بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 3 يونيو 2013

بعض الكلام عن العـروبة والإسلام .. (3) .

            بعض الكلام عن العـروبة والإسلام .. (3) .


قبل الأديان السماوية كان الناس أسرا وعشائر وقبائل ،  ولم يكن ذلك اختيارا بشريا محضا ،  بل كان وضعا الهـيا بمشيئة الهية ، قال تعالى : " إنا خلقـناكم من ذكر وأنثى وجعلـناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكـرمكم عـند الله أتقاكم " ( الحجرات / 133 ) .. و لما شاء الله أن يهدي عباده بعـث لهم رسلا من أنـفـسهـم يدعـون جمـيعـا إلى الـتـوحـيـد والعـمل الصالح ، فـكانـت الأديان مسايـرة لمـراحل التـطوّر الإنساني .. لذلك كان الخطاب الديني خطابا خاصا بكل قوم . قال تعالى : " انا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم "( نوح / 1) . وقال : " وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عـليكم " ( البقرة 54 ) . و قال :"ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود " التوبة / 70 ) . وقال تعالى : " و الى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله " ( الأعراف 65 ) . وقال : " والى مدين أخاهم شعيب قال يا قوم اعبدوا الله " ( الأعراف 85 ) . وقال : " كذّبت قوم لوط بالنذر " ( القمر 33 ) ...
ولما مر على الناس حين من الدهـر ، و أصبحوا قادرين على تطويع الطبيعة دون ترحال ، بدأت البشرية تشهد الاستقرار، و تتحوّل تدريجـيا من المراحل القبلية إلى المراحل الشعوبية ، فانتقلت الديانات من الخطاب الضيق الخاص بالقوم ( القبيلة ) إلى الخطاب الواسع الموجه إلى الأقوام المجاورة .. و قد بدأ ذلك مع موسى عـليه السلام المبعوث لبني إسرائيل ، والذي  كلفه الله بالذهاب الى فـرعون صحبة أخيه هارون فقال : " اذهبا إلى فرعون انه طغى " ( طه 33 ) . كتمهـيد لخـروج الدعوة من إطارها القـبلي إلى الإطار الإنساني .. و قد تأكد مثل هذا النهج مع عـيسى عـليه السلام الذي شرع في جمع الإتباع وراح يطوف حيثما تقوده قدماه ، غير مكتـف بنشر دعوته بل كان مبشرا بنبي يأتي من بعـده ..
باختصار لقد كان تطور الأديان مسايرا لتطور المجتمعات ..   والمؤكد أنه لم تكن - حتى ظهور الإسلام - أي من المجتمعات التي عاشت بين المحيط والخليج قد دخلت مرحلة التكوين القومي ، لكـنها بدأت تشهد الاستقرار الذي كان من الممكن أن تتحوّل به  إلى أمم متعدّدة ، لو لم تداهمها جميعا موجات الفتح الإسلامي الذي وحدها ، وأعطاها لغة القـرآن لتصبح لغـتها القومية ، و منحها أرضا مشتركة تتفاعل فوقها تفاعلا حرا فـتبني ـ بعد قـرون طويلة ـ تاريخها وحضارتها القومية .. فصارت به أمة عـربـية مسلـمة ، وجـزءا لا يتـجـزأ من أمة الإسلام  ...

 ( القدس عدد 74 ) . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق