بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
بحث هذه المدونة الإلكترونية
الاثنين، 25 نوفمبر 2013
الاخوان في فخ السلطة ( 2 ) ..
الاخوان في فخ السلطة ( 2 ) ..
لا يخفى على أحد أن الاخوان المسلمين انخرطوا عـلـنا منذ
البداية في العـدوان على سوريا . فهل يعـقـل ان تكون لديهم القـناعة وهم يؤيـدون
تلك الحـرب الكونـيـة على بلد وشعـب عربي مسلم ، بان ذلك سيكون اسلوبا مناسبا لحل
أزمة الديمقراطية .. !! وهل يمكن ان يكون في اعـتـقادهم وهم يؤيدون ذلك العدوان
الهمجي بان أمريكا وبريطانيا وفرنسا واسرائيل .. أو حـتى المملكة العـربية
السعـودية وقطر تهمهم جميعا مشكلة الاستبداد ، وأنهم جميعا يؤيدون ما يحدث انتصارا
للديمقراطية .. !! وان كانوا لا يعتقدون ذلك ، فلماذا يؤيدون العدوان اذن ..؟؟ ان
المتأمل في تطورات الاحداث على المستوى القومي يدرك لماذا يعمل الاخوان جاهدين
لاسقاط النظام في سوريا ، ولماذا بادروا قـبـل جميع الاطراف بقطع العلاقات
الديبلوماسية معها .. انه مخطط التنظيم العالمي للاخوان المسلمين بالتحالف مع
الانظمة العـربية الرجعـية والقوى المهيمنة في العالم .. لان التنظيمات المحلية
للاخوان في كل قطر لا تتخذ مواقف استراتيجية ولا تبني تحالفات اقليمية ودولية دون
الرجوع الى التنظيم الام .. ولعل ما حدث خلال أزمة الاخوان الاخيـرة في مصر بعد
ثورة 30 يناير أظهر بشكل واضح و جلي طبيعة العلاقة بين الاصل والفروع .. حيث وقع
الاستنفار داخل التنظيم العالمي بدعوته لاجتماعـيـن عاجلين متتاليين في تركيا
لمواجهة الازمة التي أفقدتهم أحد أهم مواقعهم في العالم ، في الوقت الذي كانوا
يطمحون فيه الى تعـزيزها ، لتمتد من تونس غربا الى سوريا وتركيا شرقا .. !!
وقد كان يمكن ان يكون التايـيـد عاديا ، لوأن كل ما حدث كان يجري بطريقة عفوية .. ولو لا وجود القوى المتأهّـبة والمتربصة ، التي تعمل دائما على استثمار ما يجري ليكون لصالحها ، وهواسلوب معروف تتبعه القوى العظمى التي لا يعـقـل ان ترى تغـيـرات جوهـرية تحدث في مناطق نفوذها ولا تحرّك ساكنا تجاهها ..
وقد كان يمكن ان يكون التايـيـد عاديا ، لوأن كل ما حدث كان يجري بطريقة عفوية .. ولو لا وجود القوى المتأهّـبة والمتربصة ، التي تعمل دائما على استثمار ما يجري ليكون لصالحها ، وهواسلوب معروف تتبعه القوى العظمى التي لا يعـقـل ان ترى تغـيـرات جوهـرية تحدث في مناطق نفوذها ولا تحرّك ساكنا تجاهها ..
ثم ان ذلك التاييد كان يمكن أن يكون عاديا لو أن الاخوان
كانوا من مؤيدي الثورات أصلا .. وهم من اختفى تماما عن الحراك الثوري عندما انطلق
من تونس ، فلم يشاهد عامة الشعب ولو رمزا واحدا من رموزهم يتقدم المسيرات
والاحتجاجات .. !! وهم ايضا من أصدر تلك المطالب العشرة الموجهة للنظام في مصر
لتجنب الثورة الشعبية قبل اسبوع واحد من انطلاقها .. !!
لا شك ان الثورة في تونس كانت عفوية الى ابعد الحدود ،
لكن المسائل لم تتطور على نفس هذا المنوال في ما جرى من أحداث لاحقة .. فعـندما
بدأ تأثير تلك الثورة الحقيقية يصل مداه من تونس الى مصر واليمن .. وأصبح ينذر
بتعاظم ذلك الاثر ، وجدنا كل الاطراف جاهـزة تقريبا لركوب الموجة .. !! وقد بدأ
ذلك الركوب فعلا من ليبيا التي نضجت فيها كل الطبخات .. واكتمل فيها المخطط و
توزعت منها الادوار .. فكان النظام القطري هو عـراب الثورات مستعملا أمضى الاسلحة
وأعظمها اثرا ، وهي متمثلة أولا في المال ، وثانيا في الاعلام من خلال قـناة
الجزيرة ، وثالثا في الدين من خلال الشيخ القرضاوي رئيس " الاتحاد العالمي
لعلماء المسلمين " ..
وكان النظام السعودي بدوره المعهود منذ الخمسينات ،
المدافع دوما عن مصالحه المرتبطة بالغـرب ، والذي أصبح يتنافس في لعب الادوار مع
النظام القطري ، لا يفرط بدوره في استعمال اسلحته التي يمتلكها لافشال الثورات
والانحراف بها عـن مسارها ، من خلال شبكة العلاقات التي تربط رجالاته الاثرياء
بالغـرب ، ومن خلال شبكات الارهاب التي يديرونها و يدعمونها في عدة مواقع من
العالم أهمها افغانستان والعـراق ولبنان .. هذا فضلا عن دور الدولتين في توفير
الحماية للفارين من تلك الانظمة المتهاوية .. وبالتالي فقد كان لابد للاخوان
المسلمين في كل من تونس ومصر ان يكونوا مرتبطين بهؤلاء ، و بمخططاتهم باعتبار
العلاقات التاريخـية التي ربطت مصالح التنظيم العالمي للاخوان المسلمين منذ نشأته
بتلك الانظمة .. ولعل ما عمّق ارتباطهم بتلك الدول والاحلاف ، هوالتقاء المصالح
التي جعلت ما يحدث أشبه بالحلم بالنسبة للاخوان المسلمين و بقية الحركات الدينية ،
حيث وجدوا أنفسهم في وضع يقودهم فـيه حلف النيتو لتسلم عرش ليبيا !!.. بل ان الامر
لم يتوقف عند ذلك الحد ، اذ ان الاحداث لم تكد تنته في ليبيا حتى وجدوا أنظمة
الخليج تدفعهم لركوب الموجة في سوريا أين بدأ الترويج اعلاميا " للثورة
" ، التي ستمكـنهم في النهاية من استلام عرش سوريا .. !!
وفي مثل هذه الظروف دخل الاخوان المسلمون في المخططات الجهنمية المعادية للامة من بابها الكبير .. اذ سرعان ما سقطت الاقـنعة حين أصبح ما يجري لا يحتاج الى توضيح .. وعرف العام والخاص ان ما حصل في ليبيا و سوريا لم يكن أبدا على الطريقة العفـوية التي حصلت في تونس ومصر .. بل هو سيناريو محكم الاخراج وقع الاعداد له بعـناية ، فالتـفـّـت حوله العديد من القوى المتربّصة التي وجدت في موجة الثورات فرصة سانحة لتصفية حساباتها القديمة مع تلك الأنظمة ليس على اساس سياساتها الداخلية كما وقع الترويج الاعلامي ، بل على اساس سياساتها الخارجية الرافضة لمشاريع التسوية والهـيمنة والتدخل في شؤونها .. فكان اتفاقا مسبقا ومؤامرة حصلت بين تلك الحركات المسلحة المتأهبة لتنفيذ مخطتها ، والدول المعادية لسوريا التي التقطت بدورها تلك اللحظات التاريخية منذ حدوثها في تونس و مصر ، و باتت تخطط لتحقيق أهدافها .. ولعل ما جرى من تصفية للثورة اليمنية و لثورة البحرين في الجانب الآخر ، خير دليل على التلاعب الذي كان يحدث لتزييف الواقع .
ان الاخوان الذين اصبحوا يتطلعون للعب دور هام في المنطقة بفضل ما وجدوه من تاييد خارجي ، جعلهم يطمحون الى السلطة في أكثر من قطر .. فلماذا لا تكون سوريا بعد تونس ومصر وليبيا والسودان وفلسطين ..؟ لذلك بادر الاخوان في تونس سريعا بدعم ما حدث في سوريا ، باتخاذهم قرار قطع العلاقات ، واحتضان مؤتمر اصدقاء سوريا ، والمشاركة لاحقا في كل المؤتمرات والمؤامرات التي أصبحت تقودها قطر بالوكالة عن أعداء الامة .. وقد انخرط الاخوان في مصر في نفس اللعبة ، حتى وصلوا الى ما هو اسوء ، و هو التحريض العلني على الذهاب الى سوريا ، و الدخول في حرب معلنة على الشيعة ، لا علاقة لها بالحرية ، أو بالديمقراطية في سوريا .. ولعلهم أصبحوا ينافسون الآخرين في تنظيم المؤتمرات عندما نظموا مؤتمرين متتاليين في مصر قبل سقوطهم موفى شهر جوان سنة 2013 ، الاول سُـمّي " مؤتمر علماء الامة " ، والثاني " مؤتمر الامة المصرية لدعم الثورة السورية " اللذان ظهر فـيهما التحريض علنا والتجـيـيـش ضد سوريا بعد ان اصـيـبوا بالصدمة من تحرير مدينة القصير .. وهكذا نسي الاخوان في كل من مصر و تونس أنهم على رأس سلطة مؤقـتة مهمّـتها التاسيس للمرحلة القادمة ، فراحوا يبحثون عن دور أكبر منهم ، ويحلمون بالامبراطورية الاخوانية التي ستـؤسّسها لهم قطر والسعودية بالتعاون مع حلف النيتو .. !! لذلك انساقوا وراء الاوهام ونسوا طبيعة المرحلة التي تتطلب مواجهة الواقع في الداخل والانكباب على حل المشاكل المستعجلة للمواطن الذي ظل ينتظر الحلول العاجلة .. فكانت الكارثة بالنسبة لهم في مصر حين اسقطهم الشعب بثورة شعبية بعد سنة واحدة من الحكم .. وحين بات الناخبون في تونس يعضون أصابعهم كل يوم ندما على التصويت لهم في الانتخابات ..غيرأنهم لا شك سيضيفون الى رصيدهم دورهم البارز في عودة الازلام الثوريـيـن !.
وفي مثل هذه الظروف دخل الاخوان المسلمون في المخططات الجهنمية المعادية للامة من بابها الكبير .. اذ سرعان ما سقطت الاقـنعة حين أصبح ما يجري لا يحتاج الى توضيح .. وعرف العام والخاص ان ما حصل في ليبيا و سوريا لم يكن أبدا على الطريقة العفـوية التي حصلت في تونس ومصر .. بل هو سيناريو محكم الاخراج وقع الاعداد له بعـناية ، فالتـفـّـت حوله العديد من القوى المتربّصة التي وجدت في موجة الثورات فرصة سانحة لتصفية حساباتها القديمة مع تلك الأنظمة ليس على اساس سياساتها الداخلية كما وقع الترويج الاعلامي ، بل على اساس سياساتها الخارجية الرافضة لمشاريع التسوية والهـيمنة والتدخل في شؤونها .. فكان اتفاقا مسبقا ومؤامرة حصلت بين تلك الحركات المسلحة المتأهبة لتنفيذ مخطتها ، والدول المعادية لسوريا التي التقطت بدورها تلك اللحظات التاريخية منذ حدوثها في تونس و مصر ، و باتت تخطط لتحقيق أهدافها .. ولعل ما جرى من تصفية للثورة اليمنية و لثورة البحرين في الجانب الآخر ، خير دليل على التلاعب الذي كان يحدث لتزييف الواقع .
ان الاخوان الذين اصبحوا يتطلعون للعب دور هام في المنطقة بفضل ما وجدوه من تاييد خارجي ، جعلهم يطمحون الى السلطة في أكثر من قطر .. فلماذا لا تكون سوريا بعد تونس ومصر وليبيا والسودان وفلسطين ..؟ لذلك بادر الاخوان في تونس سريعا بدعم ما حدث في سوريا ، باتخاذهم قرار قطع العلاقات ، واحتضان مؤتمر اصدقاء سوريا ، والمشاركة لاحقا في كل المؤتمرات والمؤامرات التي أصبحت تقودها قطر بالوكالة عن أعداء الامة .. وقد انخرط الاخوان في مصر في نفس اللعبة ، حتى وصلوا الى ما هو اسوء ، و هو التحريض العلني على الذهاب الى سوريا ، و الدخول في حرب معلنة على الشيعة ، لا علاقة لها بالحرية ، أو بالديمقراطية في سوريا .. ولعلهم أصبحوا ينافسون الآخرين في تنظيم المؤتمرات عندما نظموا مؤتمرين متتاليين في مصر قبل سقوطهم موفى شهر جوان سنة 2013 ، الاول سُـمّي " مؤتمر علماء الامة " ، والثاني " مؤتمر الامة المصرية لدعم الثورة السورية " اللذان ظهر فـيهما التحريض علنا والتجـيـيـش ضد سوريا بعد ان اصـيـبوا بالصدمة من تحرير مدينة القصير .. وهكذا نسي الاخوان في كل من مصر و تونس أنهم على رأس سلطة مؤقـتة مهمّـتها التاسيس للمرحلة القادمة ، فراحوا يبحثون عن دور أكبر منهم ، ويحلمون بالامبراطورية الاخوانية التي ستـؤسّسها لهم قطر والسعودية بالتعاون مع حلف النيتو .. !! لذلك انساقوا وراء الاوهام ونسوا طبيعة المرحلة التي تتطلب مواجهة الواقع في الداخل والانكباب على حل المشاكل المستعجلة للمواطن الذي ظل ينتظر الحلول العاجلة .. فكانت الكارثة بالنسبة لهم في مصر حين اسقطهم الشعب بثورة شعبية بعد سنة واحدة من الحكم .. وحين بات الناخبون في تونس يعضون أصابعهم كل يوم ندما على التصويت لهم في الانتخابات ..غيرأنهم لا شك سيضيفون الى رصيدهم دورهم البارز في عودة الازلام الثوريـيـن !.
من المعارضة .. الى التغـيـيـر..
من المعارضة .. الى التغـيـيـر..
التغيير مطلب شعـبي مشروع تسعى الجماهير لتحقيقه كلما حاد
الحاكم – بحسن أو بسؤء نية – عن تحقيق المصلحة العامة ، أو اذا حاد عن العدل
والمساواة بين الناس ، او اذا عجز عن حل مشاكلهم .. ولنا في التاريخ أمثلة وعبر
أهمها وأكثرها تأثيرا في حياة المسلمين منذ عهد الصحابة الى اليوم ، وهو الصراع في
عهد الخليفة عثمان رضي الله عنه .. وقد جاء في كتاب الدكتور محمد عمارة " الاسلام و حقوق الانسان "
سردا لبعض الوقائع والتفاصيل لما جرى في
ذلك الوقت بين خيرة الصحابة رضوان الله عليهم ، واسلوب معارضتهم للحكم :
"... وعندما حدثت في السنوات
الاخيرة من عهد عثمان الاحداث التي أغضبت غالبية المسلمين ، كانت هيئة " المهاجرين
الاولين " في مقدمة المحرّضين على الخروج على عثمان .. لقد مارست المعارضة
كما يمارس الحزب السياسي ، و سعت الى استرداد سلطتها عندما رأت أن بني أمية قد
غلبوها عليها بسيطرتهم على جهاز دولة الخليفة الثالث عثمان بن عفان !..
وبن قتيبة يذكر أن الرسالة التي خرجت
من المدينة الى الامصار ، تدعو الثوار للقدوم للعاصمة ، والخروج على عثمان ، قد
خرجت باسم هذه الهيئة .. و نصها : " بسم الله الرحمان الرحيم . من المهاجرين
الاولين ، وبقية الشورى ، الى من بمصر من الصحابة و التابعين .. أن تعالوا الينا ،
و تداركوا خلافة رسول الله قبل أن يسلبها أهلها ، فان كتاب الله قد بُدّل و سنة
نبيه قد غُيرت ، و أحكام الخليفتين قد بُدّلت ، فننشد الله من قرأ كتابنا من بقية
أصحاب رسول الله و التابعـين باحسان ، الا أقبل الينا ، وأخذ الحق لنا و أعطاناه ،
فأقبلوا الينا ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، وأقيموا الحق على المنهاج
الواضح الذي فارقتم عليه الخلفاء . غُـلبنا على حقنا ، واستُولى على فيئنا ، و حيل
بيننا وبين أمرنا ، وكانت الخلافة بعد نبينا نبوة ورحمة ، وهي اليوم ملكا عضودا .
من غلب على شيئ أكله .. "
فنحن هنا ازاء بيان سياسي ، أصدرته
هيئة سياسية ، ذات اختصاصات دستورية وسلطات وحقوق ، عندما رأت أن خروجا قد حدث عن
العـرف ، واعتداء قد تم على ما تملك من سلطات وحقوق .. " ( انتهى ) .
لا شك ان
هذه الوقائع تثير كثيرا من الحيرة في فهم ما حدث ، خاصة اذا علمنا ان تلك الخلافات
التي وقعت هي التي أدت فيما بعد الى الصراعات والفتن التي حدثت بين المسلمين ،
وراح ضحيتها كل من الخليفة الثالث عثمان و الخليفة الرابع علي بن ابي طالب رضي لله
عنهما ، وعشرات الآلاف من الصحابة والتابعين وأحفاد الرسول صلى الله عليه وسلم ..
وهي احداث أليمة بكل المقاييس أثرت في كل العصور ، ولا يزال تأثيرها متواصلا الى
الآن ..
ولعل سبب الحيرة يكون وجـيها بالنظر الى دموية الاحداث التي
وقعت بين جموع غفيرة من خيرة الصحابة والتابعـيـن الذين اختلفوا فاقـتـتـلوا ثم
افـتـرقوا افـتـراقا حادا أحدث شرخا وانقساما وتصدّعا في صفوف المسلمين لا يزال
مستمرا ، ليس بسبب خلاف حول اصول الدين والعـقـيدة ، بل من جراء الاحكام المتشددة
المتعلقة بالحكم والسياسة .. الواردة في تلك الرسالة التحريضية التي نقـلها
الدكتور محمد عمارة وهو يستشهد بها في سياق دفاعه عن مشروعـية المعارضة في الاسلام
دون النظر في اسلوبها ..
( نشرية القدس ) .
اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني : حق يراد به باطل ..
اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني :
حق يراد به باطل ..
منذ سنة 1977 اعتمددت الجمعـية العامة للامم المتحدة يوم 29 نوفمبر من كل عام كيوم للتضامن مع الشعب الفلسطين .. وقد اعتبر الكثيرون ان مثل هذا الاجراء ايجابي ومفيد للقضية ، ثم راحوا يشاركون أو يشجعون على المشاركة كل عام في الاحتفال بهذا اليوم باعتباره يذكّـر بنكبة فلسطين ، ويعـرّف بماضيها وحاضرها للاجيال الصاعدة .. كما يمكن أن يَعْـرض من خلاله المنظمون ما يعانيه ابناء فلسطين في الداخل من ويلات الاحتلال ، وما يعانيه المهجّـرون من ويلات الغـربة والتشرد والضياع ، الى جانب التذكير بالثوابت و الحقوق الخ .. وفعلا قد أخذت العديد من الاحزاب والجمعيات والمنظمات الوطنية في الوطن العربي والعالم الاسلامي على عاتقها المساهمة في الاحتفال بهذا اليوم ، كلّ بطريقته و حسب خلفياته الفكرية والسياسية ..
والواقع فان ما يظهر من
تعاطي ايجابي في مثل هذه المناسبة ، التي تظهر فيها المعارض ، و تطغى فـيها عادة الشعارات
والخطب السياسية والشعـر الحماسي والحفلات الموسيقية ، قد يتحول كله الى عبث اذا لم يتم معه
فضح ما وراء المناسبة من خداع .. واذا لم يتم الكشف عن الاسباب الحقيقية
التي دفعت منظمة الامم المتحدة لاحياء هذه الذكرى .. لان مثل هذه الدعوات عندما تخرج من ذلك المبنى الذي ضاعت فيه كل حقوق فلسطين ، فهي بلا شك دعوات مريبة ، هدفها الوحيد الوصول الى انتزاع اعتراف عربي ـ فلسطيني بالعدو
الصهيوني .. ولعلّ المتأمل في اختيار تاريخ 29 نوفمبر بالذات لهذه المناسبة ، يفهم الخلفيات
والاهداف من وراء هذه الدعوة .. حيث أن هذا التاريخ هو نفسه تاريخ اصدار القرار عدد 181 من طرف الجمعية
العامة للامم المتحدة في 29 نوفمبر سنة 1947 المعـروف بقرار التقسيم .. !!
والغريب أن هذا القرار الباطل قد منح 44 % من أرض فلسطين لاصحاب الحق ، و 56%
للصهاينة الغـزاة الذين لا يعـرفون فلسطين لا من قريب ولا من
بعـيـد .. !!
ثم
الاغرب من ذلك فان الجمعـية العامة للامم المتحدة قد شهدت تحايلا وتلاعبا بالاصوات
من طرف الحركة الصهيونية والدول الداعمة لها لانها لم تجد في البداية الاغلبية
التي تمكنها من اصدار قرار التقسيم حتى
يكون نافذا طبقا لقوانين الامم المتحدة ، لكي تجبر على تطبيقه جميع الاطراف المتـنازاعة
.. وهو ما أدى الى تأجيل التصويت من يوم 26 الى يوم 29 نوفمبـر1947 ، تم خلالها التأثير على
مندوبي الدول الصغـرى حديثة العهد بالاستقلال والتي لا تزال تقع تحت الهيمنة .. مثل ليبيريا والفليبين وهايتي .. وقد كان
لرجال الاعمال الصهاينة دور كبير في التأثير على تلك الدول المترددة من خلال
الضغوطات الاقتصادية ، حيث كان
الميلياردير الامريكي المشهور هارفي
فايرستون على سبيل
المثال ، من أكبر المستثمرين في ليبيريا وهو الذي لعـب دورا كبيرا في
التاثـيـر على تلـك الدولة لتكون مع المساندين لقـرار التقسيم خلال اليومين الاخـيـرين
..
ولعل ما كتبه وزير الدفاع الامريكي جيمس فورستل في مذكراته عن تلك الحقـبة خيـر
دليل حين قال : " إن الطرق
المستخدمة للضغط ولإكراه الأمم الأخرى في نطاق الأمم المتحدة كانت فضيحة " ..
وهكذا فان ما يبدو في ظاهـره حق ، قد يحـمل
في جوفه الاباطـيل .. فـيصدق عليه المثل القائل أنه : " حق يـراد بـه باطـل " ..
( نشرية القدس ) .
الأحد، 24 نوفمبر 2013
بذورالاستبداد ..
بذورالاستبداد ..
الاستبداد لا يظهـر دفعة واحدة ، بل يبدأ بذرة من خلال التـلاعـب بالقوانين
والتـباطئ في بناء المؤسسات المستقلة ، ثم ينمو بالتدخل الشخصي لسلطة الرئيس
والوزير والمسؤول السامي حتى ينتشر ويستشري في جميع هياكل الدولة ومؤسساتها التي
تصبح تحت تصرف المسؤول الاعلى في الادارة أو السلطة المركـزية والمحلية ..
والاستبداد بهذا المعـنى هو الأخ الشقـيق للفساد ، اللذان لا يظهران عادة
الا في المجتمعات المتخلفة ، المهيأة موضوعـيا لتنامي تلك الظاهـرة ، من خلال وجود
الارضية المناسبة داخل المجـتمع حين يكون المواطن سلبيا الى ابعـد الحدود كما هو
الحال في مجتمعـنا ، الذي تنـتـشر فيه ظاهـرة
العـزوف عـن العمل السياسي ، مما يمكّن الحاكم من تمرير سياساته ، دون خوف
من المعارضة التي تجد نفسها ضعـيفة وغـيـر قادرة على تأطـير الناس ، فـتـكون عاجـزة
عـن مواجهة المستبدين .. ورغم ما يسببه ذلك العـزوف الجماعي من شلل داخل المجتمع ،
الا انه في كثير من الاحيان يعـبـر عـن غـياب البدائل وافلاس الاحزاب ، فـيتحول
ذلك الواقع الى أزمة للنخـب التي لم تعد محل ثقة لدى الجماهير ..
ولعل ما يزيد الامر تعقـيدا هو أن السلطة المستبدة تصنع أذرعا حزبية وغـيـر
حزبية تابعة لها ، تعـمل في كل مكان ، وبكل الطرق ، فقط من أجل اقـناع الناس بأن
السلطة على حق .. !! وهو ما يجعـل تلك الاذرع تتحول الى
قطيع باتـم معـنى الكلمة ، تـنـفـذ ما يطلب منها بكل أمانة .. فـتـتظاهـر عـندما
يطلب منها التظاهـر ، وتصفـق حينما يطلب منها التصفـيـق، ثم وهي تحاول الدفاع عمّن
يمثـلها في السلطة ، تسقط في التـبـريـر وتـزيـيـف الواقع .. وحينما تجد أمامها الأخطاء
، تسقط في الـتستـر وتوجـيه الاتهامات
للخصوم والمخالفـيـن .. وعـندما تكـتشف الفشل ، يكثـر حديثها عـن الصعـوبات والمعـوّقات
الموجودة في الواقع .. ولما تتـلقى الضغـوطات ، نجدها تفـتعـل الازمات التي تظهر
ثم تختفي بقدرة قادر .. وهكذا ، نصبح أمام حقيقة ماثـلة : أينما يوجد استبداد ، يوجد
قطيع يحميه .. !!
( نشرية القدس ) .
الاثنين، 18 نوفمبر 2013
الأحد، 17 نوفمبر 2013
نظرة على التراث الفكري للدكتور عصمت سيف الدولة ( 2 ) ..
نظرة على التراث الفكري للدكتور عصمت سيف
الدولة ( 2 ) ..
.. ويواصل الدكتور صفوت حاتم حديثه عن عصمت سيف الدولة فيذكر لمحة عن وتيـرة
انتاجه الفكري يقول : منذ منتصف السبعينات سيكرس عصمت سيف الدولة
عددا لا بأس به من كتاباته الفكرية في الدفاع عن منجزات عبد الناصر ، وفي ذات
الوقت سيستنفذ عدد كبير من ” رجال عبد الناصر ” كل مواهـبهم في ” كتابة مذكراتهم
الشخصية ” للتدليل على درجة قربهم من ” الزعيم ” ، وكان ” عصمت سيف الدولة
يكرس كل جهده الفكري في الدفاع عن إيجابيات حقبة عبد الناصر ومواجهة حملة المرتدين
والمشبوهين الذين اعـتلوا عرش الصحافة والإعلام المصري خلال حقبة السادات . ومن
أجل هذا الهدف سيصدر كتابه الممتاز ” هل كان عبد الناصر ديكتاتورا ” للدفاع عن
تجربة البناء الاشتراكي التي قادها عبد الناصر ومواجهة الحملة التي كان يشنها
اليمين واليسار في آن واحد تحت دعاوى الديموقراطية . وسيصدر بعد هذا الكتاب تقييمه
وموقفه من تجربة الديموقراطية الشعبية في عهد عبد الناصر في كتابه : الأحزاب
ومشكلة الديموقراطية
وسيكتب عصمت سيف الدولة يدافع عن القطاع العام وحق الشعب فيه محذرا من الهجمة
التي كانت تعد للقضاء على القطاع العام في كتاب : رأسماليون
وطنيون ، ورأسمالية خائنة .
وسيكتب عن الصلح مع العدو الصهيوني الذي قاده السادات اعمق دراسة قانونية
وسياسية تناولت معاهدة ” الشؤم ” كامب ديفيد في كتاب : هذه المعاهدة .
وسيكتب يحذر مرة أخرى منظمة التحرير الفلسطينية من مخاطر الاعتراف بعدوها
الصهيوني ( الاعتراف المستحيل ) . وغير ذلك
كثير ... وبسبب هذه المواقف المعارضة لسياسة السادات سيجد ” عصمت سيف الدولة ” نفسه مرة ثانية في سجون
السادات عام 1981 مع كل فصائل المعارضة السياسية من اليمين واليسار ومن المسلمين
والمسيحيـيـن ..
(
القدس عدد 98 ) .
الاخوان في فخ السلطة ( 1 ) ..
الاخوان في فخ السلطة ( 1 ) ..
ان حركة مثل حركة الاخوان المسلمين لم تكن من الحركات التي تؤمن بالتغـيـيـر الجذري عن طريق العمل الثوري .. واننا لو تأملنا جميع ادبيات الاخوان المُعـتـمدة بينهم ، الى جانب خطابهم السياسي الموجه للناس ، سوف لن نجد جملة واحدة تتحدث عن الثورة على امتداد الوطـن العربي ، أو عدم الاعـتراف بشرعـية أي نظام قانوني قائم ، والسعي لاسقاطه ... وهو أمر واضح في نهجها الاصلاحي على مدى أكثر من ثمانين عام منذ نشأتها الاولى في مصر سنة 1928 ، والذي تتوخى فيه اسلوب الاصلاح من الداخل بعد الاعـتراف بالانظمة ( أولي الامر ) بكل سلبياتها التي عرفها المواطن العربي ، وبكل عمالتها وخياناتها .. وعلى هذ الاساس تبدأ لعـبـتها معها كقوى موالية ، متحالفة مع السلطة الحاكمة ، تبارك ما يقوم به النظام القائم ، أو كمعارضة شكلية تسعى لنيل موقعها من خلال الفوز ببعض المقاعد في البرلمان .. و لعل وجود الاخوان المسلمين منذ عقود ودورهم في البرلمانات العربية البائسة مثل الاردن ومصر والمغرب والسودان و دول الخليج ، خير دليل على صحة هذا القول ..ثم ان الاخوان – و بالنظر الى طبيعـتهم الاصلاحية تلك - لم يكن يخطـر ببالهم ولا في تصورهم ان الثورة يمكن أن تحدث ، كما حدثت في تونس ، لذلك لم يكلفـوا أنفسهم عناء المشاركة فـيها .. وحتى عند انتقال الحراك الشعـبي الى مصر ، كانت الجماعة تعـبـر عن تردّدها وتذبذب مواقفها .. حيث نشرت الحركة يوم 19 ينايـرعلى موقعها " اخوان اون لاين" ، اقصى ما توصلت اليه من تقديرات للمرحلة ، صاغـتها في وثيقة موجهة للنظام في شكل نصائح لتجـنب ما حدث في تونس تحت عـنوان " 10 مطالب لتجـنب الثورة الشعـبية ".. وقد ورد في المطلب العاشر قولهم : " يـؤكـد الاخوان المسلمون أنهم جزء لا يتجـزأ من المجتمع ، ولا يطلبون الا ما يطالب به كل أفراد الشعـب ، ولا يريدون سوى الاصلاح والتغـيـيـر السلمي للاوضاع الخاطـئة والعمل على استقـرار الامن والأمان لهذا الوطن ، ولكن اذا استمر الحال على ما هو عليه فلا يستبعد حدوث ثورة شعـبـيـة ، و كما قال الامام البنا : " ليست من صنعـنا " ، ولكن لا نستطيع ان نمنعها .. "
هذا هو موقف الاخوان مما كان يجري في مصر قبل ثورة 25 يناير باسبوع عـبروا عـنه بكل وضوح ، وعـبروا به كذلك عن موقـفهم من الحراك الثوري الذي هو " ليس من صنعهم " كما يقول امامهم .. غير أنهم وجدوا سيلا هادرا من الجماهير في الشارع ترفع منذ اليوم الاول ذلك الشعار الذي انطلق من تونس : " الشعـب يريد اسقاط النظام " فلم يجدوا بدا من النزول الى الشارع مع المحافظة على شعـرة معاوية مع النظام المتهاوي حين دخلوا في مفاوظات معه في الايام الاخيرة من سقوطه .. !!وقد كان يمكن ان يكون ذلك عاديا كما هو الشأن بالنسبة للعديد من الحركات الاخرى التي تتقاطع معها في هذا الاسلوب ، لو لا انقلابها على المعارضة والشعـب أولا ، بعد صعودها الى هرم السلطة في كل من مصر وتونس ، فباتت تسعى للانفراد بالحكم والسيطـرة على مؤسسات الدولة ، في غياب أي سند قانوني ، بحكم غياب الدستور الذي يحدّد العلاقات داخل الدولة ، وكيفية ادارتها .. ولو لا انحيازها المكشوف لمصالحها الحزبية ثانيا ، بتقديم الامتيازات للموالين دون غيرهم من المستحقـين من ابناء الشعب .. فضلا عن منحها الحماية للحركات المتشددة ، والتستر على ما تفعله رغم ما تقع فيه من تجاوزات .. ثم اصطفافهم وراء قطـر ودول الخليج ..
والواقع فان أثر التحالفات قد بدأ يظهر في كل من تونس ومصر منذ نجاح الثورتين ، من خلال ما يلقونه من دعم مادي و اعلامي من طرف حلفاؤهم التقليديين الذين لم يدخروا جهدا في الترويج للمشروع الاخواني ، وهو الذي نما و ترعـرع بين احضانهم ، وبالتالي فهو البديل الجاهـز للاعتماد عليه ، والاطمئنان له في اظهار الولاء ، وعدم التنكر لأولياء النعمة .. !! وهو ما حدث فعلا .. حين اصبح الاخوان في السلطة في أكثر من موقع ..
وفي ظل هذا الوضع وفي غمرة الاحساس بنشوة الانتصار ، ظهر جليا الشعور بالغـرور من خلال خطاب الاستعلاء الذي واجه به الاخوان خصومهم ، بعد الانتخابات سواء في مصر أو في تونس ، حتى تحول الى شماتة .. ثم وقعت ترجمته الى سلوك انعـزالي يهدف الى السيطـرة التامة على السلطة من خلال ما عُـرف بأخونة الدولة ..
الواضح ان ما اصبح يحركهم هو هاجس الطوق الممتد من سوريا و تركيا شرقا الى تونس غربا ، مرورا بفلسطين ومصر والسودان وليبيا ، والبقية تأتي .. غير أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن ، فالاخوان الذين راهنوا على الحلول الاصلاحية ، ولم يفكـروا منذ نشأتهم بعـقـلية الثورة ، لم يفهموا ان الحراك الثوري في تونس ومصر غير الذي حدث في ليبيا وسوريا .. ولما كانوا هم في الصورة في جميع تلك المواقع ، كان لا بد ان يسقطوا حيثما وجدوا خطأ .. فكانت البداية من مصر، لكن السقوط سوف لن يتوقف هناك .. وقد تكون تونس هي المحطة الآتية ، أو غيرها..
ولعل المتتبع لما يجري في تونس بالخصوص يلاحظ بسهولة محاولات الاخوان لاخـتـزال مفهوم النجاح في الحفاظ على الحكومة ، واظهار عجـز المعارضة على اسقاطها .. أي انهم يعملون جاهدين على تحويل ذلك المنجـز الزائف الى نصر يستـرون به كل الفشل الذي عـرفـوه ، متـناسين أن السقوط الحقـيقي في النهاية لا يقاس بقوة المعارضة التي يمكن ان تفـرز أنظمة لا تقل انتهازية ، ولا تخـتـلف في عجـزها عن الاخوان .. وهو أيضا ليس باستمرار او بـزوال الحكومة المنـتهـية صلاحياتها أصلا بحكم انتهاء المرحلة الانتـقالية سواء بعد شهـر أو أكثر .. بل بسقوط مشروع الاخوان المسلمين برمته عـندما كشف الواقع جزءا هامة من زيف المقولات المتخـفـية وراء الدين ، وبسبب عجـزهم على تقـديم الحلول الصحيحة للواقع الذي لم يعد يقـبل مزيدا من الامتداد التـلـقائي في المستقـبل .. وكما يقول المثل " لقد وقـفـت الـزنقة للهارب .."
(
القدس عدد 98 ) .
العصابات الصهيونية .
العصابات
الصهيونية ..
قبل قيام ما يسمى بدولة اسرائيل في 15 ماي 1948 كانت فلسطين مسرحا
للعصابات الصهيونية التي تكوّن بعضها منذ العشرينات لتنظيم الهجـرة السرية الى
فلسطين وشراء الاراضي العـربية بالتحـيّـل والتآمر من سلطات الاحتلال البريطاني
التي سبق لها ان وعدت اليهود بانشاء وطن قومي لهم في فلسطين في ما يعـرف بوعد
بلفور الصادر في 2 نوفمبر 1917 .. كما كانت هذه العصابات تقوم بترهيب المواطنين
لاجبارهم على ترك اراضيهم أو بيعها ، وهي التي كانت تخطط للتـوسّع في فـلسطين طبقا
للمشروع الصهــيـوني الذي لقي الدعم والمساندة من الحكومات الاروبية سعـيا منها
للتخلص من اليهود على غرار الحكومة البولندية والألمانية ..
وتجدر
الاشارة هنا الى أن قبل هذه الفترة التي شهدت بداية النشاط الصهيوني اثر اول مؤتمر
لهم في سويسرا سنة 1897 ، لم يكن هناك اي وجود لليهود الصهاينة في فلسطين ، ولم
يكن لهم أي علاقة بأرضها ومياهها وهوائها .. فهم مواطـنون اوروبيون وُلدوا أب عن
جد في مجتمعات اروربية ، ثم قدموا الى فلسطين على فترات من خلال الهجرة المنظمة
سواء قبل سنة 48 أو بعدها .. وقد كان نسبة اليهود الاصليين في فلسطين لا يتجاوز
الـ 5% الذين هم من اليهود العرب
الفلسطنيين .. وهو ما يفضح المغالطات التي وقع ترويجها بين اليهود اولا ثم داخل
المجتمع الدولي ثانيا باعتبار ان لليهود الحق
في فلسطين لمجرد أنهم ينتمون للديانة اليهودية !! ..
لقد كان
المشروع الصهيوني قائما بالاساس على المؤامرات والدسائس والتحيّـل والتضليل ثم على
الارهاب حيث يحصي الخبراء والمؤرخون ما لا يقل عن 17 تنظيما صهيونيا ارهابيا نشطا
في فلسطين منذ مطلع القرن الماضي ، وتُعدّ الهاجانا والارغون والشتيرن من أهم تلك العصابات التي روّعت المواطنين العرب
وشرّدتهم واستولت على ممتلكاتهم ، ثم وجدت كل الدعم من المجتمعات الغـربية التي تسترت
على جرائمهم ، وفـرضت على العرب مشروع التقسيم في ظروف لم يستطع أصحاب الحق
مقاومتها وهو ما يفقده كامل مشروعيته حيثما بقى ..
وقد تكوّنت منظمة الهاجانا سنة 1921 على خلفية
حماية المهاجرين اليهود وتأمين ظروف اقامتهم والتي سرعان ما اتسعت قاعدة أعضائها
لتشمل آلاف المتطوعين ، الذين كان يجري تسليحهم و تدريبهم على أعلى مستوى تحضيرا
لكل الاعمال الارهابية والمجازر التي ارتكبتها في فلسطين .. و معروف ان هذه
المنظمة التي كان من ابرز قادتها اسحاق رابين ، وايريل شارون ، هي التي تمثل
الذراع العسكري للمنظمة الصهيونية العالمية ، وهي التي تحوّلت لاحقا مع بقية
العصابات الاخرى الى ما يسمّى جيش الدفاع الاسرائيلي ..
كما تكونت منظمة الارغون سنة 1931 من
رحم المنظمة الاولى التي بدأت تلقى انتقادا بريطانيا بسبب ما ترتكبه من ارهاب يسبّب
الحرج للادارة البريطانية .. و قد كانت
الارغون لا تقل همجية وعدوانية عن المنظمة الام ، وهي التي اصبح من أبرز قادتها
المعـروفين الارهابي مانحيم بيغـن ..
أما عصابات الشتيرن التي كان من أبرز قادتها الارهابي
اسحاق شامير فقد نشات سنة 1940 من رحم عصابة الارغون ، ولنفس الاهداف كما نشطت
بنفس الاسلوب المتمثـل في اقـتـلاع " المحتـليـن العـرب " من اراضـيهم وتشريدهم
و تقتيلهم لزرع اليهود الصهاينة القادمين من كل صوب وحدب لاقامة الدولة اليهودية
بدون وجه حق ..
(
القدس عدد 98 ) .
الاخوان في فخ السلطة ..
الاخوان في فخ السلطة ..
(1) .
ان حركة مثل حركة الاخوان المسلمين لم تكن من الحركات
التي تؤمن بالتغـيـيـر الجذري عن طريق العمل الثوري .. واننا لو تأملنا جميع
ادبيات الاخوان المُعـتـمدة بينهم ، الى جانب خطابهم السياسي الموجه للناس ، سوف
لن نجد جملة واحدة تتحدث عن الثورة على امتداد الوطـن العربي ، أو عدم الاعـتراف
بشرعـية أي نظام قانوني قائم ، والسعي لاسقاطه ... وهو أمر واضح في نهجها الاصلاحي
على مدى أكثر من ثمانين عام منذ نشأتها الاولى في مصر سنة 1928 ، والذي تتوخى فيه
اسلوب الاصلاح من الداخل بعد الاعـتراف بالانظمة ( أولي الامر ) بكل سلبياتها التي
عرفها المواطن العربي ، وبكل عمالتها وخياناتها .. وعلى هذ الاساس تبدأ لعـبـتها
معها كقوى موالية ، متحالفة مع السلطة الحاكمة ، تبارك ما يقوم به النظام القائم ،
أو كمعارضة شكلية تسعى لنيل موقعها من خلال الفوز ببعض المقاعد في البرلمان .. و
لعل وجود الاخوان المسلمين منذ عقود ودورهم في البرلمانات العربية البائسة مثل
الاردن ومصر والمغرب والسودان و دول الخليج ، خير دليل على صحة هذا القول ..
ثم ان الاخوان – و بالنظر الى طبيعـتهم الاصلاحية تلك - لم يكن يخطـر ببالهم ولا في تصورهم ان الثورة يمكن أن تحدث ، كما حدثت في تونس ، لذلك لم يكلفـوا أنفسهم عناء المشاركة فـيها .. وحتى عند انتقال الحراك الشعـبي الى مصر ، كانت الجماعة تعـبـر عن تردّدها وتذبذب مواقفها .. حيث نشرت الحركة يوم 19 ينايـرعلى موقعها " اخوان اون لاين" ، اقصى ما توصلت اليه من تقديرات للمرحلة ، صاغـتها في وثيقة موجهة للنظام في شكل نصائح لتجـنب ما حدث في تونس تحت عـنوان " 10 مطالب لتجـنب الثورة الشعـبية ".. وقد ورد في المطلب العاشر قولهم : " يـؤكـد الاخوان المسلمون أنهم جزء لا يتجـزأ من المجتمع ، ولا يطلبون الا ما يطالب به كل أفراد الشعـب ، ولا يريدون سوى الاصلاح والتغـيـيـر السلمي للاوضاع الخاطـئة والعمل على استقـرار الامن والأمان لهذا الوطن ، ولكن اذا استمر الحال على ما هو عليه فلا يستبعد حدوث ثورة شعـبـيـة ، و كما قال الامام البنا : " ليست من صنعـنا " ، ولكن لا نستطيع ان نمنعها .. "
ثم ان الاخوان – و بالنظر الى طبيعـتهم الاصلاحية تلك - لم يكن يخطـر ببالهم ولا في تصورهم ان الثورة يمكن أن تحدث ، كما حدثت في تونس ، لذلك لم يكلفـوا أنفسهم عناء المشاركة فـيها .. وحتى عند انتقال الحراك الشعـبي الى مصر ، كانت الجماعة تعـبـر عن تردّدها وتذبذب مواقفها .. حيث نشرت الحركة يوم 19 ينايـرعلى موقعها " اخوان اون لاين" ، اقصى ما توصلت اليه من تقديرات للمرحلة ، صاغـتها في وثيقة موجهة للنظام في شكل نصائح لتجـنب ما حدث في تونس تحت عـنوان " 10 مطالب لتجـنب الثورة الشعـبية ".. وقد ورد في المطلب العاشر قولهم : " يـؤكـد الاخوان المسلمون أنهم جزء لا يتجـزأ من المجتمع ، ولا يطلبون الا ما يطالب به كل أفراد الشعـب ، ولا يريدون سوى الاصلاح والتغـيـيـر السلمي للاوضاع الخاطـئة والعمل على استقـرار الامن والأمان لهذا الوطن ، ولكن اذا استمر الحال على ما هو عليه فلا يستبعد حدوث ثورة شعـبـيـة ، و كما قال الامام البنا : " ليست من صنعـنا " ، ولكن لا نستطيع ان نمنعها .. "
هذا هو موقف الاخوان مما كان يجري في مصر قبل ثورة 25
يناير باسبوع عـبروا عـنه بكل وضوح ، وعـبروا به كذلك عن موقـفهم من الحراك الثوري
الذي هو " ليس من صنعهم " كما يقول امامهم .. غير أنهم وجدوا سيلا هادرا
من الجماهير في الشارع ترفع منذ اليوم الاول ذلك الشعار الذي انطلق من تونس :
" الشعـب يريد اسقاط النظام " فلم يجدوا بدا من النزول الى الشارع مع
المحافظة على شعـرة معاوية مع النظام المتهاوي حين دخلوا في مفاوظات معه في الايام
الاخيرة من سقوطه .. !!
وقد كان يمكن ان يكون ذلك عاديا كما هو الشأن بالنسبة للعديد من الحركات الاخرى التي تتقاطع معها في هذا الاسلوب ، لو لا انقلابها على المعارضة والشعـب أولا ، بعد صعودها الى هرم السلطة في كل من مصر وتونس ، فباتت تسعى للانفراد بالحكم والسيطـرة على مؤسسات الدولة ، في غياب أي سند قانوني ، بحكم غياب الدستور الذي يحدّد العلاقات داخل الدولة ، وكيفية ادارتها .. ولو لا انحيازها المكشوف لمصالحها الحزبية ثانيا ، بتقديم الامتيازات للموالين دون غيرهم من المستحقـين من ابناء الشعب .. فضلا عن منحها الحماية للحركات المتشددة ، والتستر على ما تفعله رغم ما تقع فيه من تجاوزات .. ثم اصطفافهم وراء قطـر ودول الخليج ..
وقد كان يمكن ان يكون ذلك عاديا كما هو الشأن بالنسبة للعديد من الحركات الاخرى التي تتقاطع معها في هذا الاسلوب ، لو لا انقلابها على المعارضة والشعـب أولا ، بعد صعودها الى هرم السلطة في كل من مصر وتونس ، فباتت تسعى للانفراد بالحكم والسيطـرة على مؤسسات الدولة ، في غياب أي سند قانوني ، بحكم غياب الدستور الذي يحدّد العلاقات داخل الدولة ، وكيفية ادارتها .. ولو لا انحيازها المكشوف لمصالحها الحزبية ثانيا ، بتقديم الامتيازات للموالين دون غيرهم من المستحقـين من ابناء الشعب .. فضلا عن منحها الحماية للحركات المتشددة ، والتستر على ما تفعله رغم ما تقع فيه من تجاوزات .. ثم اصطفافهم وراء قطـر ودول الخليج ..
والواقع فان أثر التحالفات قد بدأ يظهر في كل من تونس
ومصر منذ نجاح الثورتين ، من خلال ما يلقونه من دعم مادي و اعلامي من طرف حلفاؤهم
التقليديين الذين لم يدخروا جهدا في الترويج للمشروع الاخواني ، وهو الذي نما و
ترعـرع بين احضانهم ، وبالتالي فهو البديل الجاهـز للاعتماد عليه ، والاطمئنان له
في اظهار الولاء ، وعدم التنكر لأولياء النعمة .. !! وهو ما حدث فعلا .. حين اصبح
الاخوان في السلطة في أكثر من موقع ..
وفي ظل هذا الوضع وفي غمرة الاحساس بنشوة الانتصار ، ظهر
جليا الشعور بالغـرور من خلال خطاب الاستعلاء الذي واجه به الاخوان خصومهم ، بعد
الانتخابات سواء في مصر أو في تونس ، حتى تحول الى شماتة .. ثم وقعت ترجمته الى
سلوك انعـزالي يهدف الى السيطـرة التامة على السلطة من خلال ما عُـرف بأخونة
الدولة ..
الواضح ان ما اصبح يحركهم هو هاجس الطوق الممتد من سوريا
و تركيا شرقا الى تونس غربا ، مرورا بفلسطين ومصر والسودان وليبيا ، والبقية تأتي
.. غير أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن ، فالاخوان الذين راهنوا على الحلول الاصلاحية
، ولم يفكـروا منذ نشأتهم بعـقـلية الثورة ، لم يفهموا ان الحراك الثوري في تونس
ومصر غير الذي حدث في ليبيا وسوريا .. ولما كانوا هم في الصورة في جميع تلك
المواقع ، كان لا بد ان يسقطوا حيثما وجدوا خطأ .. فكانت البداية من مصر، لكن
السقوط سوف لن يتوقف هناك .. وقد تكون تونس هي المحطة الآتية ، أو غيرها ..
ولعل المتتبع لما يجري في تونس بالخصوص يلاحظ بسهولة
محاولات الاخوان لاخـتـزال مفهوم النجاح في الحفاظ على الحكومة ، واظهار عجـز
المعارضة على اسقاطها .. أي انهم يعملون جاهدين على تحويل ذلك المنجـز الزائف الى نصر
يستـرون به كل الفشل الذي عـرفـوه ، متـناسين أن السقوط الحقـيقي في النهاية لا
يقاس بقوة المعارضة التي يمكن ان تفـرز أنظمة لا تقل انتهازية ، ولا تخـتـلف في
عجـزها عن الاخوان .. وهو أيضا ليس باستمرار او بـزوال الحكومة المنـتهـية
صلاحياتها أصلا بحكم انتهاء المرحلة الانتـقالية سواء بعد شهـر أو أكثر .. بل
بسقوط مشروع الاخوان المسلمين برمته عـندما كشف الواقع جزءا هامة من زيف المقولات
المتخـفـية وراء الدين ، وبسبب عجـزهم على تقـديم الحلول الصحيحة للواقع الذي لم
يعد يقـبل مزيدا من الامتداد التـلـقائي في المستقـبل .. وكما يقول المثل "
لقد وقـفـت الـزنقة للهارب .."
(2) .
لا يخفى على أحد أن الاخوان
المسلمين انخرطوا عـلـنا منذ البداية في العـدوان على سوريا . فهل يعـقـل ان تكون
لديهم القـناعة وهم يؤيـدون تلك الحـرب الكونـيـة على بلد وشعـب عربي مسلم ، بان
ذلك سيكون اسلوبا مناسبا لحل أزمة الديمقراطية .. !! وهل يمكن ان يكون في
اعـتـقادهم وهم يؤيدون ذلك العدوان الهمجي بان أمريكا وبريطانيا وفرنسا واسرائيل
.. أو حـتى المملكة العـربية السعـودية وقطر تهمهم جميعا مشكلة الاستبداد ، وأنهم جميعا
يؤيدون ما يحدث انتصارا للديمقراطية .. !! وان كانوا لا يعتقدون ذلك ، فلماذا
يؤيدون العدوان اذن ..؟؟ ان المتأمل في تطورات الاحداث على المستوى القومي يدرك
لماذا يعمل الاخوان جاهدين لاسقاط النظام في سوريا ، ولماذا بادروا قـبـل جميع
الاطراف بقطع العلاقات الديبلوماسية معها .. انه مخطط التنظيم العالمي للاخوان
المسلمين بالتحالف مع الانظمة العـربية الرجعـية والقوى المهيمنة في العالم .. لان
التنظيمات المحلية للاخوان في كل قطر لا تتخذ مواقف استراتيجية ولا تبني تحالفات
اقليمية ودولية دون الرجوع الى التنظيم الام .. ولعل ما حدث خلال أزمة الاخوان
الاخيـرة في مصر بعد ثورة 30 يناير أظهر بشكل واضح و جلي طبيعة العلاقة بين الاصل
والفروع .. حيث وقع الاستنفار داخل التنظيم العالمي بدعوته لاجتماعـيـن عاجلين
متتاليين في تركيا لمواجهة الازمة التي أفقدتهم أحد أهم مواقعهم في العالم ، في
الوقت الذي كانوا يطمحون فيه الى تعـزيزها ، لتمتد من تونس غربا الى سوريا وتركيا
شرقا .. !!
وقد كان يمكن ان يكون التايـيـد عاديا ، لوأن كل ما حدث كان يجري بطريقة عفوية .. ولو لا وجود القوى المتأهّـبة والمتربصة ، التي تعمل دائما على استثمار ما يجري ليكون لصالحها ، وهواسلوب معروف تتبعه القوى العظمى التي لا يعـقـل ان ترى تغـيـرات جوهـرية تحدث في مناطق نفوذها ولا تحرّك ساكنا تجاهها ..
وقد كان يمكن ان يكون التايـيـد عاديا ، لوأن كل ما حدث كان يجري بطريقة عفوية .. ولو لا وجود القوى المتأهّـبة والمتربصة ، التي تعمل دائما على استثمار ما يجري ليكون لصالحها ، وهواسلوب معروف تتبعه القوى العظمى التي لا يعـقـل ان ترى تغـيـرات جوهـرية تحدث في مناطق نفوذها ولا تحرّك ساكنا تجاهها ..
ثم ان ذلك التاييد كان يمكن أن
يكون عاديا لو أن الاخوان كانوا من مؤيدي الثورات أصلا .. وهم من اختفى تماما عن
الحراك الثوري عندما انطلق من تونس ، فلم يشاهد عامة الشعب ولو رمزا واحدا من
رموزهم يتقدم المسيرات والاحتجاجات .. !! وهم ايضا من أصدر تلك المطالب العشرة
الموجهة للنظام في مصر لتجنب الثورة الشعبية قبل اسبوع واحد من انطلاقها .. !!
لا شك ان الثورة في تونس كانت
عفوية الى ابعد الحدود ، لكن المسائل لم تتطور على نفس هذا المنوال في ما جرى من
أحداث لاحقة .. فعـندما بدأ تأثير تلك الثورة الحقيقية يصل مداه من تونس الى مصر
واليمن .. وأصبح ينذر بتعاظم ذلك الاثر ، وجدنا كل الاطراف جاهـزة تقريبا لركوب
الموجة .. !! وقد بدأ ذلك الركوب فعلا من ليبيا التي نضجت فيها كل الطبخات ..
واكتمل فيها المخطط و توزعت منها الادوار .. فكان النظام القطري هو عـراب الثورات
مستعملا أمضى الاسلحة وأعظمها اثرا ، وهي متمثلة أولا في المال ، وثانيا في
الاعلام من خلال قـناة الجزيرة ، وثالثا في الدين من خلال الشيخ القرضاوي رئيس
" الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين " ..
وكان النظام السعودي بدوره المعهود
منذ الخمسينات ، المدافع دوما عن مصالحه المرتبطة بالغـرب ، والذي أصبح يتنافس في
لعب الادوار مع النظام القطري ، لا يفرط بدوره في استعمال اسلحته التي يمتلكها
لافشال الثورات والانحراف بها عـن مسارها ، من خلال شبكة العلاقات التي تربط
رجالاته الاثرياء بالغـرب ، ومن خلال شبكات الارهاب التي يديرونها و يدعمونها في
عدة مواقع من العالم أهمها افغانستان والعـراق ولبنان .. هذا فضلا عن دور الدولتين
في توفير الحماية للفارين من تلك الانظمة المتهاوية .. وبالتالي فقد كان لابد
للاخوان المسلمين في كل من تونس ومصر ان يكونوا مرتبطين بهؤلاء ، و بمخططاتهم
باعتبار العلاقات التاريخـية التي ربطت مصالح التنظيم العالمي للاخوان المسلمين
منذ نشأته بتلك الانظمة .. ولعل ما عمّق ارتباطهم بتلك الدول والاحلاف ، هوالتقاء
المصالح التي جعلت ما يحدث أشبه بالحلم بالنسبة للاخوان المسلمين و بقية الحركات
الدينية ، حيث وجدوا أنفسهم في وضع يقودهم فـيه حلف النيتو لتسلم عرش ليبيا !!..
بل ان الامر لم يتوقف عند ذلك الحد ، اذ ان الاحداث لم تكد تنته في ليبيا حتى
وجدوا أنظمة الخليج تدفعهم لركوب الموجة في سوريا أين بدأ الترويج اعلاميا "
للثورة " ، التي ستمكـنهم في النهاية من استلام عرش سوريا .. !!
وفي مثل هذه الظروف دخل الاخوان المسلمون في المخططات الجهنمية المعادية للامة من بابها الكبير .. اذ سرعان ما سقطت الاقـنعة حين أصبح ما يجري لا يحتاج الى توضيح .. وعرف العام والخاص ان ما حصل في ليبيا و سوريا لم يكن أبدا على الطريقة العفـوية التي حصلت في تونس ومصر .. بل هو سيناريو محكم الاخراج وقع الاعداد له بعـناية ، فالتـفـّـت حوله العديد من القوى المتربّصة التي وجدت في موجة الثورات فرصة سانحة لتصفية حساباتها القديمة مع تلك الأنظمة ليس على اساس سياساتها الداخلية كما وقع الترويج الاعلامي ، بل على اساس سياساتها الخارجية الرافضة لمشاريع التسوية والهـيمنة والتدخل في شؤونها .. فكان اتفاقا مسبقا ومؤامرة حصلت بين تلك الحركات المسلحة المتأهبة لتنفيذ مخطتها ، والدول المعادية لسوريا التي التقطت بدورها تلك اللحظات التاريخية منذ حدوثها في تونس و مصر ، و باتت تخطط لتحقيق أهدافها .. ولعل ما جرى من تصفية للثورة اليمنية و لثورة البحرين في الجانب الآخر ، خير دليل على التلاعب الذي كان يحدث لتزييف الواقع .
ان الاخوان الذين اصبحوا يتطلعون للعب دور هام في المنطقة بفضل ما وجدوه من تاييد خارجي ، جعلهم يطمحون الى السلطة في أكثر من قطر .. فلماذا لا تكون سوريا بعد تونس ومصر وليبيا والسودان وفلسطين ..؟ لذلك بادر الاخوان في تونس سريعا بدعم ما حدث في سوريا ، باتخاذهم قرار قطع العلاقات ، واحتضان مؤتمر اصدقاء سوريا ، والمشاركة لاحقا في كل المؤتمرات والمؤامرات التي أصبحت تقودها قطر بالوكالة عن أعداء الامة .. وقد انخرط الاخوان في مصر في نفس اللعبة ، حتى وصلوا الى ما هو اسوء ، و هو التحريض العلني على الذهاب الى سوريا ، و الدخول في حرب معلنة على الشيعة ، لا علاقة لها بالحرية ، أو بالديمقراطية في سوريا .. ولعلهم أصبحوا ينافسون الآخرين في تنظيم المؤتمرات عندما نظموا مؤتمرين متتاليين في مصر قبل سقوطهم موفى شهر جوان سنة 2013 ، الاول سُـمّي " مؤتمر علماء الامة " ، والثاني " مؤتمر الامة المصرية لدعم الثورة السورية " اللذان ظهر فـيهما التحريض علنا والتجـيـيـش ضد سوريا بعد ان اصـيـبوا بالصدمة من تحرير مدينة القصير .. وهكذا نسي الاخوان في كل من مصر و تونس أنهم على رأس سلطة مؤقـتة مهمّـتها التاسيس للمرحلة القادمة ، فراحوا يبحثون عن دور أكبر منهم ، ويحلمون بالامبراطورية الاخوانية التي ستـؤسّسها لهم قطر والسعودية بالتعاون مع حلف النيتو .. !! لذلك انساقوا وراء الاوهام ونسوا طبيعة المرحلة التي تتطلب مواجهة الواقع في الداخل والانكباب على حل المشاكل المستعجلة للمواطن الذي ظل ينتظر الحلول العاجلة .. فكانت الكارثة بالنسبة لهم في مصر حين اسقطهم الشعب بثورة شعبية بعد سنة واحدة من الحكم .. وحين بات الناخبون في تونس يعضون أصابعهم كل يوم ندما على التصويت لهم في الانتخابات ..غيرأنهم لا شك سيضيفون الى رصيدهم دورهم البارز في عودة الازلام الثوريـيـن !.
وفي مثل هذه الظروف دخل الاخوان المسلمون في المخططات الجهنمية المعادية للامة من بابها الكبير .. اذ سرعان ما سقطت الاقـنعة حين أصبح ما يجري لا يحتاج الى توضيح .. وعرف العام والخاص ان ما حصل في ليبيا و سوريا لم يكن أبدا على الطريقة العفـوية التي حصلت في تونس ومصر .. بل هو سيناريو محكم الاخراج وقع الاعداد له بعـناية ، فالتـفـّـت حوله العديد من القوى المتربّصة التي وجدت في موجة الثورات فرصة سانحة لتصفية حساباتها القديمة مع تلك الأنظمة ليس على اساس سياساتها الداخلية كما وقع الترويج الاعلامي ، بل على اساس سياساتها الخارجية الرافضة لمشاريع التسوية والهـيمنة والتدخل في شؤونها .. فكان اتفاقا مسبقا ومؤامرة حصلت بين تلك الحركات المسلحة المتأهبة لتنفيذ مخطتها ، والدول المعادية لسوريا التي التقطت بدورها تلك اللحظات التاريخية منذ حدوثها في تونس و مصر ، و باتت تخطط لتحقيق أهدافها .. ولعل ما جرى من تصفية للثورة اليمنية و لثورة البحرين في الجانب الآخر ، خير دليل على التلاعب الذي كان يحدث لتزييف الواقع .
ان الاخوان الذين اصبحوا يتطلعون للعب دور هام في المنطقة بفضل ما وجدوه من تاييد خارجي ، جعلهم يطمحون الى السلطة في أكثر من قطر .. فلماذا لا تكون سوريا بعد تونس ومصر وليبيا والسودان وفلسطين ..؟ لذلك بادر الاخوان في تونس سريعا بدعم ما حدث في سوريا ، باتخاذهم قرار قطع العلاقات ، واحتضان مؤتمر اصدقاء سوريا ، والمشاركة لاحقا في كل المؤتمرات والمؤامرات التي أصبحت تقودها قطر بالوكالة عن أعداء الامة .. وقد انخرط الاخوان في مصر في نفس اللعبة ، حتى وصلوا الى ما هو اسوء ، و هو التحريض العلني على الذهاب الى سوريا ، و الدخول في حرب معلنة على الشيعة ، لا علاقة لها بالحرية ، أو بالديمقراطية في سوريا .. ولعلهم أصبحوا ينافسون الآخرين في تنظيم المؤتمرات عندما نظموا مؤتمرين متتاليين في مصر قبل سقوطهم موفى شهر جوان سنة 2013 ، الاول سُـمّي " مؤتمر علماء الامة " ، والثاني " مؤتمر الامة المصرية لدعم الثورة السورية " اللذان ظهر فـيهما التحريض علنا والتجـيـيـش ضد سوريا بعد ان اصـيـبوا بالصدمة من تحرير مدينة القصير .. وهكذا نسي الاخوان في كل من مصر و تونس أنهم على رأس سلطة مؤقـتة مهمّـتها التاسيس للمرحلة القادمة ، فراحوا يبحثون عن دور أكبر منهم ، ويحلمون بالامبراطورية الاخوانية التي ستـؤسّسها لهم قطر والسعودية بالتعاون مع حلف النيتو .. !! لذلك انساقوا وراء الاوهام ونسوا طبيعة المرحلة التي تتطلب مواجهة الواقع في الداخل والانكباب على حل المشاكل المستعجلة للمواطن الذي ظل ينتظر الحلول العاجلة .. فكانت الكارثة بالنسبة لهم في مصر حين اسقطهم الشعب بثورة شعبية بعد سنة واحدة من الحكم .. وحين بات الناخبون في تونس يعضون أصابعهم كل يوم ندما على التصويت لهم في الانتخابات ..غيرأنهم لا شك سيضيفون الى رصيدهم دورهم البارز في عودة الازلام الثوريـيـن !.
(3) .
ان الاخوان المسلمين كحركة ذات مرجعـية فكرية أصولية ،
تعتمد على قراءة محددة للواقع وتطرح من خلال تصورها للمستقبل حلولا تعتقد انها
الصحيحة ، فتعمل مثل غيرها على تحقيقها بالاسلوب الذي تراه .. وقد اختارت منذ
نشأتها موالاة الحكام ( اولي الامر ) ، ثم اتباع النهج الاصلاحي الخ .. غير أن
الحركة لما طال بها المدى ، والتقلبات في اللعـبة مع الانظمة ، ظهرت من رحمها
مجموعات متشددة ذات مرجعـيات متطرفة ، أحادية التفكير ، لا تؤمن بالاختلاف ولا
بالتعايش ، ثم نزعت نزوعا جارفا نحو العنف الذي طغى عليه خطاب التكـفـيـر، والذي بدى
في الوهلة الاولى وكأنه موجه ضد الغـرب باعـتبار مخالفـتهم للاسلام أولا ،
وباعتبار مواقفهم وأفعالهم العدوانية تجاه العرب والمسلمين ثانيا .. غير أنه سرعان
ما اتضح انه خطاب موجه ضد كل المخالفـيـن دون تمييـز أو استـثـناء .. ولما كان
المتشددون يبنون اعتقادهم على مسلمة اتخذوها من جهة " تقيـيمهم " لكون
" الدين في خطر " وأن عقيدتهم الدينية كما " آمنوا " بها تفرض
عليهم الدفاع عن دينهم ، و" حمايته " ، و" نصرته " الى آخر
هذا الكلام ... فان دورهم يصبح دورالوصي الذي يحقّ له " شرعا " - كما
يعتقدون - الدفاع عن الدين اذا رأى مصلحة في ذلك ، و بأي طريقة ، لان تلك الغاية -
" لا شك " - تبرر أي وسيلة .. غير أن المشكل يصبح وقتها في الاعتقاد
السائد لدى هؤلاء بان كل من يخالف رأيهم المستمدّ - في نظرهم - من المقدس هو أيضا
مخالف للمقدس !! .. لذلك فهم لا يترددون في اصدار " الفتاوي " وفق ما
يتفق مع المصالح التي يتولون تقديرها ، ثم يختارون لها الاسلوب الذي يرونه مناسبا
، حتى وان كان يُـلحق ضررا بالخاصة أوبالعامة .. طالما أنه من أجل الدين .. !!
وهوما يفسر الاقدام على القـتـل عند المتشددين لان العمل على" نصرة الدين
" بتلك الطريقة ( القتل ) هو عمل جائز ، " يتقرّب " به فاعله الى
الله .. !!
وواضح أن الدين بهذا المعـنى قد اصبح ملكا لمن يدعـيه ..
! فيحق له ان يشرّع لنفسه وللمجتمع ما يعتقد أنه الدين .. ثم يفرضه غصبا على
الآخرين وفق تقديره للحق والباطل ، والخير والشر ، والصواب والخطأ .. خارج أي مقياس
موضوعي ، أو معـرفي ، ودون أي ترجيح للنسبية التي تحف بهذه المسائل الخطيـرة .
والواقع فانها افكار لا اساس ولا وجود لها في ديننا اذ
ان جوهـر الدين ومقاصده جاءت بالاساس للمحافظة على سلامة المجتمع واسعاد الناس فيه
.. ولعل اللافت للانتباه ان تلك المجموعات – بحكم مواقفها المتشدة - كانت في
السابق في صراع دائم مع الانظمة الحاكمة المسماة " علمانية " .. الا ان
الجديد اليوم هو وجود الاخوان المسلمين في السلطة كما هو حاصل في تونس .. الى جانب
وجودهم في مجتمع مدني يشدد عليهم التمسك بالسلطة المدنية ، مما جعلهم بين مطرقة المعارضة
والمجتمع المدني المحلي والعالمي ، الذي يترصد مواقفهم وتصريحاتهم ذات الصلة
بالحريات الشخصية والديمقراطية وحقوق الانسان .. وبين سندان الحركات المتشددة وبعض
الانصار الذين يطالبون الحركة بعدم الانسياق وراء " العلمانيين " كما
يحلو لهم تسميتهم .. وهو ما أجبرها على المناورة والظهور أحيانا بخطاب مزدوج موجه
لهذا وذاك .. !
ورغم ان حركة الاخوان قد حاولت كـبح جماح الحركات
المتشددة من خلال التفاهمات التي أجرتها معهم في عدة لقاءات ، الا أن تلك
المجموعات المتخوّفة من رجوع " العلمانيين " على راس السلطة في المرحلة القادمة
، استعجلت أمرها ، وكثـفت من النشاط الدعـوي .. وفي نفس الوقت شرعت في تجميع
السلاح في مخازن خاصة في أكثر من موقع .. وهو ما أحرج الاخوان في النهاية وأدخل في
صفوفهم الارتباك ..
وقد اقتضى الامر مرور سنـتـين كاملـتـين من التـلاعـب
واخفاء الحقائق على الشعـب حتى نمت الظاهـرة وترعـرعت بين تونس وليبيا وسوريا
ومالي من جهة ، وبين عصابات الداخل المتورطة بدورها في التهريب وتبـيـيض الاموال
مستـغـلة كل الظـروف لخدمة مصالحها على حساب المصالح الوطنية .. حتى أصبح جميع
هؤلاء كالافـعى متعـدّدة الـرّؤوس في خطـورتها وقدرتها على تحمل الضربات .. الشيئ
الذي أضرّ بالاخوان أكثر من غـيـرهم حـين تحوّل الهـزل الى الجد ، و بدأت
الاغـتـيـالات والاعـتـداءات تظهـر متـزامنة مع الازمات !!
( نشرية القدس الأعداد 98 ـ 99 100 ) .
ثوابت الحركة القومية ..
ثوابت الحركة القومية ..
شهدت الحركة
القومية خلال النصف الثاني من القرن العشرين نشاطا فكريا واسعا ومعمقا ، شغل
العديد من المفكرين القوميين والنشطاء السياسيين ، وشمل العديد من الجوانب الفكرية
والسياسية بالنقد الموضوعي للتجارب السابقة ، مع ما يلزم من مراجعات ، لتجاوز النقص
والقصور الفكري الذي صاحب مرحلة التاسيس للتجربة القومية في الخمسينات .. وقد كان
ذلك ثمرة لوعي الحركة القـومية بدورها الريادي، وشعورا منها بالمسؤولية ، واستجابة
لتحديات المرحلة التي تشهد حالة من التردي والضعـف بسبب الهجمة الشرسة المنظمة
التي تتعـرض لها الامة العـربية من عدة أطراف ..
ورغم كل الشدائد
والمحن التي واجهت الحركة القومية خلال تاريخها المشرق بالبطولات والتضحيات ، ورغم
الانتكاسات التي تعـرضت لها ، فانها ظلت في طليعة القوى المناضلة التي تدافع عن
الامة حتى هذه اللحظة .. وليست الهجمات على العـراق وليبيا وسوريا الا تصفية
حسابات قديمة لا تزال مستمرة الى الآن ..
وقد كانت تلك
المعارك التي خاضتها الحركة القومية فكريا وسياسيا وعسكريا وما صاحـبها من النقد والمراجعة
، عوامل مهمة ساعدت على بلورة مبادئها
الاساسية وأهدافها في بناء مشروعها التحرري الوحدوي الاشتراكي المرتبط بالعقيدة الاسلامية
بأبعادها الدينية والحضارية .. كمشروع حضاري يستجيب للمتغيرات الظرفية في وسائله
واساليبه لكنه يرتكز اساسا على جملة من الثوابت التي أكّدتها كل التجارب القومية ،
والتي يجب ان يلتـفّ حولها كل القوميين مهما اختـلفوا في التفاصيل والاساليب ، حتى
يكونوا صفا واحدا في الدفاع عن أمتهم ضد كل من يفكر في المساس بأمنها ووحدتها
وسلامة مقدراتها :
* ففي جانب العقيدة لا يختلف القوميون حول حرية
العقـيدة والتدين كـمبدأ ثابت في جميع الاديان ، غير أن الاسلام يبقى دين الاغلبية
في المجتمع .. وأن حضارتهم هي الحضارة العـربية الاسلامية التي نشأت في ظل هذا
الدين الحنيف من خلال التعايش الذي نشأ بين مكونات الامة طوال قـرون من التفاعل والتواصل
بلغة القرآن حتى جعل منهم أمة واحدة ..
* وفي جانب الحرية : ترفض الحركة القومية كل
ما يمس من قـريـب أو من بعـيد بأمن أمتها
أرضا وشعـبا ، ولذلك نجـدها تتصدى منذ
نشأتها للاستيطان والاستعمار بجميع مظاهـره : ( احتلال ، قواعد عسكرية ، تدخل أجنبي ، تبعـية اقتصادية واملاءات الخ .. ) ، وهو ما
يجعلها في كـثـيـر من الاحـيان تتصادم مع الحـركات السياسية في الداخل والانظمة
التي تـتوخى هذه الاساليـب لتجـرّ الامة وتوقعها في فخ التبعـية والهـيـمنة ..
وهي تعـمل سياسيا على تحقيق
الديمقراطية الحقيقية في دولة مدنية تحكمها قوانين عادلة لا تتناقض مع ثوابت
المجتمع الدينية والحضارية و تتماشى مع متطـلبات عصرها ، وهي خطوات لا تتحقق دون
القضاء على الخوف داخل كل فـرد في المجـتـمع حـتى يتحقـق الابداع الانساني بواسطة
التـفـكـيـرالحـر، ويتحقق التعايش عـن طـريق المشاركة الواعـية بين الناس ، ليتحقق
في النهاية الاستقـرار والنهوض بالمجتمع ..
* وفي جانب وحدة الوجود القومي : ترفض الحركة
القومية كل ما يمس من وحدة الامة وتعـتبـره عدوانا عليها مهما كان اسلوبه ، وهي
ترفض كل ما حصل من احتلال أو اقـتـطاع لأجزاء من الارض العربية كما هوالحال في فلسطين والعراق والجزر الاماراتية والاحواز
ولواء الاسكندرون وجزر سبتة و مليلة المغـربية .. أو بواسطة مخططات التجزئة
والتفتيت لما هو مجزء أصلا كما حصل في السودان ، وكما يجري الاعداد له في العـراق
وسوريا ولبنان .. ولذلك فهي تعمل بكل طاقاتها على تدعيم كل ما يعـيد وحدة الامة
وتقاوم في نفس الوقت كل ما يعـيق ذلك الهدف .
* وفي الجانب الاقتصادي : فان الاشتراكية
نظامها الذي تسعـى من خلاله لتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية بكل ابعادها السياسية
والاقتصادية حيث لا يقع تحرير الارادة الانسانية دون القضاء على الاستغـلال بجميع
مظاهـره الذي هو مبدأ الهي وشرعي في ديننا .. كما لا يمكن الحديث عن المساواة بين
الناس دون توزيع عادل للثروات بين الافراد والجهات .. ودون ضمان لحق الشغل ،
وتوفير للضروريات من مأكل وملبس ودواء وحاجيات فكرية وثقافية كحد أدنى لتحقيق
الكرامة للانسان ..
وأخيرا لا بد من
التاكيد على أن هذه المبادئ لا يمكن أن تتجزء ، حيث لا يمكن ان تتحقق الحرية في ظل
التبعـية ، ولا الديمقراطية في ظل الاستغـلال ، ولا العدالة والتقدم في ظل التجزئة
والعـبودية ..
( نشرية القدس عدد 98 ) .
الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013
الاثنين، 11 نوفمبر 2013
الديمقراطية في الميزان ..
الديمقراطية في الميزان
..
قد لا تختلف الديمقراطية شكلا لكنها تختف عادة من حيث المضمون حسب المدارس
الفكرية والسياسية ، وحسب المرجعـية الدينية والثقافية التي تصل أحيانا حد الانكار .. لكن الديمقراطية
في معناها الواسع في المدارس الليبرالية الغربية تنحصر في مجموعة من الآليات التي
يقع تطبيقها في الممارسة السياسية لتمكين الشعـب من حل مشاكله بطريقة سلمية من
خلال التصويت الفردي المباشر الذي يمكّن الناخبين من اختيار من يمثلهم في تحقيق
ارادتهم الكاملة أو الجزئية ، طبقا لمدى التزام هؤلاء بوعودهم التي وعدوا بها
الناخبين ..
والواقع فان الممارسة الديمقراطية اذا نظرنا اليها في المجتمعات المتقدمة
والمتخلفة ، نفهم لمذا تختلف الحصيلة النهائية في كل منهما من حيث آثارها السلبية او الايجابية على
المجتمع ، بما يجعل الفارق تقريبا مساو لنفس القدر الذي يحدد المسافة بين التقدم
والتخلف ..
اذ ان في المجتمعات المتقدمة فكريا
واقتصاديا واجتماعيا ، تنعكس تلك الجوانب ايجابيا على ممارسة الافراد للديمقراطية
، وعلى اسلوب التفاعل الايجابي للقوى السياسية معهم على اساس وعيهم .. فيتحقق تبعا
لذلك – و لو ظاهريا – التوافق النسبي بين الارادة الشعبية والارادة السياسية ..
اما في المجتمعات المتخلفة مثل مجتمعاتنا ، فان التخلف بجميع جوانبه يُنشئ
بالضرورة تخلفا في الممارسة الديمقراطية .. فـتـزيد تلك الحصيلة الموضوعية شعوبنا
عبءا على أعبائها .. حتى اذا ابتليت " ديمقراطيا " بقوى سياسية متخلفة
لا تؤمن بالمضامين الديمقراطية بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية
والعلمية التي تحتاحها مجتمعاتنا ، فانها تعود بالممارسة الديمقراطية الى الخلف ،
وهي توهم الناس بارساء قواعد الديمقراطية ، على غرار ما حصل في تونس و مصر ..
وفي النهاية اننا عندما نتأمل التضحيات الجسيمة والصراعات العـنيفة التي
خاضتها الشعوب المتقدمة على مدى أجيال ، وما قدمته من أثمان باهضة للوصول الى ما
وصلت اليه ، نتأكد فعلا ان الديمقراطية لا تباع ولا تشترى ولا تهدى .. وانها لا
تكون ذات أثر ايجابي في المجتمع الا اذا كانت صناعة محلية أولا وأخيرا حتى تشمل كل
مناحي الحياة ، وهو ما ينذر بان يكون ذلك المسعـى – عـندنا – بعـيد المنال في
المستقـبـل المنظـور ، ومع ذلك فان السير الى الامام يبدأ دائما بخطوة ..
( القدس
عدد 97 ) .
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)