لماذا قـتـل الشهـيد محمد البراهمي ؟
لقد كان الشهيد محمد ابراهمي يمثل
صوت الحق ، والضمير الحي لشعبه ولامته ،
داخل المجلس التأسيسي و خارجه ، يفضح مشاريعهم و يعـري مناوراتهم الخبيثة .. كما
كان شوكة حادة في حلق كل من يحاول التلاعب بالثورة ، ليحيد بها عـن أهدافها ..
لذلك كانت كلماته تقع عليهم كالصواعق التي تضرب معاقلهم فـتـوشك ان تهدم ما
يحاولون بناءه بعد جهد جهيد .. و بعد محاولات يائسة من التلاعب و النفاق و التزييف
والتمثيل على الشعب ..
وهذه نماذج حـية من ضرباته الموجعة
التي لم يستطيعـوا استمرار سماعها ، فوقعت الواقعة :
** فاليفهم الجميع ان
الانتخابات هي اجراء ديمقراطي لامحالة ، و لكنها صورة فـتـوغـرافية محددة في
الزمان و المكان ، ومن يحاول ان يأبد هذه الصورة ، فهو لم يفهم التاريخ و لن يفهم
التاريخ .
الاغلبية التي منحكم الشعب اياها
يوم 23 أكتوبر، هي محدودة في الزمان والمكان ، ان أردتم الاستناد عليها لكي تمرروا
ما تريدون في هذا الدستور ، و تمرّروا
آراءكم وفق منهج و منطق استبدادي فهذا لا يمكن أن يمر بأي شكل من الاشكال ،
والثورة لا تزال مسارا مستمرا ، ولعل ما يحدث في مصر خير مثال لمن لا يريد أن يعي
التاريخ ...
بهذه المناسبة أحيّـي شعـب مصر
العظـيم ، أحيـي شعـب جمال عبد الناصر و شعـب سعد زغلول وشعب أحمد عرابي الذي أعاد
الامور الى نصابها بعد أن كادت تسرق منه
ثورته المجيدة .. تحية الى شعب مصر العظيم ، الذي نسج لوحة رائعة في الثورة ، لوحة
رائعة في صفحات تاريخ الثورة ، تحية الى شعب مصر العظيم الذي نسج على منوال شعب
تونس العظيم حين فجر ثورته يوم 17 ديسمبر ، والتي كان يراد لها ان تكون ثورة يتيمة
، حادثة عابرة في التاريخ ، ولكن في أقل من شهر يستجيب شعب مصر العظيم ، وينسج
ثورته يوم 25 يناير ( 25 جانفي ) .. فشعب
تونس سيستـلهم العـبرة من شعب مصر كما
استلهم شعب مصر العبرة من شعـب تونس .. ( كلمة في المجلس التاسيسي ) .
** أنا في الختام أقول أن العنف ليس له وطن ، ومدمّر للشعوب
، وأنه اذا كنا ندين العنف في تونس بسبب الاحداث التي وقعت للاتحاد العام التونسي
للشغل ، أو بسبب الاحداث التي ادت الى استشهاد الشهيد الجلاصي ، لا يمكن ان نبرره
في سوريا الشقيقة ، لانه عـنف أعمى ، وعنف يدمر البلد ... وأتمنى على السياسة الرسمية التونسية ان
تراجع موقـفها ، وكنت أتمنى أن تقوم بدور ايجابي ، في الوساطة الاجابية ، وليس
الانحياز الى طرف دون آخر ، وحتى المعارضة السورية ذاتها ، الآن هم منحازين
للمعارضة المرتبطة بالغرب ، و تاركين المعارضة المتعـلقة بالارض و التي تدين العنف
، وترفض العنف ..
أتمنى من كل قلبي أن نتخلى نهائيا
عن أسلوب العنف كخيار لحسم الخلافات الساسية ، و أتمنى من كل قلبي أن تكون مصلحة
الاوطان فوق مصلحة الاحزاب ، و أتمنى من قلبي ان نكف عن الحسابات الضيقة ، حسابات
المربعات الصغيرة ، ونراعي المسائل بأبعادها الكبرى .. فالذي يحصل في سوريا و الذي
حصل في العراق و الذي حصل في ليبيا بعد الانقلاب و تدميرها من حلف الناتو ، ليس
ببعـيد أن يعود هنا ، وتونس ليست بمنأى رغم التقدم الذي مشينا فيه ، ليست بمنأى
لكي ترتد الى الوراء ، ولا قدر الله لو وقع الارتداد الى العـنف سوف نخسر كل شيئ
.. ( حوار التاسعة مساء / التونسية ) .
** باختصار شديد ، نحن الآن
في تونس في لحظة فارقة ، لانه اما ان نعيد الثورة الى نصابها ، و نعيد القطار الى
سكته الطبيعـية ، و اما سيؤول بنا الوضع الى استبداد أشد من الاستبداد الذي عشنا
مع زين العابدين بن علي .. هذه المرة استبداد مغلف بالمقدس ، بالدين ، و للدين
مكانة خاصة في قلوبنا و في وجداننا و في عقولنا .. واستبداد مدعوم بقوى دولية اخوانية
مُسندة من قوى امبريالية تقليدية .. وهو استبداد شنيع .. لذلك ايها المواطنون ،
أيها الاخوة و الأخوات ، أصدقاءنا و رفاقنا في الجبهة الشعبية ، حتى تفهموا كل
الحلول من داخل سياقاتها ، مخرجات 23 أكتوبر 2011 قد وصلت الى مأزق حقيقي ، كل
الحلول التلفيقية قد وصلت الى مأزق ولا بد أن يكون لنا الجسارة و الجرأة والشجاعة
، لنبحث عن حلول بمنهج صحيح ، لذلك الحديث عن اعادة الامور الى نصابها أمر حيوي
بالنسبة لنا ، وبالنسبة للثورة .. فلا مقدس الا مصلحة الشعب ، ولا شرعي الا الشعب
، وكل الشرعيات التي انتجتها انتخابات 23 أكتوبر هي شرعيات قد تآكلت ، من المجلس
التاسيسي للحكومة للرئاسة ، لكل ما افرزته قد تآكلت وأصبحت أدوات للتآمر على الشعب
.. واصبحت أدوات تتآمر على الثورة .. فاما أن نصحح المسيرة ، و نصحح المسار ..
واما سنعـود للاستبداد مرة اخرى ..
انا بودي ان افتح الامل لكن الامل لا يكون الا بعد الصعاب ، بعد التضحية ..
(كلمة في صفاقس قبل الاغتيال بيومين) .
** هذه الجبهة كانوا يريدونها
أن تكون في زاوية الاحتجاج لكنها تتقدم لتكون البديل ، بديل الحكم ، بديل السلطة ،
لانه لا معـنى لثورة لا يملك فيها الثوار ناصية الحكم ، لا يملك فيها الثوريون
القرار، لذلك فالجبهة الشعبيّة مصممة على أن تأخذ السلطة " يا إما يا
إمّا" ولا خيار بينها ، يا إما بالاسلوب الديمقراطي ونحن من أنصار هذا
الاسلوب وإمّا باي أسلوب آخر يفرض علينا ، وقد يكتب علينا القتال وهو كره لنا ، وعسى
ان نكره شيئا وهو خير لنا ... نعم ايها الاخوة ، ايها المواطنون الاعزاء ، يا إمّا
بالاسلوب الديمقراطي ونحن من أنصار هذا الخيار يا إمّا باي أسلوب آخر يفرض علينا
ونحن المنتصرون بإذن الله ...( جزء من كلمة الشهيد بقصيبة المديوني ) .( القدس عدد 82 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق