قانون تحصين الثورة : تسمع جعجعة ولا ترى
طحينا ..
بعد كل هذه المدة من عمر الثورة والانتخابات و الحكومة
من بعدها ، و القرارات لم تتجاوز الشعارات ، وهوما يعـبر عن أزمة حقيقية في غياب
الحلول القادرة على احداث تغيير فعلي بعـيدا عن المزايدات ، و البروبقاندا
السياسية الفارغة من أي محتوى .. حيث انحصرت أهداف الثورة عـند الائتلاف الحاكم في
عـزل انتقائي يجزأ المراحل والادوار ، فـيكيّـف قانون التحصين للمنفعة قبل كل شيئ
على غرار ما جاء في الفصل الثاني باعتبار الثاني من أفريل 1989 كنقطة انطلاق لتاريخ
العـزل .. أي بعد حوالي سنتين من حكم
الرئيس المخلوع في محاولة مكشوفة لمسح الفترة التي شاركت فـيها حركة النهضة في
الانتخابات ، بعد ان وقّعت على الميثاق الوطني في قصر قرطاج .. كما شهد القانون العديد
من الثغـرات على غرار استثناء رؤساء الشعـب
والمسؤولين في مجلس المستشارين و منهم محافظ البنك المركزي الذي وقعت تزكيته من
طرف الحكومة و نوابها في المجلس التأسيسي وسط انتقادات شديدة السنة الماضية ..
و لعل اختصارمحاسبة التجمعـيـيـن الى حد الآن في اصدار
قانون تحصين الثورة بصورته الحالية الى جانب امكانية مقايضته بالاعتذار كما عـبر
عن ذلك قادة أحزاب الترويكا ، و في ظل هيمنة حزبية و غياب كلي لدولة المؤسسات التي
تضع حدا لتدخل الافراد و أهوائهم ، فاننا نسير بالفعل في طريق انتاج نفس المنظومة
الاستبدادية التي لا تتغـير فيها منظومة الحكم بقدر ما تـنـتقـل فـيها الهـيمنة من
حزب الى آخـر.. وهـنا يمكن طرح عدة اسئلة على الحكومة و المجلس التاسيسي الموالي
لها ، فضلا عن أنصارهم المتحمسين لهذا القانون :
- هل يقتصر
تحصين الثورة على اقصاء بعض التجمعـييـن من الحياة السياسية أو بمجـرد تقديم اعتذار للشعـب ؟
- الى متى يتواصل
تغييب العدالة الانتقالية ، فيستمر غلق ملفات الفساد ، ويفلت المذنبون الى حد الآن
من المحاسبة ؟ - هل سنحصّن الثورة بمساومة
رجال الاعمال الفاسدين الذين تضاءل عددهم من عددة مئات الى بضع عشرات فقط .. ؟ -
أين التنمية و العدالة الاجتماعية بين الافراد و الجهات ؟ اين المشاريع ؟ أين
التشغـيل ؟ أين حقوق المواطن في الصحة و التعليم ؟
أين الفصل بين السلطات ؟ أين الهيئات الضامنة لاستقلالية
المؤسسات و الحريات ؟
أين الضمانات الحقيقية لنجاح الانتخابات في المستقبل و
وضع حد للاستبداد .. ؟
الا يعـني غياب كل هذه الاهداف المستحقة أن أنصار قانون
تحصين الثورة يعملون وفق المثل القائل : تسمع جعجعة ولا ترى طحـيـنا ..؟
( القدس عدد 77 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق