بين الحكمة و الواقع ..
قال رسول الله صلى الله عـليه وسلم : " الحكمة ضالة
المؤمن حيث وجدها فهو أحق بها " .
ولعل مفهوم الحكمة في هذا الحديث الشريف ذات معاني واسعة ، لكنه يقودنا الى ظاهـرة
انسانية موجودة لدى كل الشعـوب وهي الحِكم والامثـال الشعـبية التي تتـكون من
تعابيـر لفظية يصوغها عادة مجهولون وهم يعـيشون تجاربهم ويحيَون معاناتهم فلا نعـرف
لها مصدرا خاصّا سوى نِسـبـتِـها الى الشعـب ..
وقـد تـتِـمّ
صياغة تلك المقولات خلال الجدل العـفوي
المتداول بين الناس الذي يساهم في صياغة تلك المقولات لتصير أحكاما جاهـزة شبه يقـينـية
يحـتـذى بها في الحياة الخ .. وفي هذا المضمار تقول بعض الحكم مثلا : " قل لي من صديقك ، اقول لك من انت " و " ان الطيور على امثالها تقع " و " صحـبة الأخيار
تورث الخير وصحبة الأشرار تورث الندامة " ..
وانك لتـتذكـر هذه الامثال والحِكم وتـتحسّـر
حـيـن تـنـظـرالى اصدقاء تونس المقـرّبيـن ، الذين تجد على رأسهم أكـبـر الانـظـمة
الشرّيرة سواء في الوطـن العـربي او في العالم وأولها النظام القطري الذي صار يوظـف
كل امكانياته المادية والاعلامية وفـتاويه الدينـية لخدمة الصهـيونية ، والنظام السعـودي المعـروف
منذ الخمسـينات بعـمالته لامريكا وهو المهندس لكل المفاوضات ، والتـنازلات لصالح
العدو الصهيوني .. والنظام المصري الذي ارتمى بدوره في أحضان تلك الدول ، وهـدم
الانفاق التي تمثـل شرايين الحياة بالنسبة لغـزة ، ولعـب تقريبا نفس الدور الذي
كان يلعـبه مبارك في التقريب بين حماس واسرائيل .. هذا اضافة الى النظام التركي
الذي ازاح القـناع عـن وجهه القبـيح عـندما اعـلن مؤخرا عـن عودة عـلاقـاته مع الكـيان
الصهـيوني وتورّ ُطه المعـلن والمباشر في العـدوان على سوريا من خلال ايواء الارهابـيـيـن
وتدريـبهم وتسلـيحهم .. الى جانب الدول الغربية الداعمة للارهاب والصهيونية في
الوطن العربي .. وانك لتـتـذكر ايضا هذه الحكم والامثال
حينما تعـرف وترى بأم عـينك أو تسمع من خلال الاخبار المكـتوبة والمسموعة كيف ان
تونس هي مـن بين الدول الاربعة الاولى الى جانب قـطـر والسعـودية ومصـر الأكثر دفاعا
عن المعارضة السورية وأشدها تحريضا على
المستويـين العـربي والدولي لتسليحها ودعـمها
.. بل لعـلـّها الآن اكـثر تطـرّفا في تلك الناحية من الاردن والمغـرب وهما المعـروفـتان
بعلاقاتهما مع اسرائيل ... ثم انك لتدرك ايضا من خلال رصدك للمواقف الرسمية
التونسية في ما يخص الموضوع السوري بالذات لماذا تصمت السلطة وتدكّ رأسها في الرمال
متـظاهـرة بالغـباء أحيانا أو باللامبالات احيانا اخرى تجاه تجنيد الشباب وتسريب
الاسلحة وكـلها مؤشرات تـزيد من صحة الفرضية القائلة بتورّط السلطة في جميع ما
يجري .. فاين نحن من الحكمة التي نطق بها بن باديس معـبّرا عـن رفضه للتبعـية : " والله لو قالت لي فرنسا قـل لا اله الا الله ما قـلـتها
"..
( القدس ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق