بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 10 نوفمبر 2013

نظرة على التراث الفكري للدكتور عصمت سيف الدولة ( 1 ) ..

نظرة على التراث الفكري للدكتور عصمت سيف الدولة ( 1 ) .

لقد امضى الدكتور عصمت سيف الدولة رحمه الله أكثر من ربع قرن يحمل بداخله هموم الامة ومعاناتها ، لذلك  لم يدخر جهدا طوال تلك الفترة للمساهمة في تخليصها من أزماتها المتواصلة منذ قرون ، فكان انتاجه الفكري الغزير المتمثل في عشرات الكتب القيمة التي شملت كل جوانب الحياة خير دليل على هذا الاسهام .. اذ ان مشاكل الامة هي التي كانت تحركه و تحرّضه باستمرارعلى الكتابة ، وتوجّهه لتناول المواضيع ، كأصدق تعبير على انه لم يكن يكتب لاجل الكتابة بل مساهمة في خوض معارك أمته بالاسلحة التي كانت بحوزته ..
ولعل ابرز ما عُـرف به المفكر القومي المرحوم عصمت سيف الدولة تفكيره المنهجي الذي صاغه في سلسلة كتبه المعروفة بـ " نظرية الثورة العربية ".. وهذه مقتطفات مما كتبه الدكتور صفوت حاتم متحدثا عن منهجه " جدل الانسان " :
 لست أشك لحظة واحدة في أننا حين نحصد حصادنا ذات يوم لنلتمس بين سنابله وأعواده ” فلسفة عربية ” سيكون الدكتور عصمت سيف الدولة في كتابه ” أسس الاشتراكية العربية ” بين الطلائع القومية التي أسهمت في تكوين الفلسفة العربية المعاصرة   .
بهذه الكلمات المعبرة القوية تناول فيلسوف الوضعية المنطقية التي لا تحترم إلا الحقيقة العلمية الدكتور ” زكي نجيب محمود ” بالعرض والتحليل أفكار منهج جدل الإنسان الذي أبدعه المفكر القومي ” عصمت سيف  الدولة “.
منهج جدل الإنسان
أما المنهج الذي أبدعه ” الدكتور عصمت سيف الدولة ” وكان مدعاة لاعجاب فيلسوف الوضعية المنطقية ” زكي نجيب محمود ” ومئات المثقفين  فهو منهج ” جدل الإنسان   ..
وفكرة جدل الإنسان مبسطة تقوم على حكم استخلصه فيلسوفنا الراحل من التضاد القائم بين الفلسفة ” الجدلية المثالية ” التي أبدعها  الفيلسوف الألماني ” هيجل “   و الفلسفة ” الجدلية المادية “التي أبدعها ” كارل ماركس ” . الأولى تقصر التطور أو  “ الجدل  ” على الفكر الخالص  وحده . والثانية تقصر التطور على المادة وحدها . وعلى هذا فإن الدكتور عصمت سيف الدولة يعتبر أن كلاهما تقوم على فرضيات غير علمية ، لان الفلسفة المثالية تأخذ بأسبقية الفكر على المادة . والفلسفة المادية تأخذ بأسبقية المادة على الفكر ..
ويقرر عصمت سيف الدولة أن المادة والفكر لا توجد الا في الانسان ، و أن الطبيعة بدون الإنسان ليست ” متطورة ” بل هي ” متحولة ” من شكل إلى آخر . إذ أنه يفرق في هذا الصدد بين معـنيين : التطور” و” التحول ” . فالتطور هو حركة ذات إضافة كيفية . أما التحول فهو حركة بدون إضافة جديدة  .
وعلى هذا الأساس لا يمكننا فهم تطور الطبيعة بدون وجود الإنسان . عدا أنه الكائن الوحيد الذي يتدخل في الطبيعة ليعيد تشكيلها وفق إرادته . ولو لم يوجد الإنسان ووعيه لبقيت الطبيعة ” متحولة ” وفق قوانينها النوعية .
وبعد أن يثبت ” عصمت سيف الدولة ” أن المادة غير جدلية وبعد أن يرفض الجدل المثالي يمضي لبناء منهجه الفكري الذي يقوم على أن الجدل يقوم في الإنسان . فالإنسان مدفوع دائما إلى إشباع حاجته المادية والمعنوية . وأن هذا هو الباعث على حركة الإنسان وتطوره . إذ أن إشباع حاجات معينة ـ سواء كانت مادية أو معـنوية ـ يعني انبثاق حاجات جديدة وهكذا إلى مالا نهاية  ، في صراع مستمر بين الظروف و الحاجات المتجددة للانسان ...
ويأتي الجدل من رغبة الإنسان في التحرر من ظروفه وإشباع رغبات جديدة ... آي أنه بالقدر الذى يتحرر فيه الإنسان من حاجاته ـ بإشباعها وليس بتجاهلها ـ بقدر ما يحقق من حريته ويحدث التطور عندما يستخدم قدراته الجدلية ..

 ( نشرية القدس عدد 98 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق