بين الطموحات والواقع ..
حين قامت الثورة
في تونس ، وعرفت ذلك النجاح بهروب
الطاغية ، واستسلام حزبه المليوني ، وأمنه الذي لا يقهر ، ووقوف الجيش الى جانب
الشعب .. كانت الطموحات كبيرة ، وكانت الأحلام بحجم الآلام تقريبا ، بالنسبة
لشعب عاش أكثر من نصف قرن تحت وطأة الحكم المطلق بقيادة الشخص الواحد و الراي
الواحد والحزب الواحد .. فكان ما حدث من القيمة بمكان ، حين أحس الناس بازاحة
حمل ثقيل عن كاهلهم ، وزوال كوابيس رهيبة ظلت تلاحقهم في كل مكان لتجعل الواحد
منهم يشك في اقرب الناس اليه .. فتنفس الشعب الصعداء ، وكان الحدث فعلا بمثابة
ميلاد جديد ..
والواقع فان ذلك
الحدث الذي زلزل العالم في ظروف عالمية و محلية ظن الناس فيها ان زمن الثورات قد
ولى .. وأن الشعوب قد استسلمت نهائيا لقدرها .. فجاءت الثورة في
تونس لتعيد الثقة في النفوس من جديد ،
وتحيي الأمل في التغيير وصنع المستقبل على ايقاع ذلك الشعار المدوّي : "
اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر " ..
الا أننا اذا عدنا الى الواقع بعد تجربة دامت ثلاث سنوات عرف فيها الشعب
جميع أنواع المناورات والمؤامرات التي كادت تعصف بتلك الاحلام الوردية والطموحات
حينما اصبح المواطن فاقدا للأمن والامل في العيش الكريم بسبب ما شهدته تونس من غلاء
وفقر وبطالة وتقلبات أمنية وصلت الى حد الاغتيالات والارهاب الذي أصبح يطل برأسه في كل لحظة وفي كل مكان ..
|
( نشرية القدس العدد 149 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق