مرّت أكثر من ثلاث
سنوات من عمر الثورة والحكم ، بعضها قـبل الانتخابات وبعضها بعدها ، لم يتحقق
فـيها للوطن والشعـب غـيـر الخيـبات .. ولم تـتـزحـزح المشاكـل التي كانت قـبـل
ثورة 17 ديسمبر قـيـد أنملة ، بل على العكس من ذلك فان الأزمات ازدادت تعقـيـدا ..
وصار العجـز وخيـبة الامل واليأس حقـيـقة ماثـلةأمام الجميع .. لعل أكـثـر تلك
الخـيـبات مرارة ما آلت اليه الأمور من اهانة للشعـب والشهداء بأن أصبح الجلاد
ضحـية ، والشهـيـد محل شـبـهة واتهام .. !! والغـريب في الأمر
ان تتواصل المغالطات أحيانا ، والغـباء أحيانا أخـرى ، حينما يخـرج أنصار الأحـزاب
الحاكمة وأولها حزب النهضة ، مندّدين بالأحكام المهـينة الصادرة في حق شهداء
الثورة ، متـناسين أن حـزبهم الحاكم - صاحب الأغـلـبـية في المجلس التأسيسي وصاحب
الوزراء في أهم المواقع اتصالا بالموضوع وعلى رأسهم الوزير الأول و وزير العـدل -
هو الذي تلاعب بقانون العدالة الانتـقالية الذي بقي معـلقا الى يوم 24 ديسمبر 2013
.. !!
والواقع فان كل الألاعيب والمناورات التي كانت تستعملها تلك الأحزاب قد
اصبحت مكشوفة بعد هذه المدة التي قضوها في الحكم ، حيث تبين أن مشروع تحصين الثورة
الذي طالما كانوا يلوّحون به في وجه التجمعـيـين ، انما كان وسيلة ابتـزاز سرعان
ما فهمها هؤلاء .. وبعد سلسلة من المناورات بين الطرفـيـن - كان جزءا منها عـنـيفا
و دمويا - انتهوا بعدها الى الجلوس على مائدة الحوار بعضه في تونس وبعضه الآخر
خارجها مكـنهم من استعادة الثقة فيما بينهم للمرور عـبر هذا التوافق والتعايش الى
تحـقـيق المصالح الحـزبية ، على حساب المسار الثوري بـرمـتـه ..
ان ما حدث في قضية الشهداء كان
تعـبيرا صادقا عن فشل النخب الحاكمة ، وتأكيدا جديدا على خيانـتهم لمسار الثورة ،
مكـّن أعداءها من قطف الثمار التي سقى شجـرتها أولائك الثوّار بدمائهم الــزكــيــة
.. ممّـا يـعـيـد المشهـد الى المربّع الأوّل ..
( نشرية القدس العدد 120 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق