المسؤولية المطلقة ..
كل انسان مسؤول عـن اختياراته وأعماله
حـتى وان أضلــّــوه . فلا يُــقـبـل من أحد ان يقـول هذا أضلـّني ، وما عـليه الا
ان يتحمّــل مسؤولـيـته كاملة في اخـتـياره .
قال تعالى : (
قَالَ ادْخُـلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَـلَتْ مِنْ قَـبْـلِكُمْ مِنَ الْجِـنِّ
وَالْأِنْسِ فِي النَّارِ كُـلَّمَا دَخَـلَتْ أُمَّةٌ لَعَـنَتْ أُخْـتَهَا حـَتَّى
إِذَا ادَّارَكـُوا فِـيهَا جَمـِيعاً قَـالَتْ أُخْـرَاهُمْ لِأُولاهُمْ رَبّــَنـَا
هَـؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَـآتِــهِمْ عَـذَاباً ضِعْـفاً مِنَ النـَّارِ قَالَ لِكـُلٍّ
ضِعْـفٌ وَلَكِـنْ لا تَعْــلَمُـونَ ) (لأعـراف 38 ) .
وهكذا فان البحث عن الحقيقة مسؤولية كل فـرد بقدر
طاقته وامكانياته خاصة في عصرنا حيث كـثـر من يدعي العلم بالدين ، واختلط عمل
الدعاة بمصالحهم ومنافعهم .. وقد وردت العديد من الايات التي تؤكد على مسؤولية
الانسان سواء اختار الضلال بنفسه او أضله غيره . قال تعالى : ) اذْ تَـبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتّـُبِعُـواْ مِنَ ٱلَّذِينَ
ٱتّـَبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلْعَـذَابَ وَتَقَـطَّعَـتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ وَقَالَ
ٱلَّذِينَ ٱتّـَبَعُـواْ لَوْ أَنَّ لَـنَا كَــرَّةً فَـنَـتَـبَـرَّأَ مِـنْهُمْ
كَمَا تَـبَرَّءُواْ مِنَّا كَذَٰلـِكَ يُرِيهِـمُ ٱللَّهُ أَعْمَـٰــلَهُمْ حَسَـرَٰاتٍ
عَـلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَـٰــرِجِـيـنَ مِنَ ٱلنَّارِ ) ( البقرة: 166-167) . يقـول بن كثير : " [ وَقَـالَتْ أُولَـٰهُمْ لأُخْـرَاهُمْ ] أي: قال المتـْبـُوعون للأتـباع : [ فَـمَا كَانَ لـَكُـمْ عَـلَيْـنَا مِن فَضْلٍ ] قال السدّي: فقد ضلـلتـم كما ضللنا ، [ فَـذُوقُـواْ ٱلْعَـذَابَ بِمَا كُـنتُـمْ تَـكـْـسِـبُونَ
] وهذه
الحال كما أخبر الله تعالى عـنهم في حال محشـرهم في قوله تعالى :[ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلظَّــاٰلِمُونَ مَوْقُوفُونَ عـِندَ
رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْـضُهُمْ إِلَىٰ بَعْـضٍ ٱلْقَوْلَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ ٱسْتُـضْعِـفـُواْ
لِلَّذِينَ ٱسْتَـكْـبَـرُواْ لَوْلاَ أَنـتُمْ لَكُـنَّا مُؤْمِنـِيـنَ قَالَ
ٱلَّذِينَ ٱسْتَـكْـبَـرُواْ لِلَّذِينَ ٱسْـتُـضْعِـفُـوۤاْ أَنَـحْــنُ
صَدَدنَـٰــكـُمْ عَـنِ ٱلْهُـدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَآءَكُــمْ بَلْ كُـنتُـمْ مُّجْرِمِيـنَ
[ . ( سبأ : 31 ) ." يواصل بن كثير :
" أي
: لولا أنتم تصدوننا ، لكنا اتبعـنا الرسل، وآمنا بما جاؤونا به،
فقال لهم القادة والسادة ، وهم الذين استكبروا : [أَنَحْنُ صَدَدنَـاٰكُمْ
عَنِ ٱلْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَآءَكُمْ ] أي: نحن ما فعلنا بكم أكثر من
أنا دعوناكم ، فاتبعـتمونا من غـير دليل ولا برهان ، وخالفــتم الأدلة والبراهـين
والحجج التي جاءت بها الرسل .."
الحذر واجب والمسؤولية جسيمة ،
والامور كلها متروكة للاختيار الحرّ ، ثم للمحاسبة . قال تعالى : [ يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفّى كل نفس ما عملت
وهم لا يظلمون ] ( سورة النحل : آية 111 ) . صدق الله العظيم ..
والله أعلم ..
( القدس ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق