بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 16 نوفمبر 2014

الاشتراكية ، التخطيط ، الديمقراطية ..



   الاشتراكية ، التخطيط ، الديمقراطية ..

لايزال مفهوم الاشتراكية عند العامة مرتبطا بالطرح الاقتصادي الماركسي رغم ان الماركسية ـ على يد مفكريها الأوائل  ـ لا يوجد فيها مفهوما واضحا للاشتراكية باعتبار تركيزهم على الشيوعية كمرحلة نهائية وحتمية تنتهي اليها كل المجتمعات بعد توحش الراسمالية ، معتبرين أن الاشتراكية هي مجـرّد مرحلة انتقالية الى النظام الشيوعي تتمكن خلالها الطبقة العاملة من السيطرة على وسائل الانتاج وبناء دولة البروليتاريا التي ستنتهي ـ بالضرورة ـ الى الزوال خلال مرحلة  الشيوعية ..   ولا يزال ذلك سائدا أيضا ، رغم تطور مفهوم الاشتراكية على المستوى العالمي الذي شمل جميع المدارس الفكرية بما فيها الماركسية نفسها   ..
كما لا يزال ايضا ارتباط النظام الاشتراكي بالتخطيط الاقتصادي وسيطرة الدولة على المنظومة الاقتصادية ـ  لدى عامة الناس  ـ  مقترنا بالديكتاتورية والاستبداد وخنق المبادرة الحـرة والبيرقراطية وغيرها ، بسبب الاخفاقات التي عاشتها التجارب الاشتراكية في اوروبا وعودتها الى الاقتصاد الحر ..
وفي البداية لا بد من التوضيح بان مقولة الاشتراكية العلمية هي بالاساس مقولة تاريخية أكثر منها تأكيدا على  حقيقة علمية  ..  فهي تعبّـر عن مرحلة صعود الفكر المادي الموصوف في ذلك الوقت بالتفكير العلمي في مواجهة التفكير المثالي الذي قال عنه ماركس بان اسسه مقلوبة على راسها .. كما تعبر عن الرّد على الطرح المثالي للاشتراكية الطوباوية التي عرفتها اوروبا  على يد العديد من الاشتراكيين الاوائل الخ ..
والواقع فان مفهوم  الاشتراكية  كطرح اقتصادي في العصر الحديث  قد تجاوز تلك الخلفية القديمة ، باعتبار  ما تأكد علميا من قصور في تلك الاسس الفكرية المادية المبنية عليها ، بعد ان تبين دور الانسان كقائد للتطور داخل المجتمع الانساني وليست المادة الصماء .. أما عن آليات تحقيقها فذالك يرجع الى خصوصيات كل مجتمع ومشاكله واحتياجاته وامكانياته المادية والبشرية الموجودة فيه .. وهنا يكون للتخطيط الاقتصادي عن طريق الخبراء والاجهـزة  المتخصصة  ، وبالكيفية والاساليب التي تضبطها القوانين ، دور هام لضمان توزيع عادل  للثروات ، وتوفير فرص متكافئة أمام الجميع  ، تساهم في تحقيق العدل والعدالة بين الناس .. كما تكون تلك الخطط تحت نظر أجهزة الرقابة الرسمية في الدولة الديمقراطية ،  لمتابعة المشاريع واستغلال الثروات واستثمار المال العام  ...
ولذلك فان خضوع النظام الاقتصادي للتخطيط لا يؤدي بالضرورة الى قيام الدكتاتورية .. أو بمعنى آخر ، فان
الديكتاتورية ليست وليدة النظام الاشتراكي ولا هي مقترنة به من حيث طبيعته الاشتراكية ، لأن الانظمة الديكتاتورية والاستبدادية يمكن أن تنشأ في ظل الحكم الفردي المطلق ، والنظام الاشتراكي لا يعني ذلك على أي وجه .. وفي ظل غياب المؤسسات الديمقراطية ، و النظام الاشتراكي لا يمنع تكوينها على اسس سليمة .. وفي ظل غياب التداول السلمي على السلطة ، والنظام الاشتراكي لا يرى مانعا من تطبيقه  ..ان هدف الاشتراكية بالاساس هو القضاء على الاستغلال ونهب الثروات والاحتكار والتلاعب بالمال العام وكل انواع الفساد المقترنة بالنشاط الاقتصادي الحر الذي يهدف دائما الى تحقيق المصلحة الخاصة القائمة على الربح  والمزيد من الربح ..  في حين يؤدي التخطيط الاقتصادي في ظل النظان الاشتراكي الى احكام السيطرة على جمبيع المقدرات ، فيتم توظيفها لخدمة التقدم الاجتماعي الذي ينخرط فيه القطاع العام والقطاع الخاص حين تجعلهما الخطة الاقتصادية يمارسان نشاطهما في اطار ما تسمح به المصلحة العامة ، وذلك بجعل جزءا هاما من النشاط الاقصادي موجّها لاشباع الحاجات المادية الضرورية في المجتمع ، التي يتحقق بها الامن والاستقرار والعدالة الاجتماعية وهي بلا شك شروط اساسيا لازمة وضرورية لتحقيق الديمقراطية السليمة ..


 ( نشرية القدس عدد 150 ) .
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق