هوية الاسلام مثل هوية المسلمين
..!!
نحن في حاجة الى اسلام يخدم المصالح القومية بالدرجة الأولى ، حينما يلتفت الى مشاكل الامة ، ويساهم في النهوض بها واخراجها من التخلف والجهل الذي انحدرت اليه ..
تحتاج الامة العربية في هذا العصر الى اسلام عربي خالص يتوجه الى خدمة ابنائها جميعا دون تمييز ، فلا يقيم الفوارق بينهم ، ولا الحواجز ، ولا يميّز بين مكوّنات المجتمع على اساس عرقي ، أو ديني ، او مذهبي ، أو طائفي .. بل يعتبرهم سواسية ، لا فضل لمواطن على آخر الا بما يقدّمه خدمة للآخرين ..
نحن بحاجة الى هوية عربية جامعة لكل الهويات .. أي هوية للخاص في محل ما ، مع هوية اشمل في محل آخر .. او هوية للكل الذي يحتوي الأجزاء ولا يلغيها ، بل يغنيها جميعا بما يضيفه اليها حينما يوحّدها ، دون ان ينتقص منها شيئا وهي أجزاء لا تتجزأ منه ، وعناصر محدّدة لوجوده الذي لا يكتمل الا بها جميعا ..
ففي مفهوم الانتماء نحتاج الى بربرية عربية ، وكردية عربية ، وسنية عربية وشيعية عربية ... ومسيحية عربية ، واسلام عربي .. نحتاج ايضا الى ليبرالية عربية .. واشتراكية عربية ، وديمقراطية عربية ..
وفي التجسيد الفعلي لهذا الانتماء نحتاج الى بربر عرب ، وأكراد عرب ، وسنة عرب ، وشيعة عرب .. نحتاج الى مسيحيين عرب ومسلمين عرب .. كما نحتاج ايضا الى ليبراليين عرب واشتراكيين عرب وديمقراطيين عرب ..
نحتاج الى وعي عربي شامل ، والى فكر عربي يطرح ما يشاء في اطار رؤية شاملة للمستقبل العربي ..
نحتاج الى الغاء الحدود والتجزئة في مستوى الفكر والوعي أولا وقبل كل شئ ...
ما كان الإسلام غريبا عن أهله أبدا .. ولا كان الرسول صلى الله عليه وسلم غريبا عن قومه ، بل كان مبعوثا لهم بالهدى ودين الحق .. فكان لهم نبيا هاديا ، وراعيا مسؤولا عن رعيته ..
(1) .
الاسلام في تركيا اسلام تركي ، وفي ايران ، اسلام ايراني .. وفي كل أمة من امم العالم يوظف الاسلام لخدمة المجتمع القومي داخلها .. بينما نرى الاسلام في الوطن العربي غريبا عن امته ، مضادا لتطورها ، لا يتفق مع مصالحها ومستقبلها ، يعمل على تدميرها وتفتيتها ، ويوظف بوعي أو بدون وعي لصالح أعدائها .. ولا شك ان مثل هذا المفهوم للاسلام يمثل مشكلة حقيقية ، بل مصيبة كبرى وليس حلا مثلما نسمع من دعاة الاسلام السياسي منذ عقود ، الذين جعلوه غريبا عن تربته ، وبيئته التي احتضنته منذ ظهوره ، فصار معاديا للعروبة ، ذلك الجسد الذي هو بمكانة الروح فيه ..
نحن في حاجة الى اسلام يخدم المصالح القومية بالدرجة الأولى ، حينما يلتفت الى مشاكل الامة ، ويساهم في النهوض بها واخراجها من التخلف والجهل الذي انحدرت اليه ..
تحتاج الامة العربية في هذا العصر الى اسلام عربي خالص يتوجه الى خدمة ابنائها جميعا دون تمييز ، فلا يقيم الفوارق بينهم ، ولا الحواجز ، ولا يميّز بين مكوّنات المجتمع على اساس عرقي ، أو ديني ، او مذهبي ، أو طائفي .. بل يعتبرهم سواسية ، لا فضل لمواطن على آخر الا بما يقدّمه خدمة للآخرين ..
نحن بحاجة الى هوية عربية جامعة لكل الهويات .. أي هوية للخاص في محل ما ، مع هوية اشمل في محل آخر .. او هوية للكل الذي يحتوي الأجزاء ولا يلغيها ، بل يغنيها جميعا بما يضيفه اليها حينما يوحّدها ، دون ان ينتقص منها شيئا وهي أجزاء لا تتجزأ منه ، وعناصر محدّدة لوجوده الذي لا يكتمل الا بها جميعا ..
ففي مفهوم الانتماء نحتاج الى بربرية عربية ، وكردية عربية ، وسنية عربية وشيعية عربية ... ومسيحية عربية ، واسلام عربي .. نحتاج ايضا الى ليبرالية عربية .. واشتراكية عربية ، وديمقراطية عربية ..
وفي التجسيد الفعلي لهذا الانتماء نحتاج الى بربر عرب ، وأكراد عرب ، وسنة عرب ، وشيعة عرب .. نحتاج الى مسيحيين عرب ومسلمين عرب .. كما نحتاج ايضا الى ليبراليين عرب واشتراكيين عرب وديمقراطيين عرب ..
نحتاج الى وعي عربي شامل ، والى فكر عربي يطرح ما يشاء في اطار رؤية شاملة للمستقبل العربي ..
نحتاج الى الغاء الحدود والتجزئة في مستوى الفكر والوعي أولا وقبل كل شئ ...
(2) .
ما كان الإسلام غريبا عن أهله أبدا .. ولا كان الرسول صلى الله عليه وسلم غريبا عن قومه ، بل كان مبعوثا لهم بالهدى ودين الحق .. فكان لهم نبيا هاديا ، وراعيا مسؤولا عن رعيته ..
وقد كان في الإسلام ـ منذ مطلعه ـ تلك الجوانب الإنسانية التي قامت عليها أسس العلاقات الاجتماعية : الإخوة بين الناس ، والتعاون ، ووحدة المجتمع .. فكان لا بد من إرساء قواعد جديدة للسلوك والعلاقات ، والمفاهيم تتماشى وهذا التحول العميق في بنية المجتمع ونهج الحياة على حد السواء .. ولما كانت تلك الغاية تتصادم أحيانا مع خصوصيات تلك المرحلة التي تمر فيها المجتمعات الإنسانية بالمراحل القبلية ، فان الإسلام لم يتردّد في التشجيع على تخطي تلك المراحل ، طوعا من خلال الترغيب الديني ، لبناء مجتمع جديد يقوم على التنوّع العرقي والديني ، وهو المجتمع الذي بنى أسسه الرسول صلى الله عليه وسلم على دستور دولة المدينة المسمّى بالصحيفة ، كما لم يتردّد في الحث على تجاوز تلك السلبية من خلال الإدانة الصريحة للتعصب القبلي ، الذي يعود بالمجتمع الى الوراء معتبرا فكرة التعصب الأعمى فكرة رجعية ، وصفها " بالمنتنة " ..
وهكذا .. ومنذ ذلك التاريخ .. تبلورت مفاهيم وأسس جديدة للانتماء على غير أسس القرابة الدموية السائدة زمن الرسالة .. فكانت دولة المدينة ـ حقا ـ النواة الأولى للمجتمع القومي الذي بدأ يتبلور وينموا داخل دولة الخلافة ، حتى وهي تضم شعوبا وأعراقا وديانات مختلفة ، وتمتد من حدود الصين شرقا ، الى ما وراء البحار غربا ، وصولا الى الحدود الفرنسية شمالا ..
هذه النشأة الوحدوية التحررية لمجتمع المدينة ، كان هدفها الأساسي بناء مجتمع قوي قادر على تبليغ الرسالة ، حيث تؤدي الفرقة والتشتت ـ بالضرورة ـ الى إضعاف رسالة الإسلام ، فكانت مهمّة حماية المجتمع من الفتن التي تهز كيان المجتمع ، وتمزق وحدة المسلمين ، ضرورة ذات أولوية ، تتوقف عليها مصلحة الإسلام ، ومستقبله .. وقد كان هذا الوعي قائما على بديهيات الأمور ، التي لم يستوعبها اللاحقون فحصل بعد ذلك المحضور .. !!
وهكذا نحتاج في كل وقت ، وفي كل عصر الى إسلام إنساني يبني ولا يهدم ، يوحّد ولا يفرق ، يحيي ولا يميت .. نحتاج الى إسلام تحرّري يحرّر المسلمين من الخوف ولا يخيفهم ، إسلام يمنح الحريات ، ولا يسلبها ..
نحتاج الى إسلام اجتماعي ، ينحاز الى الفقراء ويحرّرهم من القهر المسلط والبغي .. نحتاج الى إسلام تنويري يشيع أنوار العقل ، وحب الحياة والأمل بين الناس ..
نحتاج الى إسلام يأخذ بالأسباب والمسببات ، يعذر الجاهلين بجهلهم ، فيدين الظروف ولا يدين الضحايا أنفسهم ..
نحتاج الى هوية للإسلام مثل هوية المسلمين .. إسلام محلي في المحليات ، عائلي في العائلة ، إسلام مدني في المدينة ، وصحراوي في الصحراء .. إسلام عربي داخل الأمة يتفاعل مع قضاياها ولا يخلط الأولويات .. إسلام مقاوم في أمة مستهدفة ..
إسلام عالمي في العالم يتخطى الحدود ويوحّد المسلمين على مبادئ الإسلام الحقيقية وقيم الإنسانية جمعاء ، للتعاون بين الأمم في كل مكان ..
نحتاج الى إسلام تتكيف متشابهاته مع روح العصر ، ومحكماته ثابتة تحدّد روحه الأصيلة على مر العصور .. نحتاج الى إسلام يساير التطوّر ولا يخشاه ..
نحتاج الى كل هذا بالفعل .. ولكن أين الوعي .. وأين العقل .. واين المسلمون من اسلامهم ..؟؟؟
( القدس عدد 218 ـ 219 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق