بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 25 نوفمبر 2013

من المعارضة .. الى التغـيـيـر..

من المعارضة .. الى التغـيـيـر..

التغيير مطلب  شعـبي مشروع تسعى الجماهير لتحقيقه كلما حاد الحاكم – بحسن أو بسؤء نية – عن تحقيق المصلحة العامة ، أو اذا حاد عن العدل والمساواة بين الناس ، او اذا عجز عن حل مشاكلهم .. ولنا في التاريخ أمثلة وعبر أهمها وأكثرها تأثيرا في حياة المسلمين منذ عهد الصحابة الى اليوم ، وهو الصراع في عهد الخليفة عثمان رضي الله عنه .. وقد جاء في كتاب الدكتور محمد عمارة  " الاسلام و حقوق الانسان " سردا  لبعض الوقائع والتفاصيل لما جرى في ذلك الوقت بين خيرة الصحابة رضوان الله عليهم ، واسلوب معارضتهم للحكم :
"... وعندما حدثت في السنوات الاخيرة من عهد عثمان الاحداث التي أغضبت غالبية المسلمين ، كانت هيئة " المهاجرين الاولين " في مقدمة المحرّضين على الخروج على عثمان .. لقد مارست المعارضة كما يمارس الحزب السياسي ، و سعت الى استرداد سلطتها عندما رأت أن بني أمية قد غلبوها عليها بسيطرتهم على جهاز دولة الخليفة الثالث عثمان بن عفان !..
وبن قتيبة يذكر أن الرسالة التي خرجت من المدينة الى الامصار ، تدعو الثوار للقدوم للعاصمة ، والخروج على عثمان ، قد خرجت باسم هذه الهيئة .. و نصها : " بسم الله الرحمان الرحيم . من المهاجرين الاولين ، وبقية الشورى ، الى من بمصر من الصحابة و التابعين .. أن تعالوا الينا ، و تداركوا خلافة رسول الله قبل أن يسلبها أهلها ، فان كتاب الله قد بُدّل و سنة نبيه قد غُيرت ، و أحكام الخليفتين قد بُدّلت ، فننشد الله من قرأ كتابنا من بقية أصحاب رسول الله و التابعـين باحسان ، الا أقبل الينا ، وأخذ الحق لنا و أعطاناه ، فأقبلوا الينا ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، وأقيموا الحق على المنهاج الواضح الذي فارقتم عليه الخلفاء . غُـلبنا على حقنا ، واستُولى على فيئنا ، و حيل بيننا وبين أمرنا ، وكانت الخلافة بعد نبينا نبوة ورحمة ، وهي اليوم ملكا عضودا . من غلب على شيئ أكله .. "
فنحن هنا ازاء بيان سياسي ، أصدرته هيئة سياسية ، ذات اختصاصات دستورية وسلطات وحقوق ، عندما رأت أن خروجا قد حدث عن العـرف ، واعتداء قد تم على ما تملك من سلطات وحقوق .. " ( انتهى ) .
 لا شك ان هذه الوقائع تثير كثيرا من الحيرة في فهم ما حدث ، خاصة اذا علمنا ان تلك الخلافات التي وقعت هي التي أدت فيما بعد الى الصراعات والفتن التي حدثت بين المسلمين ، وراح ضحيتها كل من الخليفة الثالث عثمان و الخليفة الرابع علي بن ابي طالب رضي لله عنهما ، وعشرات الآلاف من الصحابة والتابعين وأحفاد الرسول صلى الله عليه وسلم .. وهي احداث أليمة بكل المقاييس أثرت في كل العصور ، ولا يزال تأثيرها متواصلا الى الآن .. 
ولعل سبب الحيرة يكون وجـيها بالنظر الى دموية الاحداث التي وقعت بين جموع غفيرة من خيرة الصحابة والتابعـيـن الذين اختلفوا فاقـتـتـلوا ثم افـتـرقوا افـتـراقا حادا أحدث شرخا وانقساما وتصدّعا في صفوف المسلمين لا يزال مستمرا ، ليس بسبب خلاف حول اصول الدين والعـقـيدة ، بل من جراء الاحكام المتشددة المتعلقة بالحكم والسياسة .. الواردة في تلك الرسالة التحريضية التي نقـلها الدكتور محمد عمارة وهو يستشهد بها في سياق دفاعه عن مشروعـية المعارضة في الاسلام دون النظر في اسلوبها ..


( نشرية القدس ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق