دولة موزة .. وفرموزا ..
لا شك ان فرموزا المعـروفة بتايوان
قد سطع نجمها في فـتـرة الحـرب الباردة بعد الحرب العالمية الثانية ، و على امتداد
اكثر من عشرين عام من 1949 الى 1971 ، حتى صارت أشهر من نار على علم .. تماما
مثلما يسطع نجم الشيخة موزة و دولتها المارقة في أيامنا ..
تشابه في الاسماء ، و في التاريخ ، والجغـرافيا ، وفي الادوار ، وفي
الحلفاء أيضا ..
في الاسماء ربما يكون الامر مجـرّد
تراكيب لغوية متشابهة .. لان فورموزا
بالنسبة لتايوان ليست الا مدلولا لغويا يعـني وصفها بالجمال .. اما الشيخة
موزة فهي المرأة رقم واحد في دولة قطر التي لعـبت دورا مهما في تحريض الامير
الابله الذي انقلب على عـرش ابيه سنة 1995
، والتي تـُـمسك - حسب المراقبين - بالعديد من خيوط اللعـبة من
خلال نفوذ عائلتها و قبيلتها في مفاصل الدولة والجيش ، وهي التي تقف عمليا وراء كل
ما يحدث من تغـيير ..
وفي الجغرافيا لا يختلف الامر كثيرا
، اذ ان كل من قطر وتايوان تمثل جزيرة صغـيـرة محاذية لشبه قارة باكملها تمثل أمة
عظيمة يسعى الاستعمار دوما كي يكون لهذه
الازلام دورا فوق الدور الحقيقي الذي يمكن ان تلعـبه أمتها .. وهذين الجانبين قد
لا يكون فـيهما دخلا للنوايا السيئة .. اما الجوانب الاخرى كالتاريخ - الذي يـُكتب من خلال النشاط البشري - والادوار والحلفاء فان الامر فـيها مختلف ، ولا
شيئ فـي ذلك متروك للصدفة او للاقدار .. فقد كانت فرموزا تلك الجزيرة الصغـيـرة
الى حدود العـقد الرابع من القرن العشرين جزءا لا يتجزأ من الجمهورية الصينية ، والى
ان انفصلت عـنها بسبب الصراع على الحكم بين تيارين في الصين احدهما محافظ يتـزعمه
حكام تايوان الذين نزحوا الى تلك الجزيـرة بكل ثـقـلهم وأموالهم معـتمدين على الدعم
الخارجي في محاولة لإخضاع جمهورية الصين
الشعـبية التي تأسست اثر ثورة عارمة في الصين في مطلع الخمسينات ... ثم احتمت تلك
المجموعات بالحليف الامريكي المعادي لطموحات الصين وشعـبها ، تماما مثلما نزحت
اسرة آل ثاني الحاكمة في قطر من الجزيرة العـربية منتصف القرن الثامن عشر واستقرت
هناك ، و بعد فترة من الاستقرار استطاعت قيادة التحالفات القبلية للسيطرة على
الجزيرة .. ثم شرعت تعدّ الترتيبات للانسلاخ بها عن الجسد العـربي مستغـلة حالة
الضعـف والهوان التي وصل اليها الحكم العثماني زمن شيخوخـته ، حيث انفصلت عمليا عن دولة
الخلافة اثر معاهدة سايكس بيكو ودخلت تحت الحماية البريطاناية سنة 1918 ، ثم مُنِحت
الاستقلال سنة 1961 ..
لم تكن فورموزا بالنسبة للصين الشعـبية مجـرد ابن عائق لوالديه يمكن
معاقبته بالطرد او بالحرمان من الارث العائلي ، بل كانت شوكة حادة ورأس حربة عانت
منها الصين على مدى عقدين كاملين من الزمن ، اذ كانت تايوان مستقوية بالذراع
الامريكي ، في زمن الغـطرسة والـنـفاق العالمي .. وقد حـُرمت الصين الشعـبية بكل
ما تملكه من ثقـل بشري ومادي ومعـنوي من تمثيل شعـبها في الامم المتحدة في حين
مُنِحت العـضوية لفرموزا منذ سنة 1949 الى سنة 1971 ، فضلا عـن الحصار .. !!!
ان هذه المفارقة العجيبة
نعـيشها اليوم اكثر شراسة وعدوانا في " عصر " دولة موزة القطرية التي تآمرت
على قضية فلسطين بتعاملها مع الصهاينة ، وتآمرت على العراق بمنح الامريكان كل
التسهيلات لضربها من اراضيها ، و تآمرت على ليبيا عـندما جلبت حلف النيتو لتدميرها
، وقد كانت شاهد زور متآمر على تقسيم السودان ، وهي التي
أعدّت الطبخات لترويض ثورة اليمن ، وهي التي حرّكت قوات درع الجزيرة مع حلفائها آل
سعـود لاخماد ثورة البحرين ، كما روّجت لحلفائها في مصر وتونس ليكونوا واجهة كاذبة
مزوّرة لثوراتها .. وها هي الآن تجمع الارهابين من كل صوب وحدب وتجمع لهم السلاح لتدمير
سوريا .. وارضاء الاعداء التاريخيين للامة العـربية من الامريكان والصهاينة ، وهي
تلعـب - بالنيابة عـنهم - دور القائد الميداني الذي يعـمل كل ما في وسعه ويبذل كل
ما عـنده من امكانيات مادية واعلامية وفـتـاوي دينية لتخريب النسيج الاجتماعي
العربي الذي عجـز جميع الغـزاة على تفكـيك وحدته ... وهو ما ستـفشل فـيه قطر بفارق
مهم ، هو انها باغـراقها في الجهل وافراطها في تبديد الثروات واستـقـوائها بالاعـداء
على امّتها ، سوف لن تخرج بعد فـشلها في قـوة تايوان العـلمية والصناعـية .. بل سـيعـرف
الاغـبياء من حكامها - آجلا أم عاجلا - نتائج الحمق والغباء ..!!
( القدس ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق