بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 2 نوفمبر 2014

في ذكرى العدوان الثلاثة والثورة الجزائرية : عدوان واحد على أمة واحد ..


وعد بلفور ، العدوان الثلاثي على مصر ، الثورة الجزائرية المجـيـدة .. اكثر من ذكرى  تجسّد ابعاد العدوان على امة واحدة  تقاوم الاعداء على فترات مختلفة ، و في  كل مكان منذ قرون ..  وكلهم لا يفهمون الاّ لغة واحدة  ، و اسلوبا واحدا عنوانه : "ما أُخذ بالقوّة لا يــُـستردّ بغيرالقوّة " .. كلمات خالدة قالها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر و تردّد صداها في جميع انحاء العالم  ... ورفعتها كل الشعـوب التي تعـرّضت للاحتلال حتى صارت تلك المقولة مثلا دارجا على كل لسان ، تعبّر على عمق المعاني الخالدة ، لان الحقوق لا تــُــسترجع بالتوسّل او بالمساومة ،  فذلك يسلب صاحب الحق كرامته ، و يمنح الغاصب فرصة فرض الشروط المذلّة .. و عليه فان افضل طريقة للدفاع عن الحق هو افتكاكه من الغاصبين ..   
و لعل ما شهدته قضية فلسطين من تلاعب و ضياع للحقوق التاريخية بسبب اسلوب الحوار مع العدو منذ الثمانينات الى الآن ، خير دليل على سلامة المقولة التي فرّطنا فيها و بقي العدو يستعملها ضدّنا  ليفرض علينا الاستسلام ..  

لقد كان قرار تأميم قناة السويس المدوّي بمثابة القطرة التي افاضت الكأس وأجّجت الصراع الذي سرعان ما تحوّل الى عدوان مسلح  في 29 اكتوير سنة 1956  من طرف  فرنسا و بريطانيا و اسرائيل .. وهو في الواقع ردّ فعل جنوني من الحكومات الاستعمارية تجاه المدّ الثوري التحرّري الوحدوي لثورة 23 يوليو الناصرية في مطلع الخمسينات التي انتهجت منذ البداية سياسة مناهضة للوجود الاستعماري في مصر والوطن العربي ، ثم عملت على التصدّي للهيمنة الاجنبية التي تجسدت في ذلك الوقت في مشروع حلف بغداد ومشروع ايزنهاور ، معتمدة على بناء التحالفات الدولية المضادة لفك الحصار المضروب على الثورة وتقليص النفوذ الخارجي ليس في مصر وحدها بل في كافة انحاء الوطن العربي وذلك بـ :

* فرض الجلاء على القوات البريطانية من أرض  مصر في 19 أكتوبر 1954 بعد احتـلال دام أكـثـر من 70 عاما ..

* الوقوف الى جانب الثورات التحرّرية في المغرب  العربي و على راسها الثورة الجزائرية التي انطلقت في غـرّة نوفمبر 1954 .

* العمل على افشال حلف بغداد الذي تمّ انشاؤه بتحالـف رجعـي استـعـماري سنة 1955 لحصار ثـورة يوليو ..

* المساهمة الفعّالة في بناء منظمة عدم الانحياز سنة 1955 لمحاربة سياسة الهيمنة الاستعمارية في تلك الفترة .              

* اعلان تاميم قناة السويس في  26 يوليو /  جويلية 1956 ، تلك المؤسسة الضخمة التي كانت تدرّ الخيرات على المستعمرين و تمكـّـنهم من التحكّم  في امن مصر و المنطقة العربية باكملها .                                   

* توقـيع مصر على صفقة الاسلحة مع تشيكزلوفاكيا سنة 1954 معلنة نهائيا عن سقوط  ظاهرة احتكار السلاح الذي تتحكم فـيه الدول الغـربية وحدها  ... 

وقد كان هذا كافيا و زيادة لشن العدوان الثلاثي الانتقامي على مصر في محاولة يائسة و فاشلة لردعها وهي التي رجّحت كفة ثوار الجزائر على فرنسا وافشلت مخططات بريطانيا واجبرتها على التراجع والانسحاب من عديد المواقع ، وهي التي رفعت الهمم ونادت في كل مكان على لسان قائدها " ارفع رأسك يا اخي قد ولــّى عهد الاستعباد " فألهبت مشاعـر الـعرب من المحيط الى الخليج  وأيقضت فيهم  أمل الوحدة التي عـملت تلك القوى على اخمادها الى الابد .. وهي التي انتصرت للضعفاء من العمال والفلاحين  ، ونادت بعدم التفريط في الحقوق التاريخية تحت راية " ما اخذ بالقوة لا يُـسترد بغير القوة "..

هو اذن  عدوان واحد  على امة واحدة  لا يزال متواصلا ، قد شاركت فيه اطراف متعددة  لتحقيق مصالح متباينة ومعادية لمصالحها  ..
لذلك فان النظر الي تلك المعارك ونتائجها بعـزل محطــّـاتها عن بعضها البعـض يكون اكبر اساءة  للامة ومقاومتها الباسلة ..  

( نشرية القدس العدد 148 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق