بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 1 نوفمبر 2015

وعد بلفور : كيف تحوّل الوعد الى واقع .. ؟



وعد بلفور : كيف تحوّل الوعد الى واقع .. ؟ 

مضى الآن حوالي قرن من الزمن عن صدور وعد بلفور في الثاني من نوفمبر 1917 ، استطاعت الحركة الصهيونية خلالها أن تحقق أهم أهدافها ، المتمثلة في بناء دولة يهودية آمنة ومستقرة وذات سيادة ، لها اليد الطولى في المنطقة ، مع اضعاف العرب وتشتيتهم والهائهم بالصراعات والفتن الداخلية ، لمنعهم من تحقيق اي مشروع نهضوي يهدد وجودها .. وهكذا وجدت بعض القوى العظمى في هذه الأهداف ، قاسما مشتركا يحقق مصالحها ، فوقفت الى جانب المشروع .. ولكن بعد كل هذه المدة التي أفرزت هذا الوضع العربي المتردي ، يحق لنا ان نتوقف لنتساءل عن سر النجاح  الذي حالف الحركة الصهيونية في تحقيق أهدافها ، مقابل الفشل الذي يواجه السياسة العربية عامة ، والحركة القومية خاصة وهي تتصدى للدفاع عن الامة بعد أكثر من نصف قرن ، رغم ما تبذله من التضحيات  ..   والغريب أننا لو تأملنا مشروع بناء " وطن قومي لليهود " كما عبر عنه وزير خارجية بريطانيا الذي أصدر الوعد ، لوجدنا أنه كان مجرد حلم من أحلام الصهاينة الأوائل ، لا شك أن اليهود الذين سمعوا به في تلك الفترة قد استهزأوا بالرسالة ومضامينها ، وربما سخر جزء كبير منهم من الفكرة ، لذلك لم يتحوّل هذا الوعد ـ في بداية الأمر ـ  الى مشروع مقنع لليهود كافة .. الا أن الفكرة سرعان ما  تحوّلت الى مخطط ، وتنظيم عالمي موحد يعقد المؤتمرات ، ويرسم الخطط التكتيكية والاستراتيجية والسياسات ، ويجمع الأموال والارهابيين ليكوّن تنظيمات ارهابية في فلسطين مطلع العشرينات ، مهمتها الاستيلاء على الارض وتشريد العرب والتنكيل بهم ، وقتلهم بدم بارد أمام العالم الذي عانى من ويلات الحرب ، ثم اصبح يدعو لحفظ الأمن والسلم ، واحترام سيادة الشعوب على ارضها ، خلال مؤتمر باريس للسلام سنة 1919 ،  الذي انبثقت عنه هيئة دولية تدعو الى السلم العالمي تسمّى عصبة الأمم .. !! ولكن يبقى السؤال مطروحا لماذا فشلنا ونجحت الصهيونية ..؟؟ والواقع ، رغم أن الاجابة يمكن أن تحتمل عدة تفسيرات وتاويلات ، الا أن الثابت هو أن الحركة الصهيونية كانت تتبع دائما أساليب علمية  في كل مراحل نشاطها المعادي لنا ، أهمّها :
ـ وحدة الآداة ، ووحدة الاستراتيجيا ووحدة القيادة ، التي تتحقق بها وحدة الهدف ، ولو بتحركات مختلفة لكل فروع التنظيم  وعناصره ، الذين تجمعهم في الأصل خطة واحدة مرسومة مسبقا ..
ـ اعتماد التخطيط الشامل على المدى القريب والبعيد ، والخاضع بصرامة لقوانين ومؤسسات وأجهزة معقدة تراقب وتراجع وتحاسب وتصحح الاخطاء ، وهي من أهم العوامل الضامنة للنجاح ، حيث يقع وضع الحسابات  لكل طارئ ، فلا وجود للصدفة أو للعمل العشوائي الخاضع لمزاج الافراد الا وفقا لما يقتضيه العمل الضروري لتحقيق الاهداف .. باختصار ، حضور الاسلوب العلمي هو سر النجاح عندهم ، وغيابه هو الداء عندنا ..

 ( نشرية القدس العدد 200 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق