ثورات
يوليو ..
ستبقى دوما أيام
شهر يوليو أياما تاريخية ، محفورة في ذاكـرة المواطن العربي في مصر مهما
كان توجهه وميولاته ..
فمنذ أكثر من نصف
قرن اهـتـزت مصر والعالم على وقع انقلاب عسكري لا بد أن من قرأ أهدافه الستة مطلع
ذلك اليوم بقي ينتظر ، تحقيقها ..
وبالفعل فان الأيام
لم تخف أسرارها لفترة طويلة ، إذ سرعان ما بدأت الثورة في تـنـفـيذ ما وعدت به ، فبادرت
بعد مدة وجـيـزة باصدار قرارها المدوّي
المتمثل في قانون الإصلاح الزراعي في 9 سبتمبر 1952 .. وهو القرارالذي حوّل الحدث من
انقلاب عسكري الى ثورة حقـيقـية لسبـبـيـن . الأول أنه صنع شعـبيتها ، نظرا لما لقيته من تأييد شعـبي وفر
لها الاستمرارية والحماية الكاملة في مواجهة الاقطاعـيين الذين رفضوا تلك القـرارات وأعـلنوا
عـن استـعـدادهم للدفاع عـن " أملاكهم " وهم الذين يملكـون السـلاح والخيول والغـفـير والقوة المادية والمعـنوية ..
لكن ماذا عساهم ان
يفعـلوا وسط الجموع الهادرة والحاشدة التي وجدت في قرارات الثورة حلولا لمشاكلها
فكانت هي المدافعة عـنها ؟ ولم يحتـج قادة الثورة أبدا للأمن أو الجيش للدفاع
عـنها إلا حينما شرع الإخوان المسلمون في التخطيط للانقلاب عـليها من خلال تـنظيمهم المسلح المعروف بالتـنظيم السري بقيادة سيد قطب
، والذي وقع اكـتشافه وتفكيكه سنة 1965، بعد أن أقدموا على محاولة الاغـتيال
الفاشلة للرئيس جمال عبد الناصر سنة 1954
..
السبب الثاني تمثل
في المضامين الثورية ، حيث لم يطل وقت الانتظار حتى بدأت الثورة في الإعلان عن
انحيازها التام لقضايا الشعـب الذي أنهكته مرحلة الاستعمار الطويل والحكم الملكي
المتخلف .. ولقد شاءت الظروف والاقدار ان
يكون للشعـب موعدا جديدا مع الثورة في مستهل شهر يوليو 2013، ليعـود بطريقـته بعد61
عاما رافعا صور عـبد الناصر.. في ثورة شعـبية عارمة لم يسجّل لها التاريخ مثيلا من
قـبل ، تـنادي باسقاط حكم الاخوان الذين اداروا ظهورهم للناخبين .. وسواء فهموها بـيعة
او انتخابا فان كلاهما يمثل عقدا على تحقـيق مصلحة وليس صكا على بياض يهدّدون به
الشعـب . وقديما قيل - بصيغ شتى - أن عمر بن
الخطاب رضي الله عـنه قام يخطب فقال : ايها الناس اسمعوا وأطيعوا . فاجابه سلمان
الفارسي : لا سمع ولا طاعة ، أتـلبس ثوبين وتلبسنا ثوبا واحدا ؟ ولم يهدأ الا حينما
علم ان الثوب الثاني ليس لعمر بل لابنه عبد الله ، وعـندها قال : الآن نسمع ونطيع يا أميرالمؤمنين ..
( القدس عدد 81 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق