ابو جهاد
مهندس الانتفاضة و قاهر الصهاينة : لذلك قتلوه ..
في السادس عشر من
أفريل سنة 1988 وعبر شواطئ روّاد ، تسلل كمندوس صهيوني متكون من عشرين شخص على
الاقل قدموا عبر البحر في أربع سفن بحرية و غواصتين و طائرتين تحلقان على مسافات
عالية للمساندة.. و في ساعة متاخرة من الليل قام افراد العصابة بالوصول الى الشاطئ
بزوارق مطاطية ثم تسللوا الى مقر اقامة الشهيد ابو جهاد بسيدي بوسعيد الذي كان
يبعد عن مكان الانزال بحوالي خمس كيلومترات بواسطة سيارات اجرة وضعها عملاء
الموساد تحت تصرفهم .. و في ظروف غامضة تمكن المجرمون من الوصول الى منزل الشهيد و
قـتل حراسه ثم اغتياله في منزله دون مقاومة او طلب للنجدة مما ترك الفرصة للمنفذين
بالانسحاب ليس من مسرح الجريمة فحسب بل من البلاد بكاملها .. وهو ما يرجّح تورط
الاجهـزة الرسمية و النظام الحاكم في عملية الاغـتيال الضخمة التي كان يُفترض
اكتشافها من خلال تلك المعدات المستعملة في العملية ..
لقد كان ابو جهاد رجلا
عسكريا و ميدانيا فذا يحسن التخطيط للعمليات العسكرية الناجحة ، كما كان مناضلا
مخلصا لقضية فلسطين لا يعرف المساومة على حقوق شعبه ، وهو الذي اسهم في العديد من
العمليات الناجحة في فلسطين و جنوب لبنان ، و شارك في الدفاع عن بيروت ابّان الغـزو
الصهيوني سنة 1982 .. ثم انسحب الى تونس في اطار الترتيبات التي وقع فرضها على
المقاومة قصد تحويلها من الصراع المسلح الى المباحثات السياسية للاعتراف بالعدو ..
غير ان الشهيد و رغم ابتعاده عن مسرح العمليات لم ينقطع عن الاتصال بالمقاومة في
الداخل ، اذ كان احد القادة الذين خططوا بنجاح لاندلاع انتفاضة الشعب
الفلسطيني سنة 1987 و تصاعدها بوتيرة نجح
من خلالها اطفال الحجارة في تكبيد الصهاينة خسائر فادحة مادية و معـنوية على مدى
سبع سنوات كادت ان تجلب نصرا حقيقيا لا يقل عـن استرجاع كامل اراضي سنة 1967 لولا
الاستسلام الذي رضيت به منظمة التحرير و الانظمة العربية العميلة ، فكان اغـتياله
على خلفية هذا النشاط ..
لقد ترك الشهيد البطل
ابو جهاد حرقة و حسرة في قلوب من عـرفوه و من احـبوه ليس في فلسطين فحسب بل و على
امتداد الوطن العربي الكبير و هو الذي كان يردّد ما قاله رفيقه غسان كنفاني في قصيدته المشهورة " لا تمت
قبل ان تكون ندا ".. و هو الذي عُرف بصرامة
اقواله و ثباته على مبدأ المقاومة و عدم التفريط ، و منها : " ان الانتفاضة
قرار دائم وممارسة يومية تعكس أصالة شعب فـلسطين وتواصله التاريخي المتجدّد " .. و " لا صوت يعلو
فوق صوت الانتفاضة " ... " إن مصير الاحتلال يتحدد على أرض
فلسطين وحدها وليس على طاولة المفاوضات " .. " و قوله : "
أخشى ما أخشاه ان تصبح الخيانة وجهة نظر " ...
لا
شك انهم بسـبب هذه المواقـف قـتـلوه ، لكـنهم بالـتأكيد لم يقدروا على قـتـل نهجه
ومبادئه ، فرحم الله ابوجهاد وطـيّب ثراه ...
( القدس ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق