامة تبحث عن تقدمها ونهضتها مثل بقية الامم التي تملا الارض ، و بين عالمية الاسلام كدين لا يخص أمة بعينها .. و قد كانت ثورة 23 يوليو بافكارها الثورية  تجسّد مشروعا حضاريا مستقبليا لا يناسب مراكزهم في السلطة ، ويهدّد مصالحهم جميعا و ينذر بزوال عروشهم .. لذلك قاموا بتسخير الاموال و جندوا اشباه العلماء و دعاة السلاطين و الاحزاب الدينية ، و الكتاب و المؤرخين و كل من له مصلحة  معهم في ضرب المشروع القومي من خلال افتعال تناقض بينه و بين الدين الاسلامي الحنيف ..

و في الواقع فان القوميون لم تكن تنقصهم الحجة و لا القدرة على فضح مخططاتهم و نفاقهم و ابراز العلاقة الصحيحة بين الدين والمجتمع ، على مدى عقود للوقوف في وجه التضليل ..غير ان ما اضافه الدكتور عصمت سيف الدولة منتصف الثمانينات من قول حاسم في موضوع العلاقة بين العروبة و الاسلام ، كان فعلا اسهاما منقطع النظير استطاع من خلاله فك العديد من الرموز، سواء بالنسبة لمفهوم الامة في القرآن الكريم ، او في ما يخص دولة الخلافة التي اعتبرها اختيارا تاريخيا ارتبط بمرحلة منتهية ، كـواحدة من الدول التي كانت سائدة في عصرها و لم تكن مطلقا اختيارا اسلاميا ملزما للمسلمين .. او في مجال الحديث عن العلمانية كظاهـرة مرتبطة بظرف تاريخي خاص بالمجتمعات الاوروبية وعلاقتها بالمسيحية ، و لا علاقة له بمجتمعنا و بالدين الاسلامي الذي لم يشهد عندنا نموذجا للسلطة الدينية المطلقة ، كما لم  يشهد فصلا تاما بين الدين والدولة بالمعـنى السائد في اوروبا ... وهذا نموذج مما قاله ـ  رحمه الله ـ في هذا المجال :
" ان الاسلام علاقة انتماء الى دين خالد في الزمان بحكم انه خاتم الرسالات والاديان . ( ماكان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ) { الأحزاب : 40 } . وخالد في المكان بحكم أنه رسالة إلى كل البشر . ( قل يأيها الناس اني رسول الله اليكم جميعاً ) { الأعراف : } . (158 وما أرسلناك إلا كافة للناس ) { سبأ : 28 } . أما العروبة فعلاقة انتماء مقصورة على شعب معين من بين الشعوب ومكان معين من الأرض ، علاقة انتماء الى أمة تكونت خلال مرحلة تاريخية طويلة كاستجابة موضوعية لحتمية تقدم الشعوب بعد أن استنفذت العلاقة الأسرية ثم العشائرية ثم القبلية ثم الشعوبية كل طاقاتها على تحقيق التقدم . فهي لم تواكب الزمان بداية . وحين تستنفذ الأمة العربية كل طاقاتها على تحقيق التقدم سيتقدم البشر الى علاقات انتماء تتجاوزها تكويناً وطاقة . فهي ليست خالدة في الزمان  .

لامجال ، إذن للخلط بين علاقة الانتماء إلى العـروبة وعلاقة الانتماء إلى الاسلام لافي الأشخاص ، ولا في المضمون ، ولا في حدود الانتماء من الزمان أو المكان . وما تزال علاقة الانتماء إلى الأسرة ، أو الى القرية ، أو الى المهنة ، أو الى الحزب قائمة بجوار علاقة الانتماء إلى الدولة أو الوطن أو الشعب بدون خلط أو اختلاط . فلا يقوم لدى الشعب العربي سبب للخلط بين العـروبة والاسلام . ومع ذلك ، أوبالرغم من ذلك ، فإن الشعب العربي في حاجة إلى الحديث عن العلاقة بين العروبة والاسلام .. "

 ( نشرية القدس العدد 53 ) .
                                                               

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق