بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 24 يونيو 2013

بعض الكلام عن العـروبة والإسلام .. (6) .

                 بعض الكلام عن العـروبة والإسلام .. (6) .


العروبة هي ذلك الوضع الذي انتهى اليه تطور مجتمعـنا العـربي بعد 14 قـرنا من التفاعل الحـرّ بين جميع مكوناته العـرقـية والاثـنية ، القبلية والشعوبية التي تكونت على مر العصور ، وعلى امتداد الوطن العربي بين المحيط والخليج .. فهو مجتمع يضم كل من عاش في ربوعه واسهم مع غـيره في صنع نسيجه الحضاري في ظل الاسلام الذي اسهم بدوره في توحيد كل المكوّنات الموجودة عند دحول الفاتحين .. وقد مثلت اللغة العـربية التي جاء بها القرآن ، وسيلة  للتواصل والتفاعل حتى صاروا على مدى تلك الحقب الطويلة امة واحدة ، لها ماض وحاضر ومستقبل ، وآمال مثل غيرها من الامم ...
أما الاسلام فهو دين ذلك المجتمع الذي بدأ جـنـيـنيا في دولة المدينة منذ ان بناها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، وجعل لها دستورا ينظم الحياة بين جميع مكونات تلك الدولة الناشئة التي أرسى اسسها على الانتماء للوطن .. معـبرا في نفس الوقت عن تعدّد المنـتـمـيـن دينيا وعـرقـيا ، فكان ذلك ايذانا بقـبول الاسلام  للتعايش والاختلاف ممهّـدا الطريق للوحدة التي قامت على ذلك الاساس لاحقا عـندما تمدّدت دولة الاسلام وشملت شعوبا كـثـيـرة ، وقـبائل تفاعلت في ظل المحبّة والاخوّة الدينية التي زرع  بذورها بـيـنهم ، ومنحهم  لغة القرآن للتواصل حتى صاروا أمة مسلمة ..
هكذا عاش اجدادنا على مدى قرون طويلة يدافعون عن العـروبة في ظل الاسلام ، كما يدافعـون عن الاسلام  في ظل العـروبة ، لان شخصيتهم الحضارية السوية التي لم تـتشوّه بالشوائب التي عرفتها المدنية الحديثة .. و لم تتسرب اليها تلك المفاهيم المشوّهة لتاريخ الشعوب والأديان ، انما تكونت لدى العامة على اساس شعورهم الطبيعي بالانتماء الى الوطن والدين ..
فمن المعروف أن الوطن العربي قد شهد حملات متتالية على مدى قرن كامل من الزمن أولها الحملات الصليبية ، ثم حملات التتار .. التي تصدى لها كلها قادة عظام أدركوا مفهوم الامن القومي ، ودور الوحدة في صنع النصر ، فلم يتردّدوا في تحقيق شروطه ، وأولهم صلاح الدين الايوبي قاهر الصليبيين الذي واجه اعداءه بعد أن سعى لتوحيد أقطار الامة المتفرقة ، حين قام بضم جيوش الشام الى مصر واليمن ، للخروج بها تحت قيادة واحدة .. ورغم دحـر الغـزاة بعد ذلك في آخر المعارك سنة 1291م في عكا بلبنان ، فان الغـرب لم يكفوا عن التفكير في الرجوع للسيطرة على الوطن العربي ، لعل أهمها حملات نابليون بونابرت على مصر وبلاد الشام سنة 1798م ، والتي تبعـتها موجات استعمارية جديدة انتهت في مطلع القرن التاسع عشر الى تقسيم الوطن العربي الى دويلات ضعـيفة ، لا تـقـدر الواحدة منها عـلى البقاء الا محتمية بمظلة المستـعـمـر ... وطوال تلك الأحداث لم نرى انقساما  في صفوف  العرب حول مفاهيم تتعلق بالدين والوطن الا بعد ظهور حركات الاسلام السياسي خلال النصف الاول من القرن العشرين ..  حيث كان المجاهدون يدافعون عن العروبة والاسلام ككل متكامل لا يتجزأ .. فهو دفاع عـن الاسلام حينما يشعـرون بالعدوان على الدين ، وهو دفاع عن العـروبة حينما يرون خطرا على وحدة الامة واستهدافا للغـتها وتاريخها وتراثها وحضارتها بشكل عام .. وهؤلاء  لا يعـرفون أنصاف الحلول .. ولا يعرفون ولاءا  لغـيـر الله والوطـن ..
اولائك نذكرهم فـنتذكر مواقفهم العظيمة وأقوالهم الخالدة ..
نذكر على سبيل الذكرالمجاهد عمر المختار ومقولته الشهيرة " نحن لا نستسلم ، ننتصر أو نموت " .. ونذكر  مقولة الشيخ بن باديس وهو يجاهد ضد المستعمر الفرنسي في الجزائر" والله لو قالت لي فرنسا قل لا اله الا الله ما قلتها " ..
ونذكر ايضا عزالدين القسام الذي رفض  منصب القضاء في سوريا تحت مضلة المحتلل الفرنسي ، والذي قاد اول مسيرة احتجاج ومساندة لليبيا ضد الاحتلال الايطالي وهو القائل " إن كنتم مؤمنين فلا يقعدنّ أحد منكم بلا سلاح وجهاد"..
كما نذكـر من هؤلاء الرجال الاشدّاء  : الشيخ عبد القادر الحسيني القائد الذي استشهد وهو يقاوم العصابات الصهيونية في معارك غـير متكافـئة لمدة ثمانية ايام ، والذي عاش يقاوم جميع انواع المستعمرين  في سوريا وفلسطين والعراق ومصر ..
ونذكر كذلك عبد العزيز الثعالبي ومواقفه القومية وهو الذي طاف كل أنحاء الامة مدافعا عن قضياها ، فكان تنقله بين المغرب والمشرق خير دليل منه على ايمانه بوحدة قضاياها ومصيرها  ..
وهؤلاء جميعا هم انصار العـروبة والاسلام ..
اما في أيامنا ، فان الجهلة ابتدعوا بدعة جديدة لم يعرفها الاولون ، وهي معادات العـروبة بالاسلام ، وهم في الواقع لا يفعلون سوى تـفـتـيـت الامة باثارة صراعات وهمية بين مكوناتها التي تمثـل مرتكزات اساسية يقوم عـليها توازنها ، بعد أن استقر عليها وجودها واكتمل ، فصارت بها مجتمعة امة عربية مسلمة .. 
 ( القدس عدد 77 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق