بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 13 أبريل 2014

خريف الرجعية ..



مرّت أكثـر من ثلاث سنوات على ثورة 17 ديسمبر بقـيت خلالها تونس تـتخـبط في مشاكلها المعـقـّـدة على جميع الاصعـدة : البطالة والفقـر وقـلـّـة الموارد وضعـف الامكانـيات وكـثـرة الديـون والفـساد الذي اصاب كل مفاصل الدولة بالعجـز حتى صارت مهـدّدة في كل لحظة بالانهـيـار .. ورغم كل المحاولات المتـتالية لتوفـيـر الدّعم اللازم للاقتصاد المتداعي عن طريق الاقـتـراض ، الا  ان الوضع الاقتصادي قد ازداد سوءا ، وبات من يطمح الى ايجاد الحلول كمن يلهث وراء السّـراب ..  
 انه الفساد المستشري ، والحلول الفاشلة والواقع الاقـلـيـمي المقـيت الذي يحصر الناس في كل اقـلـيم ويحاصرهم ، فـيحرمهم من أمكانيات مهدورة هي أمكانيات أمتهم ، ويُـبقـيهم في ظل الأزمات التي تـنـذر بالانـفجار في أي لحظة ،  وفي أي قـطر من الاقطار العـربية ، بسبب استحالة حل المشكلات المستـعصية في ظل الامكانـيات المحـدودة .. غـيـر أنه لا بد من التأكيد بأن مثـل هذا الواقع الرّدئ لم يكن بمثل هذا الوصف لو لا وجود الاقـلـيمـيـيـن ، أعداء الوحدة والتقدم والنهوض في الوطن العربي ..  وان المتـتبع لما يجري على الساحة العـربية يلاحظ ما قدمته الجماهـيـرالعـربية من تضحيات خلال العقود الأخيرة وصلت الى حد التضحية بالنفس في سبيل الخلاص ، حتى استطاعت فعلا من احداث التغـييـر المطلوب عن طريق الثورات الشعـبية كما حصل في تونس ومصر .. وقد كان يمكن أن يتحوّل ذلك الفعل الثوري الى تحقيق تغـييـر جذري ليس في الظروف المعـيشية فحسب ، بل وفي الخريطة السياسية بزوال الدول مع الأنظمة لصالح المشروع الوحدوي .. وهو ما لم يكن غائبا عن الأنظمة الاقـليمية المعـنية ، التي بادرت بالتصدي للحراك الثوري منذ أن أدركت أن صداه قد أصبح يتردّد في الخليج العـربي ، فتدخلت بجميع الوسائل للانحـراف بالثورات عن مسارها الصحيح من خلال دعمها للقوى الاصلاحية المتحالفة معها تاريخيا متـمثـلة في الاخوان المسلمين ، كحركة ترفع الشعارات الدينية ، لكنها لا تختـلف في شئ عن تلك الأنظمة .. فهي  تركن الى مسايرة الواقع دون السعي الى تغـييـر ما فـيه من علاقات ظالمة ، وتميل لمهادنة القوى المستغـلة  ، ثم تتخذ مواقـف معادية للمصلحة القومية فضلا عن علاقـتها المشبوهة بالدول الاستعـمارية .. ورغم ان العلاقة بين التقدّم والوحدة لا تـزال ضبابـية في أذهان الجماهير ، الا ان العلاقة بين الفشل والحركات الدينية ، قد أصبحت أكثـر وضوحا ، لا تـنقصها بعد مصر ، الا الهـزيمة الكاملة في سوريا ، لتحوّل ربيع الاقـليمية المزعـوم ، الى خـريف  يعصف بالـرجعـية   ..

 ( نشرية القدس العدد 119 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق