بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 15 نوفمبر 2015

عروبة فلسطين .. (2)



عروبة فلسطين ( 2 ) .

الصهانة يتكلمون عن الهوية الدينية للارض ، فيدّعون أن اقامة اليهود في فلسطين في عصر الديانة اليهودية يعطيهم الحق في اقامة دولة دينية يهودية ، بقطع النظر عن انتمائهم الى أمم وشعوب لا علاقة تربطها بفلسطين .. بل ويزيدون على ذلك كذبا وخداعا بان العرب هم الذين احتلوا فلسطين ودخلوها غزاة ، فيسمون احتلالهم لفلسطين وقتلهم للابراياء واغتصابهم للارض العربية منذ عشرينات القرن الماضي ، نصرا  وتحريرا .. كما يعتبرون قيام  دولة اسرائيل سنة 1948 استقلالا  .. متناسين أن ادعاءهم القائم على اسس دينية يسحب من تحتهم البساط لان فلسطين نفسها اصبحت بعد ذلك مهدا للديانة التي تلتها وهي الديانة المسيحية .. غير أن هذه الحجة لا يقبلها اليهود فهم لا يقبلون بغير الديانة اليهودية ، ولعل قصتهم مع السيد المسيح عليه السلام خير شاهد على ذلك ..
كل هذا ليس مشكلة ، لان الصهاينة يستطيعون ان يصوّروا الواقع كما يشاؤون ،  لو لا أن بعض العرب يواجهونهم بنفس الاسلوب الديني ، فيعطونهم المبرر للحديث بلغة دينية متعصبة ، تحول الاديان الى مشكلة ، وهذا من طبع اليهود وحدهم ، في حين ينظر الاسلام  الى الديانات الاخرى نظرة اعتراف ، بل ويجعل الايمان بالرسالات السابقة والكتب السماوية جميعا ـ ومنها اليهودية ـ ركنا من أركان الايمان ..
وفي هذا الخصوص ، نجد اصحاب النزعات الدينية المتعصبة عندنا ،  ينفون الهوية القومية لفلسطين ، ويستبدلونها بهوية دينية ظنا منهم أنهم يخدمون قضيتها ، فيجعلون مشكلتهم مع اليهود مشكلة دينية ، في حين ان اليهودية ديانة فيها الصهاينة  وغير الصهاينة .. وفيها الصالحين وفيها الطالحين .. قال تعالى متحدثا عن بني اسرائيل ( اليهود ) في سورة الأعراف : وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك ( 168 ) " .. كما أنهم يدّعون مواجهة اليهود بأسلحتهم  ، أي دين بدين ، فيقعون مثلهم بتخلفهم في الاساءة الى الاديان جاعلين منها مسرحا للصراعات الدموية  ، حينما يحوّلون مشكلة فلسطين الى قضية صراع ديني ، في حين ان هذا الصراع لم ينشئ بين المسلمين واليهود قبل اغتصابهم للارض العربية التي لم تكن خاصة بشعب فلسطين وحده لانها فـُصلت  عن جسد الامة العربية في اطار المخطط الاستعماري بعد سقوط الدولة العثمانية وصدور معاهدة سيكس بيكو سنة 1916 ، وبعدها وعد بلفور سنة 1917 ، ثم قيام الانداب البريطاني رسميا على فلسطين بقرار دولي  سنة 1922.. هذا فضلا على أن  الصهاينة كانوا منذ البداية يستهدفون الوجود العربي في فلسطين ، فكان من ضحاياهم كل من رفض الاحتلال وقاومه سواء كانوا متدينن أو رافضين للأديان .. وهكذا قان مشكلة الصراع مع اليهود انطلقت منذ انطلق التخطيط لاغتصاب أرض فلسطين في أول مؤتمر صهيوني في بازل بسويسرا على يد ثلة من اليهود الصهاينة المتعصبين .. حيث جاءت النتائج محرّضة صراحة ومشدّدة على هذا النهج الذي يمكن تلخيصه بالقول أنه : " عدوان على الارض العربية والوجود القومي العربي ينتظر التنفيذ " .. وفي هذا السياق تؤكد التوصيات  الصهيونية في المؤتمر الصهيوني  الاول على  ضرورة اتخاذ خطوات عملية تقود الى اعتراف الدول الكبرى بالمشروع الصهيوني ، كما تشدّد هذه التوصيات على ضرورة احياء اللغة العبرية وانشاء صندوق خاص بشراء الارض من الفلسطينيين .. وكلها خطوات عملية لا علاقة لها بالدين ، بقدر ما تتجه الى الاستيطان واحتلال الارض ... ولعل ما يؤكد هذا الجانب العملي في التخطيط الصهيوني ، ظهور المنظمات الارهابية في فلسطين منذ العشرينات مثل الهاجانا والارجون والشتيرن وغيرها ..     والواقع ان متابعة قرارات المؤتمرات الصهيونية وحدها ، كافية لازاحة اللثام عن طبيعة الصراع العربي الصهيوني كصراع وجود ، تدور رحاه على الارض العربية ومن أجلها ، اجابة عن السؤال : لمن تؤول .. ؟؟  كما يستطيع من يشكك في طبيعة الصراع على هذه الصورة الثابة ، أن يعود  أولا وقبل كل شئ ، الى آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن اليهود ، وعن اصولهم العربية القديمة ، ثم الى التاريخ ، ليتأكد أن اليهودية بكل ما فيها من خرافات وانحرافات هي في الاصل اساطير قبلية ، لا يجب الانجرار وراءها للرد عليها بمثل اسلوبها .. وهي تدل على تخلف اليهود الذين رفضوا الاندماج في القوميات الاخرى والامم التي عاشوا فيها ، وبقوا في عزلة " الجيتو " الذي بنو صرحه على الوهم والاساطير وهم يخلطون بين انتمائهم الديني وانتماءهم القبلي ، حتى جعلوهما شيئا واحدا ، فتحول ذلك الخلط الى عنضرية منعتهم من الاندماج  رافضين الديانات الاخرى والمجتمعات معا .. وهو ما كلفهم تلك المعانات التي يتحدثون عنها ، وهي في الأصل معاملة بالمثل ردا على عنصريتهم اولا وأخيرا .. وهكذا تطوّرت جميع الشعوب قوميا وبقى اليهود بانغلاقهم وتعصّبهم ، متخلفين قبليا .. حتى اصبحوا بالفعل عبءا على تلك الشعوب  والحكومات التي ضاقت بهم ذرعا وباسلوب حياتهم ، فكان مشروع الصهيونية حلا يخلصهم  من عنصرية اليهود أولا ،  ثم يخدم مصالحهم الاستعمارية ثانيا ، ويمنع تقدم الامة  التي يرغبون في نهبها ثالثا ...                                                             

 ( القدس عدد 202 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق