بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 29 يوليو 2013

من يكرم الشهيد يتبع خطاه ..

                             من يكرم الشهيد يتبع خطاه ..

بسم الله الرحمان الرحيم : "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ، فرحين بما آتاهم من فضله و يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألاّ خوف عليهم ولا هم يحزنون ، يستبشرون بنعمة من الله وفضل وان الله لا يضيع اجر المؤمنين " صدق الله العظيم . 
لقد طالت يد الغدر و الخيانة روح الشهيد البطل الحاج محمد البراهمي ، مفجر ثورة 17 ديسمبر مع ثلة من رفاقه من أحرار سيدي بوزيد الذين راحوا بعد سويعات قليلة من حادثة احراق البوعزيزي لجسده الطاهر ، ليلتقطوا تلك اللحظة التاريخية .. وسرعان ما التأم جمع اولائك الثوار بعـيدا عن الانظار ، لوضع الخطط اللازمة والتصورات الممكنة من أجل تطوير الاحداث و الاحتجاجات باتجاه عمل ثوري حقيقي لا ينحصر مداه في سيدي بوزيد وحدها حتى لا ينطفأ بدون نتيجة تذكر كسائر الاحداث السابقة .. بل يتعداه الى حيث يكتب له النجاح بكسر شوكة النظام  حـتى الاطاحة به .. لذلك تولى ثوار سيدي بوزيد العمل على مستوايين هامين : مستوى داخلي يتم من خلاله مواصلة  الاشتباك مع قوات الامن حتى يتواصل الحراك الثوري في منطقة سيدي بوزيد باعتبارها المعـنية منذ البداية بانطلاق الشرارة الاولى المرتبطة بالحدث المؤلم الذي حرّك عواطف المواطنين تجاه ابنهم الضحية محمد البوعزيزي ..
 ومستوى خارجي حيث تولى ثلة من الثوار ومنهم الشهيد محمد البراهمي التنسيق مع الجهات المجاورة و بقية الولايات لتوسيع رقعة الاحتجاجات ، لذلك بدات الاتصالات المباشرة بابناء بوزيان و المكناسي و الرقاب و كل الجهات القريبة التي ساهمت في فك الحصار عن سيدي بوزيد ، ثم تأجيج الاحداث و تحويلها الى انتفاضة شعبية واسعة النطاق و ثورة حقيقية في كامل انحاء البلاد .. 
أمابعد الثورة ، فلم يكن محمد البراهمي مجرد سياسي يساهم من موقعه داخل المجلس التاسيسي الذي ينتمي اليه في بناء الدستور او في قراءة الاحداث وانتقاد السلطة الحاكمة من حين الى حين ، بل انه سرعان ما تحول الى زعيم حقيقي لشريحة واسعة من التونسيين  في جميع انحاء البلاد الذين اصبح لصيقا بهمومهم  ، و معبرا عن طموحاتهم من خلال دفاعه عن الخيارات الشعبية المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات ، لذلك كان لا يكف عن تحريضهم باستمرار على استرجاع مسار ثورتهم التي سرقت منهم من طرف الاحزاب الحاكمة وعلى راسها جماعة الاخوان المسلمين التي ارتهنت مصير البلاد حتى أصبح مرتبطا تماما بمصير حركتها ومصالحها الضيقة ، فباتت في نظر المرحوم  وكل الثوار الذين ساهموا فعليا في ثورة 17 ديسمبر ، من ألد أعداء الثورة الحقيين نظرا لما تشيعه من زيف بين المواطنين ، وما تبيعه لهم من اوهام حول المسار الانتقالي والديمقراطية في حين تسعى على ارض الواقع لبناء نظام ديكتاتوري جديد أخطر بكثير من النظام السابق كما قال الشهيد البراهمي باعتبار عملية التستر بالدين الذي يلقى تجاوبا عفويا من عامة الناس في المجتمع .. 
كما كان المرحوم محمد البراهمي متمسكا بمبادئه القومية الواضحة ، من خلال الدفاع على قضايا الامة العربية الراهنة ومنها دفاعه الدائم داخل المجلس التاسيسي لادراج البند المتعـلق بتجريم التطبيع مع العدو الصهيويني في الدستور، الى جانب فضحه لمخططات الاخوان وطواطـئهم مع الرجعـية العربية في ضرب المقاومة واشاعة الفرقة الطائفية في الوطن العربي حتى يتسنى لهم السيطرة على أقطاره الواحد بعد الآخـر كما فعلوا في ليبيا بمساندة حلف النيتو، وهم يحاولون بكل الوسائل الآن في سوريا  ، اضافة الى ما غـنـموه في مصر وتونس ..  
وهكذا تحول محمد البراهمي بعد حادثة اغـتـياله الى شهـيـد حقيقي لتونس واللامة العـربية جمعاء ، باعتبار ذلك الدور الريادي الذي أصبح يلعبه على الصعيدين الوطني والقومي ..
من أجل كل هذا أراد اعداء الحـرية ، وأعداء الانسانية اخماد صوته كما أخمدوا صوت الشهيد شكري بالعيد من قـبل ، ظنا منهم ان محمد البراهمي يمثل شخصه فحسب وهم في هذا واهمون .. لان في اعماق هذا الشعب الابي ، كما في أعماق أمته العربية المجاهدة ، آلاف ، وعشرات الآلاف ، بل ملايين ممن يحملون افكاره ومواقفه .. وهم الذين سيواصلون باذن الله السير على نهجه  ودربه الذي سار عليه  ..  وهوالذي ساهم بدمائه الزكية في انارة الطريق وشحذ الهمم ووصل الحاضر بالمستقبل لرفع الراية القومية جيلا بعد جيل .. لان من يكرم الشهيد ، يتبع  خطاه ..

و انا على خطاك لسائرون .. 
فسر أنت الى جنة الخلد مع النبيين والصديقين ..

 ( القدس عدد 82 ) .   


                                          

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق