بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 17 نوفمبر 2013

الاخوان في فخ السلطة ( 1 ) ..

الاخوان في فخ السلطة ( 1 ) ..


ان حركة مثل حركة الاخوان المسلمين لم تكن من الحركات التي تؤمن بالتغـيـيـر الجذري عن طريق العمل الثوري .. واننا لو تأملنا جميع ادبيات الاخوان المُعـتـمدة بينهم ، الى جانب خطابهم السياسي الموجه للناس ، سوف لن نجد جملة واحدة تتحدث عن الثورة على امتداد الوطـن العربي ، أو عدم الاعـتراف بشرعـية أي نظام قانوني قائم ، والسعي لاسقاطه ... وهو أمر واضح في نهجها الاصلاحي على مدى أكثر من ثمانين عام منذ نشأتها الاولى في مصر سنة 1928 ، والذي تتوخى فيه اسلوب الاصلاح من الداخل بعد الاعـتراف بالانظمة ( أولي الامر ) بكل سلبياتها التي عرفها المواطن العربي ، وبكل عمالتها وخياناتها .. وعلى هذ الاساس تبدأ لعـبـتها معها كقوى موالية ، متحالفة مع السلطة الحاكمة ، تبارك ما يقوم به النظام القائم ، أو كمعارضة شكلية تسعى لنيل موقعها من خلال الفوز ببعض المقاعد في البرلمان .. و لعل وجود الاخوان المسلمين منذ عقود ودورهم في البرلمانات العربية البائسة مثل الاردن ومصر والمغرب والسودان و دول الخليج ، خير دليل على صحة هذا القول ..ثم ان الاخوان – و بالنظر الى طبيعـتهم الاصلاحية تلك - لم يكن يخطـر ببالهم ولا في تصورهم ان الثورة يمكن أن تحدث ، كما حدثت في تونس ، لذلك لم يكلفـوا أنفسهم عناء المشاركة فـيها .. وحتى عند انتقال الحراك الشعـبي الى مصر ، كانت الجماعة تعـبـر عن تردّدها وتذبذب مواقفها .. حيث نشرت الحركة يوم 19 ينايـرعلى موقعها " اخوان اون لاين" ، اقصى ما توصلت اليه من تقديرات للمرحلة ، صاغـتها في وثيقة موجهة للنظام في شكل نصائح لتجـنب ما حدث في تونس تحت عـنوان " 10 مطالب لتجـنب الثورة الشعـبية ".. وقد ورد في المطلب العاشر قولهم : " يـؤكـد الاخوان المسلمون أنهم جزء لا يتجـزأ من المجتمع ، ولا يطلبون الا ما يطالب به كل أفراد الشعـب ، ولا يريدون سوى الاصلاح والتغـيـيـر السلمي للاوضاع الخاطـئة والعمل على استقـرار الامن والأمان لهذا الوطن ، ولكن اذا استمر الحال على ما هو عليه فلا يستبعد حدوث ثورة شعـبـيـة ، و كما قال الامام البنا : " ليست من صنعـنا " ، ولكن لا نستطيع ان نمنعها .. " 
هذا هو موقف الاخوان مما كان يجري في مصر قبل ثورة 25 يناير باسبوع عـبروا عـنه بكل وضوح ، وعـبروا به كذلك عن موقـفهم من الحراك الثوري الذي هو " ليس من صنعهم " كما يقول امامهم .. غير أنهم وجدوا سيلا هادرا من الجماهير في الشارع ترفع منذ اليوم الاول ذلك الشعار الذي انطلق من تونس : " الشعـب يريد اسقاط النظام " فلم يجدوا بدا من النزول الى الشارع مع المحافظة على شعـرة معاوية مع النظام المتهاوي حين دخلوا في مفاوظات معه في الايام الاخيرة من سقوطه .. !!وقد كان يمكن ان يكون ذلك عاديا كما هو الشأن بالنسبة للعديد من الحركات الاخرى التي تتقاطع معها في هذا الاسلوب ، لو لا انقلابها على المعارضة والشعـب أولا ، بعد صعودها الى هرم السلطة في كل من مصر وتونس ، فباتت تسعى للانفراد بالحكم والسيطـرة على مؤسسات الدولة ، في غياب أي سند قانوني ، بحكم غياب الدستور الذي يحدّد العلاقات داخل الدولة ، وكيفية ادارتها .. ولو لا انحيازها المكشوف لمصالحها الحزبية ثانيا ، بتقديم الامتيازات للموالين دون غيرهم من المستحقـين من ابناء الشعب .. فضلا عن منحها الحماية للحركات المتشددة ، والتستر على ما تفعله رغم ما تقع فيه من تجاوزات .. ثم اصطفافهم وراء قطـر ودول الخليج ..
والواقع فان أثر التحالفات قد بدأ يظهر في كل من تونس ومصر منذ نجاح الثورتين ، من خلال ما يلقونه من دعم مادي و اعلامي من طرف حلفاؤهم التقليديين الذين لم يدخروا جهدا في الترويج للمشروع الاخواني ، وهو الذي نما و ترعـرع بين احضانهم ، وبالتالي فهو البديل الجاهـز للاعتماد عليه ، والاطمئنان له في اظهار الولاء ، وعدم التنكر لأولياء النعمة .. !! وهو ما حدث فعلا .. حين اصبح الاخوان في السلطة في أكثر من موقع ..
وفي ظل هذا الوضع وفي غمرة الاحساس بنشوة الانتصار ، ظهر جليا الشعور بالغـرور من خلال خطاب الاستعلاء الذي واجه به الاخوان خصومهم ، بعد الانتخابات سواء في مصر أو في تونس ، حتى تحول الى شماتة .. ثم وقعت ترجمته الى سلوك انعـزالي يهدف الى السيطـرة التامة على السلطة من خلال ما عُـرف بأخونة الدولة .. 
الواضح ان ما اصبح يحركهم هو هاجس الطوق الممتد من سوريا و تركيا شرقا الى تونس غربا ، مرورا بفلسطين ومصر والسودان وليبيا ، والبقية تأتي .. غير أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن ، فالاخوان الذين راهنوا على الحلول الاصلاحية ، ولم يفكـروا منذ نشأتهم بعـقـلية الثورة ، لم يفهموا ان الحراك الثوري في تونس ومصر غير الذي حدث في ليبيا وسوريا .. ولما كانوا هم في الصورة في جميع تلك المواقع ، كان لا بد ان يسقطوا حيثما وجدوا خطأ .. فكانت البداية من مصر، لكن السقوط سوف لن يتوقف هناك .. وقد تكون تونس هي المحطة الآتية ، أو غيرها..
ولعل المتتبع لما يجري في تونس بالخصوص يلاحظ بسهولة محاولات الاخوان لاخـتـزال مفهوم النجاح في الحفاظ على الحكومة ، واظهار عجـز المعارضة على اسقاطها .. أي انهم يعملون جاهدين على تحويل ذلك المنجـز الزائف الى نصر يستـرون به كل الفشل الذي عـرفـوه ، متـناسين أن السقوط الحقـيقي في النهاية لا يقاس بقوة المعارضة التي يمكن ان تفـرز أنظمة لا تقل انتهازية ، ولا تخـتـلف في عجـزها عن الاخوان .. وهو أيضا ليس باستمرار او بـزوال الحكومة المنـتهـية صلاحياتها أصلا بحكم انتهاء المرحلة الانتـقالية سواء بعد شهـر أو أكثر .. بل بسقوط مشروع الاخوان المسلمين برمته عـندما كشف الواقع جزءا هامة من زيف المقولات المتخـفـية وراء الدين ، وبسبب عجـزهم على تقـديم الحلول الصحيحة للواقع الذي لم يعد يقـبل مزيدا من الامتداد التـلـقائي في المستقـبل .. وكما يقول المثل " لقد وقـفـت الـزنقة للهارب .."

 ( القدس عدد 98 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق