بعض
الكلام عن العـروبة والإسلام .. (2) .
لقد ميّز الله الجماعة المسلمة كما ميّز العديد من الجماعات الأخرى سواء من ذوي الرسالات السابقة أو حتى من غـير الكائنات العاقلة وأطلق عليها جميعا كلمة أمة متى توفـّر لها عامل التميّز ...ميّـز المسلمين بإسلامهم وقال : " إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعـبدون " ( الأنبياء / 92 ) .
و ميّـز الدواب بتـنوّعها فقال : " وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم " (الأنعام 38) . وبعد أن جمع الله أصحاب الرسالات في امة واحدة اذ قال : " يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون " ( المؤمنون / 51 – 52 ) ، ميّـز الأمم برسلها المختلفة فقال : " ولقد بعـثـنا في كل أمة رسولا أن اعـبدوا الله " (النحل 36 ) .
وأمة الإسلام بهذه المعاني القرآنية هي أمة قائمة الذات يتميّـز أبناؤها بانتمائهم إلى الإسلام كدين ، فيصبح أي إنسان جزءا منها متى نطق الشهادتين و مهمى كان جنسه أو لونه أو لغـته .. و قد كان مثل هذا الوضع سائدا منذ زمن الرسالة ، حيث لم يخطر ببال احد ـ في ذلك العصر ـ أن يسأل كم يضاف إلى الأمة الإسلامية من المسلمين طالما أن الانتماء قائم بالدرجة الأولى على الإيمان ... أما العروبة فهي تعبر عن وضع تاريخي متأخر على الاقل الف عام ..
إذا كانت هذه المعاني والمفاهيم واضحة وغـير منكورة ، فان إثارة التناقض بين العـروبة والإسلام ، يصبح بالدرجة الأولى مناقضا للدين .. إذ كيف نقـبل بأن الجماعة أمة متى توفّـرت لها عوامل الاختلاف والتميّز حـتى وإن كانت جماعة من الطير أو من الجن كما ورد في القرآن الكريم ، ولا نقبل بذلك للجماعة البشرية المتميّـزة بلغـتها وتاريخها وحضارتها وأرضها كالأمة العـربية أو الفرنسية أو الإيرانية .. ؟
لقد كانت العـروبة ببساطة علاقة انتماء قـبلـية عـنـدما كانت البشرية جمعاء شعـوبا وقـبائل ، وهي اليوم علاقة انـتـماء قومية الى امة واحدة في هذا العصر ، عصر القوميات ..
( القدس عدد 73 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق