بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 14 مارس 2016

نشرية القدس العدد 219 .

تحميل نشرية القدس العدد 219 .



هوية الإسلام  مثل هوية المسلمين .. (2) .


ما كان الإسلام غريبا عن أهله أبدا .. ولا كان الرسول صلى الله عليه وسلم غريبا عن قومه ، بل كان مبعوثا لهم بالهدى ودين الحق .. فكان لهم نبيا هاديا ، وراع مسؤولا عن رعيته ..
وقد كان في الإسلام  ـ منذ مطلعه ـ تلك الجوانب الإنسانية التي قامت عليها أسس العلاقات الاجتماعية : الإخوة بين الناس ، والتعاون ، ووحدة المجتمع .. فكان لا بد من إرساء قواعد جديدة للسلوك والعلاقات ، والمفاهيم تتماشى وهذا التحول العميق في بنية المجتمع ونهج الحياة على حد السواء .. ولما كانت تلك الغاية تتصادم أحيانا مع خصوصيات  تلك المرحلة التي تمر فيها المجتمعات الإنسانية بالمراحل القبلية ، فان الإسلام لم يتردّد في التشجيع على تخطي تلك المراحل ، طوعا  من خلال الترغيب الديني ، لبناء مجتمع جديد يقوم على التنوّع العرقي والديني ، وهو المجتمع الذي بنى أسسه الرسول صلى الله عليه وسلم  على دستور دولة المدينة المسمّى بالصحيفة ، كما لم يتردّد في الحث على تجاوز  تلك السلبية من خلال الإدانة الصريحة للتعصب القبلي ، الذي يعود بالمجتمع  الى الوراء معتبرا فكرة التعصب الأعمى فكرة رجعية ، وصفها " بالمنتنة " ..
وهكذا .. ومنذ ذلك التاريخ .. تبلورت مفاهيم وأسس جديدة للانتماء على غير أسس القرابة الدموية السائدة زمن الرسالة .. فكانت دولة المدينة  ـ حقا ـ النواة الأولى للمجتمع القومي الذي بدأ يتبلور وينموا داخل دولة الخلافة ، حتى وهي تضم شعوبا وأعراقا وديانات مختلفة ، وتمتد من حدود الصين شرقا ، الى ما وراء البحار غربا ، وصولا الى  الحدود الفرنسية شمالا .. 
هذه النشأة الوحدوية التحررية لمجتمع المدينة  ، كان هدفها الأساسي بناء مجتمع قوي قادر على تبليغ الرسالة ، حيث تؤدي الفرقة والتشتت  ـ  بالضرورة ـ  الى إضعاف رسالة الإسلام ، فكانت مهمّة حماية المجتمع من الفتن التي تهز كيان المجتمع ، وتمزق وحدة المسلمين ، ضرورة ذات أولوية ، تتوقف عليها مصلحة الإسلام ، ومستقبله .. وقد كان هذا الوعي قائما على بديهيات الأمور ، التي لم يستوعبها اللاحقون فحصل بعد ذلك المحضور .. !!
 وهكذا نحتاج في كل وقت ، وفي كل عصر الى إسلام  انساني  يبني ولا يهدم ، يوحّد ولا يفرق ، يحيي ولا يميت .. نحتاج الى إسلام تحرّري يحرّر المسلمين من الخوف ولا يخيفهم ، إسلام   يمنح الحريات  ، ولا يسلبها  ..
نحتاج الى إسلام اجتماعي ، ينحاز الى الفقراء ويحرّرهم من القهر المسلط والبغي .. نحتاج  الى إسلام تنويري يشيع أنوار العقل ، وحب الحياة  والأمل بين الناس ..
نحتاج الى إسلام  يأخذ بالأسباب والمسببات  ، يعذر الجاهلين بجهلهم ، فيدين الظروف ولا يدين الضحايا أنفسهم ..
نحتاج الى هوية للإسلام مثل هوية المسلمين .. إسلام محلي في المحليات ، عائلي في العائلة ، إسلام مدني في المدينة ،  وصحراوي في الصحراء .. إسلام عربي داخل الأمة يتفاعل مع قضاياها ولا يخلط الأولويات .. إسلام مقاوم في أمة مستهدفة ..
إسلام عالمي في العالم يتخطى الحدود ويوحّد المسلمين على مبادئ الإسلام الحقيقية وقيم الإنسانية جمعاء ، للتعاون بين الأمم في كل مكان ..
نحتاج الى إسلام تتكيف متشابهاته مع روح العصر ، ومحكماته ثابتة تحدّد روحه الأصيلة على مر العصور ..  نحتاج الى إسلام يساير التطوّر ولا يخشاه .. 

نحتاج الى كل هذا بالفعل  ..  ولكن أين الوعي .. وأين العقل .. واين المسلمون من اسلامهم ..؟؟؟

( القدس ) . 



أجمل الغلال ما نبت في حقول الآخرين .  مثل ياباني )  .
الإدارة الحسنة خير من الدخل الجيد ( مثل برتغالي )  .
لتلك التي خَبّأتْ  "  حجرًا يَـعْـرُبـيّـا  "  
بمحفظةِ الرّوح ، بيْن كتابٍ و لَوْحٍ 
و قالت : بُــنَــيّ  ..  
فقال : حفظت وصايَاك ، أمّي  ..
لك القلبُ أمّــي  ..فقالت : .. أنا ، والوَطن  .
  لتلك التي زغْرَدتْ ،
 حين عاد الكتابُ بـــدَمْ
و لَــوْحٌ ، و دَمْ   ...
و محفَظًـةٌ حُجِــزَتْ و الـحَــصَــى  ..
فــــصَــلّــتْ ... و غــنّــــتْ لخالقها سورة الأنبياء 
   لتلك ورودي التي لَمْ أقلْهَـــا 
 وحبّ ... ودَمْ  ..
 
عبد الجليل عواسي  .
إن شهداء أى أمة عظيمة هم القصص المجيدة على طريق نصرها؛ فالنضال هو تحمل التضحية، وتحمل التضحية هو ثمن الانتصار، ولا يقدر على دفع ضريبة الدم غير الذين يقدرون شرف الحياة .
إن  تواريخ الشعوب العظيمة تكتبها دماء الشهداء؛ ومن هنا فإن شهداء أى شعب هم فى حقيقة الأمر حياته المتجددة دائماً، وآماله المتسعة باستمرار، وقضاياه الحقة والعادلة، هم فى الواقع رموز مضيئة لمبادئه الغالية ومصالحه المشروعة، هم حكاية تقدمه، هم دعائم أمنه ، هم مسيرته الظافرة .
                                                                                  الرئيس الراحل جمال عبد الناصر .
  بالدماء ... بن قردان ... ملحمة لها جذور ..
لم تعرف مدينة بن قردان ، القابعة في أقصى الجنوب الشرقي التونسي ، خيانة على مدار تاريخها الناصع ، وبقيت وفيّة لانتمائها الوطني لا تهزّها الإغراءات ولا تُوقع بها اجندات البعض الضيّقة وذات الأفق المنفعي المحدود ، أبلت هذه البلدة المحرومة من خيارات الدولة والمقطوعة عن مسار التنمية الذي انطلق في بلادنا منذ أكثر من ستين سنة .
غياب التنمية والمرافق الحياتيّة والخدماتيّة جلية للعيان ومعلومة لدى القاصي والداني ، ولكلّ بنقرداني قصّة ألم وغصّة وقهر مع تجاهل دولة الاستقلال لجهتهم ، لقد توفي والدي يوم 31 سبتمبر 1994 في الطريق بين بن قردان ومدنين لمّا استعصى إسعافه في مستشفى الجهة لغياب العناية والتجهيزات الطبيّة اللازمة ، توفي في سيارة اسعاف بالية ، انقطعت انفاسه في الطريق ، وهو المناضل الوطني الذي ساهم في معارك مهمّة ضدّ المستعمر الفرنسي من رمادة الى جبال قابس والظاهر التونسي ومعركة الجلاء وعانى الحرمان والتعذيب والسجون ، ولم تمنحهُ دولة الاستقلال شيئا على الإطلاق حتّى لمداواة مخلَّفات الحرب الغائرة في أكثر من مكان في جسده الطاهر، ولكنّه لم يستسلم ، كافح من أجل ابنائه الثمانية مصرّا على أن لا يُطعمهم إلاّ لقمة نتجت عن جهده وغطّتها حبّات العرق التي اعتدتُ أنا وإخوتي الصغار رؤيتها تتساقط وتنسابُ مدرارا من على جبينه البرّاق .... الى أن أنهكهُ المرض وهو في عزّ كهولته ولم يتمّ سنّه الستّين .
وقصة والدي ليست الوحيدة ، هناك العشرات ان لم أقل المئات بل الآلاف مثلها ...
أجزمُ اليوم ، أنّ دولة الاستقلال ظلمت والدي، ظلمت جزءا كبيرا وشهما من هذا الوطن، لستُ الآن في مجال للحفر في الأسباب ولكن أقول جاء الوقت الذي لا بدّ فيه للدولة أن تردّ الاعتبار لمثل هذه الجهة المنسيّة والمهمّشة والمغيّبة وأن تمنحها قسطا من حقّها في التنمية والاستثمار والتشغيل وتوفير المرافق والخدمات وتحسين ظروف عيش مواطنيها، على الدولة أن تستكتب ميثاقا جديدا تلحق به بن قردان وغيرها من المناطق في الجنوب والشريط الغربي، على وجه الخصوص، بخارطة اهتماماتها وان تضع لها أبوابا في ميزانيات التنمية والتشييد والبناء.
اليوم، يُوشك العالم، أن يتحدّث، ليس عن ملحمة فقط، بل ربّما عن أسطورة، نعم أسطورة فقد تكسّر على أبوابها غول مارد أوشك أن يلتهم روح الحياة في الكثير من الدول والآقطار، أسقطت بن قردان بصمودها وثباتها البطولي أسطورة الدواعش، وأبانت عن جبنهم وضعفهم، ومن الصور ما يكفي للتدليل على الكيفية التي اندحرت بها الدواعش وفلولها على أرض بن قردان الطاهرة .
أسقطت بن قردان ايضا الكثير من المسلّمات التي سعى البعض جاهدا لالصاقها بأبناء الجهة لاعتبارات سياسويّة فجًّة ولحساب اجندات حزبية قاصرة عملت على اختطاف أهالي بن قردان في اتجاه مشاريع التقسيم ومخططات الاستعمار الجديد ، وليس ببعيد حين صوّرهم البعض خارج دائرة الوطن والهوامش خارج سياق التاريخ والمهرّبون المخرّبون للاقتصاد الوطني ولمناعة البلاد والمهدّدون لأمنها واستقرارها .
لمّا غابت الدولة، عن الجهة، نعم كانت بن قردان نقطة للتهريب، لم يكن في غالبيته تهريبا للاستكراش والثراء الفاحش، كان تهريبا لتوفير حاجيات الحياة الضروريّة والعيش في شروط الكرامة الانسانية الدنيا، على الخبراء الجهابذة الذين افنوا جزءا من وقتهم خلال السنوات الفارطة لتثبيت قاعدة عنوانها الترابط الميكانيكي والآلي بين الارهاب والتهريب.
ملحمة 7 مارس أكّدت انّه، ورغم واقع التهريب والمهرّبين فإنّ الارهاب يندحر وينهزم شرِّ هزيمة في "بلدة المهربين والكناتريّة " .
وذلك موضوع آخر، ففي بن قردان من آفاق التنمية والاستثمار، فلاحة وسياحة ومنتوجات بحرّيّة وموقع استراتجيي ما يُغني أهلها عن مشاق التهريب ومخاطره ، فهي بوابة تونس نحو المشرق العربي وهي المنطقة الفريدة التي يُمكنها ان تحتضن السياحة الشاطئية والسياحة الصحراوية ، وهي بلد التين والزيتون والقمح والشعير والفروسية والمراعي الخصبة ومزوّدة أوروبا بمواد أساسية ، منها الملح الطبيعي والعديد من المواد الأولية الاخرى، وهي ايضا بلد المحميّات الطبيعيّة الفريدة والأثار النادرة المنسيّة وقوافل الإبل الضاربة في عمق تاريخ تونس الخضراء .
يكفي فقط ، أن تحضن الدولة هذا الجزء من الوطن .
الملحمة الاخيرة في صدّ الدواعش ، سيكون لها اثر بليغ محليا واقليميا ودوليا ، ملحمة لها سابقاتها ، ملحمة لها جذور تاريخية لا تُنسى .
ماناش ملّي يذلوا  ***  وماناش ، ملّي من نص الطريق يولّوا " .. 
                                                                                   (خالد الحداد ـ الشروق )
الاسلام في اليابان ..
الإسلام في اليابان حديث نسبيا مقارنة بوجوده منذ فترة طويلة في بلدان أخرى حول العالم .
عرف اليابانيون معلومات أولية عن الإسلام من جيرانهم  الصينيين ، فأخذوا معلوماتهم من الكتب الصينية ، ومما كتبه  الأوروبيون ، وجاءت دفعة جديدة بانفتاح اليابان على العالم الخارجي والاتصال بالبلاد الإسلامية ، ففي سنة  1308 هـ  زارت إحدى السفن الحربية التركية موانيء  اليابان زيارة مجاملة ، ولكنها تحطمت في عودتها قرب جزر اليابان ، ومات العديد من طاقمها ، فأرسلت  اليابان  إحدى سفنها تحمل الأحياء من الباخرة التركية إلى  اسطنبول وكان هذا أول ( تصال إسلامي رسمي  باليابان)
وافتتح اليابانيون مفوضية بالقسطنطينية في أعقاب الحرب العالمية الأولى وبدأ اتصالهم بالعالم الإسلامي ، فأرسلوا مبعوثاً لهم إلى جدة  لتوثيق العلاقات بالعالم الإسلامي ، وعندما عقد مؤتمر الديانات بطوكيو في سنة 1326 هـ  حضره مندوبون من بعض الدول الإسلامية .
وعندما قامت الحرب بين الروس واليابانيين في مستهل هذا القرن زاد اتصال اليابان بالعالم الإسلامي ، ووصل إلى اليابان العديد من المسلمين كان من بينهم عبد الرشيد إبراهيم  الذي طرد من روسيا بسبب نشاطه  ..
زاد اتصال المسلمين باليابان بعد الحرب العالمية الأولى، وفي سنة 1342 هـ  قدم إلى اليابان مسلم لاجيء طرده  الماركسيون  منالتركستان  ويدعى (محمد عبد الحي قربان).
كما قدم إلى اليابان في أعقاب وصول عبد الحي قربان 600 لآجيء من مسلمي التركستان ، وكان هذا أول (وصول جماعي للمسلمين ) إلى اليابان ، ولهذا يوجد العديد من الأتراك الذين ينتسبون إلى  التركستان  بوسط  آسيا .
أسس قربان أول مسجد في طوكيو في سنة 1357 هـ ، وألحق به مدرسة لتعليم القرآن ، وأسره الروس في نهاية الحرب العالمية الثانية ، ونفي إلى سيبريا وظل بها حتي توفي في سنة 1372 هـ .
وازدهر انتشار الإسلام  بين اليابانيين في أعقاب الحرب العالمية الثانية ، فبعودة الجنود اليابانيين من البلاد الإسلامية في جنوب شرقي آسيا ، برزت خطوة جديدة زادت من انتشار الإسلام  فقد اعتنق بعض هؤلاء الجنود الإسلام أثناء وجودهم في تلك البلاد .
                                                                                        ( ويكيبيديا ) .
                           مسجد طوكيو ـ اليابان .
نحو نزعة إنسانية إسلامية (1) .
د.صبري محمد خليل .

أولا : تعريف النزعة الانسانيه : 

تعدّدت تعـريفات النزعة الانسانيه  (humanism) نتيجة لتعدد الفلسفات  ومناهج  المعرفة المستخدمة في تعريفها ، ونتيجة لتركيز كل تعريف على عنصر معين “ أو عناصر معينه” من عناصرها ،  ومن هذه التعريفات :  

أولا : مجموعة من وجهات النظر الفلسفية والأخلاقية التي تركز على قيمة وكفاءة الإنسان .

ثانيا : اتجاه في الفلسفة والعلوم الاجتماعية يؤكد بشكل خاص على فكرة   " الطبيعة البشرية  " ( خلافاً للـ لا إنسانية ) .

 ثالثا : حركة فلسفية تدعوا إلى إعادة الكرامة إلى القيمة الإنسانية ، وترجح التفكير العقلاني ، والتأكيد على تفوق الإنسان بذاته وليس عن طريق القِوى التي لا تخضع لتحكم العقل  ( من ويكيبيديا ، الموسوعة الحرة ) .

رابعا :  يعـرفها الدكتور عصمت سيف الدولة بقوله ( الانسانيه كفلسفة تعنى الانطلاق من الإنسان كحقيقة أولى” كما هو” ، كائن متفـرد نوعيا بأنه وحدة من الذكاء والمادة ) ، كما يحدّد الدكتور عصمت سيف الدولة ، المفاهيم التي تؤسس للفلسفة الانسانيه في الحضارة العربية الاسلاميه وهى :

 أولا : مفهوم التوحيد الذي يقول عنه ( قـرون نحن نتعلم ونعلم ،  وتوحي لنا أمهاتنا ،  ونوحي  إلى أبنائنا ، أن الله الواحد القادر على كل شيء ،  ذا الاراده المطلقة ،  ليس من البشر وليس كمثله شي لينفى لنا التوحيد نفيا قاطعا  وجود  ألهه من البشر ،  قادرين على أن يرفعوا إرادتهم  فوق ارتاده البشر ( الطريق ،ج  1، ص162 ) ..

 و مفهوم الاستخلاف الذي يقول عنه ( ومن هنا كان الاهتمام الفذ ،  الذي يوليه  القران  للإنسان ،  في آيات آمره ناهيه مرشده  مذكره محذره ،  تستهدف جميعا تقويم الإنسان ليكون صالحا لدور القائد لحركه التطور الاجتماعي ، على الأرض التي استخلف فيها ) ( النظرية ،ج  1 ص90  ) ..  

ومفهوم التسخير الذي يقول عنه ( ثلاثة عشره قرنا ونحن نسمع ونقرا ،  في الطفولة والشباب والى آخر العمر ، ما يمدنا كبشر بعصارة التفوق ، ويغذى في نفوسنا كبرياء الإنسان ، كل شي مسخر للإنسان ، أن الأرض بجبا لها  وأنهارها وكـنوزها ، والسماء بشموسها وأقمارها كل هذا من اجلنا نحن بني الإنسان) ( الطريق ، ج 1 ،ص 162 ) ..

واستنادا إلى هذه التعريفات المتعددة السابقه ، فان مضمون النزعة الانسانيه هو التأكيد على قيمه الوجود الانسانى ، بصرف النظر عن تحديد طبيعة هذا الوجود ” لان الأخيرة محل خلاف بين المذاهب المتعددة  للـنــزعة الانسانيه    .

ثانيا : قـراءه نقدية للنزعة الانسانيه الغربية : أما النزعة الانسانيه الغربية فهي تيار فكرى ، يتضمن العديد من المذاهب الفلسفية والاخلاقية  والسياسية والدينية .

نشأة وتطور النزعة الانسانيه الغربية :

يرجع الكثير من مؤرخي الفكر الغربي  النزعة الانسانيه الغربية إلى الفلسفة اليونانية وبعض فلاسفتها وأهمهم  بروتاغوراس الذي وضع شعار “ الإنسان هو معيار كل شيء “ ، وفى مرحله تاليه ظهرت في ايطاليا في القرن الخامس عشر حركة ” النهضة الإنسانية ” وهى حركه للإصلاح الثقافي  والتعليمي ، عن طريق إحياء التعلم الكلاسيكي ، القائم على الأدب اليوناني  واللاتيني ،  قام بها معلمون وباحثين  وكتاب أطلق عليهم  لقب الإنسانيون   (  umanisti )  ، وقد كان المؤرخ الألماني  جورج  فويت  أول  من استخدم  مصطلح ” النزعة الانسانيه ” ،  لوصف  هذه الحركة في العصر الحديث وذلك في عام 1856 ،  وخلال الثورة الفرنسية  وبعدها بقليل في ألمانيا ،  بدأ مصطلح الإنسانية يشير إلى الفلسفات والأخلاق التي ترتبط  بالإنسان ، دون الاهتمام بأية مفاهيم إلهية ..

تجربة الوحدىة الألمانية في العصر الحديث

درس التاريخ والمستقبل  .. (5) .

 د.صفوت حاتم .

الثورة :
14 –  فجأة .. قامت الثورات الشعبية في مختلف أنحاء أوروبا عام 1848 .. عام الثورات الشعبية والعمالية  ..
وسط هذا الجو المشحون بالثورة على حكم الأسر والعائلات المقدسة .. خرجت فكرة الوحدة من ساحة النظريات الى ساحة العمل ..
فقد رأى الملوك والأمراء أن " حكمة الحكومة " تقتضي عليهم مسايرة الرأي العام في هذا المضمار .. فوافقوا على دعوة مؤتمر شعبي عام .. لوضع دستور يسري على البلاد الآلمانية بأجمعها .. وذلك بغية تأسيس دولة ألمانية .. تجمع شمل الدول والدويلات القائمة على أراضي جرمانيا القديمة ..
اجتمع المؤتمر في مدينة فرانكفورت وأخذ يعمل في بادئ الأمر بنشاط وحماس .. وقرروا بإتفاق الآراء .. تكوين حكومة فدرالية – إتحادية  - ثم أخذ يتذاكر في نظام هذه الحكومة .. وقرروا بأغلبية الآراء أن تكون " إمبراطورية وراثية " .. ثم أخذوا يتناقشون في أمر رئاسة هذه الحكومة .. وبعد مناقشات طويلة انتهوا الى قرار يقضي بتقديم تاج الى " أمبراطورية ألمانيا الجديدة " الى ملك مملكة بروسيا ..
الثورة المضادة :
15 –  ولكن .. خلال فترة المناقشات والمذاكرات .. كان قد حدث تطور مهم في الجو السياسي العام .. في جميع انحاء أوروبا .. ذلك أن معظم الحكومات التي كانت قائمة .. آنذاك .. كانت قد استطاعت أن تتغلب على الحركات الثورية .. وأخذت تتراجع شيئا فشيئا عما كانت وافقت عليه من نظم وتشكيلات شعبية  ..
وكانت النمسا من أول الدول التي قضت على الثورات الشعبية .. ولذلك انقلبت على مقررات مؤتمر " فرانكفورت " وأجبرت ممثل النمسا على الإنسحاب  !!
أما الملك المنافس للنمسا ..أي ملك بروسيا .. فقد كان منذ البدء مترددا أمام مقررات مؤتمر فرانكفورت .. على الرغم من موافقة مقررات هذا المؤتمر لمطامح بروسيا .. فلقد كان الملك مسايرا للمؤتمر على مضض وبتأثير الثورات الشعبية التي اندلعت في أوروبا آنذاك  ..
كان يرى أنه لا يليق بمقامه الملكي ان يقبل تاج الإمبراطورية من يد مجلس شعبي  منبعث من ثورة شعبية .. ولذلك عندما زالت من نفسه مخاوف الثورة .. أعلن ان لا يقبل تاج الإمبراطورية الألمانية الا اذا قدمه له الملوك والأمراء الذين يحكمون الشعوب الألمانية ...
ولا حاجة للقول .. أن ذلك أدى الى فشل مشروع الأمبراطورية الالمانية الموحدة وانحلال مؤتمر " فرانكفورت "  ..
وانهار مشروع الوحدة الآلمانية  ..
ثقافة الهزيمة واليأس :
16 -   لم تكن الكارثة التي حاقت بالنضال الوحدوي الألماني هينة بعد انهيار مؤتمر " فرانكفورت " .. انهارت الثورات الشعبية .. وانهار الحلم الوحدوي .. وانهار أعز ماكان يحتضنه الآلمان في جوانحهم : إيمانهم بالوحدة  ..
تعالوا نسمع ونقرأ .. ماكان يقال ويكتب بعد هزيمة مقررات مؤتمر " فرانكفورت " الوحدوية ..
لقد ظن الكثيرون  من رجال الفكر والسياسة في أوروبا .. وفي ألمانيا بالذات ..  أن فكرة الوحدة الألمانية قد " تلاشت " .. نعم تلاشت .. بعد مؤتمر فرانكفورت .. وأن أحلام الوحدة الألمانية  دخلت حيز النسيان .. واعتبر الكثير منهم أنها وهم من الأوهام والأحلام لا يمكن أن تتحقق في وقت من الأوقات  .
وقد قال قيصر روسيا : ان فكرة الوحدة الألمانية .. ليست إلا نوعا من أضغاث الأحلام التي تليق بالروايات الخيالية  ..
أما ملك فورتمبرج فقال : ان فكرة الوحدة اآلمانية من أسخف الأوهام واضر الأحلام  .
وانبرت الصحف والمجلات الألمانية والأوروبية تكتب وتنشر المقالات عن إفلاس فكرة الوحدة الألمانية .. وقد أخذ الكثيرون يسخرون منها بأحط الألفاظ وأقسى العبارات .. فهذا يقول عنها : خيال محال لا يؤمن به الا الشعراء .. وثان يقول : سراب خداع لا يسير وراءه الا المغفلون وأصحاب الأطماع  !!
وتساءل أحد الكتاب مرة : ماهي ألمانيا ؟ واين هي ؟ ثم أجاب على السؤال قائلا : انها خيال واه .. لا وجود له الا في عالم الأحلام التي يتلهى بها الفلاسفة ويتغنى بها الشعراء  !!
وكان مما كتبه أحد محرري السياسة العالمية في هذا الصدد : " ان الفشل التام الذي انتهى اليه مؤتمر فرانكفورت يجب ان يعتبر من أهم الوقائع التي سجلها تاريخ القرن التاسع عشر .. ومن أفيد الدروس التي أعطاها للساسة والباحثين .. لأن أعمال المؤتمر أظهرت للعيان ماهية الأوهام التي كانت مستولية على الأذهان .. ان جميع الجهود التي بذلت في المؤتمر المذكور لتحقيق وهم الوحدة الألمانية .. ذهبت سدى .. وفي الوقت  نفسه الذي نكتب فيه هذه السطور .. نستطيع أن نقول ان حزب الإتحاد الألماني قد زال من عالم الوجود  "   !!......
انها ذات الجمل والتعبيرات التي يطلقها البعض على فكرة  الوحدة العربية منذ  هزيمة مشروع الوحدة الأولى بين مصر وسوريا بالإنفصال عام 1961 .. ولكن هذا حديث آخر نؤجله لحينه .. ونبقى مع تجربة الوحدة الألمانية .. تلك التجربة  المليئة  بالدروس والعبر .. التي  تستحق أن نستفيد منها  في نضالنا الوحدوي  ..
ولم تنته القصة  ...
فقصة بناء سور برلين  قصة مثيرة تحتاج الى تفصيل .. فهي قصة تفاعل الياس مع الأمل تفاعلا خلاقا .. وقد كتبها بشكل رائع الكاتب الصحفي " محمود صلاح " في كتابه المثير  " سور برلين .. هزيمة حائظ  " .. 
                                                                                                        ( يتبع ) . 


ورأيت الشهداء واقفين
 كلٌ على نجمته ،  
سعداء بما قدّموا  للموتى الأحياء من أمل ..
ورأيتَ ..  رأيت  ..
رأيت بلاداً يلبسها الشهداء
ويرتفعون بها أعلى منها
وحياً وحياً ..
ويعودون بها خضراءَ وزرقاء
وقاسيةً في تربية سلالتهم :
موتوا لأعيش ..!
  فلا يعتذرون
ولا ينسون وصاياهم لسلاتهم :
أنتم غَدُنا ،
فاحيَوا كي نحيا فيكم ..!
وأَحِبُّوا زهر الرُمّان ، وزهر الليمون ..
وصُبُّوا خمرتنا في عيد الحب ..!
فلم نجد الوقت لنشربها معكم
  عفواً .. ! لم نجد الوقت
فلا تنْسَوا أنتم أن تجدوا الوقت
 لتحتفلوا بالحب ،
وتنتقموا بالحب لنا ولكم ..!  
                                      محمود درويش.

هل مهّدت "الوهابية" الطريق لصعود فكر "داعش" ..؟

 جذور فكر "داعش" التكفيري :


هناك من يعيد جذور هذا الفكر السلفي الجهادي إلى أول خلاف في فجر الإسلام بين علي ابن أبي طالب ومعاوية ابن سفيان ، بعد قضية التحكيم بينهما والتي كان من نتائجها انتهاء عهد الخلافة ، وتأسيس أول نظام ملكي وراثي في الإسلام  في النصف الأول من القرن الهجري، وكان من نتائج ذلك التحكيم ظهور رافضين له ، سموا بـ " الخوارج ".
لكن إذا ما سلمنا بأن "الخوارج" هم من أسسوا لأول فكر متشدد في تاريخ الإسلام ، إلا أن فكرهم كان ينطلق من موقف سياسي معارض للتحكيم، الذي اعتمد للحسم في الخلاف بين علي ومعاوية وبموجبه انتقل الحكم من زمن الخلافة إلى زمن الحكم  عن طريق الثوريت . وسيذهب الخوارج إلى حد تكفير خليفتهم علي إبن أبي طالب، بعد واقعة "التحكيم" ولم يعترفوا بحكم معاوية، وسيتبنون وجوب الثورة على أئمة الجور والفسق والضعف، أي الأئمة الذين يبررون نتائج التحكيم سواء بتبريره أو بقبوله كأمر واقع أو بالخنوع له .

هذا النوع من التفكير التكفيري سيجد من يؤسس له فقهيا . وسيتجسد بجلاء في المذهب الفقهي لأحمد بن حنبل (780-855م ) ، أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الحنبلي في الفقه الإسلامي . ويقوم هذا المذهب الذي يعتبر من أكثر المذاهب السنية محافظة، على الاعتماد على النص والابتعاد عن الاجتهاد والتأويل واضعا بذلك البنيات الأولى لتأسيس الفكر التكفيري، رغم أن مؤسس هذا المذهب تورع في حياته عن تكفير من كان يحالفه من فرق أخرى كالشيعة والمرجئة والخوارج والمعتزلة .

وفي القرن الثامن الميلادي سيواجه صاحب هذا المذهب فكر "المعتزلة"، الذين كانوا يقولون بخلق القرآن، وهو نفس الرأي الذي كان يتبناه خلفاء تلك الحقبة من التاريخ الإسلامي، وفرضوه على الفقهاء والقضاة، لكن ابن حنبل عارضهم فتعرض للسجن والتعذيب دون أن يثنيه ذلك عن مذهبه الذي صار له أتباع كثر من بعده.
ويعتقد دارسوا هذا المذهب أن المحنة التي تعرض لها مؤسسه هي التي أدت إلى تبلور وانتصار الاتجاه المتطرف داخل أهل السنة والجماعة في تاريخ الإسلام. لذلك ينظر إليه كثيرون على اعتباره المؤسس التاريخي للتوجه السلفي، الذي يعتبر اليوم مرجعا للحركات السلفية الجهادية، بما فيها حتى تلك التي لعبت دورا كبيرا في قيام الدولة السعودية أواخر القرن الثامن عشر الميلادي.

بداية التشدد الفكري :

لكن هذا الفكر سيتخذ منحى متشدد، وسيتجسد في فتاوي فقيه عاش قبل سبعة قرون، هو أحمد ابن تيمية (661–728م) اتخذ منه مرجعا لتبرير تشدده وتطرفه. فرغم مرور كل هذه القرون مازال فكر هذا الفقيه وفتاويه مثارا للجدل بين جمهور فقهاء الإسلام. فإذا كان أنصاره يعتبرونه مجددا أحيا الدين، فإن خصومه يصفون فكره بالغلو والتشدد، ويتهمونه بنشر الفكر المتطرف والإرهاب.

ويعد إبن تيمية الذي يوصف بـ "شيخ الإسلام" صاحب تأثير كبير على ما يسمّى"الصحوة الإسلامية" بتياراتها المختلفة ، وخاصة التيار السلفي الجهادي الذي تعتبر تنظيمات مثل "القاعدة" و"داعش" أحد نتاج هذا النوع من الفكر المتشدد الذي ينتصر للنص على حساب العقل .

فكر أحمد ابن تيمية سيجد من يحييه بعد ستة قرون من وفاته، إنها العقيدة "الوهابية" التي تشترك معه في الكثير من القواسم، بل ويعتبر أتباع هذا الفكر ابن تيمية الأب الروحي لهم . فـ "الوهابية" قامت على أساس أن المسلمين عاشوا ستة قرون في جهل وضياع منذ وفاة شيخ الإسلام ، ابن تيمية ، إلى أن ظهر محمد بن عبد الوهاب الذي يعتقد أتباعه أنه أحيا الدعوة وأعاد الناس إلى العقيدة الصحيحة . ومن أجل تحقيق هذه الغاية يتبنى فكرة الجهاد كأسلوب لإعادة إقامة دولة الإسلام أو دولة الخلافة .

ما أشبه الليلة بالبارحة :

من يعيد استقراء تاريخ بدايات انتشار "الوهابية" في بداية القرن التاسع عشر، سيكتشف الكثير من أوجه الشبه ما بين النهج العنيف الذي كانت تتبعه هذه الحركة بعد تحالفها مع آل سعود لفرض وجودها ، وما بين العنف الذي يتبناه تنظيم "داعش" لفرض أفكاره وبسط نفوذه .
فما تشهده اليوم مدن العراق وسوريا من تدمير للمساجد والحسينيات الشيعية وللمزارات والقبور الصوفية ، ومن محاكمات شرعية تقيم الحدود وتنفذ الإعدامات الجماعية العشوائية ، نكاد نجد شبيها له في تاريخ حركة آل سعود المسنودة بالفكر الوهابي ، ما بين عامي 1904 و 1925 ، حيث قاموا بتدمير مقابر أهل البيت ، وصحابة الرسول محمد ، واجتثوا المساجد وبيوت الأولياء ، ودكوا القباب والمزارات .

روي أمين الريحاني في كتابه "تاريخ نجد الحديث وملحقاته" ( ص : 28 و 29) أن الحادث الخطير في دعوة محمد عبد الوهاب هو قطعه لشجرة "الذيب" في منطقة الجبيلة، التي كان يتبرك بها الناس، فتبعه أنصاره في تدمير القباب وتحطيم القبور بما فيها قبور أصحاب النبي محمد. أما الحادث الثاني الأكثر خطورة حسب الريحاني، في دعوة مؤسس الوهابية ، فكان هو رجم إمرأة اتهمت بالزنا في ساحة عمومية. يصف الريحاني : "رجمت الزانية! فسرى خبرها سير البرق في البوادي والحضر، ووقع وقع الصاعقة في القلوب الأثيمة والقلوب الطاهرة ، فسكت أناس، وصاح آخرون"  . 

ويذكر الريحاني أن أمير منطقة الإحساء كتب إلى الشيخ محمد ابن عبد الوهاب ينذره ويدعوه إلى التراجع عن غيه ، مما حمل الشيخ على الهجرة خوفا على حياته ، فتلقفه أمير ذو طموح كبير هو محمد ابن سعود ، أمير منطقة الدرعية آنذاك ، فتعاهدا على عقد العهد الذي جمع بين عقيدة المصلح وسيادة الأمير . عهد " المذهب والسيف " الذي مازال يجمع بين الوهابيين وآل سعود إلى يوم الناس هذا ويجسده العلم الوطني السعودي الذي يجمع ما بين كلمة التوحيد وصورة السيف المسلول .

وتذكر كتب التاريخ أن حرب آل سعود، المسنودة شرعيا من طرف " الوهابية " ،  ذهب ضحيتها سبعة آلاف قتيل ، وانتهت بإقامة المملكة السعودية التي تعهد ملوكها بتنبي الفكر الوهابي المتشدد كمذهب رسمي للدولة، يقوم على فرض تطبيق الشريعة واعتماد قوانينها الصارمة ، وهو ما يقول اليوم تنظيم "داعش" إنه يسعى إلى الوصول إليه.
لكن مع مرور الوقت لم تكن علاقة آل سعود دائما على خير مع " الوهابية " ، بحيث كانت تمر كثيرا بلحظات توتر أدت إلى ظهور تيارات فكرية من داخل الفكر الوهابي تعادي النظام السعودي وتدعو إلى مقاتلته . ولعل أبرز هذه التيارات هي تنظيم " القاعدة " الذي أسس أسامة بن لادن معلنا عودة التفكير الجهادي إلى أرض الإسلام ..
                                                                                             علي أنوزلا ـ المغرب .
         ملحمة بن قردان : الجيش والشعب ..



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق