مصر
بين الامس و اليوم .
لقد بدأت ثورة 23 يوليو بانقلاب عسكـري كان من الممكن ان يتحول الى واقع كالذي احدثته بقـية الانقلابات دون تغـييـر يذكـر ، لكنها على عكسها تماما
قد استحقت ان تسمى ثورة ، للمضامين الانسانية التي صاغـتها نحو التحرر والوحدة والعدالة الاجتماعـية ... وهو ما يبرر استمرار اشعاعها بعد ستة عقود ، حيث ظلت صور جمال
عبد الناصر الوحيدة في ميادين التحرير ..
والواقع فان فترة الخمسينات والستينات
كانت فترة الانقلابات العسكرية بامتياز في جميع انحاء العالم .. الا ان العـبـرة بالنسبة لعامة
الناس لم تكن متعلقة باسلوب التغـييـر، بقدر ما كانت تخص المضامين التي تتحقق في
الواقع .. وهكذا فان الحكم على أي ثورة يكون بما يتحقق من اضافة تكسر بها قيود
كثيرة تكبل الناس ..
ولعل ما حدث في 30 يناير 2013 في مصرلم يصل بعد للحكم فيه على المضامين
بقدر ما هو على الشكل الذي يجعل من الحدث ثورة حقـيقـية بكل المعايير المعـروفة في
تاريخ البشرية .. الا ان تواصل هذا الحكم يكون رهينا بما يتحقق لاحقا .. ويكفي ان
نعـرف ما تم رصده بواسطة الاقمار الصناعـية من تقديرات للمتظاهرين فاقت الثلاثين
مليونا ، لنعـرف حقيقة الاشياء فـنسميها
باسمائها .. أما لماذا خرجت الجماهير بتلك الامواج البشرية بعد ان انتخبت رئيسها ،
فان الشعوب عـندما تثور لا تسال لماذا ثارت ، والاجدى ان لا نلقي اللوم على الضحية
، بل نسال المسؤول لماذا لم يحقق المطلوب ؟ .. ثم ان القول بفكـرة الانقلاب
العسكري هي ايضا تجانب الحقيقة لان ما هو معـروف في تاريخ الانقلابات العسكرية
انها تفضي لحكم العسكر وهو ما لم يتم الى حد الآن .. اما الحديث عن الشرعـية بدون
اسس منهجـية يصبح مغالطة ، اذ الشرعـية ليست صكا على بياض ، بل هي عقد لمنح ثقة مقابل الالتزام بتحقيق اهداف الذين ضحو بارواحهم ، وبالتالي
فان الحديث عن الشرعـية الانتخابية خارج وبمعـزل عن الشرعـية الثورية لا يفيد شيئا
، لان الناس الذين قاموا بالثورة لم يقوموا بها نزهة أو فسحة .. انها تضحـية انتهت
يالدماء ، خاصة ان عامة الناس لم يجـنوا شيئا ، وهم المحرومين والبطالة والفقراء قي
أحياء القاهرة وارياف مصر ، فالى متى نطالبهم بالانتظار ؟ ألم يكن أولى - لو صح هذا
- ان ينتظر الشعـب من أسقطهم من قـبل ..؟
( القدس عدد 79 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق