العلم في سوريا : بين رمز الوحدة .. و رمز الانتداب ..
مرت على سوريا عدة نماذج من الاعلام التي يختزل كل نموذج منها جوهر ومضمون
تلك الفترة التي يمثلها .. ففي البداية كان العلم العثماني رمزا للدولة العثمانية
و تعبيرا عن ولاء سوريا للباب العالي ، وحيث استمرت تبعية بلاد الشام بأكملها الى الدولة العثمانية حتى
30 سبتمبر 1918.. ثم يأتي بعد ذلك علم الثورة العربية بعد ان اسقطت حكم العثمانيين
معلنة عن رفضها لسياسة التتريك .. فكان علم الثورة العربية رمزا لارادة التحرر من
هيمنة الاتراك و قد استمر هذا العلم حتى 8 آذار سنة 1920 تاريخ الاعلان عن استقلال
سورية عن السلطة العثمانية وقيام المملكة السورية ..
اثر ذلك وطوال فترة الانتداب ، شهدت سوريا عدة نماذج من الاعلام منها
العلم الذي ترفعه المعارضة الحالية ، وتدل كلها بما لا يدع مجالا للشك على خلفيتها
الطائفية الواضحة التي اراد الاستعمار زرعها بين المواطنين .. فعرفت ما يسمى بعلم
دولة دمشق ، ودولة حلب ودولة جبل الدروز ودولة جبل العلويين .. حتى جاء العام
1930 حين " أصدر المفوض السامي الفرنسي هنري بونسو المرسوم
3111 والذي " يقضي بوضع دستور دولة سورية ، وجاء في المادة الرابعة من الباب
الأول ما يلي : ( يكون العلم السوري على الشكل الآتي : طوله ضعـف عرضه ، ويقسم إلى
ثلاثة ألوان متساوية متوازية ، أعلاها الأخضر فالأبيض فالأسود ، على أن يحتوي
القسم الأبيض منها في خط مستقيم واحد على ثلاثة كواكب حمراء ذات خمسة أشعة ) " (ويكيبيديا ) . و ترمز النجوم الثلاث في هذا العلم الى ثلاث مناطق في سوريا هي حلب
ودمشق ودير الزور .. ويعرف هذا العلم بعلم الانتداب الذي تصر الجماعات الارهابية
المسلحة على رفعه ..
أما العلم الحالي فهو علم الوحدة بين مصر وسوريا الذي تعبر فيه النجمتان عن
وحدة قطرين عربيين تمت بالفعل سنة 1958 .. وهو بالتالي يرمز لوحدة الامة بأكملها
كما ينص على ذلك دستور الجمهورية العربية المتحدة .. وحيث كانت الوحدة في تلك
الفترة خطوة تقدمية عملاقة انطلقت بالامة من واقع التخلف والتجزئة ولتفرقة
المذهبية والعرقية والطائفية التي حاول الاستعمار زرعها بين مكونات الامة
الواحدة ، الى الوحدة القومية التي يتساوى فيها جميع مكوناتها ليصبحوا جميعا
مواطنين من نفس الدرجة دون اعتبار لخلفياتهم الدينية وأصولهم العرقية التي تذوب
تدرجيا داخل هذه الوحدة دون الغاء لأي منها .. لان الوحدة القومية لا تلغي
المكونات الاجتماعية السابقة عليها لكنها تحول ولاء كل الافراد والجماعات داخلها الى
الامة والوطن القومي في اطار المساواة بين الجميع .. تلك هي مضامين الوحدة بين
الدولتين ، وهي النواة الاولى لدولة العرب الواحدة .. التي يدافع عنها علم الوحدة
، اما علم الانتداب الفرنسي فهو الذي وضع على اساس مبدا التقسيم وتجزئة المجزء كما كان
يخطط الاستعمار ..
( القدس عدد 89 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق