العـروبة و الاسلام : بين الواقع و
الادعاء ..
لقد بدأت موجات
الغـزو للوطن العربي منذ وقت مبكّر ، حيث شهد حملات متتالية على مدى قرن كامل من
الزمن أولها الحملات الصليبية ، ثم حملات التتار .. ورغم دحر الغزاة جميعا في آخر
المعارك سنة 1291م في عكا بلبنان ، فان الغربيين لم يكفوا عن التفكير في الرجوع
للسيطرة على الوطن العربي ، ونهب ثرواته ، تحت ذرائع واهية اخـتـلـفت من عصر الى
عصر .. كان ذلك على يد نابليون بونابرت في حملته الشهيرة على مصر وبلاد الشام سنة
1798م ، والتي تبعـتها موجات استعمارية جديدة انتهت في مطلع القرن التاسع عشر الى
تقسيم الوطن العربي الى دويبلات ضعـيفة ، لا تـقـدر الواحدة منها عـلى البقاء الا
محتمية بمظلة المستـعـمـر ... عـندها انقسم العـرب عـبـر الاجيال الى قسمـيـن :
ـ قسم ينظر الى العـروبة والاسلام ككل متكامل لا يتجزأ، فيدافع عـن الاسلام حينما
يشعـر بالعدوان على الدين ، كما يدافع عن العـروبة حينما يرى خطرا على وحدة الامة
واستهدافا للغـتها و تاريخها وتراثها وحضارتها بشكل عام .. وهؤلاء لا يعـرفون أنصاف الحلول .. و لا يعرفون ولاء لغـيـر
الله و الوطـن ..
واولائك نتـذكـر
مواقـفهم العظيمة فـنذكـر المجاهد عمر المختار و مقولته الشهيـرة "
نحن لن نستسلم ، ننـتصر أو نموت " . و نذكـر كذلك مقولة الشيخ بن باديس وهو
يجاهد ضد المستعـمـر الفرنسي في الجزائر
" والله لو قالت لي فرنسا قل لا اله الا الله ما قـلـتها " ونذكر
ايضا عزالدين القسام الذي رفض منصب القضاء
في سوريا تحت مضلة الاحتـلال الفرنسي ، والذي قاد اول مسيرة احتجاج ومساندة لليبيا
ضد الاحتلال الايطالي وهو القائل " إن كنتم مؤمنين فلا يقعـُدنّ أحد منكم بلا سلاح وجهاد".. كما نذكـر من هؤلاء الرجال الاشدّاء على الاعداء
: الشيخ عبد القادر الحسيني القائد الذي استشهد وهو يقاوم العصابات الصهيونية في معارك غـير متكافـئة
لمدة ثمانية ايام ، والذي عاش يقاوم جميع انواع المستعمرين حيث قاوم في سوريا وفلسطين والعـراق ومصر .. وهؤلاء
جميعا هم انصار العـروبة والاسلام ..
اما القسم
الثاني فهم الذين ابتدعوا بدعة جديدة لم يعرفها الاولون ، وهي معادات العـروبة
بالاسلام ، في محاولة اخيـرة لتـفـتـيـت الامة باثارة صراعات وهمية بين مكوناتها
التي تمثـل مرتكزات اساسية يقوم عـليها توازنها ، هما العـروبة والاسلام .. فلا تقوى
على الوقوف بدونهما .. أما اذا نظرت الى أقوالهم ، فـتجدهم يتظاهـرون بالاسلام ويشـوّهـون العـروبة عمدا.. وفي احسن الأحوال يُـفـرغـونها
من كل مضمون واقعي لتتحوّل عـندهم الى
مجـرّد لغة نزل بها القرآن ، متـناسـيـن ان العـرب هم القوم الذين اعـزّهم الله بالاسلام
كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وهم الذين حمّلهم الله مسؤولية نشره والدفاع
عـنه ، وهو الذي وحّدهم حين كانوا متنازعـين في عصورهم القبلية .. ثم جعـل منهم
امة واحدة حين خرجوا ينشرون دعوته ، حتى صارت النواة الاولى الفاعلة في امة الاسلام ..
أما اذا نظرت
الى أفعالهم فستجدهم مستكـيـنـيـن للأعداء ، متّـخذينهم اولياء .. فما هم بأنصار
العـروبة .. وما هم بأنصار الاسلام ..
( القدس ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق